الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضوء على واقع الصحافة العراقية.. الجزء الاول

نجاح العلي

2008 / 11 / 19
الصحافة والاعلام


قررت بعد تردد ان اكتب ما لقيته في الوسط الصحفي العراقي من حالات.. خاصة وان لي تجربة في الصحافة العربية والعالمية واني من القلة الذين دخلوا المجال الاعلامي بفنونه المختلفة ووسائله المتنوعة في الصحافة المكتوبة والمرئية والمسموعة.. ساسرد ما مررت به بعيدا عن الانوية عسى ان نوفق في تسليط الضوء على بعض الحالات التي صرحت بها لبعض الاعلاميين الاكاديميين وبعض الاصدقاء فشجعوني على التطرق اليها واطلاع الجمهور عليها لتحقيق الفائدة..
في البداية عندما كنت شابا يافعا وفي اول طريق الدراسة في كلية الاعلام وبعد ان تخصصت اكاديميا في هذا المجال ولم يكن لدي سابق علم ومعرفة بحيثيات الصحافة والاعلام حيث لم اكن اميز بين الخبر والتحقيق او اي شكل من الفنون الصحفية.. وكنت في حينها لم ابلغ ال18 من العمر وكل عمر له ظروفه وقراراته وتصوراته ونضجه.. ورأيت ان ادخل هذا الميدان لان هذا هو مصيري بعد ان دخلت كلية الاعلام ضمن القبول المركزي.. وبمساعدة احد الاصدقاء عملت في جريدة القادسية وانا مازلت في المرحلة الاولى في الكلية.. وبدات بدخول عالم الصحافة العراقية الواقعي وليس الخيالي والاكاديمي واكنت اقف مذهولا عندما يكلف رئيس التحرير احد الزملاء بكتابة زاوية للصفحة الاخيرة والتي كانت عادة عن مناسبة (وطنية) كعيد الجيش او يوم الشهيد وما اكثر هذه المناسبات في زمن النظام السابق علما انني عندما كنت اكتب زاوية استغرق بها على الاقل اسبوعا كاملا واعيد صياغتها عدة مرات كي تاخذ طريقها الى النشر.. ولا اخفي على احد كنت في البداية مبهورا بجو الجريدة رغم الاثاث البسيط والبناية البائسة التي تحيط بها الكرفانات المبنية من الصفيح والتي يقبع داخلها الصحفيون في حر الصيف اللاهب والتقنية المتخلفة والتي لم اعيها الا بعد الاطلاع على ادبيات الاعلام بان جهاز اللاينو والتيكر قد تم الاستغناء عنه وسقط من التعامل عالميا منذ مطلع التسعينات ونحن في صحفنا نستخدمه حتى عام 2002 ..
اتذكر ان سكرتير التحرير عندما طلبت منه ان يوجهني وينصحني قال لي: افضل ان تتخصص في الرياضة او الفن فاستغربت من قوله وعلى وجهي اكثر من علامة استفهام.. لكنها عاد ليبرر رايه بالقول: اولا هذان التخصصان بعيدان عن السياسة ولا يدخلناك في معمعة ومشاكل مع السلطة وثانيا من الناحية المادية ستحصل على الكثير من المنح المالية فضلا عن الايفادات الى خارج العراق.. وهذه الامور لايحصل عليها المراسل او المندوب او المحرر العادي..
كان الراتب الشهري 25 الف دينار بين عامي 1998 وعام 2000 وقد قال لي زميل في الصفحة الاخيرة انه اجرى لقاء مع مطرب مشهور واعطاه ظرفا بداخله 75 الف دينار اي راتب ثلاثة اشهر وهذا يعزز ما ذهب اليه سكرتير التحرير..
المحررون والمراسلون قسمت الوزارات بينهم فمثلا الزميل (س) يغطي نشاطات وزارة التربية والتعليم العالي والزميل (ص) يغطي وزارة الاوقاف ووزارة العمل والزميل (ع) وزارة التجارة وهكذا وهناك تنافس شديد بينهم للفوز بوزارة جيدة مثل التجارة والصناعة والتي تدر عليهم مردودا ماليا امام ضعف رواتب الصحفيين وطبعا كل مراسل يعرف الوزير والمداء العامين وبذلك لديه حضوة عندهم لتسهيل انجاز معاملة او اعطاء قطعة ارض او تسهيل الحصول على منتج معين.. واسمع المحررين يقولون ان المدير العام الفلاني اغدق علينا بهدايا نقدية وعينية اكثر مما اعطانا الوزير وبالطبع يكون الثمن هو الترويج لهذه الوزارة او تلك المؤسسة او الهيئة والتعتيم على شكاوى المواطنين التي ترد الى الجريدة عبر البريد والتي قد تطلع عليها بعض القيادات العليا ان وجدت طريها الى النشر.
صدمت وذهلت امام هذا الواقع وتكسرت امامي الكثير من الصور والكثير من الاسماء اللامعة بل ان الوسط الاعلامي بدأ يشعرني بالاشمئزاز وــ عذرا لهذه الكلمة ــ وبدات انازع بين ان اسير على خطى هؤلاء او ان اترك المجال الاعلامي نهائيا لكن بصراحة وجدت ان صفحة شكاوى المواطنين التي كانت تسمى استشارات اقرب الى نفسي واقرب الى العمل الصحفي الحر خاصة وهي لسان حال الناس البسطاء ووجدت هناك فسحة صغيرة من الحرية في نقد بعض السلبيات في دوائر الدولة دون المساس طبعا بالسلطة.. لذلك عمدت الى اجراء استطلاعات عن مشاكل الناس وهمومهم وقررت ان اواظب على نشر عمود اسبوعيا يتناول ظاهرة معينة تهم الناس علها ان تجد طريقها الى الحل او معالجة وفعلا بدات اكتب زاوية شبه ثابتة تحت اسم نقطة ضوء او وقفة كل يوم خميس في الصفحة قبل الاخيرة وكنت اجد سعادة غامرة اني اكتب شيئا مقتنعا به.. ولاحظت في هذه الفترة بعض التحوطات من قبل بعض المتنفذين في الجريدة من السماح لي بالنشر كوني شابا صغيرا واسما جديدا ومن عائلة بسيطة لكن مع ذلك قرروا ان يسمحوا لي بالنشر بعد ان رفضت العديد من المواد وقد استمريت بالكتابة حتى لو رفضت المادة.. لاني ببساطة كنت اكتب من اجل الكتابة لذاتها ومن اجل ان اعتد على الكتابة سواء اخذت طريقها الى النشر ام لا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عواقب كبيرة.. ست مواقع بحرية عبر العالم يهددها خطر الاختناق


.. تعيش فيه لبؤة وأشبالها.. ملعب غولف -صحراوي- بإطلالات خلابة و




.. بالتزامن مع زيارة هوكشتاين.. إسرائيل تهيّئ واشنطن للحرب وحزب


.. بعد حل مجلس الحرب الإسرائيلي.. كيف سيتعامل نتنياهو مع ملف ال




.. خطر بدء حرب عالمية ثالثة.. بوتين في زيارة تاريخية إلى كوريا