الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سيتّبع أوباما سياسة تجويع الوحش؟

كريم الهزاع

2008 / 11 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


حينما تم اكتشاف النفط في العالم، تراجعت قوة الذهب وظهرت قوة البترول. وفي السيرة الذاتية للسيد «نفط»، أو بترول كما يسميه الغرب، جعل حظر النفط العربي في أكتوبر من العام 1973 التضخم والبطالة أكثر سوءًا، ناهيك عما أصاب ثقة أميركا واعتدادها بنفسها. فقط ارتفع مؤشر الأسعار ارتفاعاً كبيراً، وفي العام 1974 ظهر تعبير double-digit inflation أو ما يسمى بتضخم عشري أو ذي خانتين، حيث ارتفع المعدل إلى رقم مريع، هو 11 في المئة. وكانت البطالة لاتزال عند معدل 5,6 في المئة، وكانت البورصة شديدة الانخفاض، وكان الاقتصاد على وشك الوقوع في أسوأ كساد منذ الثلاثينيات، وغطت فضيحة ووترغيت وقتها على كل شيء .

والآن ونحن نرى سعر برميل البترول يهوي إلى الحضيض، على الرغم من خفض حصة الإنتاج في ظل أزمة مالية حادة تجتاح العالم وتطغى على كل شيء. ومع تصريحات الرئيس الأميركي الجديد أوباما بأنه سيحاول الاستغناء عن النفط والبحث عن بدائل جديدة، هل سينخفض سعر البرميل أكثر من انخفاضه الحالي، أم إن قدوم الشتاء سيعيد له بريقه ويرتفع من جديد؟ و أذا كابرت الإدارة الأميركية هل سنرى طوابير البنزين، تلك الطوابير التي ستوقظ الجميع من غفلتهم، كما حدث في الماضي، عندما أدى استيلاء آيات الله على السلطة في إيران وحرب إيران- العراق التي أعقبت ذلك إلى خفض إنتاج النفط ملايين البراميل يوميا، وكان للنقص الناتج عن ذلك في محطات البنزين أثر تعاقبي مخيف. فقد رفعت التخفيضات أسعار النفط بالقدر الكافي لتعزيز التضخم أكثر وأكثر، وزادت الأسعار المرتفعة من عدم الاستقرار الزائد بجعلها البنوك في وضع الاضطرار لإعادة تدوير المزيد من البترودولارات. وفي النهاية أجبرت الزيادة الكبيرة في التضخم الرئيس كارتر على التصرف بالشكل الذي لايريده. ففي يوليو (تموز) من العام 1979 أجرى تغييراً في مجلس وزرائه، وأعلن في الوقت نفسه عن تعيين بول فولكر محل بيل ميلر رئيساً لبنك الاحتياط الفدرالي. وكانت نتائج سياسة فولكر أكثر حدة مما توقع . ففي أبريل (نيسان) من العام 1980 ارتفعت أسعار الفائدة بما يزيد على 20 في المئة. ولم تعد السيارات تُباع، ولم تعد المنازل تُبنى، وفقد ملايين الأشخاص وظائفهم، فقد ارتفع معدل البطالة إلى 9 في المئة في منتصف العام 1980، في طريقه إلى ما يقرب من 11 في المئة في أواخر 1982. وفي أوائل 1980 تدفقت الرسائل من الأشخاص الذين جرى تسريحهم من أعمالهم على مكتب فولكر. وأرسلت شركات البناء له ولغيره الأخشاب المقطعة رمزاً للمنازل التي لا يمكنها بناؤها. وأرسل تجار السيارات المفاتيح التي تمثل السيارات التي لا يمكنهم بيعها. ولكن في منتصف العام ، وبعدما بلغ التضخم ذروته عند 15 في المئة، بدأ يقل تدريجياً.

كما انخفضت أسعار الفائدة طويلة الأجل كذلك. ومع ذلك فقد احتاج الأمر ثلاث سنوات للسيطرة بالكامل على التضخم. وكلف البؤس الاقتصادي مقترناً بأزمة الرهائن في إيران جيمي كارتر انتخابات 1980.

والآن ، هل يستطيع خد أميركا تحمل صفعتين، صفعة الأزمة المالية ومن ثم صفعة بترولية قادمة؟ وإلى أي مدى ستصمد حكومة الرئيس أوباما من دون تغييرات؟ وهل هناك صفعات أخرى مفاجئة سيتلقاها الخد الأميركي بعدما رفع جورج بوش الرئيس الأميركي السابق كل الأقنعة عن الوجه ذي الخدين قبل أن يرحل ويترك تركة ثقيلة لخلفه ولأميركا، بل وللعالم أجمع. وما الذي سيستطيع فعله أوباما إذا تفاقمت البطالة وارتفعت أسعار الفائدة وأصبح التضخم قوياً، ونحن نعرف أو نتوقع أن الأزمة المالية الحالية ستستمر من ثلاثة إلى أربعة أعوام وسيكون لها تبعاتها الطويلة من المعاناة، فهل ستكفي فترة حكم أوباما للقضاء على تلك الإشكاليات، أم إنها ستفقده وحزبه الديمقراطي الانتخابات القادمة وتعصف به كما عصفت بجيمي كارتر؟ وتطبق عليه بالتالي مقولة ريغان: «الركود هو عندما يفقد جارك وظيفته. والكساد عندما تفقد أنت وظيفتك. والانتعاش عندما يفقد الرئيس وظيفته!» كما ذكرها غرينسبان في كتابه «عصر الاضطراب»، مع وضع اسم أوباما بدلاً من اسم كارتر. أم إن أوباما سيرتدي عباءة ريغان، بحيث يشن حملة لخفض الضرائب، وتعزيز قدرات الجيش، وتقليص حجم الحكومة بتطبيق التأديب الأبوي الذي ذكره ريغان في إحدى خطبه: «كما تعلمون، فنحن نحاضر لأطفالنا عن الإسراف حتى تنقطع أنفاسنا. أو أننا نعالج إسرافهم بمجرد تقليل مصروفهم».

أما مدير ميزانيته ديفيد ستوكمان فإنه ابتدع نسخة من هذه الفلسفة، وكان لها اسم أكثر شراسة، وهو « تجويع الوحش»، فهل سيتبع أوباما سياسة تجويع الوحش؟ وماذا عن وعوده للشعب الأميركي بتخفيض الضرائب، هل إنه بالغ مثلما بالغ جورج بوش الأب حين أعلن في خطاب قبوله للترشيح في مؤتمر الحزب الجمهوري بقوله: «اقرأوا شفتي : لا ضرائب جديدة»، وبعدها اضطر إلى معالجة العجز، وكان قد ربط إحدى يديه وراء ظهره؟

بمعنى آخر، هل سيرمي أوباما كل ما قاله في حملته الانتخابية وراء ظهره ويمشي على مسطرة النادي السياسي الأميركي؟ وهل ستشهد فترة حكمه أحداثا تاريخية كبيرة مثل تلك الأحداث التي حدثت في فترة رئاسة بوش الأب: سقوط جدار برلين، وانتهاء الحرب الباردة، والانتصار الساحق في حرب الخليج ، ومفاوضات اتفاقية النافتا لتحرير تجارة أميركا الشمالية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: ما الغاية من زيارة مساعدة وزير الدفاع الأمريكي تزامن


.. روسيا تنفي ما تردّد عن وجود طائرات مقاتلة روسية بمطار جربة ا




.. موريتانيا: 7 مرشحين يتنافسون في الرئاسيات والمجلس الدستوري ي


.. قلق أمريكي إيطالي من هبوط طائرات عسكرية روسية في جربة التونس




.. وفاة إبراهيم رئيسي تطلق العنان لنظريات المؤامرة • فرانس 24 /