الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضوء على واقع الصحافة العراقية.. الجزء الثاني

نجاح العلي

2008 / 11 / 20
الصحافة والاعلام


تطرقت في الجزء الاول من الموضوع على واقع الصحافة العراقية من الداخل اي داخل المؤسسة الصحفية الى تصرفات ومواقف بعض الصحفيين وهذه تجربتي الشخصية وانقل بامانة ما لاقيته وشاهدته وانا جزء من هذا الواقع شئت ام ابيت..
في احدى المرات دعاني مراسل جريدتنا (القادسية) في وزارة التجارة، ان اصحبه في جولة صحفية اثناء افتتاح احدى دورات معرض بغداد الدولي وفعلا حرصت على الذهاب معه لانها تجربة تستحق ان اخوضها لتحقيق الفائدة لكن ما أثار استغرابي هو ان كل جناح يزوره لاجراء التغطية الصحفية كان يخرج محملا بالبضائع والهدايا بل انه قد يطلب ذلك بنفسه مما اشعرني بالخجل الشديد وقد لاحظ علي ذلك وقال ان هذا الامر عادي جدا وهذا معمول به في العرف الصحفي العراقي..
اما الزملاء في قسم الترجمة فكان جزء قليل منهم يعملون على ترجمة بعض المواد الصحفية المستلة من صحف اجنبية والتي كانت تصل الى العراق بعد شهر من صدورها في احسن الاوقات والجزء الاكبر من المترجمين كان ينقل حرفيا مواد مترجمة جاهزة من صحف عربية وينشرها على انها مترجمة ويذيلها باسمه.. لكن الطامة الكبرى في صفحة تقارير التي هي عبارة عن سرقة ادبية في وضح النهار حيث يشترك بعض الزملاء بشراء مجلة عربية لان اسعارها غالية جدا ثم يقوموا بتوزيع موادها فيما بينهم ليقوما بنشرها مع ذكر اسمائهم عليها امام انظار الجميع حتى مسؤول الصفحة يعلم ذلك وعندما ابديت استغرابي من هذه الحالة قال ماذا نعمل نحن صحيفة يومية وامكانياتنا بسيطة وانا بحاجة الى مواد صحفية املأ بها صفحتي.. وانا مضطر لعمل ذلك.
يوم بعد يوم بدأت الصدمات تنزل على رأسي تترة.. هل يعقل ان يحدث هذا في اهم صحيفة يومية عراقية.. اذا ان العراق في ظل النظام الشمولي الواحد كانت هناك اربع صحف يومية تصدر هي الجمهورية والقادسية والثورة والعراق وكان فيها اسماء لامعة في الادب والشعر والرواية والثقافة حتى ان بعض العاملين في هذه الصحف هم الان رؤساء تحرير او مدراء للمكاتب الاعلامية في الوزارات العراقية او اساتذة جامعات سأعرج عليهم في وقت لاحق..
أما القسم الثقافي الذي كان يرتاده الشعراء والادباء فكان مرتعا للمنتفعين الذين لا هم لهم سوى الحصول على المكافآت والعطايا من السلطان حيث ان هناك لجنة في ديوان رئاسة الجمهورية تقوم برفع اسماء الادباء والشعرء الذين ينشرون نتاجاتهم في الصحف اليومية العراقية الى الرئيس السابق الذي يقوم بمنحهم هبة مالية قدرها ما بين 250 الف الى مليون دينار في حين كان راتب الصحفي 25 الف دينار شهريا (مايقارب العشرين دولارا) وبعد ان يتسلم هذا الشاعر او الاديب مكافأته تعمر مناضد الجريدة بالماكولات والولائم والا فان صاحبنا ستتم مقاطعته ولا يسهل له النشر وهذا الامر هو جزء من اقتسام الغنيمة.. وهذا الامر بات جزءا من العرف الصحفي في العراق وهو ما متبع ـ حسب ما شاهدت ـ في جميع الصحف العراقية اليومية.. واحب ان اذكر ان شاعرا معروفا سارمز بالاحرف الاولى لاسمه منعا للتشهير (ع. ع) كان قد كتب قصيدة تمجد صدام واثناء قراءتي لها قبل النشر قلت له امام حشد من الزملاء ان هذه القصيدة ستحصل عليها على اعلى المكافآت والذي كان شائعا في الاستخدام هو تسمية (التكريم) وقال لو حصل هذا فعلا سأقيم وليمة لكل كادر الجريدة باشهى الماكولات فاشترطت عليه مازحا ان يجلب مشويات لكل افراد الجريدة.. وفعلا اخذت القصيدة طريقها للنشر وبعد ايام ارسل بطلبه ليتسلم التكريم بعد ان اعجب بها صدام كثيرا ليتسلم مليون دينار كما توقعت له.. ولم يحنث صاحبنا الشاعر بوعده واجرى وليمة عظيمة في مبنى جريدة العراق ظللنا نتذكرها في جلساتنا حتى اليوم..
وهناك امر غريب لاحظته في جريدة القادسية وهو اني وجدت حرصا من قبل موظفي الجريدة ان يظهر اسمهم في الصحيفة على اي موضوع ينشر حتى لو كان (تافها) ابتداء من قسم الحسابات انتهاء بالاستعلامات والارشيف فلايوجد احد لم ينشر موضوعا باسمه اللهم باستثناء المنظفين مع احترامي وتقديري لاي عمل شريف ومحترم.. ولكن كما يقال(ان عرف السبب بطل العجب) ففي احدى المرات جرى تكريم جميع من ظهر اسمهم في الجريدة سواء كان الكاتب بسيطا ام اسما لامعا.. ومن الطريف انه في هذا اليوم كانت احدى الزميلات قد نشرت خاطرة الى شقيقها المتوفي حديثا وتمت مجاملتها من قبل اسرة التحرير بنشر هذه الخاطرة التي لاتتعدى البضع كلمات لتطييب خاطرها وهي المرة الاولى التي تنشر فيه شيئا بحياتها وجاء اسمها ضمن قوائم المشمولين (بالتكريم!!).
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف


.. ناشطون يستبدلون أسماء شوارع فرنسية بأخرى تخص مقاومين فلسطيني




.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل