الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو إلغاء (كافة) و(كل) و (جميع) أشكال التمييز ضد المرأة/استلاب الأنثى فى الفقه الإسلامى

محمد عبد الفتاح السرورى

2008 / 11 / 20
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


لغوياً الاستلاب أحد الاشتقاقات اللغوية من مصطلح (السلب) ويبدوا أن قدر المرأة فى المجتمعات العربية والإسلامية هو أن تكون أسيرة لهذه الكلمة ولجميع الاشتقاقات اللغوية منها. فلقد كانت المرأة دائماً هدفاً للسلب والأسر والسبى فى جميع المجتمعات والأنساق البدائية والبدوية .............
ولكن وقوع المرأة فى حالة استلاب من الآخرين قد يهون إذا ما قارنا ذلك بوقوعها رهينة لحالة (الاستلاب الذاتى) إن جاز التعبير وحالة الاستلاب الذاتى الذى نتحدث عنه هو ما فعله الفقه والفكر الإسلامى فى المرأة ونجح فى ذلك نجاحاً باهراً والمعنى الذى نقصده بالاستلاب الذاتى هو أن هذا النسق من الفقه والفكر قد استطاع أن يسرق المرأة من ذاتها وأن يحولها من كائن له كرامته وخصوصيته ومن كائن بشرى له من الحقوق وعليه من الواجبات ما يساوى الرجل فى كثير من شتى مناحى الحياة استطاع أن يحولها إلى مسخ بشرى يتقبل أن يمارس عليه كل أشكال التمييز والاضطهاد دون أن يشعر بالمهانة أو الإهانة بل والأدهى من ذلك أن هذا النسق من الفقه والفكر حصل من هذا الوضع المهين للمرأة بمثابة كرامة لها بل وأفعال تستحق عليها الإثابة ودخول جنة عدن أو الفردوس الأعلى نظير قبولها ورضائها بمشرع الله وتعظيمها للحقوق التى منَّ الله بها على الرجال من دون النساء.
فى حديث دار بين بعض زميلات وزملاء العمل حكت أحدى الزميلات أن قريبة لها نصحت زوج إحداهن بأن تتزوج عليها حتى يساهم فى حل مشكلة قلة عدد حالات الزواج بين الفتيات وإذا بأحدى الحاضرات تقول لهذه السيدة الناصحة وتسألها هل توافق هى وترضى أن يعمل زوجها بنصيحتها للآخرين وأن يتزوج عليها فأجابت بالإيجاب بأنها تقبل هذا بل أن رضاها هذا سوف يجلب عليها ثواب من الله المشرع الأول والذى سمح وأباح للرجل أن يحوز فى عصمته أكثر من امرأة. وما قالته السيدة هو ما لفت نظرى ودفعنى لكتابة هذا المقال. وعندما أبديت الاعتراض على منطق السيدة وعلى أجابتها تدخل أحد الزملاء وأبدى استياؤه من اعتراضى ... مما زاد من دهشتى لأن هذا الزميل الذى أحدثكم عنه أباً لطفلتين يعلم الله وحده طبيعة المجتمع والفقه والفكر الذى سوف يترعرعان فيه وينموان.
ودارت عجلة الحديث فى هذا الموضوع بينى وبين زميلى هذا، وهو كما ذكرت أباً لطفلتين صغيرتين وعندما سألت هل يوافق أن يأتى يوماً ويزوج بناته إلى رجال لهم زوجات سابقات فى عصمتهم أجاب بأنه قد لا يعترض وهو من حيث المبدأ لا يمانع وعندما سألته هل يقبل ويرتضى أن يتزوج زوج أبنته من زوجه أخرى أجاب بأن ذلك حق له ... وبهذه الإجابات الانهزامية كان هذا المقال.
لم يتوانى الفقهاء (الذكور) على مر العصور من الحط من قيمة وشأن المرأة على الرغم من حديثهم المدلس ليلاً ونهاراً عن تكريم المرأة ورفعها فى عرفهم إلى أعلى عليين ... لم يتوانى هؤلاء الفقهاء على جعل المرأة جنس تابع للرجل تذهب أينما يذهب وتحل أينما يريد هو لا أينما تبغى هى. وعندما يهب أنصار المرأة لاستعادة بعض من حقوقها ومكانتها المسلمون لا تجد منهم (ومن النساء أيضاً) إلا كل اعتراض وتكفير.
لقد كنت حريصاً أن أعنون هذا المقال بعنوان (الاستلاب ضد الأنثى) وليس ضد المرأة وحرص هذا نابع من الطبيعة التى يمثلها كل مصطلح فى الضمير الجمعى لدى المجتمعات الإسلامية والذكورية ... المرأة فى مجتمعاتنا ليست (امرأة) ولكن (أنثى) فى المقام الأول والفرق كبير وواضح بين المعنيين.
إن المتأمل لطبيعة الأفكار التى حملتها إجابات (الزوجة) و (الأب) من قبولهما المطلق لفكرة الزواج الثانى إنما يوضح مدى الانحدار الفكرى والثقافى الذى وصلنا إليه لان من تقلل هذه الأفكار ليس الرجل بصفة عامة ولكنه (الأب) بصفة خاصة ومن تقبل هذه الأفكار ليست هى (الأنثى) بصفة عامة ولكن الزوجة بصفة خاصة و هنا تكمن المأساة وتتضح حقيقة وجوهر الاستلاب الذى نتحدث عنه.
لقد سلب هذه الفقه المرأة من ذاتها أى أن المرأة المسلمة أصبحت كائن مسلوب الذات عديم الإحساس بكرامته الذاتية الفطرية التى تأبى فى أبسط صورها ما يبثه (رجال) الفقه ليلاً ونهاراً من فتاوى وتأكيدات تمس ذات المرأة وكرامتها دون أى التفات من جانبهم لما يفعلون ونظراً لما يتمتعون به من حضور طاغى فى وسائل الإعلام فلقد أصبح هؤلاء العلماء الأجلاء مصداقية من الصعب تجاوزها لدى العامة.
عندما تقر أحدى النساء بأن من حق زوجها أن يتزوج عليها بل وسوف تثاب هى على قبول هذا الزواج فهذا معناه أن هذا المرأة أصبحت كائن بلا إحساس أوانها أصبحت كائن له إحساس متبلد ونتعارض مع الفطرة السوية فهذا التعارض نابع من حالة (القبول) التى تقر بها فبأى عقل أو بأى كرامة تقبل هذه المرأة أن تصبح زوجة ثانية أو أن تشاركها أخرى زوجها ؟!!!
وياليت الأمر توقف عند هذا الحد بل وكما ذكرنا آنفاً هناك من الرجال ما تقبل هذا أيضاً موطن العجب والاستنكار هنا هو أن هذا الرجل فى هذه الحالة هو الأب الذى لا يجد أى غضاضة فى أن يأتى يوماً على أبنتيه تجد فيه زوجها يصارحها بأنه سوف يتزوج بأخرى وعليها أن تبارك هذا الفعل وبه ترضى ... الذى يقر هذا الأمر هنا هو (الأب) وليس (الرجل) بأى عقل يفكر هؤلاء وبأى قلب يشعرون وأى لسان يتحدثون وباى منطق يردون.
الفرق كبير بين أن يمارس على الإنسان سلطة غاشمة وبين أن يتقبل الانسان هذه السلطة عن قناعة وعن طيب خاطر ... الفرق كبير بأن تكون هناك أفكار وفتاوى غريبة وعجيبة وبين أن يتقبلها المجتمع ويتعامل معها على أساس أنها حق من الحقوق.
أن قضية تعدد الزوجات من القضايا الشائكة فى الفقه الإسلامى وهو للأسف لم يتخذ من هذه القضية موقفاً حضارياً حتى الآن بل أنه يقف حجرة عثرة أمام أى محاولة لتطويع الفقه البشرى لكى يصبح ملائماً للعصر الحديث ولأسس الحضارة الراقية ...
إذا كان الإسلام بحكم النص قد أباح (للذكر) أن يحوز أكثر منم زوجة وإذا كان أيضاً لم نلزمه باستئذان أو توقيف تعدد الزوجات على رضائهن ورضاء أولياء أمورهن لكنه أيضاً لم يلزم المرأة بأن تتقبل هذا الوضع عن طيب خاطر بل ليس هذا فحسب بل أن الزواج فى الإسلام مرهون بعقد قران والعقد كما هو معروف شريعة المتعاقدين وبناء عليه فإن من حق الفتاة المطلوبة للزواج أن تشترط (عقدياً) عدم زواج زوجها عليها ومن حقها أيضاً أن تشترط عدم تطليقها غيابياً وإلا يفسخ العقد نتيجة لسقوط شرط من شروطه المؤسسة له ولا يمكن أن يتم هذا إلا بتشريع لأن الحالات الفردية لن تجرؤ على المطالبة بهذا الشرط خشية انصراف الرجال عن الزواج ببناتهن وأخواتهن ولكن إذا أصبحت هذه الشروط ملزمة فى العقد القانونى فلن يجد هؤلاء أى منفذاً يتيح لهم (التسرى) بالاناث كما يرغبون ولكن لكى يتم هذا التشريع يجب أن يقتنع به الرجل لأن الرجل فى مجتمعاتنا هو صاحب مشروعات القوانين وهو الذى يتقدم بها ناهيكم عن أنه يمثل الأكثرية فى المجالس النيابية أى أن المرأة فى مجتمعاتنا لا تحتاج فقط إلا قوانين منصفة ولكنها تحتاج أيضاً إلى رجال منصفين وهو طلب عزيز المنال فى مجتمعات نـحن جميعاً نعرف مدى ريفيتها وبدويتها. لقد أباح الإسلام أمور ولكنه لم يحرم تشريط هذه الأمور بشروط تحد من سوء استغلالها والتعسف فى استخدام الحق بها . وهذا الأمر يعد من ضمن المسكوت عنه فى الفكر والفقه الإسلامى.
الزواج الثانى والثالث والرابع فى عمومه يعد مدمراً للأسرة ولا يمكن أن يأتى هذا التعدد الزوجى ببنات وأبناء صالحين فأى أب هذا يستطيع أن يتابع هل هذه (الأسرات) وكل هؤلاء الزرارى. إننا ها هنا ندعو إلى وضع تشريعات وسن قوانين تعطى للفتاة ولولى أمرها الحق فى أن تشترط على المتقدم لزواج وليته تعطى له الحق فإن يشترط عليه ألا يتزوج عليها وإلا تصبح منه طالق فى نفس اللحظة التى يعقد فيها قرانه على الأخرى مع احتفاظها بكامل حقوقها المشروعة كمطلقة للضرر.
أن الزواج الثانى والثالث والرابع ضرر ... ضرر رغم أنف الفقهاء ورغم أنف الفتاوى ورغم أنف المجتمع والقانون الذى يحرم المرأة من أن تتمتع بكامل كرامتها ككائن مستقل له خصوصيته واحترامه لذاته ... وإذا كان الرجل من (حقه) أن يتزوج بأخرى فإن المرأة من حقها هى أيضاً أن ترفض أن يمارس عليها هذا الحق حتى إذا قبلته (الأخرى) أن الحق الحضارى لا يجب أن يقل فى مكانته عن الحق الفقهى فالاثنان ينتميان للناتج البشرى وهذا مما لا يلتفت إليه الكثيرون أو أنهم لا يريدون لأنهم لو التفتوا لانتبهوا ومن المؤكد أن يحوز الاناث مع عدم الانتباه أفضل (لهم) كثيراً من فقدهن مع الانتباه ........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحيادية والتحليل القوي والسليم أبرز صفات المحلل السياسي


.. الزراعة مصدر دخل رئيسي للعائلات الريفية




.. الصحفية ريم السعودي


.. أغنية قالوا سعيدة في حياتها




.. نساء فلسطين عندما تصبح الأرض هي القضية