الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النفط في زمن الكوليرا

يحيى الشيخ زامل

2008 / 11 / 30
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


من يصدق إن النفط الذي يتقاتل عليه الجميع ، سيكون يوما ما سببا رئيسياً في تلك الأوبئة والأمراض التي تنتشر فينا بين فترة وأخرى وتأخذ في طريقها عشرات الآلاف من الناس فضلا عن الحيوانات و تلوث البيئة .....ومن يصدق ان هذا الذي ـ سمّوه ـ ذهبا اسودا سيسود كل الأشياء البيضاء والنقية التي فطرت عليها الحياة والكون.....وسيكون علينا وبلا منازع اسودا بكل معاني الكلمة . .
النفط لم تجني منه شعوب بلدان النفط غير الاستعمار والاحتلال والاستغلال , وأخيراً ..... الأمراض والأوبئة واختلال التوازن الكوني والبيئي للاستعمال السيئ والمفرط لهذه الثروة الهائلة ، وهم الوحيدين الذين يدفعون ضريبة هذا الاكتشاف الذي صار وبال عليهم وعلى حياتهم . .
يقول أخر التقارير عن جمعية ( الحفاظ على الحياة البرية ) : أن اثنا عشر مرضا مميتا يتراوح بين أنفلونزا الطيور والكوليرا والإيبولا والطفيليات والطاعون وحمى الوادي المتصدع وداء النوم والدرن والحمى الصفراء ، ستنتشر فينا وبشكل أكبر بسبب التغيرات المناخية ، بسبب أنبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الانحباس الحراري والناتجة بشكل أساسي عن الاستخدام البشري " للوقود الأحفوري " لترتفع بذلك درجات الحرارة وتعطل أنماط سقوط الأمطار، وانتشار العوامل المسببة للأمراض وذوبان القمم الجليدية وارتفاع مستويات البحر بما يهدد المدن الساحلية ، لكن الأهم فيه هو ارتفاع درجات الحرارة ومستويات تكاثف البخار المتقلب الذي سيغير توزيع العوامل الخطيرة المسببة للأوبئة والأمراض .
ويتكون الوقود الأحفوري من الفحم الحجري والفحم النفطي الأسود والغاز الطبيعي ومن البترول ، والتي تستخرج بواسطة الحفر من باطن الأرض و تحترق في الهواء مع الأكسجين لإنتاج حرارة تستخدم في كافة الميادين ، ويعتمد تركيب الوقود الأحفوري على دورة الكربون في الطبيعة، إذ يتم تخزين الطاقة الشمسية عبر العصور القديمة ليتم اليوم استخدام هذه الطاقة بواسطة هذه المواد.
وتزامنا مع استعمال الطاقة الأحفورية في المجال التقني ، قامت الثورة الصناعية في القرنين الثامن و التاسع عشر ، و خاصة الفحم الحجري في ذاك الوقت،أما في يومنا هذا، فيلعب النفط الخام الدور الأكبر في تلبية احتياجات الطاقة نظرا لسهولة استخراجه و معالجته و نقله، مما يجعله أزهد ثمنا من غيره لوفرته في باطن الأرض . .
و كما سبق، تعتمد مواد الإحتراق الأحفورية على مركبات عنصر الكربون، وعند إحتراق الكربون مع غاز الأكسجين تنبعث طاقة على شكل حرارة إضافة إلى إنبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون و مواد كيميائية أخرى كأكسيد النيتروجين و كميات من الجسيمات الأخرى . .
و يعد الوقود الأحفوري من العوامل الرئيسية لتلوث الهواء و التسبب في الإحتباس الحراري الناتج بدوره عن غازات تغلّف المجال الجوي و تمنع الإنعكاس الحراري الصادر من الأرض من إنتقاله إلى خارج الكوكب، مما يسبب إرتفاعا في درجات حرارة الأرض، و يزيد في التصحر و الجفاف . .
وبعد إن أدرك الأختصاصيين خطورة هذا الوقود أخذوا يبحثون عن طاقات أسترتيجية بديله ومتجددة ، حيث أن الطاقة المتجددة لا تنضب خلال فترة طويلة من الزمن عند استعمالها، كالطاقة الشمسية و الطاقة الريحية و الطاقة المائية، بل تتجدد باستمرار، بينما الطاقة الإحفورية تفقد قدرتها على توليد الطاقة حالما احترقت، و بهذا تكون غير متجددة وضارة في نفس الوقت .
ويتضح من احدى الرسوم البيانية لعام 2001، انبعاث ما يقرب من 207 بليون طن متري (جيجا ، من التربة والمحيطات إلى الغلاف الجوي بسبب عمليات حرق الوقود الأحفوري والعمليات الصناعية الأخرى ، ويوضح الرسم البياني أيضا أن النباتات والتربة والمحيطات تمتص حوالي 210 جيجا طن ثاني أكسيد كربون في السنة،وحتى وقت قريب كانت تجري عمليات إنتاج وامتصاص الناتجة عن هذه العمليات الطبيعية بشكل متوازن نسبيًا ، أما اليوم فقد أدت نسبة الأنشطة البشرية إلى اختلال هذا التوازن حيث أصبح بنسبة أكبر من قدرة النباتات والتربة والمحيطات على الامتصاص، مما أدى إلى زيادة نسبة الغاز بشكل عام .
وإلة هذا الوقت والعلماء وخبراء المناخ يصرخون محذرين من الكارثة التي تسير نحوها البشرية بخطى متسارعة إن لم تغير طريقة حياتها. فالمياه الجوفية تغور عميقاً والبحار تتلوث وكتل الجليد الهائلة تذوب بشكل سريع بسبب ارتفاع حرارة الأرض مهددة بإغراق دول ومدن يعيش فيها مئات ملايين البشر، كما تتعمق يوماً بعد يوم ظاهرة الظروف المناخية المتطرفة، فمن أقصى حالات الجفاف إلى الفيضانات والأعاصير المدمرة وكل ذلك بسب الاستهلاك الجائر للمصادر الطبيعية من الخامات إلى الوقود الأحفوري إلى الغابات المطرية رئة العالم .
والمطلوب عمل استراتيجي واسع يشترك فيه الجميع يتمثل في تغيير أنماط الإنتاج والاستهلاك ، وبناء علاقات دولية جديدة بعيداً عن لغة الحروب والتهديد والكف عن تبديد الموارد بهذا الشكل العبثي وغير المبرر ، وجدية البحث عن الطاقات البديلة والمتجددة لقلة أضرارها الجانبية وكونها اقتصادية ورخيصة الثمن في النفس الوقت . .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح