الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المُشبَّهُ بالفِعل

أحمد زكارنه

2008 / 11 / 21
الادب والفن


خارج النص
من مأثورات الفعل الإنساني القول: إننا لا نكذب ولكننا نتجمل.. لتُكتشف الكارثة الكبرى.. إننا لا نكذب ولا نتجمل، ببساطة شديدة لأننا لا نملك جرأة الفِعل.
كانت في طريقِها تَعبرُ بين الكلمات حينما توقفت لتقولَ: كيف لي أن أمرَّ من هنا على عجلةٍ من أمري..؟! تعال أحـدثـكَ عن ثلاثِ خوالج قُيـدت بين شفتي دون أي مبرر .

* يوماً مـا فتحت بريدي الذي أغلقتـه منذ زمـنٍ مالذي ظهر لي ..؟!
رسالـة من ملاك مُرسَل

"كفاكِ غيابـا.ً. فـ لن تموتي ..!! "

انـا بنفسي شــهـدت جنازتي في ظل اوضاعنـا الراهنـة .. فكيف قرأت هذه الرسالـة وكيف فعلاً لـم أمـت ..؟!

* هي لم تنهي حديثها بعد، ولكن سؤالها المثقل بالتفاصيلِ الخانقة كان كالصاعقة، وقعُ خُطاى تخطى الحدود إلى قاعِ أعماقِِ قلبي العليل.. ضارباً كياني كما يضرب الزلزال الأرض.. للحظات انتابني شيء من الإرتباك.. ولكن سرعان ما جمعت قواى قائلا:
سيدتي أما فيما يخص جدلية " الزمكان" تلك النظرية التي وضعها السيد " اينشتاين" ورحل، وحتى لا نُفسر الماء بعد الجهدِ بالماء.. جديرٌ بنا الإدراك: أن أكثرَ القلوبِ غربةً، تلك التي تعرفُ أنها في صلبِ كيانِها غريبةً، أو لربما تكون في أفضلِ حالاتِ حضورِها، معلقة في النسيان.
وللدلالة أكثر.. لك سيدتي أن تنظري كيف يعيش الإنسان في وطنهِ لاجئاً.. ممنوعٌ من الفكر.. ممنوعٌ من الاجتهاد.. ممنوعٌ من العمل.. والأهمُ أنه ممنوعٌ من النظرِ في الأمل، حتى أنني لا أشك لحظةً في قدرتِهم الحيلولة دون تواصل الرجل وزوجته، والحق يُقال إننا جميعاً لاجئون في أوطاننا
نعم أنا أدرك حقاً أنك استقبلتِ رسالة ذلك الملاك المُرسل، وتستغربين كيف قرأتيها وأنت في حضرةِ الموت؟!

أعتقد أنني لا اشي سراً لو قلت: إنه انبعاثُ حب ضَخ بين جوانبكِ شيئاً من الحياة.. حبٌ فاضحٌ انتظرتيهِ طويلاً في زمنٍ قصير القامة، إلى أن أتاك على غفلةٍ متأخراً عن سنن التقويم، بينما كنت في غيابك القصري تقرأين أولى حروف البسملة.

على أيةِ حال وحتى لا أُطيل، كانت تلك أولى الخوالج، فماذا عن الثانية؟؟.
قالت: طفلٌ صغير شدَّ طرف معطفي وأنـا في الحافلـة وبيده دفتر مـا ؛؛
يبدو أنـه مـجـدٌّ وإلاَّ ماكـان ســألني :
- خالـة خالـة ،،
ماهو اعراب " إنَّ مصير التفكير الشرقي فاضح " ,, وكيف نقدر جواب حرف المشبه بالفعل ..؟
التزمت الصمـت طويلاً أمـامـه ،،
فبالاضـافـة الى ضعفي في نـحـت مصير هذه الأ مة قد قرعت اذني ماقاله آخراً ..
" مشبـَّهٌ بالفِعــل ".

• قلت ما عساك سيدتي: لا تطرحين إلا تلك الأسئلة المعكوسة ؟!.
أما المُشبهُ بالفعل بحسب اللغة هو ذاك الحرف " إن أو أن ".. ولكن صغيرنا هنا تخطى بفكره حدود اللغة ضارباً على أوتارِ وجع تلك الأمة ، فهو برغم حداثة سنه ادرك أن التفكيرَ العربي في حلِ قضية الوطنِ الفلسطيني، إنما كان كمن يُشبع رغبة المحتل في الإحتلال.. فمنهم من راح ينبطح ، ومنهم من شاح بوجه من شدة الإنكسار، ومنهم من مسخ فكر الآخر، ومن هرب، ومن توارى، ومن في ذاتيته انتحر.
صغيرنا سيدتي.. يبدو أنه كان هناك ينافس الشاعر في حب القدس مدينته حينما قال:
" في القدس.. من في القدس إلا أنت " ونحن نستمع ، ونستمتع . ونصفق.. لكن صغيرنا ابى إلا أن يبرهن حبه للقدس، فشاح بالاقنعة عن وجوهنا.. عن صمتنا.. عن قبحنا.. عن ذلنا، ليصرخ معلنا أن مصيرَ الأمة وفكرها وفعلها قد افتضح.. أتعلمين لماذا سيدتي ؟! لانها أهملت فلسطين، ونست العراق، ولم تشبع حنين لبنان، وتركت سوريا ما بين بين.. فقط عقدت مؤتمراتها واجتماعاتها لتعلنها في وجه العالم صرخة مدوية: إن في فض غشاء البكارة تكمن كل الفضائح!!.سيدتي بالله عليك لا ترهق قلبي، يكفي أنه بات لا يميز بين سنوات العمر والعهر.
قالت: ولكنك لم تجبني عن سؤالي الثالث والأخير، كي أتمكن من تحديد حجم خسارتي فقط جراء تحرير هذه النقاط..!!.
قلت: سريعاً هات ما عندك.
قالت: غصــةٌ تقتلني كلمـا أدرت اسطوانـتي لأُباشــر الرقـص على أغنيتك المفضـلـة
هل أنا بخير أم أن غموض الوتر جعل مشاعري معلقة في رسائلِ هاتف ..؟! وماذا عن الوطن وحضنه الدافئ؟!.
قلت: بالله عليك إلى أين تسيرين بي؟!. هل لرجل شرقي انهكته الحياة أن يحصر جل تفكيره في الرقص والأغنيات.. عفوا سيدتي لقد نسيت أنك حررت تلك النقاط، وأن هناك بونٌ شاسع ما بين قديم اغنياتنا وحديثها، وان اولى الامر منا كلما اجتاحنا محتل وضعوا كل خزائن الدولة تحت تصرف منتجي الفيديو كليبات.. حتى أن مشاعرنا اصابها العطب بعدما كانت تتمايل كأغصان الشجر كلما تمايل اللحن على انغام صوت سيدة الغناء العربي " أم كلثوم"، أو حينما كنا نهيم شوقا عندما تتقرع في الاذان رقة وعذوبة العندليب، فهل تعتقدين أن هكذا قلوب ترضى لك الخسائر، أو أنها فقط ستحصر الفعل في تلك الرسائل.
ورغم ذلك سيدتي أذكر اننا تحدثنا سابقا عن" الرقص على أوتار الجنون "..عندما رأيتك هناك وأنت تتمايلين كحورية ترقص بين مروج الهذيان، معلنةً أن العقلَ قد فُقد ما بين الحقول، وأن المشاعر كالجنون لا تعلق في رسائل هاتف، فكيف لنا أن نخلط السم بالعسل؟!. وهل هناك من دفيءٍ يُشبه دفئ حض الوطن آدم، أو إن شئت فلنقل آدم الوطن؟!. لك سيدتي حرية التفكير ولي الآن أن ارحل.


بقلم: أحمـــد زكـارنــة
الحرف التاسع والعشرين
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل