الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جمهورية أولا حنفى

إلهامي الميرغنى

2004 / 3 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


تابع المصريين على مدى اليومين الماضيين قصة المواجهات التى تتم بين عصابة من تجار المخدرات تستوطن جزيرة النخيلة التابعة لمركز أبو تيج بمحافظة أسيوط في صعيد مصر ، وتملك العصابة حوالى 300 فدان من الأراضى الزراعية أخذت بعضها عنوة من الفلاحين تزرع جزء منها بالبانجو والأفيون وتمتلك أسلحة ثقيلة منها مدافع جرينوف وتحاصرها الشرطة منذ أيام بالعربات المصفحة والقوات الخاصة التى ظلت حتى الآن غير قادرة على دخول القرية.وقد اعترف المطلوب الأول في القضية عزت محمد حامد لجريدة الأهرام في 1 مارس 2004 بأن ثروته من المخدرات تزيد على 10 ملايين جنيه.
استولت عائلة حنفى على أراضى القرية بالقوة تحت سمع وبصر الحكومة والمجلس المحلى والشرطة وتعلن الأهرام أن الزعيم محكوم عليه في ست قضايا قتل ويعيش في القرية ويتحرك ويقتل ويفرض سيطرته ويأخذ الإتاوات من فقراء الفلاحين ومن لا يدفع يقتل أو يخرج من القرية فهذه هى قواعد الحياة في جمهورية أولاد حنفي.
وغالبية أفراد العائلة الموقرة ممن نشرت الأهرام أسمائهم مدانون في قضايا قتل عمد وقطع طريق وصادر ضدهم أحكام نهائية ولكن من يواجههم وهم الذين يحكمون .وبعض المتهمين المقيمين في القرية تمت إدانتهم في قضية قتل فلاح والتمثيل بجثته فهذه هى مصر التى يحكمها الحزب الوطنى الديمقراطى والتى يتفاخر حكامها بالإصلاح والتقدم الذى جعل مصر مجموعة من الجمهوريات المستقلة للصوص وقطاع الطرق منهم من يتاجر علنا في المخدرات و منهم من يستخدم وسائل أخري لفرض هيمنته والتمثيل بجثة الشعب المغلوب على أمره.

لقد تعدى أولاد حنفى على الأراضى الزراعية وأقاموا بروجهم المحصنة تحت سمع وبصر الأجهزة المحلية التى وصفها زكريا عزمى بأن الفساد بها وصل للركب بينما الحقيقة أنه وصل للرقبة وليس للركب فقط ، أين كانت الأجهزة المحلية والأمنية وجمهورية أولاد حنفى تنمو وتترعرع في ظل الفساد العام الذى يحكم هذا الوطن وينخر في عظامه ويمتص دماء الفقراء في كل ربوع مصر .

تقدر بعض المصادر التعديات العشوائية علي الأراضى الزراعية بحوالي 60 ألف فدان حسب تصريحات منشورة في جريدة الوفد 1 مارس 2004 . كما أكد الدكتور إسماعيل عبدالفضيل وكيل وزارة الإسكان خلال الندوة التي أقامتها جمعية التنمية والبيئة بالإسماعيلية أمس زيادة أحجام القرى بكافة المحافظات بما يعادل 70% علي حساب الاراضى الزراعية.
      كما أكد الدكتور إسماعيل عبدالجليل مدير مركز بحوث الصحراء بوزارة الزراعة أن جملة حالات التعدى علي الأراضى الزراعية بلغت 471 ألف حالة علي مساحات زراعية تصل إلي 34 ألف فدان. تمت إزالة 74% من الحالات بواسطة الوزارة وجاري إزالة الحالات المتبقية. وأضاف أن جملة المساحات التي فقدت بسبب الزحف العمرانى العشوائى بلغت 3.1 مليون فدان خلال الفترة من 1952 إلى 1990 وبعد ذلك نتحدث عن فجوة الغذاء ونستدين من الخارج لنشترى الغذاء ونقف طوابير من أجل رغيف الخبز.

إننا أمام ظاهرة فأولاد حنفى هم الحكام الحقيقيين لمصر وهاهى المصادر الرسمية تعلن عن وجود ما يقرب من نصف مليون حالة تعدى على أراضى زراعية بعضها من أشخاص عاديين يستثمرون مناخ الفساد الذى نعيش فيه والبعض يستغل الفساد لتأسيس جمهوريات مستقلة مثل أولاد حنفى وأمثالهم من الخارجين عن القانون.

عبر حواره مع الأهرام سأل المتهم الأول في نوفمبر الماضي قامت قوات الأمن بحصارك ثم تم فك الحصار‏..‏ فلماذا ؟‏! ‏أجاب‏ كنت أستطيع بأساليب خاصة فك هذا الحصار‏.‏ ونحن نتساءل ما هى هذه الأساليب الخاصة التى سمحت له بذلك أليس فساد الشرطة والإدارة المحلية وبعد ذلك يخرجون علينا بفيلم أنهم لا يتفاوضون مع المجرمين . ونقول لهم من الذى صنع هؤلاء المجرمين وأطلق لهم العنان على مدى سنوات منذ عام 1989 وحتى الآن هل هم سكان أبو تيج الفقراء أم فقراء القاهرة وهل هو ضابط نقطة الشرطة أم المحافظ الحالى والمحافظين السابقين الذين تواطئوا على جمهورية الفساد؟!!!!

هل قضية جمهورية أولاد حنفى في النخيلة بمعزل عن قضية يوسف عبد الرحمن والفساد في وزارة الزراعة ؟! وهل الفساد في أسيوط يختلف عن الفساد في حي مدينة نصر أو الفساد القاهرى؟! هل ستقفل القضية بقتل بضع أشخاص واعتقال أخرين فقط أم يجب أن تجتث جذور الفساد ؟!ألا يجب أن يستقيل وزير الداخلية ومحافظ أسيوط مقابل التقصير الذي حدث ؟!
إن أولاد حنفى ليسوا شواذ أو نشاذ في هذا الزمن الردئ ولكنهم رمز للمرحلة التى نعيشها والصدام حدث مع الدولة لأسباب متعددة ولكن سقوط جمهورية النخيلة مجرد حدث عارض في جمهوريات الفساد المستمرة تنهش في جسد الوطن وعلى امتداد مساحته .
إن الحكام في مصرنا المحروسة لا يأبهون بما يحدث للرعية ولم نسمع عن مسئول استقال لتقصير في أداء عمله ، والمسئولين في بلادنا لا يتركون وظائفهم إلا بالموت . فبشرى لنا وهنيئا بحكم أولاد حنفى ، فنحن نعيش عصر البطلجة والفتوات وبعد ذلك يتحدثون عن الإصلاح السياسى فكل عام وانتم أولاد حنفى !!!!!
                    1/3/2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رابعة الزيات تثير الجدل برا?يها الصريح حول الحرية الشخصية لل


.. مقتل هاشم صفي الدين.. هل يعجز حزب الله عن تأمين قياداته؟




.. قراءة عسكرية.. كيف يدير حزب الله معركته بعد سلسلة الاغتيالات


.. نشرة إيجاز - مصدر أمني للجزيرة: فقدان الاتصال بصفي الدين




.. صفارات الإنذار تدوي في حيفا مع إطلاق صواريخ من لبنان