الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطي المستبد

إياد محسن

2008 / 11 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


كلنا نتحدث عن دولة القانون ...نطالب بتوفير الأمن و لكن احد منا لا يريد أن يتحمل ضريبته لتحقيق ذلك ...نريد التضييق على الإرهاب ...ونرفض أن يغلق احد الشوارع بإحدى سيطرات التفتيش ..نؤكد على أن تكون الأجهزة الأمنية منتبهة ويقضه ..وننزعج عند تفتيشهم لسياراتنا أو بيوتنا...نتمنى أن يسجل رجل المرور جميع مخالفات السير باستثناء المخالفات المرتكبة من قبلنا.
القانون لا يفرض في وضع ملتهب إلا باقتطاع جزء من الحريات الشخصية وتقييد بعضها الآخر...فضريبة النجاح.. السهر والجد والاجتهاد.. وضريبة الشفاء من المرض , جرعة مرة من العلاج ... وضريبة دولة القانون تأطير الحريات الفردية في إطار قانوني منظم , فالحرية لا تعني الفوضى , ولا يمكن لحكومة , ومهما كانت قوية ومنظمة , إن تؤسس لوضع امني مستقر ..وواقع اقتصادي وخدمي رفيع , دون مساعدة المواطن , إذ يشكل أهم أجزاء الكل ...وبدون وعيه لضرورة تقديم التضحيات في عملية بناء الدولة , لا يكون لأي جهد اثر في ارض الواقع .
كنا قبل سقوط نظام صدام نتحدث عن سلبيات النظم الدكتاتورية الشمولية ..وباعتبار ذلك النظام يمثل أبشع تجليات تلك النظم ..كنا نحلم بالخلاص منه والعيش في دولة تكفل حرية تشكيل الأحزاب , وتأسيس منظمات المجتمع المدني ..وتمنح للإعلام فضاء واسع من الحرية , ويكون التداول السلمي للسلطة أهم آليات انتقال الحكم عبر عملية الانتخاب الديمقراطي التي يقوم بها الشعب ,أعبنا على صدام انفراده بالحكم ..وعدم السماح للأحزاب المعارضة بممارسة العمل السياسي ,كنا نمقت ذلك النظام لأنه شعر بامتلاك العراق كأي من أدواته الشخصية .. فالعراق ضيعته التي لا يحق لأحد مشاركته فيها , وطالما تمنينا عليه أن يؤثر على نفسه ويتخلى عن لذة الحكم والسلطة, ويسمح ولو لمرة واحدة للشعب بان يقول قولته كما يحدث في اغلب بقاع العالم , إلا انه لم يعي نتيجة انفراده واستئثاره إلا وهو بين قضبان المحكمة.
أحزابنا ونخبنا , وما أن زال ذلك النظام , راحت تمارس ذات الدور في الإقصاء والفردية , وطبعا كل في حدود مساحة عمله , ومع الأناس الذين يعملون معه في نفس المجال و الوسط , داخل الأحزاب أو منظمات المجتمع المدني أو الوزارات والدوائر .
نعي جيدا أن للديمقراطية ثمنا واجب التسديد ...وما أن يحين أوان تسديدنا لذلك الثمن , حتى نبدأ بالتهرب والامتناع ... نبدع في سوق المبررات التي نخدع بها أنفسنا للتهرب من الوقوف أمام صوت الضمير الإنساني الحي , ولمجابهة المذكرين لنا بشعارات الديمقراطية والشفافية التي كنا نحمل لواء المناداة بها بالأمس , نؤمن بالديمقراطية حين تأتي بنا إلى مواقع صنع القرار , ونتخلى عنها ونحاربها حين تذهب بنا بعيدا عن أحلامنا .
بعض الأحزاب التي حددت أنظمتها الداخلية الانتخاب طريقة للوصول إلى زعامة الحزب , بدئت تشهد صراعات وانقسامات داخلية بمجرد أن قررت الانتخابات إزاحة زعيم الحزب أو بعض قياداته من مراكزهم السابقة , مؤسسات المجتمع المدني , والتي يفترض أن تمارس دور الارتقاء بثقافة المجتمع , وإعادته إلى جادة الصواب حال خروجه منها , اغلب هذه المؤسسات لم تنجح في اختبارات الديمقراطية , فما أن توضع على أول محك حتى تنكشف الأقنعة ...وتتضح الوجوه والنوايا الكامنة وراء عملية التأسيس ...تتحدث الأنظمة الداخلية لها عن الشفافية في اتخاذ القرار وانتخاب الرئيس ..إلا إن الواقع خلاف ذلك تماما .
ربما كان البعض يبرر انفراده وهيمنته على المؤسسة ومن ثم شعوره بامتلاكها , أن الديمقراطية لا تأتي دائما بالأصلح وان الأخذ يها على إطلاقها قد يدفع بنماذج سيئة لتولي مناصب القيادة , فلا باس بتعطيلها في أوقات معينة لتفويت الفرصة على البعض السيئ , لكن هذا الكلام مردود لان الديمقراطية وما تتضمنه من آليات عمل , وجدت أصلا للتغير ومنع استمرار منهج وفكر محددين في امتلاك زمام القيادة إذ لا بد من تغيير وتجديد القيادات للسماح للثقافات والأفكار المتنوعة , أن تطرح رؤاها وتنتج ثمارها وفي حال فشلها فالتغيير حل للمجيء بالأصلح .
كل ثقافة آو فكر آو قيادة , وان كانت جيدة وملائمة في زمن معين , فإنها قد لا تكون كذلك في زمن آخر يشهد ظروف ومعطيات أخرى , وان تنقل هذه الثقافة او القيادة بين أكثر من زمن , يجعل منها كابوسا جاثما على الصدور والعقول ما يستلزم القيام بثورة للخلاص منه .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جماهير ليفربول تودع مدرب النادي التاريخي يورغن كلوب


.. ليبيا: ما هي ملابسات اختفاء نائب برلماني في ظروف غامضة؟




.. مغاربة قاتلوا مع الجيش الفرنسي واستقروا في فيتنام


.. ليفربول الإنكليزي يعين الهولندي أرنه سلوت مدرباً خلفاً للألم




.. شكوك حول تحطم مروحية الرئيس الإيراني.. هل لإسرائيل علاقة؟