الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع الرسام السوري برهان نظامي : حين أمسك بالسكين أحس بأني أطلق سراح السجناء

ثائر زكي الزعزوع

2004 / 3 / 3
مقابلات و حوارات


 أنا أرسم ما نفتقده وما تصبو إليه نفسي.
حاوره : ثائر زكي الزعزوع
فنان من  جيل الرواد ، ابتدأ الرسم مبكراً ، لكن الحياة والعمل صرفاه عن متابعة مشواره في الطريق الذي أراده ، وانتظر قرابة عشرين عاماً ليعود للانطلاق من جديد بين اول معرض فردي أقامه في العام 1982م لكن ثمة سنوات طويلة أمضاها برهان نظامي يقرأ ، يتابع ، يتأمل ، وبعد إحالته على التقاعد و الفراغ الذي وجد نفسه يعانيه عاد يمسك بالسكين ، ويقرر أن حياته الحقيقية هي في مزج الألوان وتحويلها الى لوحة تحمل حلماً أو تحكي حكاية ، التقينا برهان نظامي حيث يقيم معرضه الدمشقي  في صالة المركز الثقافي الإسباني بمشاركة ابنه وليد ، والمعرض هو تحية من الفنانين الى الشاعر السوري الكبير علي الجندي ، عن تجربته مع الرسم وعن أحلامه تحدث إلينا برهان نظامي :
_ كيف كانت البداية ؟
_ البداية … لم أع تماماً متى بدأت ، كنت مهتماً منذ صغري بالطبيعة ، وكوني ابن بيئة ريفية ، فقد شغلت بمراقبة الموجودات حولي ، وبدأت أرسمها ، كل ما يحيط بي شكل لي منظراً للتأمل ومن ثم للرسم ، حين عملت في التدريس ، وجدت نفسي أرسم أكثر مما أدرس ، وكانت دروسي للطلاب أغلبها دروساً في الرسم ، علمت الصغار في البداية كيف يخطون الخطوط الأولى لكني تعلمت منهم فيما بعد الصدق والعفوية ، كنت أعلمهم فصرت أتعلم منهم أكثر مما أعلمهم ، بدأت بعدها أرسم لوحات واقعية ، ولم آخذ الموضوع جدياً يعني احترافاً إلا بعد التقاعد .
_ هل تعتبر نفسك فنان ما بعد التقاعد ؟
_ نعم  بعد التقاعد طرحت نفسي ، صرت أفكر بالرسم أكثر مما أفكر بأي شيء آخر ، صار الرسم هاجسي ، أنشأت محترفاً صغيراً ( يضحك) ليس محترفاً تماماً ، على قد الحال .
_ على الرغم من كونك ابن منطقة السلمية التي تقع على اطراف البادية السورية وهي منطقة شبه صحراوية ، إلا أن لوحاتك تحمل في ثناياها ألوان الغابة
أنا أرسم ما نفتقده و من خلال لوحتي أبحث عن شيء ينقذني ، عن شيء ينتشلني من هذه البيئة وهذه الطبيعة الصحراوية ، فرسمت المرأة لانها أجمل ما أراه حولي ، وأنا أرسمها زهرة لأن الزهور هي رمز الجمال .
_ اذاً أنت ترسم ماتحلم به؟
_ نعم ، أرسم ما يعشش في داخلي ، لا أراقب وأرسم ما أراه ، بل أرسم ما تصبو إليه نفسي ، كي أعوض من خلال لوحتي ما ينقصني في الواقع .
_ ولماذا لا ترسم المرأة كما هي ؟
_ لأني أبتعد عن الواقعية في رسوماتي ، وهو  ليس هروباً ، بل هو تعبير أحسه أقرب إلي ، وأنا لاأرسم رمزاً مطلقاً لكني أبحث عن الواقع ، الشيء الوحيد الذي أخذته من بيئتي هو هاجس التمرد الدائم ، هاجس البحث عن الحلم .
_ بمن تشعر بأنك تأثرت ؟
_ أنا أتأثر دائماً بأي عمل جيد تقع عليه عيني ، لاأنتمي الى مدرسة معينة ، لكني أحب هنري ماتيس وفان كوخ كثيراً والفنان السوري فائق دحدوح الذي اعتبر أنه ورطني بالرسم، فهو أول من وجهني كي أرسم ، وقال لي منذ سنوات طويلة : أنت ترسم بشكل جيد.
_ معرضك الحالي هو تحية الى الشاعر المعروف علي الجندي ، هل هي تحية له كإنسان أم كشاعر ؟
_ انها تحية الى علي الجندي الإنسان الكبير قبل علي الجندي الشاعر لأن قصيدته الحقيقية هي في حياته ووجوده وحضوره ، وليس في كتابته فقط.
_ ما أثر الشعر على لوحتك ؟
_ بداية انا أكتب الشعر ، والرسم هو شعر ملون ،بدل أن أصف الكلمات والجمل أضع الألوان ، الرسم هو شعر للعين كما الموسيقا شعر للأذن .
_في معرضك الحالي تلتقي مع ابنك وليد في عرض مشترك للوحات هل تتبنى تجربته ، أم هو يتبنى تجربتك ؟
_بالنسبة ل(وليد) فأنا علمته الرسم ، يعني ليس بشكل مباشر ، لكنه تأثر بي ، ولكن الآن أنا أتعلم منه ، أنا أستشيره في كل ما أعمل ، وأتوقع له أن يكون أفضل مني بكثير لأن المستقبل له ، له الغد ، أما أنا فابن الأمس .
_ كيف تتعامل ممع الورقة البيضاء أو القماش الأبيض قبل أن ترسم عليه ؟
_ أول الأمر هناك رهبة ، النظرة الأولى تشعرك بالرهبة ، والحرص على ألا تلوث هذا البياض بأشياء دون قيمة ، الأمر في البداية أشبه بالجلوس أمام محقق ، أنت لست مذنباً في شيء لكن ثمة شعور بالخوف ينتابك ، لكن بعد الخط الأول ، النقطة الأولى لا أظل خارج البياض بل أصير داخله ، وأترك اللون يقودني حيث يريد .
_ هل ترسم ضمن مخطط أم أنك لا تخطط للأمر مسبقاً ؟
_ أفكر في شيء ما ، لكن بعد ذلك اللون هو الذي يحركني وربما يتغير كل ما فكرت به .
_ هل تمزق لوحة بعد إنجازها ؟
_ كثيراً ، أقوم بتمزيق لوحات وإحراق أخرى ، كل لوحة أحس بأنني لاأرضى عليها ، لا أبقيها ، أتخلص منها ، برغم أن بعض من يشاهدون تلك اللوحة يقولون بأنها جيدة ، لكن أحس أن ثمة شيئاً تفتقده ، لاأريدها ، وهكذا أتخلص منها ، ولا أفكر فيها.
_ الذي يرى لوحاتك يجد فيها كثافة لونية ، فلا يوجد لوحة بلونين فقط مثلاً
_ نعم ، أنا أحب التنوع اللوني ، والغزارة في استخدام الألوان ، لأني أميل إلى أن تكون اللوحة غنية باللون ، وليست باهتة .
_ قلت بأنك لا ترسم بالفرشاة ، ولكن بالسكين … لماذا ؟
_ السكين يريحني ، حين أضرب الألوان على القماش بالسكين أحس براحة ، وكأني أفرغ ضغوطات الحياة ، وأطلق سراح السجناء الذين في داخلي ، وينتابني انفراج وارتياح ، أظن أنه لا إبداع بلا إحباط ، والفنان هو إنسان محبط ، أنا أستخدم السكين لأفرغ إحباطاتي ويأسي ربما .
_ هل ترسم همك الداخلي ، أم الهم العام ؟
_ أنا ليس لدي شيء شخصي ، همي هو هم عام ، كل ما أحمله في داخلي هو عام ، ولوحاتي هي انعكاس للهم العام الذي هو همي الخاص نفسه .
_ إلى أين تمضي بتجربتك وأنت تبدأ بعد الستين من العمر ؟
_ أريد أن أعوض ما فاتني من سنوات بعيداً عن الرسم ، كنت أرسم لكن ليس بهذه الكثرة، أنا الآن رسام ، ولست أي شيء آخر ، لا أعمل أي عمل آخر سوى الرسم ورعاية المزروعات التي تعيش منها عائلتي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير تتوقع استمرار العلاقة بين القاعدة والحوثيين على النهج


.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطاب بايدن والمقترح الإسرائيلي




.. إيران.. الرئيس الأسبق أحمدي نجاد يُقدّم ملف ترشحه للانتخابات


.. إدانة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب توحد صف الجمهوريين




.. الصور الأولى لاندلاع النيران في هضبة #الجولان نتيجة انفجار ص