الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناعة العراق الجديد... المشاكل و الحلول (4)

سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)

2008 / 11 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


كيف نستطيع الوصول بالعراق إلى محطة الديمقراطية و الأمان و الاستقرار؟
هذه المرة سنتحدث عن حقوق المرأة في العراق، و هو حديث متشعب و يتعلق بكثير من الجوانب الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و الدين و الثقافة العنصرية و القومية، إن القيام بحملات "إعلامية" هنا و هناك ضد ما يسمى بـ"جرائم الشرف" لا يعدو أن يكون قرقعة إعلامية فارغة خصوصا حينما تتبنى أحزاب تؤمن بحكم العرف العشائري كبديل عن القانون و بالتالي هي حملات ـ تخدير ـ يتم بعدها العودة إلى المربع الأول في تفشي الجريمة و إيجاد مخرج أو مهرب للقاتل المجرم الذي قتل فتاة أو امرأة هنا أو هناك.
و المثير للحزن و السخرية في آن واحد هو أن هناك أجهزة شرطة ـ تتبع حزبا بعينه ـ تقوم بإيجاد صيغ جنائية لتخليص القتلة من المحاسبة، فتتم تسوية و تقيد الجريمة كحادث عرضي، إما احتراق بفعل مادة حارقة أو سقوط من سلم أو انتحار أو عبث بـ"قطعة سلاح"!! و ما إلى ذلك من مهازل، إن حملات التوعية تجاه إيقاف العنف ضد المرأة لا نفع له في مناطق تتحكم بها "العقلية الذكورية" حيث تقبع هذه المرأة ـ السافرة كمظهر و المحجبة المقيدة كعقل ـ في زاوية من زوايا الحياة منتظرة أن تتعرض للأذى أو القتل على يد أب أو أخ أو زوج لا لسبب إلا لأن العرف العشائري يأمر بذلك.
فهناك مناطق في العراق تتفاوت في هذا الشأن، ففي بعض المدن و المناطق تقل هذه الجرائم إلى الحد الأدنى، و في أماكن أخرى حيث تكون الديمقراطية غائبة و حكم العرف العشائري و المظاهر الدينية النفاقية ـ التي لا علاقة لها بالإيمان ـ تكون هذه الجرائم في أعلى مستوياتها، و طبيعي جدا أن تكثر هذه الجرائم في ظل شرطة أو محققين لا ينظرون للجريمة بمنظار تطبيق العدالة بقدر ما يهمهم إرضاء هذه العشيرة و تلك و تخليص إبن المسؤول الحزبي و فلان الملياردير و ما إلى ذلك.
لكن للحقيقة نقول أن حكومة بغداد ـ رغم بعض الأخطاء ـ تفعل أكثر مما يتوقع كثيرون، و إذا كنا نريد من الحكومة أن تنجح في إغلاق هذا الملف الشائن من أقصى الشمال و حتى أقصى الجنوب، فإن هذا يتطلب من النخب المثقفة و السياسية تقديم الحلول و العلاجات القانونية، كسد باب الذرائع أمام القتلة و أنه لا يحق لأي شخص قتل أي شخص آخر (فضلا عن كونه امرأة) بحجة ارتكابه عملا لا أخلاقيا حتى لو كان هذا الفعل حقيقة، إذ لا يمكن لأي حزب أو جهة أو عشيرة أو شخص أن يقوم بدور القاضي و الجلاد و يلغي الولاية القضائية للدولة، بينما نرى في بعض مناطق العراق تهريجا إعلاميا ضــــــــــــــــخـما في شجب و استنكار قتل النساء بينما على أرض الواقع يتم إعفاء القاتل أو تخفيف العقاب إلى أقصى حد، و هذا نفاق ما بعده نفاق، بل إن هناك من يعلن بصراحة عديمة الحياء أنه لا يجوز قتل المرأة "إلا بأذن من الحزب"، مما يعني أن مصاريف المنظمات الدولية على هذه الحملات تبذير لا معنى له لأنه بلا فائدة و لا يغير من الواقع المؤلم شيئا.
الأمر الأهم، ها هنا، هو أن المرأة في مجتمع العراق لا تملك دخلا كافيا يجعلها مستقلة عن إرادة الرجل ـ أيا كانت درجة أو نوع قرابته منها ـ كما أن رجال الدين و للأسف لهم دور سلبي جدا في تصوير المرأة عورة و ذات نقص و أنها بدرجة الطفل إن لم تكن أقل، كما أنهم ربطوا مصيرها ربطا محكما بالرجل و بالتالي يتحكم بمصيرها و قراراتها، فعدا قتل المرأة هناك أنواع من الامتهان و الإهانة كالزواج القسري و المبكر أو إبقاءها حبيسة الدار أو منعها من التعلم و الحصول على شهادة و اختيار شريك الحياة.
أخيرا نقول ـ أليس من المشين أن تموت المرأة من دون زواج و أن يكون هناك رجل في الستين و هو غير متزوج؟ إن قتل المرأة هو نتيجة و ليس علة، إنها نتيجة ثقافة و قيم مريضة و أحزاب مرعوبة من فكرة السقوط الذي حاق بأبيهم القومي صدام البعث ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة