الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوهم

سهيلة بورزق

2008 / 11 / 24
الادب والفن


كنت أعشق البحر
وكان يعشق الجبل
كنت أعرف سرَّه
وكان يعرف مطبّاتي الهوائية كلَّها
كنا نلتقي عند كل مساء، أرتدي له ما يحبّ، وأضع المساحيق على وجهي كأية أنثى مبهورة بالألوان وأنتظره.
كان يجيء محملاً بالحكايات عن آخر أحلامه.
هو لا يزال يحلم رغم الخيبات الكثيرة التي هزمتنا، وأنا مازلت أنتظر قرار زواجه بي.
كنت أفكر على طريقة أمي... الزواج هو الأمان.
تعثرت أحلامي معه، كان يطلب مني المتعة في كل فرصة لقاء، أظنه لن يفكر في الزواج بي أبداً.
وبدل أن يرفضني هو رفضته أنا، وبدأت أتحجج بفقرنا متخلّيةً عن الحلم ببيت مستقل يجمع آمالنا وحتى خيباتنا.
لم تكن تجربتي معه قوية، ولم يكفِ الحب ليصدَّني عن قرار الانفصال.
عندما واجهتُ أمي بقراري أُغمي عليها، بعد يومين اتصلت بعمّي في قريته البعيدة، وطلبت منه الحضور فوراً، أخبرَتْه بمصيبتي وحمَّلْتُه مسؤوليتي، هربتُ ليلاً من البيت إلى مكان مجهول، وتركت لأمي الغالية رسالة طويلة أشرح لها فيها الأسباب التي جعلتني أتخلى عن خطيبي والتي جعلتني أهرب إلى حيث لا أدري، ربما يكون حضنُ المجهول أرحمَ من عمي وقريته وبلادة الفلاحين، قمت بالتسجيل في الجامعة الليلية، واشتغلت نهاراً في مكتبة عمومية، أما النومُ فكنت أتدبر أمري، مرةً في بيت صديقة ومرةً في الفندق، أخذت شهادتي بامتياز مع منحة إلى أستراليا، سافرتُ، تركتُ خلفي انكسارات في حجم الموت، كنت أحاول أن أنسى ما كنت عليه، لكنّ صوتاً عميقاً يسكنني كان ينفجر في رأسي، يذكِّرني أحياناً بأُمّي، وأحياناً أخرى بـ(حازم)، ومرات كثيرة بي، بحقيقتي الهاربة طوعاً إلى آخر الدنيا.
لم أحاول أن أحب مرة ثانية، كنت مكسورة وبحاجة إلى من يجمع شتاتي أولاً، تعرفت على (جورجيو) الأمريكي الأصل حلّقتُ معه في فضاء الحرية، نلتقي حبيبين، ونفترق زملاء مهنة ودراسة حتى انتفخ بطني، لم يسألني التخلي عن شيء، ولم يحاول طرد أحلامي فيه، وفّر لي الأمان وأحبني كما لم يفعل من قبل، اكتشفتُ أن الحب على طريقة (حازم) وَهْم... لم أفكر في العودة إلى أمي رغم السنوات التي فعلتْ ما فعلتْ بقلبي، لقد تأكدت أنني خُلقت في المكان الخطأ مرتين، مرةً بسبب الوطن ومرةً بسبب (حازم)، ابتلعتني الغربة وعشت عمري مع (جورجيو) بلا حب، يكفي أن العقل كان يسيِّر حياتنا بلا ملل، أما الفِراش فكان عملية لها ألوهيتها، ولم تكن تتطلب أكثر من متعة، عندما سافرتُ إلى الوطن، أو أقول إلى أُمّي، اكتشفت أنني كنت المرأة الوحيدة التي حققت أحلامها عن وَهْم.
ماتت أمي، مات (حازم)، ومات عمّي، وبقت حكايتي غصّةً في قلب الوطن.
مسحتُ دمعتي واستسلمتُ إلى غيابي أبداً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف


.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس




.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في


.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب




.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_