الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النضال الطبقي للفلاحين الفقراء بأولوز ضد الإقطاع و الكومبرادور

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2008 / 11 / 24
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


يعاني الفلاحون الفقراء بأولوز بتارودانت بالمغرب من مخلفات الإقطاع الذي ما زال يستغل الأرض و الماء و الإنسان في غياب شبه تام لفعل السلطات ، فبعد بناء سد أولوز في نهاية الثمانينات من القرن 20 نضب عدد من العيون في سافلته إلا ثلاثة منها التي تتغذى على تسربات السد ، و من بين هذه العيون الحية ساقية تفرزازت التي تشرف على أراضي 12 دوارا و أهمها زاوية سي القرشي و تركانت و تيملت و تزمورت القريبة من مركز أولوز ، و بدأت معاناة الفلاحين الصغار و الفقراء بعد بناء السد خاصة و أن ساقية تبومهاوت المجاورة لساقية تفرزات قد نضبت بعد حجز المياه بحقينة سد أولوز ، و للخروج من ورطته عمل المكتب الجهوي للإستثمار الفلاحي على تأسيس جمعية مستخدمي المياه للإغراض الزراعية بأولوز من أجل تدبير الأزمة.
و قد تم تأسيس هذه الجمعية سنة 2001 في جو من الرعب الممارس ضد الفلاحين الصغار و الفقراء بساقية تفرزازت الرافضين لهذه الجمعية حيث طوقت القوات المساعدة مقر الجماعة لمنع أي تعبير عن الرفض و قمع كل محاولة انتفاضة ، فكان لتأسيس الجمعية قسرا و استيلاء الإقطاع عليها أثر كبير في حرمان مجموعة من الفلاحين الصغار و الفقراء من الإستفادة من مياه الري ، الشيء الذي دفع بعض الفلاحين الصغار إلى اللجوء إلى العدالة من أجل إنصافهم و بقي باقي الفلاحين العاجزين عن الدفاع عن حقوقهم أمام القضاء ينتظرون ما ستؤول إليه المحاكمة ، و كانت السنوات الأولى لتأسيس الجمعية طبيعية بالنسبة لفلاحي ساقية تفرزازات رغم المستحقات المفروضة عليهم و المتجلية في 15 درهما للساعة من الماء الصالح للري ، مع العلم أن ثلاثة سواقي تعطي 8 صبيبات كل 24 ساعة على مدار السنة دون انقطاع و دون مصاريف تذكر حيث العيون كلها على حساب تسربات سد أولوز بمعنى أزيد من 2500 درهم يوميا أي ما يناهز 100 مليون سنتيم كل سنة.
و منذ خمس سنوات و فلاحي ساقية تفرزات يعانون من الحيف الممارس ضدهم نتيجة مواقفهم السياسية بعدما عمل رئيس الجمعية على معاقبتهم على مواقفهم منذ انتخابات 2003 ، و ذلك بحرمانهم من مياه ساقية تفرزازات التي يعمل على تحويلها إلى ساقية تبومهاوت لصالح بعض أعوانه الذين يدعمونه بالمجلس القروي ، و وصلت معاناة فلاحي تفرزازت مداها خلال الموسم الفلاحي 2007/2008 عندما منعهم الرئيس من الحق الطبيعي في الماء الصالح للري فارضا عليهم جفافا مصطنعا جعل أراضيهم قاحلة ، و ذهبت محاصيلهم هذه السنة أدراج الرياح و لم ينعموا بحبة قمح و لا حبة زيتون و أشرفت أشجار الزيتون على الموت المحقق و لم يبق أمام هؤلاء إلا الإنتفاضة ضد الإقطاع ، فالتحقوا بنقابة فلاحي أولوز في مارس 2008 بعدما استنفدوا كل محاولات التفاوض مع الرئيس عن طريق السلطات بأولوز العاجزة عن إيجاد حل عادل ينصفهم أمام قوة الإقطاع ، و فتحت النقابة الحوار مع السلطات بتارودانت بحضور ممثلي وزارة الفلاحة و التجهيز و وكالة الماء بسوس ماسة لأزيد من 8 أشهر دون أن تصل إلى حل يذكر ، و خلال هذه السنة صدر حكم ضد الجمعية لصالح بعض الفلاحين المتضررين و الذي بلغ 117 مليون سنتيم و تم تنفيذه و حجز جميع ممتلكات الجمعية بما فيها حسابها البنكي الذي بلغ 4 ملايين سنتيم ، و في ظل المشاكل العويصة التي تعانيها الجمعية والتي تعبر عن إفلاسها قام الرئيس بعقد الجمع العام التجديدي يوم 22 يونيو 2008 لإظفاء الشرعية على الخروقات التي طالت الجمعية.
و نظمت نقابة فلاحي أولوز عدة احتجاجات ضد رئيس الجمعية كان أولها الوقفة الإحتجاجية أمام قيادة أولوز في 09 أبريل 2008 و اليوم التضامني مع فلاحي تفرزازت يوم 18 ماي 2008 الذي حضره مراسلو الجرائد و الجمعية المغربية لحقوق الإنسان و الأحزاب السياسية و تم الإطلاع على معاناة الفلاحين بساقية تفرزازات و الوقفة الإحتجاجية الثانية أمام مقر الجماعة في حين انعقاد الجمع العام التجديدي يوم 22 يونيو 2008 بعد إعلان انسحاب فلاحي تفرزازت من الجمعية ، و رغم ما شاب الجمع العام من خروقات خاصة إغراقه بمجموعة من معاوني الرئبس الذين لا علاقة لهم بالفلاحة من قريب أو من بعيد و التقرير المالي المغشوش بفائض بلغ 4 ملايين سنتيم ؟ مع العلم أن مداخيل الجمعية طيلة 8 سنوات تفوق 700 مليون سنتيم دون أن تكون لها مصاريف تذكر إلا بناء معصرة الزيتون ب 40 مليون حسب التقرير المالي و مستحقات أجر 4 مستخدمين مكلفين بتوزيع المياه حسب أهواء الرئيس الذي يتحكم في كل شيء داخل الجمعية و الجماعة و أراضي أولوز ، رغم كل هذه الخروقات و تحذير النقابة للسلطات قامت هذه الإخيرة بمنح وصل الإيداع التجديدي للرئيس لتزكية شرعية خروقاته ، و قام فلاحو تفرزازات بتأسس جمعية تفرزازت للماء الصالح للري بعد إعلام السلطات و المكتب الجهوي للإستثمار الفلاحي و مندوبية التجهيز و وكالة الماء بسوس ماسة الذين قاطعوا الإجتماع و ووجهت جمعيتهم برفض السلطات بتسليم وصل الإيداع لها.
و دخلت النقابة في حوارات مارطونية مع السلطات و الفلاحة و التجهيز و وكالة الماء لمدة شهرين خلص فيها المجتمعون إلى أن جمعية أولوز لمستخدمي المياه للأغراض الزراعية قد أفلست ، و أنه يجب حلها و تأسيس ثلاث جمعيات على ثلاث سواقي و من بينها ساقية تفرزازت و حددت بداية شتنبر 2008 لتنفيد هذا الوعد ، إلا أن السلطات بأولوز و معها ممثلي الوزارات و الوكالة عجزوا أمام الإقطاع على تنفيذ وعدهم ، و دخلت النقابة في حوار مباشر مع عمالة تارودانت بعد زيارة كل من مندوبية التجهيز و المكتب الجهوي للإستثمار الفلاحي و وقوف 36 فلاحا أمام مقر العمالة للتعبير عن احتجاجهم يوم 11 شتنبر 2008 الذين تم استقبال لجنتهم النقابية ، و التي دخلت في لقاءات عديدة مع رئيس ديوان عامل الإقليم من أجل إصدار قرار في حق الجمعية لإنصاف فلاحي ساقية تفرزازت و كان أخر لقاء يوم 23 أكتوبر 2008 و الذي تم فيه وعد بتحديد لقاء في الأسبوع المقبل ، و قد طال انتظار الفلاحين في ظل دخول عام فلاحي جديد تنتظرهم فيه أعمال شاقة و مهام جسام خاصة و هم يعيشون متوترين جراء الحيف الذي لحقهم و الإستفزازات التي يتعرضون لها يوميا من طرف العصابات التابعة للرئيس ، مع العلم أن هؤلاء وضعوا لائحة للفلاحين المستهدفين بالمتابعات القضائية كان على رأسها الفلاح محمد زريط الذي تم اتهامه ظلما بسرقة مياه ساقية تبومهاوت التي تم تحويل مياه تفرزازت إليها لإشباع حاجيات الموالين للرئيس في إحدى الجمعيات بجماعة الفيض .
و تم اعتقال الفلاح محمد زريط من طرف النيابة العامة بتارودانت يوم 14 يوليوز 2008 و الزج به في السجن 10 أيام و محاكمته و إطلاق سراحه بعد إثبات براءته ، هذا الفعل/القمع الذي أحدث الرعب في نفوس فلاحي تفرزازات زاد من تأجيج الأوضاع في أوساط الفلاحين ، و لم يبق أمامهم إلا التعبير عن غضبهم و النزول إلى تارودانت للإعتصام أمام مقر العمالة يوم 04 نونبر 2008 و تمت مؤازرتهم من طرف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان و النقابات و الأحزاب و المناضلين ، و قد قضى 60 فلاحا ليلة باردة أمام مقر العمالة مطالبين باستقبال عامل الإقليم الذي استقبل لجنتهم يوم 05 نونبر 2008 على الساعة الواحدة زوالا ، و تم عرض مشاكلهم و مطالبهم و بعد الإستماع إليهم من طرف العامل تم تحديد يوم 20 نونبر 2008 بأولوز لحسم الفصل بين فلاحي تفرزازت و رئيس جمعية مستخدمي المياه الصالحة للزراعة بأولوز ، و كان المطلب الوحيد للفلاحين الصغار و الفقراء بساقية تفرزازت هو إستقلالهم عن هذه الجمعية المفلسة و تمتيعهم بحقهم في التنظيم المشروع في جمعيتهم المستقلة لتسيير شؤونهم بأنفسم.
و انعقد اللقاء بين اللجنة النقابية للفلاحين و اللجنة الموفدة من عمالة تارودانت و التي جاءت باقتراح يستهدف تعويم مشكل ساقية تفرزازت في إشكالية الماء بحوض أولوز من أجل إظفاء الشرعية من جديد على جمعيتهم المفلسة ، و تمحور مقترح العمالة حول تكوين لجنتين يشترك فيها فلاحو تفرزازت إلى جانب رئيس الجمعية و ممثلي الفلاحة و التجهير و وكالة الماء و العمالة لتحديد الصبيب و الحوض ، هذا العمل الذي يعتبر من صلب أشغال الفلاحة و التجهير و الضروري قبل تأسيس جمعية الماء إذ كيف يعقل أن تتأسس جمعية أولوز في غياب هذين المعطيين : الصبيب و الحوض ؟ ذلك ما تريد وزارة الفلاحة تمريره على فلاحي تفرزازت من خلال تحميلهم هذه المهمة التي تعتبر جوهر مشكل توزيع الماء بحوض أولوز بعد بناء سد أولوز ، و تشبت الفلاحون بحقهم في التنظيم من أجل تسيير شؤون الماء و الأرض بحوضهم الخاص بهم و تمتيعهم بحقهم الطبيعي في الماء الصالح للري ، و ذلك باسترجاع هذا الحق الذي سلبه الإقطاع بتواطؤ من السلطات و وزارة الفلاحة بتارودانت و كان رد الفلاحين قويا و هو الإصرار على الإستمرار في النضال عبر الخطوة الثانية المتجلية في الوقوف أمام مقر الولاية بأكادير في الأسبوع القادم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. الناخبون يدلون بأصواتهم لاختيار الحكومة الجديدة و


.. هز عرش المحافظين.. معلومات عن زعيم حزب العمال كير ستارمر




.. الغارديان: حزب العمال أمام انتصار كاسح في وجه المحافظين


.. فرنسا.. بين قبضة اليمين المتطرف وتحالف -شبه مستحيل- للمعتدلي




.. فرنسا: هل تراجعت فرص اليمين المتطرف بالوصول إلى السلطة؟