الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل في مصر مشاركه سياسيه؟

محمد نبيل الشيمي

2008 / 11 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


يقول الدكتور جمال حمدان فى كتابه " شخصية مصر دراسة فى عبقرية المكان " لا يعرف تاريخ مصر من ينكرأن الطغيان والبطش من جانب والاستكانة أو الزلفى من الجانب الاخر هى من اعم واسوأ خطوط الحياة المصرية عبر العصور فهى النغمى الحزينة الدالة فى دراما التاريخ المصرى ... ولا ينبغى لنا أن نخجل او أن تأخذنا العزة فنهرب أو نكابر فى هذه الحقيقة كما ان من الخطأ أن ندع هذه الظاهرة تترسب فى نفوسنا كعقدة تاريخية بل لابد ان نجابهها بالتحليل العلمى .
ويستطرد/ د . جمال حمدان " ولعل حكم الاوتقراطى المطلق قد أدى وظيفته فى البداية الى حين وضع اسس الحضارة المصرية وأرسى دعائمها غير انه لم يلبث ان تعدى نفسه الى القهر السياسى والاجتماعى " وكيف لا يكون هذه القهر وهيكل المجتمع يتحلل فى عناصره الاوليه الى ملكيه أو تقراطيه طاغيةتعتمد على اعمدة ثلاثة :
- لاندوقراطيه اقطاعية عامة ( ملاك أراضى )
- ثيوقراطيه اقطاعية متورمة ( رجال الدين والكهنة )
- بيروقراطيه منتفعة متضخمة ( طبقة الموظفين )
والكل يقوم على قاعدة عريضة من بروليتارية فلاحية مسحوقة
والخلاصة ان المجتمع كان ينقسم تقليديا الى اقلية تملك ولا تعمل واغلبية تعمل ولا تملك .
لقد تحولت الفرعونية الى دولة بوليسية فى كثير من الحالات وقفت الى جانب الاقطاع والملاك وهكذا عم الطغيان وامتد اثره كى يعم كل مظاهر الحياة ومقابل ذلك كان الثمن باهظا فلقد انعمت روح المبادرة وزمام المبادأة وماتت روح المغامرة ... وتنتهى الامر بالانسان المصرى الى جهاز استقبال وخضوع ... ماذا يعنى ذلك ؟
ان ذلك يعنى غياب دور السواد الاعظم منافراد الشعب من المشاركة السياسية
ولقد استمرت ظاهرة عدم المشاركة السياسية من جانب المصريين خلال الفترات التى حكم فيها الغزاه على مدى قرون طويلة ... على انه يمكن رصد صورة فريدة من صور المشاركة السياسية وهى التى يرى بعض الباحثين انها كانت إحدى ثمار الحملة الفرنسية على مصر وتمثلت هذه الصورة فى اجماع المصريين على تعبين محمد على والياعلى مصر وهو صورة لم تكتمل فصولها حيث لم يشهد عهد محمد على على انشاء مجالس نيابية أومجالس محلية او احزاب سياسية ... الخ . فقد شهد انشاء هيئة استشارية أو اجهزة إدارية تنفيذية وهى هيئات لم يكنلها سلطة اتخاذ القار الذى كانمتركزا فى يد محمد على . وقد استمرت هذه الصورة من انفراد محمد على بالحكم وعدم سماحة للمصريين بالمشاركة الحقيقية فى ادارة شئون البلاد وذلك حتى عهد اسماعيل والذى فى عهده تم إنشاء مجلس شورى النواب وقد كانت اختصاصاته محدودة للغاية . و كانت كل قراراته مجرد توصيات غير ملزمة للخديوى غير انه امام قيام هذا المجلس بمناقشة السياسة المالية للدولة فيما اعتبر الخديوىان ذلك يمثل تحديا له ، فقد اصدر مرسوما يفض دورة المجلس الذى رفض هذا المرسوم ولم يقف عند هذا الحد بل عقد المجلس عدة اجتماعات حضرها بعض كبار الموظفين وضباط الجيش والتجار واتفقوا على وضع بيان شامل سمى " المحضر الأهلى " .. وتضمن هذا المحضر حق المجلس فى محاسبة مجلس النظار " الوزراء"
خلاصة الامر أن اسماعيل ومن بعده توفيق اتجها الى التضييق على الحركة الوطنيه ساعدهما على ذلك استقبال الدول الاوربية خاصة انجلترا لكوادر التطور الديمقراطى فى مصر بالسخط والاستياء وظل التدخل من جانب الخديوى وسلطات الاحتلال البريطانى لإجهاض كافة صور المشاركة من جانب الشعب ، والجدير بالذكر أن الخديوى عباس حلمى الثانى الغى مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية وانشأ هيئة جديدة اسماها الجمعية التشريعية والتى كانت اختصاصتها استشارية محضة باستثناء بعض المسائل المتعلقة بالضرائب والرسوم ... وقد تأجل اجتماع الجمعية لاجل عير مسمى حتى تم الاؤها عام 1923 .
على انه يتعين أن تشير الى أن عام 1907كانبدايه نشأة الاحزاب السياسية فى مصر والحقيقة ان هذه الاحزاب كانت تفتقد فى جوهرهالعنصر التنظيم وكانت تمثل احزاب نخبة تقوم على عدد محدود من الأعضاء ولذا لم تتمك من الاستمرارمدة طويلة واندثر اغلبها بعد فترت محدودة من وجودها .
وفيما يتعلق بالنقابات فان دورها فى العهود السابقة كان مقصورا على حماية ابناء الطوائف " نقابات طائفيه " وقد استمرت لفترة طويلة كشكل من اشكال الدفاع عن مصالح الطبقة كان يوجد على رأس كل طائفة شيخ ولكن لم يكن لها دور فى المشاركة السياسية أما النقابات بشكلها الحالى " النقابات المهنية " فقد كان المحامون اسبق من غيرهم فى انشاء نقابة لهم ... اما النقابات العمالية فقد بدأت فى الظهور عام 1899 .
وكان دستور 1923 أول دستور فى تاريخ مصر يتضمن مبادىء عامة بشأن حقوق المواطنين المدنية والسياسية كما نص على اقامة مجلس للنواب واخر للشيوخ ... على انه يبقى القول أن المده ما بين 1923-1952 شهدت سيطرة السلطه التنفيذية على البرلمان وذلك من خلال الاسراف فى استخدام حق حل مجلس النواب اما الاحزاب التى ظهرت على مسرح الحياة فى مصر خلال الفترة المذكورة فقد تمثلت فى حزب الاغلبية ( حزب الوفد ) ويبقى الأحزاب الأخرى والحزب الوطنى وحزب الاحرار الدستوريين وحزب الاتحاد وحزب الشعب وحزب مصر الفتاة ولكن كان من أهم سمات هذه الأحزاب غياب البرامج والسياسات الاجتماعية باستثناء حزب مصر الفتاه .
اما الفترة بعد ثورة 1952فالواقع أن الثورة بعد الغائها الأحزاب فى يناير 1953عندما تبين لقادتها استحالة التعاون مع اى حزب من أحزاب ما قبل الثورة كونت هيئة التحرير ثم الاتحاد القومى - ثم الاتحاد الاشتراكى العربى والواقع أن هذه التنظيمات كانت اقرب ما تكون الى الأجهزة السلطوية منها الى الاحزاب الديمقراطيه فلم يكن لها دور سياسى مستقل ولم تخلق لدى المواطنين الدافع القوى للمشاركة السياسة ولم يكن الواقع لدى أعداد غفيرة من أعضاء هذه التنظيمات سوى الاستفادة من الموقع ...والاقتراب من السلطة .. كما أن الثورة كانت كثيرة التدخل فى النقابات سواء بإصدار قوانين بحلها أو تجميد أنشطتها .. او الوقوف بجانب فئة معينة داخل هذه التنظيمات بغض النظر عن اراء غالبية الأعضاء .. وفى عام 1971 صدر الدستور الذى يعتبره الباحثون أشمل الدساتير المصرية فى النص على الحقوق المدنية والسياسية .. كما نص على سيادة القانون واستقلال القضاء ... والواقع أن هذه المبادىء كانت شبه معطلة حيث كان الحاكم خلال هذه المرحلة هو المهين تماما على كافة المقدرات السياسية فى البلاد ... كما شهر عام 1976 بداية التعدد الحزبي والذى كان بحق خطوة كبيرة على طريق التنمية السياسية .. الا أن سياسة الرئيس السادات افقدتها مضمونها عندما قيد حرية أحزاب المعارضة فى التعبير عن آرائها ... ومنذ عام 1981 فرضت الحكومة حالة الطوارىء فى يوم اغتيال السادات ( 6 أكتوبر ) وتم مدها منذ ذلك التاريخ بدعوى محاربة الإرهاب والحد من تجارة المخدرات وترى جمعيات حقوق الإنسان والقوى المعارضة أن هذا القانون يمثل إغتصابا لسلطة التشريع الطبيعية واستخدامه لمنع المظاهرات القومية سواء كانت متعلقة بقضايا المواطن من غذاء وتعليم ومسكن ثم ان النظام كثيرا ما امتدت اصابعه بتخريب الاحزاب المعارضة بدايه من نحريض بعض الكوادر على الانسحاب منها أو تشكيل هيئات مكتب بالتوازى مع هيئات المكاتب المنتخبة وما حدث مع كوادر حزب الغد بجناحيه أكبر دليل على التخدل الحكومى لتخريب هذه الاحزاب - وكذا تجميد الاحزاب ووقف اصداار صحفها ومنعها من عقد القاءات الجماهرية خارج مقارها ومنعها من الاعلان عن برامجها ولعل الانتخابات الاخيرة لمجلس الشعب التى وضح فيها التدخل الحكومى السافر للحد من تنامى قدرة بعض التيارات السياسية للوصول الى عضوية مجلس الشعب وهو الامر الذى كشف قضاه مصر عن ماحدث فيه من تجاوزات وعمليات تزوير فاضحة .

ويبقى السؤال هل هناك أملا فى المشاركة ؟
لعلنا لا نغالى اذا قلنا أن المشاركة السياسية فى مصر ما زالت ضعيفة ... ولن تصبح هذه المشاركة إيجابية وفاعلة ما لم تتغير الظروف التى تحول دون ذلك . .. وهى الإفتقار الى المناخ الصحى اللازم لاستكمال عمليه التحول الديمقراطى .. التى تأتى المشاركة السياسية واحدة من أهم روافدها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هو محمد مخبر الذي سيتولى رئاسة إيران موقتا بعد وفاة رئيسي


.. فرق الإنقاذ تنقل جثامين الرئيس الإيراني ورفاقه من موقع تحطم




.. هل ستكون لدى النائب الأول للرئيس صلاحيات الرئيس رئيسي؟


.. مجلس صيانة الدستور: الرئيس المقبل سيتولى مهام الرئاسة لأربع




.. ماذا سيختل بغياب الرئيس رئيسي عن السلطة؟