الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيئات حميد مجيد الفاضلة

سلام عبود

2008 / 11 / 25
كتابات ساخرة


هذا الموضوع لا صلة له بالسياسة من قريب أو من بعيد. هذا موضوع لغوي خالص، وربما يمسّ بعض جوانب المنطق، التي لها صلة باللغة حسب.
من العسير مناقشة شخص كحميد مجيد سياسيا لأسباب عديدة، أهمها أنه سياسي ضليع في علوم السياسة وفنونها، الى حد أنه استطاع اقناع ممثل الاميريالية العالمية بقبوله عضوا في حكومة الاحتلال. وتلك موهبة إعجازية، لم تسجل على الإطلاق من قبل لقائد شيوعي في بلد محتل.
لهذه الأسباب سأتجنب ايقاع نفسي في مشكلات عقلية لا قبل لي بها، وسأحصر مناقشاتي في الجوانب الضعيفة من مواهبة: اللغة، التي يسهل عليّ التفوق بها عليه.
يقول حميد مجيد، بعد خطبة انشائية تشبه انشاءات طلبة المدارس الابتدائية، وهو يبتسم أمام
ثمانية وعشرين مليون عراقي مبلبل الفكر والمصير: الاتفاقية مع أميركا " أفضل السيئات".
أفضل السيئات!
تحتوي هذه العبارة الفريدة في شذوذهاعلى كلمتين شديدتي التناقض: صيغة التفضيل "أفضل"، و"سيئات، كجمع لسيّئة.
عبارة "أفضل السيئات" تُماثل وتُطابق تعبير "أفضل الشرور" عند الأخلاقيين، أو "أفضل الكبائر" عند المتكلمين ورجال الدين، أو"أحيا الأموات" عند المناطقة، أو ، و"أفضل القتلة" عند بوش ومشايعيه، و"أفضل الشيوعيين إمبريالية" عند بريمر.
السؤال الذي هاجمني في العبارة هو: هل حقا أن السوء والشر يحتويان على ما هو فاضل؟
العرب قالت " أهون الشرين"، عند المقارنة بين شر وشر، بين سيئ وأسوأ؛ أي أقل الشرين شرا، وليس أفضلهما، يا حميد، لأن الشر مفرّغ من عنصر الفضيلة.
ولكن العالم لدى حميد مجيد مختلف تماما عن عوالم البشرية جمعاء. عالمه مقلوب رأسا على عقب. العالم لديه ينقسم الى شر جيد وشر أقل جودة، سوء فاضل وسوء أقل فضيلة. إن هذا العالَم السيافلسفي تراث وتقليد وسنة متبعة، صنعها قادة أميّون فاضلوا بين ما عُرف بجيوب الامبريالية العالمية وصدام، فاختاروا أفضل الشرين: صدام حسين. (هم يجلسون الآن في حكومة واحدة مع جيوب امبريالي صدام)، وبعد فترة وجيزة تحول صدام الشرير الى كاسترو العراق، ثم اشترك الرفاق معه في بناء خندق الخير الواحد. وحينما طُرح خيار الغزو خرج علينا الفريق ذاته بشعار أسوأ الاحتمالات: سوء صدام أم سوء الاحتلال. والآن يعرضون علينا مجددا نظرية السوء ذاتها.
سؤالي الى السيد حميد مجيد هو التالي: بما أن العالم ينقسم لديك الى قسمين لا ثالث لهما: شرير فاضل وشرير أقل فضيلة، وبما أن منظورك الفسلفي واللغوي، الذي ترسم به مستقبل وسياسة تنظيمك وشعبك، وتبني به مدينتك الفاضلة، يقوم على ثنائيات الشر والسوء، فإلى أي الشيوعيات تنتسب يا سيد حميد: الى الشيوعية السيئة أم الى الشيوعية الأفضل سوءا؟
حميد مجيد يشبه هوشيار زيباري في أمور فنية كثيرة، أبرزها أنهما يبتسمان ويتهامسان حينما يتحدث الآخرون، وحينما ينتهيان من الكلام ينظران الى عدسة التصوير بعيون مفتوحة ويبتسمان بجذل ورخاوة ولذّة. هذه الابتسامة الجذلى لا تعني سوى الرضا عن النفس، ولا تعني سوى أن ما يقال حولهما من كلام، وما يطرح أمامهما من أفكار، لا يعنيهما من قريب أو بعيد. فكل شيء لا يخضع للمفاضلة بين سييء وسييء، بين شرير وشرير، بين محتل وديكتاتور، بين احتلال بمعاهدة واحتلال من دون معاهدة، لا يدخل في عالمهما السياسي. لأن السياسة لديهما مفاضلة أبدية بين أوضع الاحتمالات السياسية وأحطها.
إنني أقترح على السيد حميد مجيد- لكي يكون التطابق تاما بين الأقوال والأفعال- أن يغيّر شعار تنظيمه من "وطن حر وشعب سعيد"، الى "وطن حر، وشعب سعيد بأفضل السيئات".









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم الحلقة كاملة | حوار مع الكاتب السعودي أسامة المسلم و


.. تفاعلكم | الناقد طارق الشناوي يرد على القضية المرفوعة ضده من




.. ياسمين سمير: كواليس دواعى السفر كلها لطيفة.. وأمير عيد فنان


.. تفاعلكم | بعد حالة الطوارئ الثقافية التي سببها في الرباط، حو




.. تفاعلكم | مخرج فيلم -آخر سهرة في طريق ر-، محمود صباغ، يرد عل