الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مداخلة في مؤتمر تضامني مع معتقلي اعلان دمشق

أحمد مولود الطيار

2008 / 11 / 25
حقوق الانسان


نص المداخلة التي تقدمت بها الى مركز سكايز (عيون سمير قصير)للدفاع عن الحريات الصحفية والثقافية في ‏الشرق الأوسط بمناسبة قيام المركز بتنظيم مؤتمر صحفي تضامني مع معتقلي " اعلان دمشق " ‏





بداية أتوجه بالشكر الى مركز"سكايز" للدفاع عن الحريات الصحفية والثقافية في الشرق الأوسط لكسره ‏جدار الصمت غير آبه بسوط الجلاد وهو اذ يعلن تضامنه اليوم مع معتقلي " اعلان دمشق " عبر الكلمة فلأنه ‏يحترم من قالها بصدق. ولأن الكلمة الصادقة يخافها الجلاد كان اغتيال سمير قصير الذي نشكر روحه الحاضرة ‏اليوم بيننا والذي يرقبنا عبر عيونه فرحا بهذا المؤتمر التضامني . الكلمة إياها التي قتلته هي نفسها التي ‏أدخلت رياض سيف وفداء حوراني ورفاقهما السجن . ‏
اذن وكما يقول روائي عربي كبير : "المشروع الحقيقي للديكتاتورية هو انهاء الكلام . يجب أن يخلص الحكي ‏كي يبدأ القمع، يجب ان تموت الكلمات علي الاقلام والافواه كي يسود الاستبداد.".‏
فهل نصمت ؟
لا، ولن
دائما تنتصر الكلمة وينهزم الجلاد .‏

أعزائي الحضور سأقسم مداخلتي الى قسمين ، قسم سألقي فيه على مسامعكم مناظر وصور حقيقية لا فضل ‏لي فيها *أبدا كل ما قمت به هو جمعها و التقاطها فقط. لا أحاول من خلالها استدرار عواطفكم أو شفقتكم أو ‏دموعكم انما فقط لنذكر للعالم سوية ان الاستبداد يريد أن يثبت أن الانسان يتطور القهقرى من مخلوق كامل ‏مصانة كرامته وحريته الى حشرة تدب على الأرض .‏
أما الجزء الثاني** فسأعرض فيه اعتبارا من العام 2000 وبشكل مختصر ومكثف بداية الطريق الذي أفضى ‏بنا الى " اعلان دمشق " .‏

منظر عام :‏

بعد عام العام 2000 أجهض ربيع دمشق باعتقال أهم رموزه وناشطيه ومثقفيه .‏
اعلان دمشق بيروت – بيروت دمشق حوصر باعتقال عدد من أهم موقعيه في الجانب السوري .‏
اعلان دمشق اُستهدف باعتقال 12 من أهم قياديه حتى الان . ‏

منظر رقم 1 : ‏

عناصر من الشرطة يحيطون بسيدة جميلة ولطيفة ذات ابتسامة ساحرة اسمها فداء .‏
تقول رزان الناشطة الجريئة في مجال حقوق الانسان : ليست السيدات كثيرات في حراكنا العام السوري ، لكن ‏الواحدة منهن تساوي قمرا وحقل نجوم .‏

منظر رقم 2 : ‏

الصحفي والناشط علي العبدالله عرض بعد التحقيق معه على الطبيب الشرعي لاصابته في أذنه نتيجة التعذيب . ‏تسأل زوجته وابنته ، لماذا هو في غرفة الطبيب ونجيب ، لتوقيع بعض الأوراق . تنسل الابنة بيننا ، تحاول ‏استراق الحديث ، ثم تعرف ما جرى وتقول لا تخبروا أمي ، وأمها تقول ، لا تخبروا ابني ، والابن يتصل من ‏غربته ، لا تخبروا أمي ، لن نخبر أحدا . أنتم أصدقائي كتابا وصحفيين (متوجها الى الحضور)أرجوكم أرجوكم ‏اخبار الجميع . ‏

منظر رقم 3 :‏

أحد عشر من المثقفين والصحفيين يساقون الى سيارة السجن الكبيرة الأشبه ببراد نقل الأطعمة ، الى جانب ‏سجناء جنائيين اخرين ، قريب أحد هؤلاء السجناء الجنائيين كان يصرخ اتجاهه عبر الباب الخارجي المطل ‏على شارع" النصر " لا تخف أيام وتخرج من السجن (دبرت) اخلاء السبيل أصبح في جيبنا . ‏

منظر رقم 4 :‏

يأتي دور سيارة سجن النساء ، تصعد السيدة الجميلة الى الباص مع زميلات السجن ! يندفع ابنها الشاب ‏الوحيد ابن العشرين ربيعا فيعترضه عناصر الأمن . ‏

منظر رقم 5 : ‏

فجيعة الشاب لم تنته بأمه (فداء الحوراني) ففي تاريخ 28/2/2008 وبعد مضي الشهرين والنصف من إيداعها ‏السجن، أقدمت دورية من شرطة حماه على توقيف الطبيب الفلسطيني غازي عليان من مكتبه في مشفى ‏الحوراني وتم نقله مباشرة الى الحدود السورية الأردنية ، ثم ترحيله خارج سوريا على أساس صدور مذكرة ‏رسمية بانهاء فوري لاقامته . ‏

منظر رقم 6 :‏

تم وهن نفسية العائلة وتمزيق أواصرها ثم بعد ذلك اغلق مشفى الحوراني بأمر رسمي من السلطات المختصة ‏‏.‏
منظر رقم 7 :‏

قبل وهن نفسية أسرة الحوراني وتمزيق وتقطيع أواصرها ، قبلها وقبلها الكثير الكثير تم وهن نفسية أسر ‏وعائلات كثيرة .‏

منظر رقم 8 :‏

اقالة زوجة المعارض السوري أنور البني من وظيفتها اثر اعتقاله .‏

منظر رقم 9 : ‏

يقول أكرم البني بعد خروجه من سجنه الأول ( هو سجين سابق لمدة سبعة عشر عاما) وقبل دخوله مجددا ‏سجنه الثاني : ‏
ربما من الصعب أن يتخيل من يعيش حياته بصورة طبيعية، ماذا يعني أن تنقطع عن أسرتك لسنوات وسنوات، ‏وأن تترك طفلتك رضيعة، وتعود للعيش معها وقد أصبحت طالبة جامعية؟! هذا مثال بسيط مما حصل معي، ‏وهناك، بلا شك، صور أكثر إرباكاً وألماً، كما هناك حالات أخرى، من المعتقلين، كانت معاناتهم أقسى وأشد ‏وطأة، وعانوا الأمرين في إعادة تكيفهم واندماجهم مع المجتمع، وخاصة، أولئك الذين لم يسمح لأهلهم ‏بزيارتهم، طيلة فترة اعتقالهم . ‏

منظر رقم 10 : ‏

أكرم البني ماركسي ، أحمد طعمة اسلامي تم انتخابهما أميني سر المجلس الوطني لاعلان دمشق، ومن ‏المفارقات أنهما كانا في زنزانة واحدة لدى مخابرات أمن الدولة قبل احالتهما الى المحكمة .‏
ماذا يعني ذلك ؟
نضج المعارضة أم نضج النظام ؟
تقدم المعارضة وتراجع النظام أم العكس ؟
قبلها ، قبلها منذ سنوات عديدة خلت، كان أكرم في تدمر مع رفاقه من رابطة العمل الشيوعي بالقرب منهم في ‏زنزانة واحدة أو ربما الجدار على الجدار أو كما يقول المثل الشعبي " الحايط عل حايط " معتقلين من الجانب ‏الاسلامي ؛ ربما يعيد التاريخ نفسه، لكن الحوار استمر، وها هو ينضج ليكون " اعلان دمشق " . فالى متى ‏يصمون اذانهم عن القبول بالحوار ؟

منظر رقم 11 : ‏

أحمد طعمة اسلامي يستلهم تجربة حزب العدالة والتنمية التركي . في محاضرة للمفكر السوري برهان غليون ‏في منزل رياض سيف قبيل انعقاد المجلس الوطني لاعلان دمشق بعشرة أيام يقف أحمد طعمة ويقدم مداخلة ‏يقول فيها بالحرف : عار على الاسلام حديثين ، حديث من بدل دينه فاقتلوه ، وحديث ، لا يفلح قوم ولوا أمرهم ‏امراة .‏
لماذا أحمد طعمة في السجن ؟
أليس في وجوده خارجه ضمانة لوقف مد التكفير والتطرف .‏

منظر رقم 12:‏

يقول معتقل سابق وكان قد اعتقل لست سنوات على خلفية إسلامية، إنه لم ير والده المقيم في المنفى ‏منذ تسع سنوات، لأنه ممنوع من المغادرة ووالده ممنوع من العودة إلى سوريا. "كنت أتمكن من زيارة والدي ‏كل صيف قبل اعتقالي، لكن منذ الإفراج عني منعت من السفر ولم أتمكن من رؤية والدي الذي يناهز السبعين ‏من عمره ووضعه الصحي ليس على ما يرام.‏

منظر رقم 13 :‏

طلال أبو دان، الفنان التشكيلي وأحد المعتقلين الاثني عشر ومعتقل رأي سابق، كسروا ريشته لمدة عشر ‏سنوات ، وقبيل اعتقاله الحالي، كانوا قد حطموا مرسمه وبعثروا ألوانه الزاهية . (تم الاعتداء وقتها على ‏سيارة سمير نشار وأيضا سيارة الناشط الحقوقي ابراهيم ملكي بالاضافة الى تحطيم مرسم طلال أبو دان )‏

منظر مؤلم جدا :‏

يروي فرج بيرقدار الشاعر الذي أسكتوا قصائده خمس عشرة سنة، يروي في تغريبته عن سجن تدمر سيء ‏الصيت صورة تقشعر لها الأبدان : ‏
امرأة تزور سجين بعد أكثر من عشر سنوات على وجوده في ذلك المعتقل الرهيب ، كان لا يتمالك نفسه من ‏تكرار ندائه :‏
يمّا ... كيفك يمّا ... مالك يمّا ... جاوبيني اش في يمّا ‏
وكانت هي تختنق بالنشيج وتظل عاجزة عن اخباره بأنها أخته .. وأن أمه .............. ماتت !!!‏

احصائيات :‏
على اعتبار أن تهمة " وهن نفسية الأمة " هي التي اعتمدتها محكمة الجنايات بدمشق لتجريم قياديي " اعلان ‏دمشق " وعلى اعتبار ان " الأمة " هنا غير مفهوم ما المقصود بها وهل يقصد الأمة السورية أم العربية أم ‏الاسلامية حسب نقد جاء به ياسين الحالج صالح فانني سأورد لكم احصاءات ومفارقات فريدة تدلل كلها على ‏وهن نفسية العائلة السورية :‏

عائلة البني : ‏

ابراهيم الأخ الأكبر أكرم كاتب وصحافي وزوجته روزيت ، أنور محام ، سحرمهندسة مدنية وزوجها مصطفى ‏خليفة مؤلف رواية " القوقعة " والتي تتحدث عن فظائع سجن تدمر كلهم تقريبا كانوا في المعتقل ، مجموع ‏ما أمضوه في السجن يتجاوز الستين عاما .‏

عائلة الحاج صالح : ‏

ياسين اعتقل وعمره تسع عشرة سنة طالب في السنة الثالثة في كلية الطب البشري ، خالد مهندس زراعي ، ‏مصطفى قاص ، مجموع ما أمضاه الثلاثة يقترب من الثلاثين عام في السجن ، اضافة الى الأخ الأكبر محمد ‏وهو قاص وروائي نفد بجلده من الاعتقال يعيش حاليا في النروج ، توفيت أمهم وهي تمني النفس رؤية ‏أولادها الثلاثة لكن أمنيتها لم تتحقق .‏

عائلة عاشور : ‏

أسامة عاشور عضو المجلس الوطني لاعلان دمشق اعتقل سابقا لمدة خمسة عشر عاما ، في نفس تلك الفترة ‏كان أخاه وأخته في المعتقل، غير معروف لدي مجموع ما أمضته هذه الأسرة في السجن .‏

غير هذه، هناك عائلات يصنفها النظام على انها اسلامية منها من مات في المعتقل ومنها يتوازع أفرادها ‏جهات الأرض الأربع ، بعض من أفراد هذه العائلات مفقود ولا يعرف هل هو حي أم ميت ، حتى السجلات ‏المدنية والعقارية فالفوضى هي سيدة الموقف فيما خص اقرار الوفاة أم لا ، كذلك قضايا الارث وما شابه . ‏
بالنسبة الى جزء مهم وأصيل من الشعب السوري وأقصد الأكراد تجد مفارقات لاتعد ولا تحصى فضمن العائلة ‏الواحدة تجد من يحمل بطاقة الهوية السورية وشقيقه أو شقيقته لا يحملان تلك الهوية وتقارير منظمات حقوق ‏الانسان في سورية مليئة بتلك الأعاجيب .‏
اذا كان المشرع السوري يقصد بمعاقبة من يحاول " وهن نفسية الأمة "- وهي تهمة "ستاندر" يتم توجيها ‏لكل معارض - حماية هذه " الأمة " من كل متسلل أو دخيل يحاول العبث بقيمها وتماسكها فالسؤال الذي ‏يطرح نفسه هنا من يوهن نفسية من ومن يحاكم من ؟؟ إذا ما نظرنا في المقابل إلى قصص الفساد والاستزلام ‏وخطف الدولة ونهب المال العام وكل التردي الاقتصادي والسياسي ونظرنا إلى فساد القضاء وانحطاط التعليم .. ‏الخ الخ الخ .‏

أعزائي الحضور أشكر لكم حسن اهتمامك وأتمنى أن نلتقي في مناخات أفضل .‏

‏ استفادت هذه المداخلة من مقال للكاتبة السورية رزان زيتونة بعنوان " يوم في قصر العدل ".‏‎*‎
أيضا من تقرير بعنوان " دروب ما بعد المعتقل " من اعداد الدكتور حسام السعد والمحامية رزان زيتونة .‏‎ ‎‏ ‏
‏** فيما يتعلق بالجزء الثاني تم الغاءه لضيق الوقت .‏










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام إسرائيلى: إسرائيل أعطت الوسطاء المصريين الضوء الأخضر ل


.. كل يوم - خالد أبو بكر ينتقد تصريحات متحدثة البيت الأبيض عن د




.. خالد أبو بكر يعلق على اعتقال السلطات الأمريكية لـ 500 طالب ج


.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان تنديدا بالحرب الإسرائيلية




.. الأمم المتحدة تحذر من التصعيد في مدينة الفاشر في شمال دارفور