الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعض نماذج التهريج والوقاحة والنفاق السياسي الصارخ

أحمد الناصري

2008 / 11 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أسلوب النقاش والجدل والتهريج والتهويش والضغط السياسي والنفسي الجاري في بغداد لفرض وتمرير الاتفاقية، يمثل أعلى درجات الوقاحة والدجل والاستهتار والصفاقة والنفاق السياسي والخفة والتلون والخنوع، وهي صفات شائنة وذميمة، من بين صفات كثيرة أخرى، يمارسها ويتصف بها السياسي الرخيص والانتهازي، أي السياسي الفاشل والعاجز والمنبوذ، وهي صفات ملازمة له، في كل سلوكه وتحركاته، باعتبارها معيار لقيمه الهابطة. وينطبق ذلك التوصيف على سكان
معزل المنطقة الخضراء تماماً، ومن يشارك في العملية السياسية الأمريكية، وكل من يدافع عن الاحتلال وخطواته التي فرضها على شعبنا ووطننا بالقوة العسكرية الغاشمة، والتي تجسد آخرها في محاولات تبرير وتمرير اتفاقية العار، بكافة الأساليب الرخيصة وغير الشريفة، وتجميع وشراء الذمم، وبواسطة الإرهاب السياسي والفكري والجسدي. كما تمتلك وتشترك بهذه الصفات والمواصفات، أية سلطة استبدادية، حتى لو كانت كارتونية وتافهة. وكل من لا يمتلك قيم وطنية وإنسانية، لا يخجل من هذا السلوك، ومن هذه الصفات المشينة، لأنه لا يسمع ولا يكترث لرأي ومصالح وحقوق الناس.
لقد بدء النفاق السياسي والتكاذب وتبديل المواقف الوطنية بأخرى غير وطنية، وتعديل المصطلحات واللغة الإعلامية ومنطوق البيانات والتصريحات واللعب بالألفاظ، الى جانب تغيير التحالفات والعلاقات الخارجية والداخلية، قبل الحرب والاحتلال بفترة طويلة، وتبلور هذا السلوك بشكل نهائي، منذ تشكيل المؤتمر الوطني، في المطابخ الأمريكية، ككيان هجين ومشوه، اختلطت فيه السياسة بالمال الحرام ( المسروق) وبالتجسس والتكليف الخارجي، والإعلام الرخيص، ودورات الإعداد والتحضير المتنوعة، واعتبار إن العامل الخارجي عامل رئيسي في التغيير المنتظر. ثم تطور ذلك المفهوم الخاطيء والخطير، الى انتظار التغيير من الخارج، والاعتماد الكلي عليه، ( بحجة عدم وجود أمكانية تغيير داخلي، وهذا يحمل اعتراف علني بالعجز )، بواسطة الحرب، حتى لو كانت حرب مفروضة ومرفوضة من قبل البعض، قولاً لا فعلاً. وما دامها مفروضة ولا نستطيع ردها، فعلينا استغلالها والاستفادة من نتائجها، ولأنها قد أصبحت واقعاً أيضاً. هكذا كانوا يقولون، وهكذا جرى ويجري التدوير والتصدير واللعب على العقول والمفاهيم، ضمن سيل مفاهيم تتحدث بلجاجة وإفراط عن العقلانية والواقعية والديمقراطية، التي هبطت عليهم بشكل مفاجئ وطارئ، بالارتباط مع العولمة، والادعاء بانتهاء مفهوم الدولة الوطنية، وظهور رأسمالية إنسانية تتمثل بالنموذج الأمريكي، مع تزايد وتصاعد حمى عدوى موجة الليبرالية الجديدة التي أصيب بها البعض، أو كعقار خبيث وزع في أورقة مؤتمرات صلاح الدين وفينا ولندن، وفي اللقاءات السرية العديدة التي عقدت قبل وبعد الاحتلال.
إن ما جرى من مقدمات وممارسات ومواقف لاحقة، يعد فضيحة سياسية وأخلاقية للعقل السياسي اللاوطني السائد في أوساط المشاركين في العملية السياسية الأمريكية، وتعبير عن الركاكة والتشوه في هذه الأوساط، وإعلان عجز وفشل تامين.
لقد أيدوا أو صمتوا (عن) جريمة الحرب وغزو بلادنا، وصمتوا عن العمليات العسكرية الشاملة والحرب التدميرية الرهيبة المستمرة ضد شعبنا، المحاصر بين نارين، واستخدام أسلحة الدمار الشامل، وعمليات القتل الجماعي والاعتقالات الكيفية والتعذيب، وفرض المشروع الطائفي بكل تفاصيله القبيحة والخطيرة. لأنهم عقدوا صفقة مشينة، ودخلوا في مشاركة مشبوهة، وكانوا ينتظرون النتائج، ليتسللوا وراء الدبابات الأمريكية، ثم يراهنوا على ضعف الذاكرة الجماعية للناس، أو عبر تسويق نموذج سياسي ديمقراطي مزعوم، يوفر رفاه اقتصادي سريع وشامل، يخفي ويخفف قضية وجود الاحتلال، مع ضجيج وأباطيل دينية وطائفية وقومية. وقد تبخرت هذه الدعاوى وذهبت أدراج الريح، بسبب الخلل البنيوي، في مشروع الاحتلال، والخلل في شكل وعقل إدارة الاحتلال والإدارة التابعة له، مع الفشل الإعلامي المريع في الدعاية لمشروعهم المتداعي، وتركيزهم على القوة في كيفية فرض السيطرة الميدانية، بالأساليب والطرق الهمجية، والاهتمام بمكاسب ومناصب السلطة والنهب والفساد والامتيازات والمحاصصة. فقد فشلوا في توفير الخدمات الأساسية البسيطة، والتي تحولت الى حلم بعيد المنال، ولم يهتموا حتى في تبرير ذلك. أن المشكلة الجوهرية، والتي لا يمكن حلها وتجاوزها تكمن في تعارض مصالح وخطط الاحتلال مع المصالح الوطنية، حيث إن ما بني على باطل فهو باطل.
ضمن هذا المنطق المفكك والبائس، كان المشهد يجري ويفبرك، فقد دافعوا عن مجلس الحكم وقالوا أنه خطوة على طريق تحقيق السيادة الوطنية، وزادوا وزايدوا وادعوا بأنه أداة للصراع والنضال للتخلص من الاحتلال. تصوروا الدجل والصفاقة والجبن العلني. ثم أدعوا تحقيق الاستقلال الكامل مع انسحاب بريمر مباشرة، ورغم بقاء كل جيوش الاحتلال وشركات المرتزقة وعشرات الأجهزة السرية. لكنهم أسموها قوات التحالف أو القوات متعددة الجنسيات أو القوات الأجنبية، ولم يسموها قوات احتلال، في محاولة فاشلة لتلطيف المسمى، والتخفيف من قبحه وبشاعته، أو تسميتها قوات التحرير حسب المجمع السياسي الكردي، وبقايا أيتام وأطفال الاحتلال، مثل أياد علاوي أحمد الجلبي المنسي اليوم.
لقد صدعوا رؤوسنا بتحقيق الاستقلال والسيادة الوطنية المزعومة، وبناء العراق الديمقراطي الجديد، ( حتى لو كان طائفياً تقوده مرجعيات رشيدة وغير رشيدة نحو المجهول ) لكن فجأة ومن دون مقدمات استدار المدافعون عن الاتفاقية العسكرية، وبدءوا يتحدثون عن ضرورة توقيع الاتفاقية لتحقيق الاستقلال واستعادة السيادة الوطنية والتخلص من الاحتلال، وقد اكتشفوا أو كشفوا عن كل ما هو معروف سابقاً،( أذن أين كنتم؟؟ وماذا أنتم فاعلون بعد أن اكتشفتم وجود الاحتلال؟؟ ) لكن ليستخدموا ذلك لصالح الاحتلال وليس لصالح الوطن مرة أخرى. وتصوروا ضمن حالة الهذيان واللغو الفارغ وفقدان الوزن، إن احتلالا ديمقراطياً وحضارياً يفرض على نفسه اتفاقية لإذابته وطرده وإنهاءه!! وقالوا إن جيش الاحتلال والسفير الأمريكي وطاقم السفارة والمخابرات المركزية الأمريكية والدوائر العسكرية، هو الذي يقود كل شيء في بلادنا، ومؤسسات الاحتلال هي التي كتبت ومررت الدستور، وحددت شكل ونتائج الانتخابات، وتشرف على الانتخابات المحلية الجديدة، وتدير الملف العسكري والأمني وتشرف على استخراج وتصدير النفط، وتدير ملف الثقافة والإعلام والاقتصاد والخدمات والزراعة وتسيير الأمور الدينية وقضايا الوقف الطائفي، وتعيين الوزراء والمسؤولين، ويوجد لديها مشرف ومستشار أمريكي في كل وزارة، والمخابرات الأمريكية تتنصت وتتجسس على المالكي وعلى الجميع، داخل المنطقة الخضراء وخارجها، وتسجل مكالماتهم وأحاديثهم الحميمة مع زوجاتهم وعشيقاتهم، وربما تنشر صور وأسرار مذهلة في هذا المجال الحيوي، والاحتلال يمنع تسليح الجيش والشرطة المحلية، مع التهديد الأمريكي المباشر بالويل والثبور وعظائم الأمور والعواقب الوخيمة، في حال عدم توقيع الاتفاقية، كما هدد رئيس أركان الجيش الأمريكي. والتهديد على لسان الأحزاب الكردية بمصادرة الأموال العراقية المجمدة في أمريكا. لماذا مجمدة الى الآن؟؟ والتهديد بالإبقاء تحت البند السابع؟؟ لماذا يبقى العراق المحتل تحت البند السابع الى الآن؟؟ وهل العراق الآن، يهدد أحد أو يشكل خطر على الأمن العالمي؟؟ إذن أين ذهب الكلام السابق؟؟ وماذا تبدل في واقع الاحتلال منذ قيامه الى اليوم؟؟ وأين هي الوعود بالمساعدات الأمريكية المفتوحة، ومساعدة ما سمي بالدول المانحة، على طريقة برنامج مارشال وإعادة بناء ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية وربما ( إسرائيل)، وأمريكا غارقة في أزمة مالية كونية، تبدو بلا قرار ولا قاع؟؟ وهم الآن يهددون بالسطو على أموالنا الوطنية التي لا تزال مجمدة لديهم بدون سبب، ومن غير مسوغ قانوني، يسمح لهم باستمرار التجميد.
المالكي بدا متهافت وسطحي وغير متمرس، وهو يشرح ويصرح ويهدد بالمستقبل الغامض وخسارة وضياع كل شيء، في حالة عدم توقيع الاتفاقية، خوفاً على وجوده وموقعه ومستقبله الوظيفي، وهو ما لم يفعله نوري السعيد ولا فاضل الجمالي، أثناء مواجهة نفس الظروف من قبل بريطانيا. وما يسمى بوزير الدفاع مذعور ويهدد بإعلان حالة الطوارئ، طوارئ ضد من؟؟ وكذلك حال سكان معزل المنطقة الخضراء، فهم في حيص بيص من أمرهم، فقد ترفض اتفاقية العار ولا تمرر، وتصبح أمورهم وأحوالهم في مهب الريح، كأمر منطقي ونهاية منطقية لكارثة الاحتلال، ولسير الأحداث الجارية في بلادنا. وربما لاحت وتلوح على أطيافهم المرتبكة والمشوشة، صورة طائرة الهليكوبتر الشهيرة، على سطح السفارة الأمريكية في سابغون.
الصفقات وعمليات الابتزاز والتهديد والرشوة والشراء والتحشيد والكسب والفضائح العلنية مستمرة ليل نهار في الكواليس والمخابئ وبيوت المرجعيات الطائفية والسفارة الأمريكية ومكاتب المخابرات الدولية ونادي الصيد والنوادي السرية الجديدة والصحف الموالية للاحتلال، بما فيها الصباح والمدى وبيوت ال.... ومقرات الأحزاب المنقرضة وبارات ومقاصف بيوت المسؤولين المحصنة والمحروسة من قبل شركات الاحتلال، بالكلاب والكاميرات، لضمان التصويت لصالح اتفاقية العار. لكنهم ربما يفشلون، فقد دعوا وصلوا صلاة الانتخابات كي يفوز ماكين، ولكي يستمر احتلال العراق لمدة 100 عام فقط، كما صرح أمام بوش، لكنه انهزم وفشل وذهب الى النسيان والعزلة، فتملقوا ونافقوا أوباما، وأسهبوا في شرح صفاته الكثيرة والنادرة، كأنه رئيس عربي مخلد، سوف يغدق عليهم بالعطايا، أو كأنه جنس نادر سقط علينا من كوكب مجهول وليس من أمريكا المعروفة من قبل الجميع، والاتفاقية العسكرية في أحسن أحوالها تؤمن الاحتلال لمدة 50 عام، أي حتى نضوب آخر قطرة من النفط العراقي وقبله بسنوات نفط الخليج.
هل تحرر العراق أو مصر كأمثلة بارزة وأساسية في منطقتنا خلال عقود، بعد فشل وسقوط الثورات الوطنية والقومية عام 52 و58؟؟ وكيف كانت النتائج في كلا البلدين؟؟ وأين وصل مشروع النهضة في عموم البلدان العربية؟؟ وهل انتهت وتوقفت نماذج التبعية تلقائياً، في منطقة الخليج وباقي البلدان العربية ودول كثيرة تابعة حول العالم، أم تعمقت التبعية والهيمنة الخارجية، الى أبعد الدرجات وأخطر الأشكال؟؟
في أزمة بلادنا الرهيبة والمستعصية، والتي تبدو إنها طويلة وعميقة، سوف لن تنفع معها مفاتيح الجنة ولا صكوك الغفران ولا تعاويذ وأدعية وأحراز وحرمل الدجل والنفاق الديني و(اليساري) واليميني والقومي الضيق والمقرف، ولن تنقع القائمة السوداء للمدافعين والمنافحين عن الاتفاقية، مهما طالت أو عرضت. فالكل في زورق غير شرعي يقوده الاحتلال الى التهلكة. والأزمة الحقيقية والأخيرة ليست في التوقيع أو الرفض، رغم خطورة التوقيع، إنما في جوهر مشروع الاحتلال الباطل والعاطل. وسوف تكنس الأحداث والتطورات العاصفة في بلادنا، كل التبريرات والشروحات والمتون، وتذهب بها أدراج الريح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: ما الغاية من زيارة مساعدة وزير الدفاع الأمريكي تزامن


.. روسيا تنفي ما تردّد عن وجود طائرات مقاتلة روسية بمطار جربة ا




.. موريتانيا: 7 مرشحين يتنافسون في الرئاسيات والمجلس الدستوري ي


.. قلق أمريكي إيطالي من هبوط طائرات عسكرية روسية في جربة التونس




.. وفاة إبراهيم رئيسي تطلق العنان لنظريات المؤامرة • فرانس 24 /