الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وكالة أنباء حكومية في كردستان العراقية لماذا تلغى في ( المركز) وتؤسس في ( الاقليم ) ؟

ليث الحمداني
(Laith AL Hamdani)

2008 / 11 / 28
الصحافة والاعلام


شهدت المرحلة التي سبقت أحتلال العراق حملة مركزة على الاعلاميين والصحفيين العراقيين المحترفين وصلت ما يمكن تسميته محاولة تكوين ( رأي عام ) معاد لكل اولئك الذين أفنوا أعمارهم في خدمة المهنة الصحفية بذريعة أن كل الصحفيين العراقيين (بعثيون) و( صداميون) وقد بلغت الاستهانة بالكفاءآت المهنية الصحفية العراقية الى درجة قيام أحد أطراف تلك الحملة بالتصريح ( بأنه وفريقه سيعيدون تأهيل الصحفيين العراقيين ) (1) وتناسى هو ومن معه أن الصحافة العراقية وألمؤسسات الاعلامية لم تكن من ( صنع البعث ) وتحديدا ( وكالة الانباء العراقية ) و(المؤسسة العامة للاذاعة والتلفزيون ) و( جريدة الجمهورية ) التي سبقت مجيئه للسلطة بسنوات ، بل ان حزب البعث نفسه حين وصل للسلطة أستعان بصحفيين محترفين لاصدار جريدته المركزية ( الثورة) كان من ابرزهم الراحلان يوسف متي ( أبو زيدون) الماركسي القديم الذي لم يتخلى عن أفكاره وعبداللطيف حبيب المحترف الذي بدأ في الاربعينات والذي لم يكن له اية علاقة بحزب البعث وعزيز سباهي ( امد الله في عمره ) الماركسي الملتزم الذي لم يغير مواقفه السياسية في حياته كلها
وضع هؤلاء وغيرهم ممن تغيب اسماؤهم عن الذاكرة الاسس التي بنيت عليها الجريدة من الناحية المهنية في سنوات صدورها الاولى وتركوا للبعث وضع سياساتها ، ولم ينفرد البعث بهذا فالديمقراطي الكردستاني حين اصدر جريدته ( التآخي) للمرة الاولى في بغداد وترأس تحريرها سيد صالح اليوسفي أستعان هو الاخر بمهنيين لاعلاقة لهم بالحزب اذكر منهم رسمي العامل وفائق بطي وشاكر علي التكريتي وسعيد الربيعي وفاروق العاني وحسب الله يحيي وآخرين ، وفعل الشيء ذاته جلال الطالباني حين اصدر وتياره الذي انشق على الملا مصطفى جريدته ( النور ) التي تراس تحريرها حلمي شريف فقد استعان بمحترفين اذكر منهم منير رزوق ورشيد علي كرم وسليم طه التكريتي ونصير النهر وحسام الصفار ومجيد الخالدي واسماء اخرى .
حين جاء الاحتلال ومنظروه واعوانه اتخذ الحاكم الامريكي بول بريمر قراره التعسفي الشهير الذي الغى بموجبه المؤسسات الاعلامية العراقية وشرد العاملين فيها في اول عقوبة جماعية تطال اعلاميين بهذا العدد في التاريخ الحديث ، وبدأ ان كل شيء مخطط له تماما .... دمرت المؤسسات العريقة ( الاذاعة والتلفزيون) و(وكالة الانباء العراقية) وجريدة ( الجمهورية) ونهبت ارشيفاتها التي تمتد لعشرات السنين والتي تعد ثروة اعلامية لاتقدر بثمن (2) ، في نفس الوقت كانت تتخذ اجراءآت لاصدار جريدة يومية ولاعادة التلفزيون العراقي للحياة حيث وقع اول عقد بقيمة 96 مليون دور مع شركة امريكية مسجلة في فلوريدا اسمها (شركة هاريس) وشركة كويتية اسمها ( الفوارس) مملوكة لعراقيين كما قيل وشركة التلفزيون اللبنانية ( ال بي سي) وقد تبع العقد الاول عقدين اضافيين قيمتهما كما نشر في حينه 165 مليون دولار (3)، والذي يتابع الجريدة اليومية العراقية يرى انها صدرت بكفاءآت صحفية محترفة كانت تعمل في صحافة ماقبل الاحتلال !! اما ( التلفزيون) الذي استعانوا له بخبرات فلم نرى اي اثر مهني على برامجه الساذجة التي تذكرنا باعمال الهواة ، واذكر هنا انني كتبت مستهجنا القرار البريمري الجائر فشتمني البعض واتهمني بالرغبة في اعادة الاعلام الى (حضن الدولة) رغم انني كنت وفي كل ماكتبته عن المهنة الصحفية خلال سنوات عمري المهني اقول ان التاميم الذي جرى في الستينات اعاد الصحافة سنوات الى الوراء ، المهم ان الاعلام (الجديد) ممول هو الاخر من الحكومة والهيئة المشرفة عليه تعينها الحكومة فلماذا دمرت المؤسسات الاعلامية الحكومية اذن ؟
الذي اعاد الموضوع الى الواجهة قيام السيد نيجير فان البارزاني رئيس وزراء ( اقليم كردستان) العراقي منذ ايام بافتتاح وكالة انباء رسمية باسم ( وكالة آكانيوز) * قال بانها ستبث باللهجات الكردية المحلية وبلغات اخرى منها العربية ، وانتظرت يوما واثنين لاارى ردود الفعل عند ( فرسان الديمقراطية الجديدة ) الذين قالوا ان ( الانظمة الديمقراطية) لاتمتلك وكالات انباء رسمية يوم برروا الغاء ( وكالة الانباء العراقية) ولكنهم صمتوا جميعا صمت القبور لانهم يدركون جيدا ان طروحاتهم كانت مجرد اكاذيب تروج لمشاريع الاحتلال والسؤآل الان هل ماتسمونه ( حريةاعلامية) ينطبق على ( المركز) ولاينطبق على (الاقليم) ام ان في الاقليم ديمقراطيه منزهة وتسمح له بمؤسسات اعلامية رسمية ؟ ام ان وراء الاكمة ماوراءها ؟ وان النزف المالي يجب ان يستمر بطريقة لاتتضمن ( التدقيق والتمحيص) ولااريد ان اقول الشفافية فالكلمة باتت على السنة ( قادة) العراق الجيد بلامعنى .....
اقول رغم كل ماجرى ويجري فأن الذاكرة المهنية الصحفية تابى ان تنسى وكالة الانباء العراقية التي خرجت المئات من الكفاءآت المهنية وهاهو زميلي سيف الدين الدوري يكتب في مطلع هذا الشهر ( في ذكرى تاسيس الوكالة) مقالة في جريدة (الزمان) (4) يصحح فيها المعلومات التي تدرجها موسوعة ( ويكيبيديا) عن تاريخ تاسيس الوكالة ليوكد بانها تاسست عام 1959 وليس عام 1965 كما تذكر الموسوعة، وليستعرض فيها وبشكل ممتع اسماء الكفاءات المهنية التي لايمكن للذاكرة الصحفية العراقية ان تنساها او تغمط حقها .
محنة الصحافة العراقية والاعلام العراقي كانت وستظل في قصور الرؤية الذي يحيط بالسلطات الحاكمة ( وطنية) كانت ام (محتلة) فالجميع يبدأ بالغاء المؤسسات والعودة الى الصفر متجاهلا ان المؤسسات الاعلامية المعمرة هي مدارس للتواصل بين الاجيال الصحفية وان المهنة الصحفية تعتمد على تراكم الخبرة مثلها مثل مهنة الطب والهندسة فمتى تنتهي هذه المحنة (5). التي تنعكس سلبا على الكفاءآت المهنية الصحفية العراقية
تبقى قضية المؤسسات الاعلامية العراقية القائمة واوضاعها فلنا عودة لها باذن الله .
• صحفي عراقي وعضو سابق في مجلس نقابة الصحفيين العراقيين
هوامش


*اربيل – د.ب.أ – افتتح رئيس حكومة كردستان العراق نيجيرفان بارزاني في اربيل، عاصمة الاقليم، وكالة كردستان للانباء (آكانيوز)، وهي اول وكالة انباء رسمية في الاقليم. وقال بارزاني ان تأسيس الوكالة (التي تبث باللغات الكردية بلهجتيها الشمالية والجنوبية، بالاضافة الى العربية والتركية والفارسية والانكليزية) جاء لدعم وسائل الاعلام المختلفة في الاقليم، حيث وضعت في اولويتها المهنية والحياد في نقل الاخبار وبثها، وكذلك تعريف العالم بالتطورات والاحداث التي تحدث في الاقليم عقب سنوات طويلة من غياب وكالة ابناء مستقلة ومهنية. وأكد ان وجود وكالة انباء مستقلة في الاقليم مكمل للحياة الديموقراطية.
(1) فشل احد ابرز الذين تمشدقوا ايام ماكان يسمى بالمعارضة العراقية بأنهم عائدون لتأهيل الصحفيين العراقيين باصدار مطبوعاته ب ( العائدين) معه فاضطر للاستعانة بالمهنيين المحترفين لاصدارها وعمل هؤلاء معه تحت ضغط الحاجة بعد ان فقدوا مصدر عيشهم حين الغيت مؤسساتهم
(2) بالاضافة الى نهب المؤسسات الطباعية ومعداتها الحديثة نهب الارشيف الفلمي السياسي والتوثيقي والاعمال الفنية الرائعة لرواد المسرح والسينما في العراق والمسجلة منذ بدأ تلفزيون بغداد بالتسجيل بالاسود والابيض كما نهبت من ارشيف مؤسسة السينما الافلام العراقية الهامة التي تؤرخ لصناعة السينما في العراق وابرزها ( سعيد أفندي) للفنان الكبيريوسف العاني ويتحمل كامل المسوؤلية في ذلك الاحتلال ومن روج قبل الاحتلال لعملية الالغاء.
(3) اشارت لذلك مقالة كتبها في حينه السيد اياد صبري على موقع ( كتابات)
(4) نص مقالة الزميل سيف الدوري يمكن العودة لها في ارشيف جريدة ( الزمان) وهي بعنوان (في ذكرى تأسيسها في 9/11/1959) وكالة الانباء العراقية من أحمد قطان الى أحمد سكران .

(5) لعبة الالغاء والتوقيف بالنسبة للصحف استمرت منذ الاربعينات وتجسدت فيما بعد ففي 14 تموز الغيت صحف معمرة منها ( الشعب) ليحيي قاسم وشقيقتها ( الاسبوع) ويستطيع الدارس ان يطلع على مدى تطور هذه المطبوعات مهنيا اذا مابقي شيء من آثارها في مكتبة المتحف العراقي التي نهبت هي ايضا كذلك الغيت اعرق واهم مجلة ساخرة في تاريخ الصحافة العراقية ( قرندل) وفي الستينات اوقف النظام الجمهوري صحيفة ( اليقظة) لسلمان الصفواني وهي من الصحف الهامة ايضا ، في انقلاب شباط 1963 الغيت الصحف المعمرة التي كانت بمثابة مدارس مهنية تخرجت منها الكوادر المهنية وابرزها ( البلاد ) التي اسسها الصحفي الرائد روفائيل بطي وتولى ورثته اصدرها ومنها تخرج فائق بطي وابراهيم اسماعيل وشاكر اسماعيل ومنير رزوق وسعود الناصري وسلوى زكو والعشرات ممن تغيب اسماؤهم عن ذاكرتي ، وفي عملية التاميم الغيت ( المنار) التي اصدرها النقيب عزيز بركات وضمت في صفوفها كوادر مهنية بارزة منها عبدالله الخياط و محمد كامل عارف ورشيد الرماحي وكوكبة من خيرة المهنيين المحترفين كل هذا اسهم بتدمير العمل المؤسساتي وقطع التواصل بين الاجيال الصحفية وجاء الاحتلال ليلغي وكالة الانباء ومؤسسة الاذاعة و جريدة ( الجمهورية ) ضمن المسلسل نفسه ولكن بطريقة اجرامية اكثر بشاعة وغدرا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البريك العنابي.. طبق شعبي من رموز مدينة عنَّابة الجزائرية |


.. بايدن يعلن عن خطة إسرائيلية في إطار المساعي الأميركية لوقف ا




.. ارتفاع حصيلة الضحايا الفلسطينيين إثر العمليات الإسرائيلية في


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات بالمحافظة الوسطى بقطاع غزة




.. توسيع عمليات القصف الإسرائيلي على مناطق مختلفة برفح