الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عصيد و حصيلة المعهد من منظور الدجل السياسي

عبد الله بادو
(Abdollah Badou)

2008 / 11 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


عضو المكتب التنفيذي للشبكة الأمازيغية من جل المواطنة

في مقال نشر بالجريدة الأولى عدد143 صفحة 18 تحت عنوان: حول حصيلة ’’ليركام’’ في برنامج ’’تيارات’’، لم يتوانى الأستاذ عصيد كعادته، الذي احترف على ما يبدو أن ينصب نفسه محاميا عن الخيارات السياسات الرسمية للدولة المغربية تجاه الأمازيغية خاصة منذ إلحاقه بمجلس إدارة المعهد و للأمر ما يبرره طبعا، فسخاء التعويضات عن الأعباء و المهام يستحق عناء الكتابة ، و ما الهجمة الأخيرة على الأستاذ ارحموش و الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة إلا حلقة من حملته المسعورة التي يقودها ضد كل الإطارات الأمازيغية المنتقدة للسياسات الرسمية المجحفة و المستمرة في تنكرها للأمازيغية و المتجاهلة لمطالبها المشروعة، و نتساءل في الآن ذاته لماذا يجف قلمه و لسانه السليط يكف عن الكلام كلما تعلق الأمر بالمسؤولين الحقيقيين عن ما آلت إليه أوضاع الأمازيغية و هو نفس ما أقدم عليه عميد المعهد عندما وجه إليه مقدم البرنامج و لمرات سؤالا عن من يقف أمام مسيرة إدماج الأمازيغية و يعرقل عمل المعهد فناور بشكل مكشوف عن الإجابة، و لم يقدم إجابات شافية و دقيقة إلا عن حال المشتغلين عن المعهد و عريهم من الجرأة السياسية الضرورية لمواجهة الأوضاع العويصة التي يعيشها المعهد ، و بالمقابل فبوكوس في البرنامج و عصيد في مقاله أبانا عن سلاطة لسان تجاه نشطاء الحركة الأمازيغية و جرأة غير مسبوقة فلم يتردد في وصف، و بلغة التجريم الممخزنة المعهودة، أرحموش و الشبكة بالمعارضة الراديكالية و يضعهم في مرتبة واحدة الى جانب القوميين العروبيين المناوئين للأمازيغية ، و نحن نعي بالطبع مراده من ذلك، أي أن الشبكة كجمعية ديمقراطية مستقلة ذات خطاب مغال و طوباوي و يفتقد الموضوعية، مع علمه المسبق بأن العمل المدني إجمالا و طبيعة آليات اشتغاله و حدودها ينخرط في النضال الديمقراطي.
إن تقييم عصيد للبرنامج لم يكن موضوعيا بالبث و المطلق، بالنظر الى عدة معطيات فكيف يستقيم النقد أو التقييم دون الأخذ بعين الاعتبار كل ما راج من كلام في الحلقة المذكورة من برنامج تيارات و كذا المعطيات الميدانية للتعثر الحاصل في مسلسل إدماج الأمازيغية ( التعليم، الإعلام، الإدارة...الخ) الى جانب إخفاق المعهد في أداء مهامه رغم محدوديتها، و لماذا استهدفت انتقاداته تدخلات أرحموش و غض الطرف عن ما جاء في تصريحات عميد المعهد في إطار تقييمه لعمل المعهد رغم تضمنها مجموعة من المغالطات، و التي هو نفسه عبر عنها في مقالات سابقة له حول حصيلة الأمازيغية و المعهد، و لماذا لم يؤاخذ و لو من باب العتاب الأخوي بوكوس على الصفعة القوية التي وجهها للحركة الأمازيغية و باقي الأطراف و الفعاليات التي ناضلت و لعقود من اجل الأمازيغية، إذ ضرب عرض الحائط نضالات و تضحيات الحركة الأمازيغية بنفيه أن تكون قدمت شيئا يذكر للقضية بحجم ما قدمه معهده و أن لا شيء كان الى أن كان المعهد، و في الآن ينشد أن يقيم شراكات معهم، فعن أي شراكة يتحدث و كيف يمكن أن تنشأ شركة بين أطراف تفتقد للثقة و الاحترام المتبادل و لا يؤمنون بالعمل المشترك، إن كانت تلك هي العقلية المدبرة للمعهد، أليس ذلك تنكرا لنضالات و تضحيات مناضلي الحركة الأمازيغية على مدى عقود و رغبة أكيدة من اجل إقبار باقي الأصوات المناضلة المنددة بالسياسات الموجهة للمعهد و أسلوب تدبيره، و ذاك ليس بالأمر الغريب و لا الجديد لمن يرأس مؤسسة كل هدفها امتصاص غضب و تحريف مسار الحركة الأمازيغية و هو ما توفقت فيه و لو نسبيا بحكم الشتات الذي سببته في صفوف الحركة.
ففي مستهل حديثه أقر عصيد نفسه بمعقولية ما جاء في تصريحات الأحمدين، بوكوس و أرحموش، لكن لماذا انصرف عن التفصيل و التدقيق في الإشكالات الحقيقية و الجوهرية التي عاقت عمل المعهد الى الحديث عن الجزئيات الهامشية، هل كانت تعوزه الجرأة السياسية لطرحها أم أنها مناورة سياسية للتملص من التطرق الى الإشكال السياسي و المؤسساتي في النهوض بالأمازيغية و الذي أصبح جليا للجميع؟ و هو نفسه نبه الى ذلك في عدة مقالات.
و من غرائب الأمور الرغبة الجامحة التي تسود عصيد لتغليط الرأي العام و تضليله، و ليست هذه المرة الأولى و لن تكون الأخيرة مادام قابعا ضمن مدبري بعض برامج المعهد، إذ في معرض حديثه و انتقاده لأرحموش تحدث عن أخطاء معرفية و عند قراءة المقال لا تجد أثرا لما هو معرفي إذ الحديث كله كان عن التدابير و الإجراءات السياسية المؤطرة لعمل المعهد و التي حالت دون بلوغ أهدافه، و البرنامج لم يكن برنامجا تثقيفيا أو معرفيا بقدر ما هو سياسي، و في الوقت الذي كان فيه الاختلاف بين المحاورين في البرنامج سياسيا بامتياز، أبى عصيد إلا أن يركب على الجانب المعرفي و ينحو بعيدا عن السياسي الشيء الذي له ما يبرره بالطبع فعصيد و موقعه كمسؤول بمؤسسة رسمية، يحد من حريته في الكلام، و يجبره على الدفاع عن الخيارات الرسمية و تسويقها ما أمكن و لو على حساب المبادئ و الأهداف و المطالب المشتركة لعموم مناضلي الحركة الأمازيغية، و محاولته لطمس و قبر النقاش و الجدل السياسي الذي بدأ يتبلور حول دور و وظيفية كل المؤسسات الوسيطة بما فيها المعهد طبعا، ليست بريئة أو عفوية بل تنم عن وعي بدوره و تنفيذ حرفي و باجتهاد ملحوظ لما تمليه عليه مسؤوليته السياسية من داخل المؤسسة الرسمية.
في الحديث عن تدريس الأمازيغية و منذ ميثاق التربية و التكوين لم يرد نص رسمي واحد يتحدث صراحة عن اللغة بل يتم الإشارة إليها بالأمازيغية أو بالتعابير الأمازيغية؟؟ ألا يفصح ذلك عن الموقف الرسمي للدولة المغربية و مؤسساتها في موضوع الأمازيغية؟؟ أ ليس التعثر الميداني لمسلسل الإدماج ترجمة جلية لغياب إرادة حقيقية للاستجابة لمطالب الحركة الأمازيغية؟؟ ا ليس البيان الأخير لجمعية بالمجلس الإداري للمعهد دليل على الأزمة الهيكلية، و اضطرار بعض الجمعيات للقيام بدور المدافعين عن المعهد عم هذا الفشل؟ أليس رفضكم و سكوتكم عن الإدلاء ببيانات حول ماليتكم و مبلغ الدعم السخي الذي تمنحونه لبعض الجمعيات، إلا دليل على تجنبكم للشفافية و الوضوح مع الرأي العام؟ أليس صحيحا أن اغلب أعضاء مجلس إدارة المعهد خلقت جمعيات لنفسها للاستفادة من سخاء المعهد؟ أليست بداخل المجلس الإداري جمعيات ممثلة به تضع طلب الدعم بكتابة المعهد لتلتقي به و لتقرر فيه هي نفسها بأجهزة المعهد؟ أليس وجود ممثلين للحكومة بالمجلس كمساهمين في القرار يشكل خرقا واضحا لمبادئ إعلان باريز؟...
اعتقد انه حتى و لو افترضنا جدلا أن المعهد و السلطة السياسية بالمغرب تجاوزت مواقفها المعلنة في ميثاق التربية و التكوين، لماذا لم ينعكس ذلك على الخطة الاستعجالية للنهوض بالتعليم في المغرب خاصة أنها جاءت لتقوم هفوات الميثاق الاختلالات الكبرى التي يعانيها النظام التعليمي بالمغرب، أ ليس ذلك تعبيرا صريحا لحدود و محدودية تعميق السياسة اللغوية التي يتحدث عنها عصيد و التي جاءت في الظهير المؤسس للمعهد و الذي هو بمثابة النظام الأساسي للمعهد الذي يحدد وظائفه و أهدافه، هذا لا يعني إنكار المجهودات التي بدلت من أجل وضع منهاج اللغة الأمازيغية في التعليم إعداد و تحيين الكتب المدرسية، فالعمل الأكاديمي شيء و السياسة شيء آخر، و هذا ما يعيه جيدا عصيد، فغياب إرادة سياسة حقيقية يجعل المجهود الأكاديمي غير ذي جدوى، و هو ما نتحسسه كفاعلين أمازيغين من خلال معاينتنا الميدانية لواقع تدريس الأمازيغية بالمدرسة العمومية و الاستخفاف الذي تعامل به من المسؤولين القائمين على الشأن التعليمي، إذ رصدنا العديد من الهفوات و الثغرات: عدم احترام و تطبيق المذكرة 130 بشأن تدريس الأمازيغية، غياب دورات تكوينية للأطر التربوية ، عدم تدريس الأمازيغية و غياب المراقبة التربوية، عدم تعميمها بالتعليم الابتدائي ...
و في رده على الانتقادات الموجهة الى الطريقة التي يدبر بها المعهد مسألة تمويل مشاريع و برامج الجمعيات في إطار الشراكة، فيجب استحضار العديد من التساؤلات:
هل المعهد مؤسسة/صندوق مانحة للتمويل و الدعم؟ أم شريك فعلي في المشاريع والبرامج التي تعدها الجمعيات الطالبة للتمويل؟
ما هي الشروط و المعايير المعتمدة من طرف المعهد لمنح الدعم ؟ و ما هي الآليات المؤسساتية التي وضعت للإشراف على العملية؟
هل يتوفر على تصور واضح للتمويل؟ و هل يتوفر على خطة للتتبع و التقييم للتحقق من نجاح البرامج و ضمان شفافية التدبير المالي لتفادي هدر المال العام ؟
و بالعودة الى الشكل الذي تدبر به عملية التمويل ثبت بما لا يترك مجالا للشك أن المعهد لا يتوفر على تصور دقيق لعملية التمويل و لا يتوفر على جهاز متخصص ذي كفاءة في تقييم المشاريع المقترحة من الجمعيات و تتبعها و التحقق من مدى قدرتها على تدبير تلك المشاريع، إن المعهد بذلك مازالت تحكمه المقاربة الإحسانية و الكمية بهدف كسب تأييد طرف الجمعيات الأمازيغية و لهذا نلاحظ أن التقييم يقتصر على ذكر عدد الجمعيات دون طبيعة المشاريع المنجزة و النتائج المحصلة، و هو ما يبرر بروز العديد من الجمعيات المتمزغة كالفطر المقتنصة لفرص الفوز بالدعم السخي الذي يقدمه المعهد دون محاسبة بعدية، إضافة الى استفادة العديد من جمعيات أعضاء مجلس إدارة المعهد من حصص مهمة من الدعم. كما أن غياب أرقام رسمية عن حجم الأموال الموزعة و عدد الجمعيات المستفيدة يطرح تساؤلات عن درجة شفافية تدبير العملية ككل، و نتمنى أن يسهر المعهد على نشر ذلك ليقدم نموذجا على المؤسسة الشفافة المنفتحة على باقي الشركاء. و إذا كان المعهد في سياسته الانفتاحية تجاه فعاليات المجتمع المدني يرى بدا من استمرار تقديم التمويل فالأجدر به أن ينشئ صندوقا خاصا لدعم المبادرات الأمازيغية و يمكنه من الآليات الضرورية للإشراف على مشاريع الجمعيات الرامية الى دعم الجهود من اجل تحسين أوضاع الأمازيغية، مما سيكسبه شفافية أكثر في التدبير و نجاعة التدخل.
أوردنا هذه التوضيحات، من موقعنا كفاعل مدني، بهدف إجلاء الحقيقة و كشف بعضا من الأوهام و الأضاليل التي يسوقها و يروجها عصيد و ثلثة من النخبة الأمازيغية الممخزنة، و فضح بعض التجاوزات و الاخفافات التي طبعت مسار مسلسل إدماج الأمازيغية، بهدف إطلاق حوار وطني على الأمازيغية بعيدا عن الديماغوجية و المصالح الشخصية الضيقة، و ما المعهد إلا جزيئة صغيرة، بغرض إعادة رص الصفوف و تقوية عضد الحركة الأمازيغية لمواجهة التراجعات التي بات يشهدها المشهد الحقوقي عموما و الأمازيغية خصوصا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي