الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أول مرّة/6

خالد درويش

2008 / 11 / 29
الادب والفن



الكتاب، أوّل مرّة
1
بابا، ماما، دادا....
نام فقير في سوق مظلم...
علم بلادي مرفوع..

2
كنت اشتري من حانوت الشبعاني الزيت والخميرة والصابون، الشاي والدفاتر وأقلام الرصاص، المسدسات البلاستيكية وفرّاغات هواء المجاري، سوائل الجلي وفخاخ الطيور، أحجارا لولاعات أبي وحبالا لغسيل أمي، فواكه للضيوف وشناشيل زينة لأختي، ورقا ازرق لتجليد الدفاتر الجديدة وسيجارة Graven A لمدرس الرياضيات...
وكل شيء وكل شيء
دون أن يبادلني الكلام.
ولكنّه، كان كلما اشتريت
من حانوته "جزء عمّ" أو "ربع يس"
يسألني:
هل أنت طاهر!.

3
تنام سندريللا جميلة ومهملة
بين دفتي كتاب ملوّن
ادفنه في وسادتي.

4
في قاعة المطالعة
بالمركز الثقافي بحلب،
بين نظرات فتاة خجولة
ترتدي بلوزة ليلكية
وخشخشة الكتب بين يدي المتصفحين
قرأت مجموعة "دمشق الحرائق"
لزكريا تامر.

5
متكأ بمرفقي على ماكينة الخياطة من نوع "سينجر"
التي اشتراها أبي بعد إلحاح أمي الطويل،
والمركونة تحت نافذة إحدى غرفتي بيتنا في المخيم
قرأت " تلك صورتها وهذا انتحار العاشق "
لمحمود درويش.
لم أفهم الكثير من معاني الديوان
ولكنه أعجبني.

6
أعارني مدرس اللغة الإنكليزية ماهر أبو حطب
كتاب "الإنسان ذلك المجهول" لأليكسيس كاريل
بعد أن حدثني طويلا عن مغازيه وحثني على قراءته.
لم اقرأ الكتاب، رغم نيتي المتكررة وإعجابي بالأستاذ ماهر
الذي مات بصعقة كهربائية
وهو يجفف، مستعجلا قميصه المبلل
بسشوار اشتراه من سوق الخردة،
ومع ذلك؛
كنت أخوض بحماسة في أي نقاش حول الكتاب وكاتبه.

7

على الرصيف المحاذي لسكة الترام
بين جامعة صوفيا
ومقهى "بروليت" المطل على نصب تذكاري
يخلّد كفاح الشيوعيين ضد الإمبريالية،
صممه فنان بلغاري ثمّ فرّ من البلاد للعيش في أمريكا
حدثني صديقي اليوناني بانايوتيس ستاتييانوبوليس بشغف
عن "مائة عام من العزلة" للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز.

8
في سوزوبول
على شاطئ البحر الأسود
قرأت كتاب "خريف الغضب"
لمحمد حسنين هيكل
وأنا أتوقع بين الصفحة والأخرى
إطلالة حبيبتي ايفا
التي ذهبت، بعد شجار ساخن
لتكمل أيام استجمامها مع صديقاتها
في احد المنتجعات المجاورة.

9
كتبت ديوان "الجبل"
الذي صدر عام 1978
في سنتين
شربت خلالها الكثير من النبيذ
وتسكعت في دروب تعجّ بالحراس والمتسولين
استوقفتني نوافذ البيوت في حي الأزبكية عند الفجر
تفوح منها رائحة النوم
وزكمتني أبخرة النشادر
المنبعثة من المباول المرتجلة خلف مقهى الحجاز
آويت من حر الظهيرة إلى المسجد الأموي
ودخلت فنادق فارهة بذريعة البحث عن صديق
ركبت القطارات إلى دير الزور على ضفاف الفرات
وتمتعت بمشهد المراكب في ميناء طرطوس
أكلت كرزا مسروقا من بستان في قرية ميماس
وحشرت في زنزانة ضيقة بسبب الكتابة المشاكسة.
ولكنني كتبت ديوان "الوقائع"
الذي صدر عام 1981
في ليلتين؛
الأولى في دمشق
حين غادرت غانيا إلى بلدتها على شاطئ المتوسط، وتركتني وحيدا في غرفة من التنك على سطح بيت رطب في حي الميدان تسكنه الشياطين وعجوز في التسعين تعيل ولدين معوّقين جاوزا الستين ورفّ حمام مسجون في قفص من نحاس.
والثانية في صوفيا
في بيت تطل شرفاته على الجنة.

رام الله 11/2008








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأهلي هياخد 4 ملايين دولار.. الناقد الرياضي محمد أبو علي: م


.. كلمة أخيرة -الناقد الرياضي محمد أبو علي:جمهور الأهلي فضل 9سا




.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 34.5 مليون جنيه إيرادات


.. … • مونت كارلو الدولية / MCD جوائز مهرجان كان السينمائي 2024




.. … • مونت كارلو الدولية / MCD الفيلم السعودي -نورة- يفوز بتنو