الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة و العنف -الطبعة الثالثة

مريم كنبور

2008 / 11 / 30
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


مريم كنبور كاتبة من المغرب. تنشط في جمعية بالشمال على مقربة من أندلس العصر والتاريخ. سجلت ملاحاظات حول وقفة احتجاجية للمرأة المغربية ضد الحيف الثقيل الذي يكاد يقبر المرأة.
وهي في التظاهرة النضالية إذا بإفرازات المجتمع المنسابة تتفاعل مع الإرادة المساواتية النسائية تطفو من خلال وحول الجموع المتأججة، فكان الوصف التالي لمريم:

تقاطرن كالفراش على" ساحة العدالة" يحملن أحلامهن و انتظاراتهن، ابتساماتهن و معاناتهن . المشاعر الإنسانية النسائية تبدو متمازجة في فضاء رمادي طواه زحف المساء رويدا لتحل محله أضواء الأعمدة المنكسرة على الملامح و القسمات و الزغاريد و التنديدات ....
ساحة العدالة ؟تساءلت الكثيرات ...أين ؟
فكنا نختصر الجواب ؛سينما أبنيدا .ينجلي العبوس عن القسمات فورا و تحل محله بسمة عريضة و إيماءة عميقة الجذور ..كأني أصف خطوط الكف أوتعاريج الزمن الجميل ...
هاذي تطوان وهذا قلبها النابض ؛"ساحة العدالة" الممتدة من قصر العدالة المتاخم لسنيما أبيندا، ثم ينفتح باقي الفضاء مترعا بلا حدود نحو الشوارع الرئيسية والشوارع الخلفية ،نحو البناء المهيكل والبناء العشوائي ،نحو السماسرة وأصحاب الشكاوى و المقاهي المنتشرة كالفطر ،نحو النوادي الرفيعة و المتربصين والمشردين و المحتجين ..وآخرا و ليس أخيرا ..والمحتجات ...
نساء و فتيات من مختلف المثقفات حتى الأميات ،من مختلف الإقامات المترفات حتى الهوامش المهمشة ،من مختلف الجدات حتى الحفيدات ،ومن المواطنات حتى المواطنات ،ومن ذوات الأهلية -وشاء قدر النساء- حتى فاقدات الأهلية والمشردات...
كان شكل الوقفة الإحتجاجية مميزا بامتياز ...
نصف دائرة رسمت من النساء .
ونصف دائرة رسمت من الرجال .
ودون عمد اكتملت الدائرة .
رفعت نساء الجمعية شعارات ولالآت منددات باللامساواة ،و باللإقصاء ،و بالتميبز،و بالتغييب..مطالبات بالحرية ،و بتكافؤ الفرص ،و المواطنة .كان عنفوان المرأة المغربية جليا ..ففكرت تحيل هذه الندف على النساء المغربيات و مقاومة الإستعمار ....و تاريخ مغيب لم يدون ....
أما هي، فمن دون النساء انبعثت من المجهول.. من حيث العتمة ..ومع تأوه العديدات و ضحك العددين ،توسطت الدائرة التي ما انفك نصفها الأنثوي يحتج في إصرار، بينما نصفها الذكوري يتفرج أو يدير كاميرات الهواتف النقالة في الوجوه .جلبابها أسود ...ملابسها تبدو كأنها لم تغير منذ مدة ،تحمل كيسا بلاستيكيا هزيل الزاد تطوحه ذات اليمين و ذات اليسار ...
امراة من دون كل النساء المحتجات تترنح يمينا و شمالا ..ترقص على إيقاع الإحتجاجات ....تارة ترفع عقيرتها و تارة ترفع قبضتها مبرزة الإبهام في إشارة ""ok"و "bravo"و" أنت على حق" ..
امراة تكفي نظرة واحدة إلى وجهها لتختزل فنون العنف و التعنيف ،ونظرة أخرى إلى عينيها لتدرك أنها تعيش عوالمها الخاصة خارج تراتبية الفقر و الغنى والثقافة و الأمية ولا تحفل بهرم" ماسلو" كما رتبه .
امرأة بلا كراس ،بلا زوج ،بلا هوية ،بلا تطبيب ،بلا مال ،بلا أسرة ،بلا ذات ...امرأة في مهب الريح قذف بها شهر نوفمبر لترسو عند شاطئ احتجاجنا النسائي ...تمتمت و رقصت و احتجت و رددت و فجأة اقتربت من زهرة التي كانت تلهب حماس الوقفة الإحتجاجية من خلال المكبر الصوتي .وارتمت في حضنها قي عناق مستميت ...هل دام العناق ثواني أم دقائق أم اختصر عصورا ...خيم صمت قطعته تصفيقات متضامنة من الدائرة بشقيها .. .إنسان أمام مآزق أخيه الإنسان ... كلنا نساء ... نساء و نساء و كم تحتوي نساء نساء ا...رمزية ترسخت في وجدان المتفرجين و المارة الذين كان أغلبهم يبتسمون حال سماعهم موضوع الإحتجاج ...
استمع الجميع للبيان الذي تلته سعاد والذي تضمن مطالب مشروعة و معقولة ..مطالب ستخفف معظم ما تتخبط فيه المراة المغربية من فقر و تهميش وغياب للوعي و استغلال ...مطالب إن وجدت صدى لها ستشكل قفزة نوعية في معالجة قضايا المرأة و المواطنة .
وكما في كل احتجاج كانت هناك البؤرة التي تغلي بتنديدات و لالآت نساء الجمعية ،كان هناك حضور لافت للجمعيات المساندة ذكورا و إيناثا ،كان هناك كذلك المتفرجون المقتربون و المتفرجون من بعيد و المهرولون و المستطلعون ...
كان حظ زميلتي هذا المساء أن يقصدها مواطنون يرومون الخبر اليقين ،فإلى جانب المستطلعين الذين يبتسمون أو يلقون بتعليقات لاذعة عن ضياع حقوق الرجال الذين أصبحوا هم كذلك يحتاجون ليوم عالمي خاصتهم ، انطبعت في ذاكرتي صورة رجل مسن يدب على الأرض دبيبا ،اقترب في هدوء و سأل؛ ما بال النسوة قطعن انفاسهنا احتجاجا ؟فأجبته صديقتي أنهن فقط يطمحن إلى الإنعتاق من التعنيف و الفقر و يطالبن بحقهن في حباة كريمة ،لم يبتسم كما أيقنت . فقط هز رأسه في تفهم و جد ...و خمنت؛ لعل له بيننا حفيدة يتمنى لها كل درر المستقبل ،أو له بيننا ابنة يتمنى لها في أواسط العمر الإستقرار المادي و المعنوي و التأمين الصحي ،أم أيقن وجه الأم المقدس حبن تعطي الأسرة و الأجيال و الوطن بلا حدود .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج اليوم | حقوق المرأة المطلقة عربيا


.. مصر | معاناة مستمرة للمرأة المعيلة بعد الطلاق




.. إحدى الحاضرات منى الحركة


.. مسرحية حياة تروي قصص لبنانيات من مدينة بعلبك




.. سلوى جرادات وهي فلسطينية من رام الله