الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- لن أبقي مملكتي على أعمدة ملوثة- ... -الملكة فيكتوريا-

هفال زاخويي

2008 / 12 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مقولة عظيمة لإمرأة ، حكمت بلدها مع حب شديد واخلاص أشد ، لكنها كانت تعيش قلقاً مستمراً بسبب كون بعض الأعمدة التي كانت مملكتها قائمة عليها ملوثة " على حد تعبيرها"، أعمدة ملوثة تهدد مملكتها بالانهيار ، تلك المملكة العظيمة التي لم تكن الشمس تغيب عن ممتلكاتها ، نعم أعمدة ملوثة ، ان كانت قد بقيت فلم نكن نر عظمة هذه المملكة لحد اليوم ، فبقاء تلك الأعمدة كانت يعني انها تنخر وتتصدأ ولن تكون في يوم من الأيام قادرة على حمل ثقل بريطانيا على قاماتها التي كانت تسمن وتستدير وتتخم ، لكن كل تلك كانت متلازمات مرضية لحالة التلوث الخطيرة ، لقد أدركت هذه المرأة الرائعة ان تلك الأعمدة لن تجدي نفعاً ، بل ان بقاءها خطر جسيم ، لذا لم يكن بد من إطلاق هذه الكلمة ،في عصر امتازت به بريطانيا بظهور طبقة جديدة من المستأثرين والمفسدين في خضم عصر يعد قمة الثورة الصناعية أثناء فترة حكمها الممتدة بين( (1837-1901م ) والذي سمي بالعصر الفيكتوري .
يهمنا العراق بلدنا العزيز ، وسيكون عين العقل لو أخذنا العبرة من التاريخ واستفدنا من تجارب الشعوب والحكام الذين نجحوا في بناء بلدانهم بإخلاص وتفانٍ ، بناء ليس من أجل التبجح والشعارات بل لخدمة الإنسان وحريته ورفاهه وكرامته ، فلنسأل أنفسنا وليسأل القائمون على حكمنا أنفسهم " كم من أعمدة ملوثة يقوم عليها بلدنا"، كم من أعمدة صدئة ستتشقق ليتهاوى في النهاية هذا البلد ، بعد كل ما حصل له ، ويجب أن نعلم بأن عمليات المكيجة وصبغ الأعمدة لتظهر لامعة لن تفيد ، فهي قد تلوثت وتصدأت من الداخل ، وغدا المعدن المكون لها معدناً فقد كل خواصه الطبيعية للمحافظة على نفسه ، ولن تفيد المواد الحافظة أيضاً لتحول دون ترنحها ومن ثم انهيار هذه التجربة العراقية التي جاءت نتيجة دماء ومعاناة الملايين من الضحايا.
لطالما جاء فشل الكثير من التجارب وانهيار الكثير من أنظمة الحكم وتمزق الكثير من البلدان بسبب أمراض من الداخل وليس بسبب ما يشاع من أكاذيب بانها كانت(مؤامرة خارجية)، فأكبر المتآمرين هم (المفسدون الوطنيون) ، لذا لابد ان نمتلك الارادة والتصميم لمحاربة الفساد بشتى أشكاله ، ما يجذب الانتباه في تاريخنا ان الإمام علي بن ابي طالب "كرم" لم تكن له فتوحات ، بل تفرغ لمحاربة المفسدين في الداخل فكانت معاركه على المفسدين من الأمة ولم تكن على بيزنطة وفارس وفي عصره لم تكن هناك مؤامرات (امبريالية) بل كانت الطبقة الجديدة الداخلية تستأثر بكل مقدرات الأمة.
ليست أساليب الترهيب هي الكفيلة بالقضاء على الفساد، ولا الخطابات الترويجية الدعائية لأغراض إنتخابية ولا المؤتمرات الصحفية العقيمة، بل تفعيل القانون هو الكفيل بقلع هذه الأعمدة الملوثة الصدئة ، ونصب أعمدة جديدة ذات معدن من طراز رفيع كي يبقى هذا البناء الآيل للسقوط ومن ثم يعيد عافيته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلسل-دكتور هو- يعود بعد ستين عاما في نسخة جديدة مع بطل روان


.. عالم مغربي يكشف الأسباب وراء حرمانه من تتويج مستحق بجائزة نو




.. مقابل وقف اجتياح رفح.. واشنطن تعرض تحديد -موقع قادة حماس-


.. الخروج من شمال غزة.. فلسطينيون يتحدثون عن -رحلة الرعب-




.. فرنسا.. سياسيون وناشطون بمسيرة ليلية تندد باستمرار الحرب على