الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفاعا عن اسئلة ادونيس

علي حسن الفواز

2008 / 12 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


هل يعنى الاختلاف الثقافي خروجا دائما على الاعراف والمألوفات المتداولة والمستهلكة؟ وهل ان الكاتب المختلف عن الاخرين يعني بالضرورة بانه الخارج عن تقاليد الامة وسنن ملتها كما يقترحها البعض من فقهاء الثقافة؟ وهل ان المبدع والمفكر وصانع وعي الحرية هو احد المحرضين على صناعة الكفر الثقافي؟ وهل ان الحرية اصبحت زندقة وجنوحا وتمردا غير مشروع على الجسد والسوق الفكرة والدولة وصاحب الرعوية؟
هذه الاسئلة المرعبة هي ذاتها اسئلتها الحث على تجاوز مشكلاتها، لان الاختلاف والتنوع ضرورة وتعبير عن الوجود، وان الكاتب المختلف يعني الكاتب الذي يرى بعينين، ويعرف ان التاريخ ليس بالضرورة هو تاريخ لاباء صالحين، وان الكتابة ليست بالضرورة هي تاريخا لايمكن الشك به والحوار معه.. وان خروج الكتابة باتجاه قراءة هذا التاريخ هي دلالة على عافية الوعي وقدرة الانسان على تجاوز ذاته وحكايات تاريخه.. وان الحرية تعني جوهر الوجود وكينونة المعنى وسر تجدد الكائن، وان الخروج عن الحرية يعني الدخول في العطالة..
ادونيس واحد من فقهاء الحرية، اقصد حرية الكتابة، وبقطع النظر عن الاختلاف والتوافق مع ادونيس الايديولوجي، فان الاحترام لادونيس الثقافي مهم جدا لانضاج فاعلية الحوار مع المختلف، الواعي لاختلافه..
ادونيس جزء من مشروع النقد الثقافي والنقد المعرفي والنقد التاريخي، واظن اننا جميعا نحتاج الى منظومة هذه النقود، لكي نعي اصل مشكلاتنا المتوغلة فينا بسبب تهميش فاعلية النقد، ونتلمس عن قرب حجم ازمتنا، ازمة اللاحوار، واللاتنمية، واللامسؤولية.. لان الثقافات الرسمية المطمئنة الى اسواقها، واستهلاك بضاعاتها، تسعى جاهدة للحفاظ على هذه الاسواق ونصوصها واشاعتها واوهامها من اي خرق عقلاني معرفي..
ولعل ما يتعرض له ادونيس هذه الايام من هجمات اعلامية وفقهية، تصب في هذا الاتجاه الذي يخشى البعض من بروز اسئلته الصادمة، وتفعيل عوامل وجوده الخلافية داخل مشروع الثقافات العربية والاسلامية.. وكأن هذه الثقافات يجب ان تظل بمنأى عن اي نقد او جدل او قراءة..فضلا عن عدم اطمئنانها العلني للنقاد الذين يمتلكون القدرة على تفكيك سطوح السرد التاريخي والحكواتي الذي ظلل اجيالا لقرون طويلة..هذه الطروحات تعني ان نقاد الحداثة هم الاكثر خطورة واثارة للرعب، لانهم يقرأون تاريخ الحاكمية بوعي متعال، وتاريخ المراكز بادوات تملك بصيرة التفكيك، وتاريخ الثقافة بدون حساسيات من هيمنة التابو القديم..نقد ادونيس الحاد للمؤسسة الثقافية العربية، هو نقد معرفي وثقافي، لكنه ليس نقدا عدوانيا، وان مواجهته العنيدة لفقهاء الظلام والارهاب وقمع الحريات والافكار، لايعني الاجتهاد الساذج لمقاطتعه وا خراجه من الملة..
انحياز ادونيس للمختلف يعني الكثير في وعي اهمية هذا المختلف، فنحن لم نعد امة خارج الدنيا، ولسنا الوحيدين الذين يملكون حق الوجود وان غيرنا- يشرب كدرا وطينا- وان اباحة الاجتهاد في تكفير الناس دون حق او معرفة يعني ايضا منع وتهميش اي وعي او رؤية مناقضة للمألوف والمكرس في حياتنا الثقافية.. ان اية قراءة للراهن الثقافي الرسمي وغيره، ودور هذه الثقافات الرسمية والايديولوجية يرسم لنا خارطة شوهاء لاثر الفاعليات الثقافية التي يمارسها مسوقو هذه الثقافات بدءا من تداول البضاعة الثقافية الحقيقية الصالح لادامة الوجود والمعرفة والتنمية، وانتهاء بتداول مصطلحات ومفاهيم تنتمي الى قانون الموتى، ناهيك عن خلوها من اي وعي يعبر عن انتماءها وحراكها وتفاعلها.
الدفاع عن ادونيس ليس دفاعا عن مثقف اعزل، بقدر ما هو دفاع عن اسئلة ثقافية ضرورية وعميقة، مثما هو دفاع مشروع ثقافي عامر بوعي التحديات، كما ان الدفاع عن ادونيس ليس دفاعا عن اديولوجيا، بقدر ماهو الدفاع عن افق ثقافي عربي واسلامي وكوني يمكن ان يكون جزءا من وعينا الحضاري، وصناعة اسئلتنا الجديدة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على