الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اهذا جزاء الشعب العراقي ؟

كوهر يوحنان عوديش

2008 / 12 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


في رائعة من روائع المرحوم نزار قباني يصف لنا الشاعر الكبير في قصيدة جميلة وبكلمات بسيطة قصة عشق غريبة ومثيرة وهي حب شاب لفتاة عمياء، فتسأله كيف يحبها وهي ضريرة وفي الدنيا بنات حلوات ومثيرات وجميلات بلا امراض وعيوب هل هو مجنون او يشفق عليها؟ فيجيبها بأنه لا هذا ولا ذاك بل عاشق ولا يتمنى من الدنيا شيئاً الا ان تصبح زوجته، فاجابته بأنها ستحقق امنيته وتتزوجه ان هو اعاد اليها بصرها، وفي يوما من الايام جاء اليها مسرعاً ليخبرها بان شفاءها قريب وسترى خلق الله وجماله، وبعد ايام فتحت عينيها وكان هو واقفاً بجانبها يمسك يدها وعندما رأته دوت صرختها وشرعت تبكي حظها المشئوم لانه كان اعمى، فقال لها لا تحزني لانك ستكونين دليلي وعيوني في الحياة فمتى نتزوج؟ فأجابته بانها لن تتزوج ضريراً بعد ما اصبحت بصيرة !!! فبكى الشاب بحرقة والم وقال لها:- نعم من انا لتتزوجيني ولكن قبل ان تتركيني ( اريد منك ان تعديني .... ان تعتني جيداً بعيوني).
القصيدة ليست بهذه الصعوبة لشرحها فالتضحية ظاهرة وبالمقابل نكث الوعد واضح كالشمس، حال الشعب العراقي لا يختلف كثيراً عن حال هذا الشاب المضحي المخدوع، فالشعب قدم للكثير من الاحزاب الحاكمة والمتربعة على عرش العراق الجديد ! عيونه وقلبه وفكره وماله وفي احيانا كثيرة حياة عائلته ولم يبالي لانه كان ينتظر يوم التغيير والزواج من الحرية والديمقراطية التي وعدوهم بها عندما كانوا بعيدين عن الكرسي وكان الجلوس عليه حلماً وامراً مستحيلاً، لكن عندما تحققت الامنية وذاقوا طعم الكرسي الدوار نسوا وعودهم وكل ما قدمه الشعب من التضحيات ونكثوا بوعودهم وقالوا للشعب بكل جرأة وصراحة كما فعلت الفتاة مع الشاب بانهم لن يتزوجوا المرضى والعميان.
هكذا اخذ الرؤساء الجدد عيوننا واستولوا على بصرنا وعندما تمكنوا القوا بنا في كهف مظلم لا حياة فيه، فأي مستقبل ينتظر العراق عندما يفرغ من مكوناته الاصلية وتفجر اماكن عبادتهم ويقتل رجال دينهم علانية!، وعندما يقتل أبناء طوائفه المختلفة على الهوية والاسامي، وعندما يقتل مثقفيه ومفكريه في وضح النهار دون تحقيق او محاسبة، وعندما تقسم مدنه طائفياً وقومياً ويفصل بين ساكنيها جدران اسمنتية كالتي تفصل بين الدول، وعندما يلاحق ويهدد علمائه وأطبائه ومهندسيه بعلم السلطات من قبل عصابات وميليشيات متخلفة، وعندما تنهب الاموال العامة بالمليارات يومياً دون استفسار او محاسبة! وعندما يعين امام جامع وزيراً او سفيراً وبالمقابل يتسكع مثقفيه وخريجي كلياته في الشوارع ويفرشون البسطات!، وعندما تناقش الامور والقضايا المهمة في اروقة البرلمان حسب الاقلية والاكثرية!.....
ختاماً نقول للذين يقودون دفة الحكم في العراق الجديد! بانهم من لحمنا ودمنا وقبل ان يدفنونا ( ان تعدونا بانكم ستعتنون جيداً! بالعراق).









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موقف التنظيمات المسلحة الموالية لإيران من التصعيد في رفح| ال


.. إسرائيل - حماس: هل ما زالت الهدنة ممكنة في غزة؟




.. احتفال في قصر الإليزيه بمناسبة مرور 60 عاما على العلاقات الف


.. بانتظار الحلم الأوروبي.. المهاجرون يعيشون -الكوابيس- في تونس




.. حقنة تخلصكم من ألم الظهر نهائيا | #برنامج_التشخيص