الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى وفاته يوم 17 تشرين الثاني عام 1949 /شاعر الأسى الرومانسي والوجودي /علي محمود طه

إبتهال بليبل

2008 / 12 / 8
الادب والفن


دائما ما تأخذني أصابعي للمرور على أزرار الكيبورد وتدوين ما أحب ... حيث جنون الشعر .. أتطلع وأتصفح ملامح نصوص هؤلاء المبدعين .. أقرا حروفهم وأتلمس عطرها بشغف .. فيهم الروح الرومانسية العارمة وفيهم من تملأ فضاءات نصوصه الأدبية الغضب والحماس , علي محمود طه شاعر الأسى الرومانسي والوجودي ، خالق الموسيقى العمياء ، ذلك النص الذي يضفي بتيارات المشاعر والأفكار والأحداث ، التي رافقت فقدان نورها من دون أن نعرف إلى أي حد نصل وقفنا أمام تلك الموسيقى العمياء ، ربما هي من تهبنا الحياة وربما هلع الموت ، ومن دون أن ندعي أننا نسمع عزفها .... تروض مشاعرنا من حب وشوق من ولع وحرمان لأفعالنا وأقوالنا ...
إذا
ما فتّح الفجر
عيون النّرجس الغضّ
بكيت لزهرة تبكي
بدمع غير مرفضّ
زواها الدّهر لم تستعد
من الإشراق باللّمح
على جفنين ظمآنيـن
للأنداء و الصّبح
ربما هو ذلك العمى في غفوته ومنامه ، يخرج من فجوات الفجر المتلفعة بالأوجاع مضمخة بحكايات العمر تفوح منها توابل الشوق ...
قد يتحرك لنا جفن ، قد نقول أشياء كثيرة ، لكن الذي يستحضرني اليوم ذكرى وفاة الشاعر الكبير علي محمود طه من رواد الشعر الرومانسي في مصر شاعر تميّزت نصوصه بروحها المتوثبة وخيالها الخصب وموضوعاتها المتوهجة بالحسّ الرومانسي , أنه مدرسة الأسلوب في دفق المشاعر الرومانسية : نثراً أو شعراً - هذه الروح الرومانسية تتلاقى في جوهرها مع الأسى الرومانسي والوجودي العارم في قصائده حيث تجسد لنا معاناته وشقاواته , وفيها يتلمس القارئ حيرت الشاعر بين وجودية الجسد والروح وكيف أنه يسعى دائما من خلال نصوصه البحث عن عالم البرزخ في الخلود الروحي والتخلص من سجون الآدمية , أنه يؤمن بالحب الصاعق النقي الروحي لكنه مع الزمن يكتشف إن حبه يكمن في قدرته على الاحتضان ، ألاحتضان بكل الخطايا من صفات القديسة والغانية .. شاعر يمتلك لغة أنيقة ومعجم شعري متأنق وولعه وحرصه الشديد على صياغة الصورة الشعرية العبقة ..
بدّدت يا قيثارتي أنغامي
و نسيت لحن صبابتي و غرامي
مرّت ليل كنت مؤنستي بها
و عزاء نفس جمّت الآلام
تروين من طرب الصّبا و حنينه
و تذهبّين حواشي الأحلام
ولد علي محمود طه في عام 1901 بمدينة المنصورة عاصمة الدقهلية لأسرة من الطبقة الوسطى وقضى فيها صباه . وقد عاش حياة سهلة لينة ينعم فيها بلذات الحياة كما تشتهي نفسه الحساسة الشاعرة . احتل علي محمود طه مكانة مرموقة بين شعراء الأربعينيات في مصر منذ صدور ديوانه الأول " الملاح التائه "حيث انه يمتلك قصائد تعبر عن فلسفة رومانسية عالية فصدر له : ليالي الملاح التائه 1940 - أرواح وأشباح (1942)- شرق وغرب (1942)- زهر وخمر (1943)- أغنية الرياح الأربع (1943)- الشوق العائد (1945)- وغيرها.
هو من أعلام مدرسة "أبولو" التي أرست أسس الرومانسية في الشعر العربي..
كما وليس لدى القارئ أدنى شك في أنه أثر في ثقافة الشعر العربي الحديث ، فهو شديد المعاصرة فهيئته ليست هيئة شاعر ولكنها هيئة عين من الأعيان ، عن قول صلاح عبد الصبور في كتابه " على مشارف الخمسين " .
يمتلك علي محمود إصرارا وحباً شديداً للحياة وله طلعة جميلة وعاطفة مسجورة وذا مخيلة ساحرة ومسحورة فوجودهُ في الحياة عبارة عن قصيدة رومانسية مفعمة بالجمال ، فهو لا يرى غير الجمال ولا ينشد غير الحب ...
توفي في 17 تشرين الثاني سنة 1949 إثر مرض قصير لم يمهله كثيراً وهو في قمة عطائه وقمة شبابه ، ودفن بالمنصورة . ورغم ولعه الشديد وإنشاده للجمال والمرآة إلا أنه لم يتزوج .
لا تعْدني يا ربُّ في محنتي
ما أنا إلا آدميٌّ شقي
طردْتَني بالأمس من جنتي
فاغفر لهذا الغاضبِ المُحْنقِ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - altrkib
omaima ( 2012 / 5 / 8 - 17:24 )
chokran jidan orido altrkib ida kana momkin wa fi assra3 alwa9t

اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي