الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الحلم بتغيير العالم

بلكميمي محمد

2008 / 12 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


متى بدات البشرية تحلم بتغيير العالم ؟
كان ذلك لاول مرة ، عندما حدث تحول الكائن الحيواني الى كائن انساني ، فالفرق الجوهري بين الحيوان والانسان ، هو ان الاول كان يحيى ويعيش بواسطة المواد الجاهزة التي تمنهحها له الطبيعة بشكل مباشر ، بينما الثاني اصبح يحيى ويعيش من المواد التي ينتجها بنفسه بواسطة عمله .
لكن الانتاج يعني شكل الطبيعة المعطى سلفا ، الى شكل جديد يكون مناسبا للاستهلاك . ان التفكير اذن في تغيير شكل الطبيعة بواسطة العمل المنتج ، هو اصل اشكال الحلم الانساني بتغيير العالم .
وعندما تحضرت البشرية و( الحضارة تعني تمكن البشرية من تطوير وسائل الانتاج ، الى حد يسمح بانتاج فائض عمل اجتماعي ، يصبح بالامكان تحويله من دائرة الانتاج المادي ، الى دائرة الانتاج الروحي ) .. يقول عبد السلام المؤذن عندما تحضرت البشرية تهمجت في نفس الوقت . ذلك ان تطور وسائل الانتاج ، قد ادى الى بروز الملكية الخاصة التي على اساسها قام الانقسام الطبقي ، الذي هو جزهر الاستغلال والاضطهاد والظلم .
من هنا اصبحت الانسانية المقهورة ، تحلم بازالة القهر من العالم .. أي تحلم بتغيير العالم ، وبالرغم من ان الانسان المقهور ، بدا يحلم بتغيير العالم منذ حوالي الفي سنة ( اذا مانطلقنا فقط من ثورة العبيد الرومانية بقيادة الزعيم الزنجي سبرطاكيس ) ، فان نفس الاشكالية لازالت مطروحة بحدة الى يومنا هذا ، لماذا ؟ .
لماذا لم يتحقق ذلك الحلم الانساني القديم ، بتغيير العالم ، رغم مرور كل هذا الزمن الطويل ؟
ان البشرية لم تتمكن من التوصل الى وضع اللبنة النظرية الاولى ، لمحاولة الاجابة عن تلك الاشكالية ، الا في عهد الفلسفة الكلاسيكية الالمانية على يد شيلينج ، وبالاخص هيجل ، ان هيجل بعد شيلينج هو اول من اكتشف العلاقة العضوية الجدلية التي تربط الحرية بالضرورة ، ان الحرية في راي هيجل ، لايمكن فصلها عن الضرورة ، فالحرية في العمق هي الضرورة . والانسان يكون حرا فقط اذا وعي الضرورة ، ووجه ارادته وفق منطقها ، اما اذا اراد تجريد الحرية عن الضرورة ، فانه حتما سيسقط في الاعتباطية التي ستصطدم بمنطق الضرورة العنيد .
ان هذا الاكتشاف الفلسفي التاريخي ، الذي يربط الحرية بالضرورة ، قد اعاد ماركس صياغته بشكل اعمق عندما دمجه في التصور المادي للتاريخ ، ان الحرية بالسبة للمقهورين ، لايمكن تحقيقها ( تبعا لذلك التصور المادي ) ، الا اذا توفرت لها شروطها المادية ، وهذه الشروط لاتتحقق بدورها ، الا اذا بلغت الملكية الخاصة ، ارقى اشكال تطورها ، التي هي الملكية الخاصة الراسمالية ، حينئذ تصبح الحرية مرتبطة بالغاء الملكية الراسمالية ، وبالتالي الغاء الظاهرة الطبقية نفسها بما هي ظاهرة مرتبطة بوجود الملكية الخاصة .. أي باختصار : تحقيق الاشتراكية .
لكن ماركس اخطا التقدير ، عندما اعتقد بان راسمالية القرن التاسع عشر ، هي ارقى اشكال الراسمالية ، بحيث غاب عن نظره ان الراسمالية يمكنها ان تطيل عمرها بواسطة التوسع الامبريالي .
على أي ، فالاهم في الماركسية هو اكتشافها للمادية التاريخية ، التي حولت التاريخ من تاريخ يصنعه الاشخاص وتصنعه الصدفة الى تاريخ يصنعه الصراع الطبقي وتصنعه الضرورة الموضوعية ،، ضرورة تطور قوى الانتاج ودخولها في تناقض مع علاقات الانتاج .
من هنا يصبح الحلم بتغيير العالم ، يعني في العمق ، فهم الضرورة التاريخية ،، أي استيعاب القوانين الموضوعية التي تتحكم في حركة التاريخ ثم الفعل السياسي بمقتضاها ، فالشرط الاول اذن لتغيير العالم ، يتمثل على صعيد الوعي ، في اقامة الوحدة بين الضرورة الموضوعية التاريخية ، والارادة السياسية الذاتية ، فلايمكن لحزب سياسي ثوري ان يغير العالم ، الا اذا غير العالم بدوره ذلك الحزب .. أي الا اذا حرر وعيه النظري من كل التصورات الارادوية ، والدغمائية ، والمثالية ، والتجريدية ،، وسلحه بالتالي بوعي نظري مطابق لقوانين التاريخ الموضوعية ،، وحين يغيب هذا الوعي النظري المطابق ، وحين تنكسر تلك الوحدة بين الضرورة الموضوعية والارادة الذاتية ،، حينئذ تحدث النتيجة المدمرة : تطاير اشلاء ذلك الحزب في ثلاث اتجاهات : 1- الارتماء الكامل في احضان البورجوازية ( ان التطرف يولد التطرف ،، هذا قانون جدلي ثابت ، فنحن اذا لم نسمح للعالم بان يغيرنا ايجابا ، فانه سيغيرنا سلبا . وتلك هي الماساة ) 2- الانسحاب الكامل من العمل السياسي .. 3- التحصن في برج الثقافة ، من موقع تضخيم دورها ، ومعاداة كل عمل حزبي منظم .
وهذه بالضبط هي النتيجة التي تمخض عنها ، تطور جزئي من الحركة الماركسية اللينينية المغربية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد توغل بري إسرائيلي وقصف مكثف.. نزوح عائلات من حي الزيتون


.. هل بدأت التحولات بالمواقف الأمريكية من حرب إسرائيل على غزة؟




.. هل سيؤدي تعليق شحنة الأسلحة الأمريكية لإسرائيل للضغط على نتن


.. الشرطة الهولندية تفض اعتصام طلاب مؤيدين لغزة بجامعة أمستردام




.. هل بدأت معركة الولايات المتأرجحة بين بايدن وترامب؟ | #أميركا