الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إرهابيون ...

نزار آغري

2002 / 6 / 2
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



 

(العنوان: إرهابيون ... )
(الكاتب: نزار آغري )
(ت.م: 02-05-2002 )
(ت.هـ: 21-03-1423 )
(جهة المصدر: )
(العدد: 14318 )
(الصفحة: 17 - تيارات )

مبدأ الحركات العنفية هو الجهل. كلما كان المرء جاهلاً أكثر كان ذلك أفضل. ليــــس هناك أخطر من شجاع جاهل. هذا الكلام هـو للروائي إيلي فيزل. وهو يرد في سياق نصه الروائي القصير L Aube (الفجر) الأقرب الي قصة طويلة منه الي رواية. وفي النص يكلف المقاوم اليهودي الشاب إليشا بمهمة قتل الضابط الانكليزي جون داوسون الذي اختطفته المنظمة السرية، التي ينتمي اليها اليشا. سوف يتحول اليشا، الذي نجا من هول أوشفيتز، الي قاتل. كان ضحية وها هو يصير جلاداً. سألت نفسي: اليشا، هل أنت خائف، أنت الذي مررت بأوشفيتز؟ .
تدور حوادث القصة في فلسطين وقت الانتداب الانكليزي. وقد أخذت المنـــــظمة اليهودية الســـرية علي عاتقها طرد الانكليز عن طـريق الارهاب. يتحدث اليشا عن ضحيته بالقول انه في ظروف أخري كان من شأنه أن يكون صديقه: الكراهية تبرر كل شيء . وفي نهاية القصة، حين يهم اليشا بقتل جون داوسون، يبتسم هذا الأخير ويقول:
- ابتسم، لأني لا أعرف لماذا أموت.
كثيرون من ضحايا أعمال العنف التي تجتاح فلسطين، واسرائيل، الآن لا يعرفون لماذا يموتون. لا يعرف أحد ما إذا كان الجالسون في مقهي أو مطعم أو يتهيأون للذهاب الي العمل، يبتسمون لحظة تنفجر فيهم القنابل وتحولهم الي أشلاء ممزقة. انها الكراهية التي باتت تبرر كل شيء. الكراهية التي ينثرها أنصار العنف وسفك الدماء من الطرفين، ولكن أيضاً أولئك الذين تكمن شجاعتهم في جهلهم فيروحون يحرضون الجميع علي قتل الجميع.
- انا متشـــــائم، يقول يورام كانــــيوك، الروائي الاسرائيلي البالغ من العــــمر واحــــدا وسبعين عاماً. وفي نظــــر كانيوك ان الــسلام بات أبعد مــــنالاً. ذلك ان صقور العـــنف تمــــلأ الجــو. ويعـتبر كانيوك ما يجري الآن، أمـــــام أنظـار العالم، بمثـــــابة لعبة دموية مجـــنونة يمارسها ناس متخمون بالجهل. وارييل شـــارون، يقول كانيوك، شخص قليل الذكاء. انه يفرح للخراب ويبتهج حين يصير العالم أكثر خراباً وبشاعة .
أما الروائي عاموس عوز، البالغ ثلاثة وستين عاماً، فيجد الأمر نزاعاً بين عصبيتين منغلقتين. فالناس لا يتصارعون من اجل الحق أو الباطل، او الخير والشر، بل في سبيل نوازع مدمرة تكتنز الحقد.
حين يكتسح ارييل شارون كل شيء في طريقه ويجعل الخراب طريقة للعيش، وحين يخرق متعصبون فلسطينيون وجه الحياة بأجسادهم، حينذاك تنتصر الكراهية ويصعب علي أي كان ان يبحث عن التسامح بين الأشلاء. حين يستوطن الحقد النفس لا يعود الحاقد يري في الآخر كائناً بشرياً بل فريسة تنتظر الذبح. والثقافة التي ما برح الجهلة، الشجعان، ينشرونها ويحشون الرؤوس اليافعة بها، ترفض أن تري الآخرين في سوية البشر. انهم، في ميزان هذه الثقافة، سقط فائض عن اللزوم.
يقضي اليشا، في نص ايلي فيزل، الليل كله وهو يتعذب. انه يدخل في مواجهة عارية مع نفسه. يتأرجح بين الخوف والحب. بين الرغبة في الصداقة والحاجة الي القتل. الفجر هو نهاية ذلك الليل الطويل، لكن المرعب انه ايضاً بداية ليل طويل، ومرعب، استوطن روح اليشا.
أرادت المنظمة السرية ان تقتل الطفل البريء الجميل في اليشا وتزرع فيه وحشاً مدمراً يمارس القتل كما يتناول الفطور. ولكـن في الفجر كان الارهاب أنيقاً ، مقتصداً، مضبوطاً، مهيأ لحالة فريدة وللحظة مختارة. وكان الهدف معلناً.
في الارهاب الذي يجتاح الأمكنة كلها الآن يكمن قدر كبير من الفوضي والعبث واللامعني.
فقد تحول الساسة الي احتراف الارهاب وزرع الكراهية. وصار الأطفال قنابل محشوة بالكراهية، معروضة للبيع، ومهيأة للانفجار في أي ركن وأي لحظة.
صار الارهابيون أكثر مما يحتوي سقف الارهاب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا بعد موافقة حماس على -مقترح الهدنة-؟| المسائية


.. دبابات الجيش الإسرائيلي تحتشد على حدود رفح بانتظار أمر اقتحا




.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذه حزب الله بطائرة مسيرة


.. -ولادة بدون حمل-.. إعلان لطبيب نسائي يثير الجدل في مصر! • فر




.. استعدادات أمنية مشددة في مرسيليا -برا وجوا وبحرا- لاستقبال ا