الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق والجامعة العربية

سهيلة عبد الانيس

2008 / 12 / 2
السياسة والعلاقات الدولية


يتسال الكثير عن الدور العربي في العراق وأين الجامعة العربية وأين الدول العربية ؟

عند الرد على مثل هكذا تسال نرى ان الدور العربي نفسه كمفهوم ليس متفقا عليه عربيا ولا عراقيا ولا دوليا ولا إقليميا، وعدم الاتفاق بخصوص العراق يقودونا الى تساؤلا اخر ، وهو من يقوم بهذا الدور، وفي أي اتجاه ومع أي أطراف ؟ بهذا المعنى يظل البحث عن مساعدة عربية للعراق أو مجرّد مساهمة ما للخروج من الوضع الذي هو عليه اليوم مسألة مؤجلة، هذا إن انطلقنا من أن هذا الدور المُـفترض يجب أن يحمِـل في طيّـاته أولا عناصر نجاح شِـبه مؤكّـدة ، ونوعا من التّـوافُـق العراقي على ضرورته وعلى مساراته الكبرى، مع انفتاح عراقي على مثل هذا التعاون، وهى شروط لا تبدو يسيرة في ضوء التوازنات القائمة في الداخل العراقي .
على اية حال فالحديث عن الدور العربي في العراق نرى انه مر بمرحلتين هما :
- الأولى قبل 2003 إذ عارضت الجامعة العربية استخدام القوة العسكرية ضد العراق.
- الثانية ما بعد 2003 مباشرة والسنوات الثلاث الأولى ، إذ شهد العراق اضطرابات سياسية ومذهبية وتطورات عسكرية جعلت العرب يحمّلون اميركا مسؤولية الحفاظ على وحدة العراق وسلامة أراضيه .

في الواقع كان الدور العربي في العراق قد واجه بعض المشكلات والمعوّقات التي قللت من حضوره وتأثيره منذ 2003 منها على الصعيد العراقي :

- بروز بعض التوجهات العراقية التي أقلقت الدول العربية (النظام الفيدرالي مثلا )

- خفوت البعد العربي في الدستور والسياسة الخارجية العراقية.

وعلى الصعيد العربي، كان الدور ضعيفاً لأسباب عدة، من أهمها:

- التردد والتأخر في التحرك.

- عدم امتلاك رؤية استراتيجية متسقة للتعامل مع الوضع.

- الانقسام العربي بشأن ما جرى في العراق.

- فضلاً عن ظهور بعض الأطراف العربية بمظهر المدافعين عن فئة معينة من العراقيين .

الا ان الوضع في الفترة الاخيرة قد تغير، فاغلب البلدان العربية بدات سعيا للعب دورا في العراق ، بداية من جامعة الدول العربية وكثير من الحكومات العربية عملت فعلا ذلك من خلال زيادة وجودها الدبلوماسي في العراق ساعية من وراء ذلك احداث موازنة في الأدوار الإقليمية والدولية الأخرى. والفرصة بدت سانحة أكثر من أي وقت مضى منذ عام 2003 لإعادة ترتيب العلاقات العراقية - العربية بطريقة تخدم اندماج العراق ونظامه السياسي الجديد بالبيئة الإقليمية.

ويرى الكثير ان هذا نابع بالنتيجة من ان هناك ثمة إحساس عربي عام بأنّ الموقف في العراق اخذا بالتطور لغير صالح العرب ، لحساب الدورين الأميركي و"الإيراني" . الى ذلك فأنّ بعض الحكومات العربية رأت أنّ من مصلحتها تقوية هذه العلاقات إيماناً منها أنّ التطورات في العراق عامل مؤثر على حوادث المنطقة والسياسات الدولية. ولا شك أيضاً أنّ ثمة عامل آخر دخل بقوة على ضرورة اندفاع الجامعة العربية نحو العراق الجديد، جاء بضغط من الإدارة الأميركية لإظهار أنّ الوضع في العراق تحسّن كثيراً، وأنّ علاقاته مع دول الجوار هي الأخرى في تحسّن. فمع تزايد إدراك الإدارة الأميركية لنتائج خطأ سياساتها، وتعثّر مشروعاتها في العراق والمنطقة، بدأت إعادة النظر في حساباتها السياسية، وطالبت الدول العربية بإعادة سفرائها إلى بغداد . كما حدث تحوّل في سياسة حكومة رئيس الوزراء باتجاه الانفتاح على الدول العربية، بداية من تفعيل جهودها للسيطرة على الوضع الأمني، وتحقق تقدم نسبي في هذا الصدد، والعمل على تحجيم دور الجماعات المسلحة ، والسعي إلى إتمام المصالحة الوطنية، وتحجيم النزعة الطائفية ، وغير ذلك من إجراءات فتحت المجال أمام إعادة تفعيل الدور العربي في العراق.

ويؤكد هذا أهمية بناء استراتيجية عربية متكاملة وموحدة للتعامل مع الملف العراقي تتجاوز الخلافات وتتخطى صراع الأدوار التقليدي بين بعض المراكز العربية. ولكنّ الأهم هو نجاح الجامعة العربية في الوقوف على مسافة واحدة من كل الأطراف العراقية والتعاطي مع العراقيين بمعزل عن أية اعتبارات بمقدار ما هو مطلوب إدراك أنّ لديهم مصلحة في عراق موحّد لا يتناقض مع كونه ذي نظام فيدرالي إدارياً وليس قومياً أو مذهبياً ومستقر يمتلك حرية قراره ولا يلعب دوراً في زيادة الخلل الذي تعاني منه المنطقة منذ فترة ، لذلك فان بلورة استراتيجية عربية متكاملة تجاه العراق ومنح الحكومة العراقية خيارا عربيا هما ركنان أساسيان في موازنة الخلل القائم في معادلة الأمن الإقليمي العربي .

وهكذا ينبغي على الحكومات العربية أن تدرك أنّ المرحلة المقبلة ستكون بالغة الأهمية في تحديد مستقبل العراق؛ لأنها ستشهد آخر المراحل الانتقالية فيه لصياغة نظام يُفترض أن يدوم ويصبح إطاراً مستقراً في المستقبل، وبعدها سيصبح من الصعب التأثير على مساره، ومن هنا تأتي أهمية عنصر الوقت في عودة الدور العربي النشط إلى العراق لدعم جهود الشعب العراقي ومساعدته على تجاوز محنته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة نار من تحدي الثقة مع مريانا غريب ????


.. الجيش الروسي يستهدف تجمعات للقوات الأوكرانية داخل خنادقها #س




.. الطفل هيثم من غزة يتمنى رجوع ذراعه التي بترها الاحتلال


.. بالخريطة التفاعلية.. القسام تقصف مقر قيادة للجيش الإسرائيلي




.. القصف الإسرائيلي المتواصل يدمر ملامح حي الزيتون