الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجزرة جديدة لن تكون الأخيرة

طارق الحارس

2004 / 3 / 6
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


من قال أن الرجال لا يبكون فهو على خطأ كبير فها أنا أبكي الآن .. أبكي دما .. أبكي اليوم على شهداء الفاجعة الكبيرة التي حصلت في يوم عاشوراء . بكائي يختلف عن بكائي في السنوات التي سبقت سقوط النظام الصدامي لأنني كنت أريد أن يكمل هؤلاء الشهداء المسيرة الجديدة أن يروا النور الجديد الذي سيضيء في سماء العراق الجديد .

يبدو أننا أبناء الشعب العراقي قد كتب علينا البكاء ولا أعتقد أن هناك شعبا في هذا العالم قد سقطت دموعه مثل شعبنا .. لا أعتقد أن هناك أما في هذا العالم قد بكت مثل أمهاتنا . دماءنا التي سالت كالنهر في العهد البائد يبدو أنها لم تشف أحقاد المرتزقة والساقطين الذين حكموا العراق وذيولهم من مجرمي القاعدة ودليلنا أن الدم العراقي قد سال وبغزارة في بغداد وكربلاء مؤخرا مثلما سال بالأمس في النجف وبغداد وأربيل والبصرة والموصل وللأسف يبدو أن هذا النزيف سيستمر مادام أعداء الله والانسانية يعيثون بأرض العراق فسادا .

هم المرتزقة .. هم القاعدة أتباع الشيطان بن لادن .. لا أشك في أنهم من فعلها فهذه الجريمة لا يفعلها الا من لا يحمل ذرة من الانسانية والشواهد عديدة لاثبات أن هذه الفئة الفاسدة لا تحمل ذرة من الانسانية . من يتجرأ على ضرب بشر يمارسون طقوسهم الدينية .. من يتجرأ على ضرب ضريح حفيد رسول الله .. لقد اقترفها من قبل معلمهم الكبير المجرم صدام وهاهم تلامذته يقترفونها مرة أخرى .

ان الجرائم التي اقترفت في بغداد وكربلاء تختلف في أهدافها وتفاصيلها عن الجريمة التي جرت في الباكستان وراح ضحيتها العشرات من الشيعة الباكستانيين . نقول تختلف لأن واقع الحال العراقي يختلف مع نظيره الباكستاني فشيعة العراق ليس لديهم مشكلة مع أبناء السنة مطلقا وان حصل اختلاف فذلك في اجتهادات فقهية لم ولن تصل في يوم من الأيام الى حد الاقتتال ، هكذا يقول لنا تأريخ العراق ، أما في الباكستان فالحال يختلف ، إذ أن قضية الاقتتال بين الشيعة والسنة هناك ليست قضية جديدة وربما أن البعض أضاف على نارها حطبا في السنوات الأخيرة . لهذا كله نجد أنه من الخطأ الربط بين العمليات الاجرامية التي أقترفت في بغداد وكربلاء بالجرائم التي أقترفت في الباكستان .

لا نعتقد أنه من المنطقي أن نحمل الشرطة العراقية مسؤولية ما حدث فقد حاولت الشرطة العراقية بكل وسائلها المتاحة ولا يخفى على أن الشرطة العراقية بامكاناتها المحدودة في الوقت الحاضر ليست قادرة على حماية العراق وهذه حقيقة لا غبار عليها وفي الجانب الآخر ليس من المعقول أن نحمل قوات الاحتلال مسؤولية ماحدث مع أن القانون الدولي يحملها هذه المسؤولية لأننا قد طالبناهم بعضمة لساننا أن يتركوا الأماكن المقدسة .

نحن نرى أن المواطن العراقي هو الذي يتحمل هذه المسؤولية .. نحن نقول أن المواطن العراقي ونقصد به ذلك المواطن الذي غرر به ، ذلك المواطن الذي تعرض الى غسيل دماغ من فئة مجرمة .. نحن نحمل هذا المواطن المسؤولية لأنه يؤي هؤلاء المجرمين ويتستر على وجودهم ، بل ويمدهم بالأسلحة التي خلفها النظام الساقط . نحن نقول المواطن العراقي لأننا للأسف الشديد لايمكن أن ننكر هذه الحقيقة المرة . هذا المواطن لديه فرصة كبيرة لكي يصحح وضعه وعليه أن ينتبه الى أن من يموت هم أبناء وطنه لا غيرهم .

إذن فقد أصبح الأمر واضحا والمؤامرة التي بدأها النظام السابق لازالت مستمرة والدليل أن دماءنا لازالت تسيل كالنهر . إذن الهدف نحن أبناء العراق وليس أمريكا هي عدوهم كما يدعون ، كما يتبجحون . لقد أصبح واضحا أن عدوهم هو أبناء الشعب العراقي بكل طوائفه وقومياته فقد قتلوا الشيعي في النجف وكربلاء وبغداد وقتلوا السني بالفلوجة والخالدية والموصل وقتلوا الكردي في أربيل والتركماني في كركوك والمسيحي بالبصرة والموصل لذا علينا أن ننتبه الى المؤامرة الكبيرة التي يتعرض لها عراقنا .

هناك تساؤل يطرح نفسه ونحن نريد من خلال طرحه أن نناقش الأمر بجدية . هذا التساؤل هو :

من المستفيد من هذه الجرائم ؟

يعتقد البعض ، ونحن لسنا معه في ما يذهب اليه ، يعتقد أن أمريكا هي المستفيد من هذه الجرائم ، بل وأنهم يقفون وراءها وتبرير هذا البعض حول ما ذهب اليه هو حتى يجد الأمريكان حججا لبقائهم بالعراق وأن ضعف الحالة الأمنية بالعراق هو من أكبر الححج التي من الممكن أن تتشبث بها أمريكا للبقاء بالعراق .

نحن نعتقد أن ذلك التحليل غير منطقي وغير واقعي ذلك لأن أمريكا وكما أثبتت التجارب الأخيرة ومنها القضية العراقية بالذات لا تحتاج الى مبررات تحاول أن تقنع بها الجانب الآخر من أجل تحقيق أهدافها وأغراضها ولهذا نقول أن جهة أخرى هي المستفيد من اقتراف هذه الجريمة وهي جهة أصبحت معروفة وواضحة للجميع وأن هدفها هو زرع الفتنة الطائفية بين ابناء الشعب العراقي .

لقد حاولت هذه الفئة الضالة ذلك حينما اغتالت آية الله محمد باقر الحكيم وكانت تراهن على أن قتل هذا الرمز الشيعي سيخلق الفتنة التي ينشدونها وحاولت حين اغتالت شقيق الشيخ ضاري الحارث وحاولت حين اغتالت جمعا من أبناء الشعب الكردي في أربيل وحاولت حين اغتالت عددا من أبناء الشعب التركماني وحاولت حين اغتالت عددا من المسيحين العراقيين وتحاول الآن في مجزرة عاشوراء ، لكن جميع محاولاتها باءت بالفشل الذريع وستبوء لأن مراهتنا على شعبنا وتأريخه أكبر من جرائمهم التي أصبحت أهدافها واضحة بوضوح الشمس.


علينا أن نكون واقعيين في كلامنا فلا وقت لدينا للمجاملة والشعارات والتصريحات الرنانة فقد شبعنا منها ، أكلت وشربت معنا لمدة خمسة وثلاثين عاما ، علينا أن نقول الحقيقة حتى لو كانت مزعجة لبعضنا لأن أرواح أبنائنا أغلى بكثير من انزعاج البعض منا . الحقيقة هي أن العدو بدأ يسجل أهدافه في الأيام الأخيرة بدقة اجرامية لافتة للنظر ، لقد بدأ يختار الأماكن المزدحمة بالعراقيين ولا أريد بهذا الكلام أن أدعو الى تأجيل الحياة بحجة الخوف على أبناء العراق من أعداء الله والانسانية لأنني أعلم أن ثمن الحرية باهض وعلينا نحن العراقيين بالذات أن ندفع ثمنا باهضا جدا من أجل نيل حريتنا التي سلبت ودمرت عشرات الأعوام ، لكنني أدعو من خلال ذلك الى الحذر والحذر الشديد . أن دعوتي هذه لا تخص الشرطة العراقية وقوات التحالف حسب ، بل أنها تشمل المواطنين العراقيين كلهم لأنهم هم المستهدفون لاغيرهم .

هنا على ما نعتقد تقع مسؤولية أخرى على عاتق المواطن العراقي تتمثل هذه المسؤولية في أن يكون له دور مباشر وحقيقي في وقف الجرائم التي تقترف بحقه ، عليه أن يعي هذه الحقيقة ولا يترك الأمر على عاتق الشرطة العراقية أو قوات التحالف فهؤلاء ليسوا من جنس البشر .. نعم ليسوا من جنس البشر لأن البشر ان اختلفوا في الرأي يتحاورون ويتناقشون ، أما هؤلاء الذين يطربون عند رؤية جثامين خصومهم في الرأي فهم ليسوا من جنسنا وعلينا أن نبحث عنهم ونقضي عليهم مهما كلف الثمن .

أكرر ماذهبت اليه وهو أن دعوتي هذه لا أريد بها وقف الحياة ، لكن أدعو الى أن تكون بداية الحياة بلا دماء جديدة تنزف من أوردة وشرايين أبناء العراق ، إذ يكفي ما نزفنا من دماء غالية ويكفي أن أمهاتنا ماتت دون أن تنزع الملابس السوداء التي لبستها حزنا على الأبناء والأزواج .

للأسف نقول أن هذه الجريمة لن تكون الأخيرة التي سيقترفها أعداء الله والانسانية بحق أبناء شعبنا ، لكن ليعلم هؤلاء المرتزقة أننا سنكون أكثر اصرارا لمواصلة الحياة وأن جرائمهم لن تثنينا ولن تهبط عزيمتنا في اكمال مشوار الحرية الذي بدأ في التاسع من نيسان من العام الماضي .

كاتب عراقي مقيم في استراليا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله يعلن تنفيذ هجوم جوي على قاعدة إسرائيلية جنوب حيفا


.. من واشنطن | صدى حرب لبنان في الانتخابات الأمريكية




.. شبكات | هل قتلت إسرائيل هاشم صفي الدين في غارة الضاحية الجنو


.. شبكات | هل تقصف إسرائيل منشآت إيران النووية أم النفطية؟




.. شبكات | لماذا قصفت إسرائيل معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسو