الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا عليك !

بسام الهلسه

2008 / 12 / 2
الادب والفن



-1-
* على بياض الورق الناصع تنثر حبرك الأسود؛ آخر ما تبقَّى لك من أزمنة الإنكسار والخيبات والفجائع.
لو كنت جاهلياً لفعلت ما فعله "طرفة" حينما طلب إلى سجانه أن يسقيه حتى يثمل ثم يفصد كاحله..
أو كنت اتكأت على رمحك حتى يخترق قلبك فتختصر عمراً مللته..
تعرف الآن سر خطيئتك
كان عليك أن لا تتوق وأن لا تحلم في بلاد يُصادر فيها التوق وتعامل فيها الأحلام كممنوعات خطرة!
كنت تعرف هذا الحظر؛ لكنك أوغلت وتماديت إذ لم تكتفِ بالأحلام؛ بل أردت لها أن تتجسد...
وها أنت ذا جالس كشيخ عتيق يستعيد أيامه الغابرة فيما يمضغ القهوة.
-2-
في مناماته –قال لك- أنه يرى حلماً يتكرر: حصان جامح يحطم الجدار الخشبي الذي يحتجز فيه، وينطلق عادياً في السهل المترامي، وثمة أناس يعدون خلفه وينادونه لكي يعود...
فجأة يستدير ليواجههم.. يقف على قائمتيه الخلفيتين ويرفع رأسه نحو السماء مطلقاً صهيلاً مديداً.. ثم ينفض غرته وعرفه بزهو ويواصل اندفاعه المصمم نحو المدى.
-3-
ما كان "طرفة بن العبد" ليواجه مصيره لو كان سكت عما عرفه الآخرون وسكتوا عنه.. أو لو كان فر مثل خاله الشاعر.. لكنه ليس كالآخرين وليس كخاله "المتلمس" ولذا سار إلى قدره كما يسير الذاهب إلى مكان يعرفه ويألفه! ولم يبال حينما عرض له الحاكم ما في الرسالة التي يحملها من أمر بقتله موحياً له بالفرار...
لكنه "طرفة" والفرار لا يليق بمن قال ذات قصيدة:
إذا القوم قالوا: من فتى؟ خلتُ أنني
عُنيتُ، فلم أكسل ولم أتبلد!
-4-
ها أنت ذا تتذكر ذلك الشعور الممض الممتزج بالحفاوة والأسى، الذي انتابك حينما قرأت سيرة وأشعار "عروة بن الورد".
كان بوسعه أن يعيش كسائر أبناء قبيلته "عبس" وربما كأفضلهم، لو لم يكن مصاباً بخطيئة نبيلة: "رفض الظلم والحلم بالعدالة"! ولكم كان فاجعاً له أن يشهد انكسار حلمه، حينما رأى الصعاليك الذين حشدهم ورعاهم، يعيدون انتاج الآخرين بعدما ظفروا بالغنائم:
ألا ان أصحاب الكنيف وجدتهم كما الناس لما اخصبوا وتمولوا!
-5-
لكن فجيعة "عروة" بمآل صعاليكه، لم تمنع "أبا ذر الغفاري" من بعث حلم العدالة والتحريض عليه، ليترك لنا من ثم صيحته المتأججة التي تناسلت عبر العصور: "عجبت لمن لا يجد القوت في بيته، كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه!".
-6-
- هل كنت ستذكر هؤلاء لو أنهم لم يحلموا، ولو لم تصلك أحلامهم كميراث ادخرته الأجيال؟
- لا عليك مما عاينته وعانيته من خيبات ونكران إذن...
- ولا عليك من "القطعان" التي تسير خلف "الرعاة" دونما تساؤل.. فهذا ليس شأنك!
شأنك هو ما قاله صاحبك القديم الخارج على ذهنية القطيع المكرسة، "أبو الطيب المتنبي"، وإن اختلف المُراد:
أعطى الزمان فما قبلتُ عطاءه وأراد لي.. فأردت أن أتخيرا!
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل