الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقد جاء الذئب فعلا

فاطمه قاسم

2008 / 12 / 3
القضية الفلسطينية


الدعوات الباهتة الملامح ، التي نسمعها بين وقت وآخر ، حين نصرخ مشتكين من الحصار ،تلك الدعوات ذابت وتلاشت في الصمت ،وبقينا وحدنا في قطاع غزة نواجه الحصار الحقيقي.
إنها حكاية الراعي والذئب التي قرأها لنا الجد والجدة ونحن أطفال صغار في المدارس الابتدائية ، ذالك الراعي الذي كان يصرخ كذبا "أنقذوني انه الذئب يهاجم أغنامي "فيهرع الجيران لنجدته عند سماعهم صراخه ،ولكنهم عندما يصلوه يكتشفون انه يكذب ، ولا يجدون ذئبا ، ولكنهم يجدون الراعي الذي أعجبته اللعبة ، بأنه يستطيع إحضار الناس إليه ،بسرعة فيعطيه هذا نوع من الحضور ، فيرى نفسه بينهم ، ويختال افتخارا بنفسه ،ولكن سرعان ما حدث مالا يتوقعه وجاء الذئب فعلا وبدا بالتهام أغنامه ،وعندما صرخ الراعي صراخا حقيقيا ، فان أحدا لم يأتي لنجدته ،
وها أنا اقسم ، أننا محاصرون فعلا في قطاع غزة ،برغم بعض البضائع التي تصل إلينا عبر معبر كرم أبو سالم فنحن في اشد مراحل الحصار ،برغم الأنفاق ، وتجار الأنفاق ،وأغنياء الأنفاق ،والموت الكارثي عبرها ،وبضاعتها الفاسدة ،وأسعارها الجنونية ،فإننا فعلا في اشد درجات الحصار الذي هو اشد قسوة من تجربة يوسف والبئر،وإخوته الذين يكرهونه،
نعم نحن الآن أصبحنا في قاع البئر، الذي لا يوجد به إلا مياه فاسدة، ولا يستفيد منه إلا أخوة أعداء، يستفيد من عدائهم لبعضهم، كل من حاول ذلك،
ننادي ونصرخ ،فلا يأتي لصراخنا احد ،ولا يستجيب لندائنا احد،وحتى المتضامنين ألمحدودي العدد بشكل ملفت للنظر والذين استضفناهم برغم حصارنا ،وروجنا لهم ،وأشدنا بخطوتهم إلى أقصى مدى ، غادروا على بزوارقهم مصحوبين بالدعوات والأمنيات ،وما عادوا يريدون العودة إلينا ،بعضهم جاء بالأساس لأنهم ربما استطاعوا معرفة بعض الأخبار عن شاليط مثل الصحفية عميرة هاس ،وبعضهم كان يتمنى لو استطاع الحصول على مبادرة مثيرة،وبعضهم وبعضهم جاء للشهرة ، ومع ذلك فانه حتى هؤلاء لم يعودوا يرغبون بالعودة ،مع أن الذئب موجود فعلا ،يلتهمنا على مدار اليوم وفي كل لحظة ،وما سيأتي سيكون أكثر خطورة وقسوة ،هذا الذئب الذي اسمه الحصار ،بتعمق كل يوم ،ويزداد خطورة كل يوم ،وكلما صرخنا كلما ضيق الخناق على رقابنا أكثر وأكثر ،ويزداد تشددا على خطابنا السياسي المأزوم الذي لا يستطيع فهمه احد ولا حتى المتعمدين بالصراخ ليل نهار.
المصيبة:
أن الذئب أتى فعلا دون ا نياتي أحدا لنجدتنا ،حتى أولئك الشياطين ،الذين وسوسوا لنا بما بخطة تؤدي إلى نتائج لصالحهم ،حرضونا على قتل مشروعنا الوطني في مهده ،ولم يصلنا منهم شيء ،وحتى الأحزاب الإسلامية التي ادعت أنها زاحفة إلينا لم يتحركوا ولم ينتقلوا من أماكنهم ،وأولئك الذين يطلقون على أنفسهم أقطاب الممانعة ،وأقطاب المقاومة ،اكتشفنا أنها ليست سوى ألقاب فارغة المعنى ،هم أيضا لم يقدموا لنا شيئا سوى التصفيق ونحن نحمل سيوفنا ونقطع أطراف بعضنا ،
مسكين قطاع غزة:
كان شاهدا على كل بداية
وكان رحما لكل ميلاد
وكان حاضنا لحلمنا
أول الرصاص وأول الجارة
ها هو اليوم مخنوق محاصر ممدد على طاولة البحث، ليقرر قاتليه رفع الظلم حتى ينتحر أم تمديد مسافة الحصار حتى الضياع.
يتناقش الإسرائيليون فيما بينهم بشكل علني وبصوت مرتفع، أيهما الأقل كلفة وثمنا، القتل السريع باجتياح صاخب، أم القتل ببطيء بنظام العقوبات الجماعي ؟ ويوازيهم نقاش علفعلا، في العواصم القريبة والبعيدة ،قادة سياسيون وحزبيون من كل الماركات ،لكن هؤلاء يصابون بالرعب كلما اعتقدوا أن الفلسطينيين سينجون من جاذبية الشر ،سؤال يخيفهم دائما ويرددونه دائما ،ماذا لو توحد الفلسطينيون مع بعضهم حتى ينجو،وقبل أن يجيبوا على سؤالهم هذا يضاعفون التحريض حتى لا نفعل ذلك ،لان وحدتنا لن تنجينا فقط ،بل أنهم سيفقدون لعبتهم المسلية وهي متابعة تناحرنا ،وسيظهرون أنهم بلا قيمة تذكر لان القضية التي تسبب حضورهم ستعود لأصحابها ،وسيظهرون على حقيقتهم ، فبدون التدخل في شؤوننا سيصبحون عاطلين عن العمل عديمي الحضور ،
ها قد جاء الذئب فعلا ، ذئبا مخيفا حقيقيا ،يهدد كل شيء ،وقطاع غزة وحيدا بلا ماء ولا غاز ولا كهرباء ،يلتهمه الذئب الذي هو الحصار شيئا فشيا وهو يصرخ ولكن صراخه لا يسمعه احد وما من مجيب










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يلف أسباب تحطم مروحية الرئيس الإيراني؟ • فرانس 24


.. التغير المناخي في الشرق الأوسط: إلى أي مدى مرتبط باستثمارات




.. كيف يسمح لمروحية الرئيس الإيراني بالإقلاع ضمن ظروف مناخية صع


.. تحقيق لـCNN يكشف هوية أشخاص هاجموا مخيما داعما للفلسطينيين ف




.. ردود الفعل تتوالى.. تعازى إقليمية ودولية على وفاة الرئيس الإ