الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نحن على أعتاب انفجار عالمي جديد و ثورة أممية جديدة؟ 4) لن تكون الثورة الجديدة ممكنة إلاَّ كنتيجة لأزمة عالمية جديدة

أنور نجم الدين

2008 / 12 / 3
العولمة وتطورات العالم المعاصر


"لن تكون الثورة الجديدة ممكنة إلاَّ كنتيجة لأزمة جديدة، ولكنها مؤكدة القدوم تماماً كما أنَّ قدوم الأزمة مؤكد – كارل ماركس" وإذا كانت الأزمات، تعني انخفاض المعدل العام للربح (حـَ)، فيمكننا إذاً أن نتحقق من أسباب ظهورها بصورة رياضية، فرأس المال الكلي (ر) = رأس المال الثابت (ثـ) + رأس المال المتحول (لـ) ومعدل الربح، هو نسبة (لـ) إلى (ر)، أي:

لـ / ر = حـَ

فإذا كان رأس المال الإجمالي يتكون من 70 ثـ + 30 لـ = 100 ر فإنَّ معدل الربح آنذاك يكون: 30 / 100 = 30%.
وهكذا، كلَّما زاد أو انخفض (لـ)، زاد أو انخفض (حـَ) معه، لأنَّ (لـ) وحده يعتبر مصدر فائض القيمة (فـ) وهذا يعني، أنَّه في حال وصل (لـ) إلى الصفر، فإنَّ معدل الربح عندها يكون صفراً، وتُّغلق آنذاك كلُّ الطرق أمام تطور رأس المال، أي الاستثمارات.
ولكن هل من الممكن أن يحدث هذا في الحياة الواقعية؟ كلا، بالطبع؟ لأن وصول (ثـ) إلى 100% أمر غير معقول من الناحية العملية، إذاً ما هو حد (سقف) تطور رأس المال، أي الاستثمارات؟

يستخدم (لـ) لشراء قوة العمل، وقوة العمل، هي التي تعطي العمل الزائد، ثم فائض القيمة (الربح) وهكذا، نجد أنَّ نسبة استغلال العمل، هي التي تحدد النتائج النهائية للارتفاع أو الهبوط في المعدل العام للربح، وكلَّما تطورت الآلات والأدوات الإنتاجية، كلَّما ارتفع الجزء الثابت من رأس المال، وانخفضت درجة استغلال العمل، ومعدل الربح، ويسبب هذا التطور أيضاً، الازدياد في وقت العمل الزائد، فيزداد فائض القيمة بموجبه، فإذا كان وقت العمل اليومي (8) ساعات مثلاً، بموجب (6) ساعات لوقت العمل الضروري، وساعتان اثنتان لوقت العمل الزائد، وإذا كان لـ = 20 والأجور لمجموعة من العمال 20 فإنَّ فائض القيمة (فـ) هو 20 ومعدل فائض القيمة (فـَ) يكون: فـ / لـ = فـَ، 20/20 = 100% معدل فائض القيمة، وسيكون معدل الربح: 20 / 100 = 20%.
وإذا اقتصر وقت العمل الضروري على (6) ساعات إلى (4) ساعات، وزاد وقت العمل الزائد من ساعتين اثنتين إلى (4) ساعات (4 + 4 = 8 ساعات) عندها يصبح لدينا: 80 ثـ + 20 لـ + 40 فـ، فـَ = 200%، و حـَ = 40% فنرى هنا ورغم الارتفاع في التركيب العضوي لرأس المال (ثـ + لـ)، أنَّ معدل الربح قد زاد بسبب الازدياد في وقت العمل الزائد، ونتيجةً للتطور الصناعي، وهذا ما نسميه عادةً بالتوفير في شروط العمل، وتوفير رأس المال الثابت، وتوفير الطاقة والتخزين، وتوفير الناتج عن العلوم الطبيعية (راجع النقطة الرابعة من الجزء الثاني).
وعدا عن ذلك، يجب ملاحظة زمن دورات أعمال الإنتاج، فكمية فائض القيمة، مضروبة عادةً بعدد دورات رأس المال المتحول في سنة واحدة، فكلَّما زاد عدد الدورات، زاد فائض القيمة أيضاً.
وهكذا، نرى أنَّ انخفاض نسبة استغلال العمل، يسبب هبوط المعدل العام للربح، فدرجة استغلال العمل هي التي تسبب في أزمان مختلفة، توازن أو اختلال الإنتاج الرأسمالي، إذا بقيت كافة الأمور على حالها.
أمَّا الحد من معدل الربح، فهو الحد من تطور رأس المال، والسؤال هو: هل يغلق الطريق أمام هذا التطور في يومٍ من الأيام؟ أو هل تترك الفوضى في الإنتاج، مكانها لإنتاج مبرمج، يشارك فيه كلُّ فرد من أفراد المجتمع؟ هل التوفير في رأس المال، وفرص تعويض الخسائر، تكفي لتعويض المناطق الشاسعة التي كانت ترتفع بوجودها، درجة استغلال العمل ثم المعدل العام للربح؟ وهل يمكن مثلاً، أن يعوض الرأسماليون العمل الإنساني بعمل الإنسان الآلي (Robot)؟
على الأرجح، لا يتوصل التوفير في رأس المال إلى حدِّ استخدام الروبوتات، بدل الأيدي العاملة الحية، هذا ورغم أنَّ الاستعاضة عن العمل الجسدي بالعمل الذهني هي في الأخير، الهدف من التطور الصناعي للإنسانية، وما إن يتوصل المجتمع إلى هذا الحدِّ من التطور، أي الاستعاضة عن العمل الجسدي بالعمل الذهني، حتى تقترب البشرية من الانقراض، بسبب تسمم الهواء، والأرض، والماء، أي تلوث البيئة.
وليس في نيتنا دخول هذا الموضوع، حيث إنَّ العلوم الطبيعية، أشارت منذ أمد بعيد، إلى هذا الانقراض المحتمل، وما يهم الرأسماليين وسلطتهم السياسية، هو أرباحهم بدل المصالح المشتركة للمجتمع، لذلك، ليس من الصعب أن نفهم أسباب ردة الفعل المتناوبة للطبقة التي تتحمل كلَّ أعباء هذا المجتمع، من عمله العبودي إلى أزماته المدمرة، ونعني بها الطبقة البروليتارية، الطبقة العملاقة التي تعتبر اليوم البشرية كلَّها عدا الحشرات الطفيلية، والبيروقراطية السياسية التي تعيش على جسد المجتمع، ولا نعني بالثورة الأممية، سوى الاستعاضة عن أسلوب الإنتاج الرأسمالي بأسلوب إنتاج كوموني، بمشاركة كلِّ الأفراد الاجتماعية، ومن تجربة أكثر من أربعة قرون من سيادة الأسلوب الرأسمالي في الإنتاج، نستنتج أنَّ هذا الأسلوب لا يجلب للإنسانية سوى النزاعات، والأزمات، والمآسي، والحروب، فالثورة إذاً، لا تعني إطلاقا إحلال سلطة جديدة محل السلطة القديمة، فالسلطة هي دائماً قديمة ورجعية، مهما يكن شكلها وديمقراطيتها، فالأمر يدور إذاً حول ثورة في أسلوب الإنتاج، والتوزيع، وإعادة إدارتها إلى مجتمع المنتجين أنفسهم، وهذه الثورة يجب أن تحدث، إذا أرادت البشرية السيطرة على اختلال التوازن في الإنتاج والأزمات، وتحدث الثورة هذه دون شك، على أنقاض كلِّ الحركات التحررية الوطنية والقومية، والتغيرات السياسية في شكل الدولة، من لينين إلى ستالين، ومن جمال عبد الناصر إلى غاندي، ومن عبد الكريم قاسم إلى تيتو، و من بوش الى أوباما، فالمسألة إذاً، تتعلق بالمصالح المشتركة للبشرية أجمعها، لا بالمصالح الوطنية والقومية، أي مصالح البرجوازية، ولا يمكن الدخول إلى مجتمع إنساني، دون توحيد مصالح الإنسانية المشتركة "بينما كانت برجوازية كلِّ أمة تحتفظ بعد بمصالح قومية خاصة، خلقت الصناعة الكبرى طبقة تملك نفس المصلحة في جميع الأمم، وقد ألغيت القومية سلفاً بالنسبة إليها – كارل ماركس" وهذه الطبقة هي البروليتاريا، أي الطبقة التي لا ترى في مصلحتها، سوى مصالح البشرية أجمعها، ولا يمكن توحيد مصالح الإنسانية المشتركة، دون ثورة أممية على أسلوب الإنتاج والتوزيع، فالفرد الإنساني، لا يمكن أن يمارس حريته دون المشاركة الجماعية في إدارة الإنتاج والتوزيع الجماعي، بل ويقف أمام نتاج إنتاجه كقوى غريبة عنه، وكوسيلة لإضطهاده. ولكن هل تحدث ثورة أممية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تحرك تصريحات بايدن جمود مفاوضات الهدنة في غزة؟| #غرفة_الأ


.. ممثلة كندية تتضامن مع غزة خلال تسلمها جائزة




.. كيف سترد حماس على بيان الوسطاء الذي يدعوها وإسرائيل لقبول ال


.. غزيون يستخدمون مخلفات جيش الاحتلال العسكرية بعد انقطاع الغاز




.. صحيفة الغارديان: خطاب بايدن كان مصمما للضغط على إسرائيل