الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضرب الأطفال والنساء في البلدان العربية .

ناهده محمد علي

2008 / 12 / 3
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


يُشكل ضرب الأطفال والنساء في البلدان العربية السِمة الطاغية على العلاقات الإجتماعية خاصة بين الفئات ذات المستوى الثقافي والإقتصادي المتدني , حيث تعيش هذه الفئات حالات من القهر الإجتماعي والإقتصادي تُصبح له نوافذ ومتنفس قهري من خلال ضرب الأطفال وهذا المتنفس له أُصول وجذور تأريخية تتعلق بتأريخ المجتمع العربي حيناً وأحياناً بتأريخ الفرد ومسار حياته الشخصية مع والديه والأفراد الكبار من عائلته وحتى من جيرانه وأصدقائه ’ ويتخذ الكبار هنا وضعية الإسفنج الماص للسوائل المحيطة , أما الأطفال فهم الخرقة التي يُعصر عليها الماء الوسخ إن الطفل في البلدان العربية يتربى على منطق ( القوي هو الأصلح , وما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة ) , ولكن ما هو الذي أُخذ ومِن من ! .
لقد أُخذ من الفرد العربي ثقته وإحترامه لنفسه حينما تربى على مبدأ ( العصا لِمن عصى ) , فهو يُضرب لكل عصيان يرتكبه ويُهان لكل رفض إبتداءً من علاقته بوالديه , فهو يلبس كما يشاء الكِبار ويأكل مايريدونه ويتزوج بمن يريدونه , ثم يُضرب لكي يبقى ساكتاً طوال حياته , وحين يخرج الى الشارع حيث يتواجد قهر السلطات يُضرب من قِبل الشرطة , ولا تساوي قيمة حياة الفرد شيئاً , فماذا تنتظر من فرد كهذا إلا أن يتحول الى بركان غاضب وحاقد لكنه يبقى خائفاً كما لو كان في العاشرة من عمره , وهو وسط مشاعر من الغضب والخوف يصب غضبه على من لا خوف منهم ولا سلطة لهم عليه , وليس في هذه الحالة من هو أفضل من الزوجة والأطفال .
إن كسر شخصية الفرد في البلدان العربية يبدأ من الطفولة حيث يُربي البيت العربي فرداً خائفاً طوال الوقت , لكن الشق الآخر لشخصيته يبقى غاضباً على الشق الأول وعلى من خطط له مسار شخصيته المهزوزة , وتبقى الأحلام تراوده بأن يصحو ذات يوم ليجد نفسه بطلاً من أبطال الدراما الأقوياء , ولكن كل ما يحيط به يُذكره دائماً بأنه شخص مهزوز غير فاعل وغير قادر على تقديم المحبة ولا الإحساس بالأمان لزوجته وأطفاله وهذا يجعله غاضباً أكثر . ونلاحظ أن كثير من المجرمين والقتلة في الحقيقة هم أُناس يتسمون بسِمة الجُبن والخوف المرضي , لذا يختارون ضحاياهم من النساء والأطفال المتوحدين وفي أماكن منعزلة وحين حلول الظلام حيث يكون الكل في بيته ليشعر المجرم حينها بأنه الفارس الوحيد وهذه فرصته لكي ينتقم من المجتمع لذاته , ويكون هؤلاء الأشخاص في الغالب مرضى وقد عانوا أنواع من القهر الجسدي والنفسي في طفولتهم من قِبل الكبار المحيطين , فالبعض عُذب بمنعه من الطعام لخطأ إرتكبه أو لفشله الدراسي , والبعض أُحرقت أصابعه بالنار لكذبة أو لخطأ إرتكبه أو حتى لضحك غير مُبرر . تحدث مرة أحد المرضى المراهقين بأن أُمه قد ضربته ضرباً مُبرحاً لإعتقادها بأنه يسخر منها وقد كان في الحقيقة يتذكر نكته سمعها , وقد يمتنع الطفل من الذهاب الى المدرسة خوفاً من المعلمين فيقوم الوالدين بضربه أو حرمانه من الطعام أو النوم لأجل معاقبته .
لقد أصبح الطفل في البلدان العربية قارورة يصب فيها البالغين كل السموم المتجمعة من مشاعرهم وطموحاتهم المُحبطة , وتتشكل هنا سلسلة خطرة من القهر الجسدي الذي قد يستمر لأجيال بدعوى ( هكذا علمني أبي وأنا أُربي أولادي بنفس الطريقة ) .
ولا عجب في هذا فكلما إستمرت ظاهرة الفقر والمرض والأمية , كلما إستمرت هذه السلسلة المتينة في إحاطتها بعقول ونفوس الأفراد البالغين حتى تترك آثاراً وتشوهات واضحة في نفسية الفرد الذي يولد ويتربى لكي يصبح فرداً غير فاعل ومُحبط ومُتقوقع في مكانه لا يغادره أبداً لأنه لا يجرؤ على ذلك , وبالتالي تتضارب طموحاته كإنسان مع واقعه فهو مُحاط بسلسلة كبيرة من اللامبالاة الإجتماعية , فهو جائع في بلد غني وأُمي في عالم واسع متحضر تنقل له وسائل الإعلام السهلة والمعقدة كل نجاحات الأفراد في العالم وكل التغيير السريع الحاصل وهو لا يبرح مكانه في مجتمع نسيه تماماً , وهو بالمقابل أيضاً يرد له الجميل فينسى مجتمعه وعائلته , لكنه وبالطبيعة البشرية المعروفة لا يستطيع أن ينسى ذاته ولا يستطيع أن يُقدم لها شيئاً لأن لأي فعل إيجابي أُسس لا تتعلق بحركته وحده بل بحركة المجتمع كله , فماذا يبقى لديه هنا , يبقى الفعل السلبي والذي لا يهتم المجتمع بردعه إلا حينما يصبح جريمة قائمة , إذاً فهو حر في شيء واحد ألا وهو ردود الفعل السلبية والتعبير عن البركان الداخلي في بيته حيث لا أحد يسمع ولا أحد يرى , وقاعدة هذا الفعل موجودة ومتوفرة وهم النساء والأطفال الذين تربطهم به جدران المنزل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المرأة التوكسيك.. علاقة ضارة تؤذي الرجل وتدمره


.. -بسبب جمالها-.. أسباب تجعل المرأة سامة




.. استشاري العلاقات الأسرية محمد دسوقي يوضح صفات المرأة التوكسي


.. لماذا نسمع عن الرجل السام وليس المرأة السامة؟.. رد المصريين




.. أنواع تعامل الرجال مع المرأة التوكسيك