الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هيكل وانتخابات الرئاسة الأمريكية

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2008 / 12 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


لم يتوقع أكثر المتفائلين أن يحقق أوباما هذا الفوز الكاسح فى الانتخابات الأمريكية. ورغم أن كل استطلاعات الرأى كانت تشير إلى تقدم أوباما تقدما ملحوظا على منافسه الجمهورى جون ماكين فإن معظم المحللين كانوا يشككون فى نتائج هذه الاستطلاعات ويتوقعون انهيارها أمام صناديق الاقتراع تماما كما حدث مع الأمريكى ذى الأصول الأفريقية توم برادلى، مرشح الحزب الديمقراطى لمنصب حاكم كاليفورنيا فى عام 1982م الذى كان يتقدم على منافسه الجمهورى فى استطلاعات الرأى بفارق كبير ولكنه انهزم فى الانتخابات حيث تبين أن الناخبين فعلوا شيئا مختلفا عندما اختلوا بأنفسهم داخل قاعة الاقتراع وهذا عرف فيما بعد ب"ظاهرة برادلى". الغريب أن أوباما اثبت عدم صحة هذه الظاهرة حيث اكتسح منافسه حتى فى الولايات التى فاز فيها مرشحو الحزب الجمهورى فى الانتخابات الرئاسية السابقة. كما اثبت إخفاق الكثير من المحللين والكتاب العرب وعلى رأسهم الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل فى قراءة الانتخابات الأمريكية. لقد ظل هيكل يؤكد فى أحاديثه الفضائية استحالة فوز أوباما فى ظل التمييز العنصرى الذى يقبع على صدر المجتمع الأمريكى.

لقد عبر هيكل فى قناة الجزيرة عن توقعاته ورؤيته لنتائج الانتخابات الأمريكية حيث قال إنه لا يتصور أن يقوم المجتمع الأمريكى بانتخاب ملون أو امرأة لأن "المجتمع الأمريكى ليس مؤهلا لهذا" وزعم أنه يعرف المجتمع الأمريكى حق المعرفة ويعرف خبايا التمييز العنصرى فى هذا المجتمع. لقد أظهرت النتائج خطأ هذا التحليل وعندئذ جاء هيكل مرة أخرى لتفسير النتيجة التى لم يتوقعها حيث يقول إن انتخاب أوباما "دليل على المرونة الهائلة الأمريكية، دليل على انفتاح العقل الأمريكى لتقبل ما لا يمكن التفكير فيه." من اللافت للنظر أن هيكل لم يشر إلى هذه المرونة إلا بعد أن فاز أوباما فوزا كاسحا. ومن الملاحظ أيضا أنه قلل من أهمية العوامل التى أدت إلى فوز أوباما على منافسه الجمهورى حيث يرى أن أوباما شاب صغير يفتقد إلى الخبرة وأن الأمريكيين تعاطفوا معه. لا شك أن هذا التفسير يتناقض كليا مع الأسباب التى ساقها لإثبات استحالة فوز أوباما ومنها أن "المجتمع الأمريكى ليس مؤهلا لهذا" أى أن المجتمع الأمريكى ليس مؤهلا للتعاطف مع شاب ملون لا يمتلك خبرة أو تجربة.

لعل مثل هذه التفسيرات المتناقضة كانت جاهزة بصرف النظر عن النتيجة: إذا فشل أوباما فهذا معناه "التمييز العنصرى"—الذى يمثل عدم مرونة—وإذا نجح فإن ذلك "دليل على المرونة الهائلة الأمريكية". وفى ظنى فإن هيكل ربما تأثر بالحقبة التى قضاها فى الولايات المتحدة فى الستينيات حين كان صحفيا يغطى الأزمات العنصرية التى خاضها المجتمع الأمريكى. وهذه التجربة دفعته إلى الاعتماد على "التمييز العنصرى" كأحد العوامل التى قد تعرقل انتخاب رئيس ملون. من الواضح أن أوباما نجح فى أمرين: 1. الانتخابات الأمريكية 2. اثبت أن كتابنا قد جانبهم الصواب فى فهم التغير الذى طرأ على المجتمع الأمريكى بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر.

قد تذكرنا الرؤية التى طرحها هيكل بأقوال ماكين خلال الحملة الانتخابية حيث ظل يردد أن منافسه يعوزه الخبرة والتجربة، إذ لم يقض فى الكونجرس سوى سنوات قليلة قد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة وهذا صحيح غير أن هذا الكلام لم ينجح فى إثناء الأمريكيين عن إعطاء أصواتهم لأوباما. لقد قارن الناخب الأمريكى بين الرؤى التى يقدمها المرشحون للتعامل مع الأزمات التى يعيشها. لقد استطاع أوباما أن يعبر عن فهمه للأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد واستطاع أن يقدم منهجا واضحا للتقليل من أثاره. وربما يعتقد القارئ أن أوباما امتلك عصا سحرية جذبت له الناخبين. صحيح أن أوباما يمتلك قدرات خطابية هائلة وتعبيرات ساحرة يفتقدها منافسه الجمهورى إلا أنه فى الوقت نفسه استعان بجيش من الخبراء الذين استطاعوا بلورة برنامجه الانتخابى. ومن المسلم به أن أوباما لم يكن ليحقق النجاح المأمول لو أنه خاض الانتخابات بعيدا عن مؤازرة الحزب الديمقراطى الذى سخر له كل كوادره وإمكاناته. ورغم كل ذلك فإننا نقول إن المجتمع الأمريكى قد قفز قفزات هائلة فوق أسوار العنصرية التى ظلت تحاصره وتقبع على أنفاسه منذ زمن بعيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على تفاصيل كمين جباليا الذي أعلنت القسام فيه عن قتل وأس


.. قراءة عسكرية.. منظمة إسرائيلية تكشف عن أن عدد جرحى الاحتلال




.. المتحدث العسكري باسم أنصار الله: العمليات حققت أهدافها وكانت


.. ماذا تعرف عن طائرة -هرميس 900- التي أعلن حزب الله إسقاطها




.. استهداف قوات الاحتلال بعبوة ناسفة محلية الصنع في مخيم بلاطة