الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من / تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// جيل الانشغالات التافهة.

بلكميمي محمد

2008 / 12 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


ان المرء عندما يقارن مابين انشغالات جيل الستينات ومنتصف السبعينات ، وبين انشغالات جيل الثمانينات ، في المغرب ، سيلاحظ كم هي عميقة الهوة التي تفصل بين الجيلين .
كان الجيل الاول عن حق ، جيل الاهتمامات الكبرى . . جيل الانشغالات بالقضايا السامية . لم يكن ذلك الجيل ليرضى ، بان يسجن همومه ، في حدود همومه الذاتية الصرفة . . فالذات الفردية لم تكن باي حال من الاحوال ، تشكل بالنسبة اليه ، مركز انشغالاته اليومية ، بالعكس ، كان يتطلع لما هو اكبر ، واعظم ، واشمل .
فابطال ذلك الجيل ، لانهم كانوا حقا ابطالا ، لم يكونوا بالتالي من طينة البشر العاديين ، ان فلسفتهم في الحياة والوجود ، لم تكن ابدا فليفة عادية ، تختزل كل الوجود الانساني ، في المسار الذي ارتاته الطبيعة ، والذي يتركز في انتاج النسل واعادة انتاجه ، قصد الحفاظ على النوع .
ولا في المسار الذي ارتأوه القابضون بزمام الحكم ، وهو : الابتعاد عن الاهتمام بالقضايا العامة ، والانشغال فقط بتفاصيل الحياة الروتينية التافهة . بالعكس كانت فلسفتهم تقوم على اعتبار ، ان ماهو مجتمعي هو شخصي . وان ماهو وطني وقومي هو شخصي ، وان ماهو اممي وانساني هو ايضا شخصي .
لكن الاتقاء بالهموم من دائرة الخاص الى دائرة العام ، لم يكن ينحصر في الموقف الفكري وحده ، بل تعداه الى الفعل السياسي ، عبر الانخراط في حركات سياسية مناضلة .
والالتزام السياسي ، في بلد متخلف مثل المغرب ، حيث لم تترسخ بعد اسس المجتمع المدني الديمقراطية ، يكون باهظ الثمن .
الممارسة السياسية المناضلة في المغرب ، تعني الاعتقال الطويل الامد ، والموت ، وتشريد العائلات . لكن ذلك الجيل من الشباب ، المهووس بالمبادئ الكبرى ، لم يكن ليخشى القمع مهما اشتد بطشه . ويكفي فخرا ان ذلك الجيل قد قدم قافلة كاملة من المعتقلين والمنفيين والشهداء .
وحتى السجون نفسها ، التي اراد منها اصحابها ان تكون قبورا للمبادئ ولاصحاب المبادئ على السواء ، فقد تحولت الى نقيضها ، ان السجن المغربي ، قد جعل منه ذلك الجيل الفذ ، مدرسة حقيقية للنضال ، والصمود وتطور الوعي السياسي والفكري .
هذا عن جيل الامس .

اما جيل اليوم ، وياللاسف .. لقد ماتت البادئ .. وماتت القيم النبيلة ، وماتت الاخلاق ، وماتت روح انكار الذات ، واصبحت الانانية ، والمصلحة الذاتية الضيقة ، والانتهازية ، واللا اخلاق ، واللاقيم ، هي قيم هذا الجيل .
واصبحت المخدرات ، والعنف ، والاغتصاب ، وكل الانحرافات المرضية الاخرى ، هي ثيم هذا الجيل .
اما السياسة ، مجرد لفظ السياسة ، فقد اصبحت من المحرمات بالنسبة اليه . حتى الحديث العادي من نوع الحديث عن ارتفاع اسعار مواد المعيشة ، فهي محرمات ومحظورات .
كيف ولماذا وقع هذا الانقلاب العميق ، في الاهتمامات بين الجيلين ؟
ان سبب ذلك من حيث الجوهر ، يعود الى الاختلاف العميق في الطبيعة بين المرحلة التاريخية ، التي كانت سائدة في الستينات ومنتصف السبعينات ، وبين مرحلة الثمانينات .
ان كل مرحلة تاريخية تنتج ممثليها الخاصين .
فالمرحلة التي وافقت المد التحرري الوطني والقومي والاممي مرحلة بنبركة وعبد الناصر وهوشي منه ، قد انتجت جيل المبادئ .
والمرحلة التي وافقت الانحدار الشامل لذلك المد ، قد انتجت جيل اللامبادئ .
لكن هذه المرحلة ليست ابدية ، رغم لجوء القوى المستفيدة منها الى صب الوقود لتمديدها .
فكما ان مرحلة جيل المبادئ ، قد ماتت لتفسح المكان لمرحلة جيل اللامبادئ الحالية ستعقبها بالضرورة مرحلة جيل مبادئ جديدة .
ان الشباب الذي يناضل اليوم باستماتة ، من اجل الخروج من نفق مرحلة اللامبادئ هذه ، لهو املنا القوي في طي هذه المرحلة البئيسة . ومنا لايمكن ان ينتظر سوى الحب والدعم .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف يمكن قراءة تصريحات بايدن حول اعترافه لأول مرة بقتل قنابل


.. بايدن: القنابل التي قدمتها أمريكا وأوقفتها الآن استخدمت في ق




.. الشعلة الأولمبية.. الرئيس ماكرون يرغب في حقه من النجاح • فرا


.. بايدن: أعمل مع الدول العربية المستعدة للمساعدة في الانتقال ل




.. مشاهد من حريق ضخم اندلع في مصنع لمحطات شحن السيارات الكهربائ