الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة الرأسمالية ونكبة الاشتراكية: ما العمل؟

عبدالاله سطي

2008 / 12 / 6
مواضيع وابحاث سياسية



منذ انهيار جدار برلين استفردت المنظومة الرأسمالية بمعظم الأنظمة الاقتصادية والسياسية العالمية، وسلم الجميع بجدوى هذا النظام وعدم جدوى المنهجية الاشتراكية الاقتصادية. فركنت معظم الدراسات إلى التمجيد بمناهج الرأسمالية وتخصيص مراكز خاصة بتطوير هذا المنهج وتدريسه مع تحجيم دور الفكر الاشتراكي ومناهجه، فبات أي حديث عن الاشتراكية من قبيل الترف الفكري والكلام التقليدي الذي لا يغني ولا يسمن. هكذا غدت الاشتراكية تذوق أذيال هزيمة البيروقراطية السوفياتية ومرارة البيرستويكا الكورباتشوفية، وبالتالي حالة النكبة التي ألمت بها بعد انقلاب يلسن على كورباتشوف وتفكيك الاتحاد السوفيتي مع مطلع التسعينيات من القرن الماضي، ثم انهيار جدار بيرلين، وإعلان توحيد الألمانيتين، وبالتالي إحداث القطيعة مع التجربة الاشتراكية وإحلال المنظومة الرأسمالية كبديل لها. ها ما يوصف بالنكبة الاشتراكية سوف يكون له تداعيات عالمية كبيرة، أولها تشين بداية التراجع عن التجربة الاشتراكية في معظم معاقلها (الصين، دول أمريكا اللاتينية، وبعض الدول العربية التي كانت تحمل ذات الشعار...). ثاني هذه التداعيات هو أفول عهد الثنائية القطبية واستفراد أمريكا بقيادة العالم والتحكم في دواليبه، حيث لم ينفك أن تتفكك التحاد السوفياتي حتى دعمت الولايات المتحدة الأمريكية قواتها في شتى أنحاء العالم وإشعاله فتيل النعرات في العديد من المناطق الحيوية حتى تضمن تبعيتها ورضوخها. من جاء مشروع العولمة الذي دشنت خطاباته مع الرئيس جورج بوش الأب، وكرست مع الرئيس بيل كلينتون. وبدأت ملامح عالم جديد تتشكل في الأفق تقوده منظومة رأسمالية برموز أمريكا ـ الحرية، السلم العالمي، والعولمة ـ ستتضح أكثر بعد هجومات 11 سبتمبر 2001، وإعلان الحرب على الإرهاب، بشعار إما معنا أو ضدنا، وبالتالي إما تنغمس في المشروع الأمريكي برمته، وإما أنت داعم للإرهاب ومهدد للسلم العالمي وبالتالي يستوجب مهاجمتك ومحاربتك.
أما بعد التحولات التي شهدها الاقتصاد العالمي بانهيار مؤشرات كبريات المصارف في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا معقل الرأسمالية، بات السؤال يفرض نفسه على مستقبل هذه المنظومة وتداعياتها على التوازنات الدولية والسلم العالمي ذاته. فكل المؤشرات الآن توحي بأن الأزمة ليست أزمة مارة أو عابرة، فهي أزمة تفرض نفسها بقوة وبإلحاح على هذا النهج الرأسمالي. ومن يخاطب الناس بكلام من ذوي ما أشبه اليوم بالبارحة قاصدا أزمة 1929، فهو مخطئ تمام الخطأ لأن البيئة العالمية والفاعلين الاقتصاديين وكذا المؤشرات التي تتحكم في اللعبة الاقتصادية كلها تغيرت. وبالتالي لا مندوحة في تغيير التفكير في طريقة الحل بما تتلاءم مع المعطيات الحديثة. وهذا ما يستوعبه الخبراء العالميين جيدا، والذين يدركون أن سير العملية الاقتصادية بذات الوتيرة وبذات الآليات يعني الاستمرار في الأزمة وتبعاتها.
هنا يطرح سؤال ما العمل؟ أمام نكبة لتجربة اشتراكية ومحنة بطعم الانهيار للمنظومة الرأسمالية؟
التفكير في عمق السؤال يؤدي حتما إلى ضرورة التحرر من القيود الفكرية التي تفرضها كل منظومة فكرية على ذاتها سواء كانت اشتراكية أو رأسمالية، بحيث يصبح المجهود الفكري لا ينظر إلى كل طرف من زاوية التشفي وثنائية الانتصار والهزيمة، فالوضع بات واضح وفاضح، كلتا المنظومتين أبانتا على تفوقهما في بعض الأوقات وأبانتا على ضعفهما في أوقات أخرى. إذا فالعمل يجب أن ينظر إليه بشمولية من خلال تركيب كل المعايير الناجعة في كل منظومة على الثانية، حتى يمكن الخروج بمشروع تركيبي يحمي العالم من كوارث قد لا تحمد عقباها. بمعنى آخر المنظومة الرأسمالية اليوم أصبحت في أمس الحاجة إلى تطعيم وتلقيم ذاتها من المنظومة الاشتراكية باستعمال مفاهيم البيولوجيا، من أجل تفادي الانهيار والخروج من محنتها التي باتت أمر واقع ومفروض على الجميع.
فهل هذا ممكن؟؟؟
هذا ممكن لكن الأمر يحتاج إلى تمحيص ومزيد من الجهد الفكري؟؟؟

عبد الاله سطي/ طالب باحث في العلوم السياسية










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى