الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطنية المغربية و الطابو التاريخي

أحمد عصيد

2008 / 12 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


تحدّدت معالم "الوطنية" المغربية نظريا و سياسيا في السياق الحديث مع مطلع الثلاثينات من القرن الماضي على يد منظري الحركة الوطنية الذين ينحدر معظمهم من العائلات الأندلسية، و اتخذ الإنتماء إلى المغرب لأول مرّة طابعا إيديولوجيا يعتمد مرجعية ثقافية و سياسية شرقية (القومية العربية)، و يضع المكوّن الأمازيغي الأصلي على الهامش معتبرا إياه أداة لمؤامرة أجنبية بعد صدور "الظهير" الإستعماري 16 ماي 1930، الذي حاول بموجبه الفرنسيون ترسيم القوانين العرفية الأمازيغية التي كانت معتمدة في المناطق ذات العوائد الأمازيغية، و التي كانت السلطة المركزية لسلاطين المغرب تتجاهلها و ترفض الإعتراف بها باعتبارها قوانين "بلاد السيبة" أي البلاد المتمرّدة.
ترتب عن ذلك نتائج خطيرة جعلت المغرب المفترض و الذهني يأخذ بالتدريج مكان المغرب الواقعي مغرب الناس و التاريخ، كانت أهداف النخبة الأندلسية واضحة، استعادة "الفردوس المفقود" بحضارته العربية لكن على أرض المغرب التي سماها المؤرخون العرب عبر التاريخ "بلاد البربر"، و كانت الأمازيغية ثقافة الأغلبية الساحقة من المغاربة عائقا أمام هذا الحلم، مما يفسّر الرعب الذي أصاب النخب الأرستقراطية المدينية من الظهير المذكور الذي كان سيحوّل ثقافة القبائل من العرف التقليدي إلى القانون الرسمي المعترف به، و بهذا يتجلّى الوعي المبكّر لهذه النخب برهانات الدولة المركزية القادمة التي تقوم هويتها على التأحيد و صنع و بناء الكيان الجديد. في الوقت الذي حالت فيه ظروف الإحتلال الأجنبي للأرض المغربية دون انبثاق هذا الوعي لدى القبائل الأمازيغية التي وجّهت منذ مطلع القرن العشرين كل قواها لمواجهة المخزن من جهة و التغلغل الأجنبي في الأرض المغربية من جهة أخرى، و هو ما يفسر توقيع عقد الحماية من طرف السلطان و تسليط المدفعية الفرنسية على القبائل في إطار ما سمي بـ"التهدئة".
و كان طبيعيا أن يقوم المغرب المستقل بعد ذلك بترسيم إيديولوجيا النخب المدينية في التعليم و الإدارة و كافة المرافق، و أن يضع الأمازيغية ضمن طابوهات الإستقلال. و لكي يتم تسويغ هذا الإقصاء كان لابدّ من تحريف التاريخ و ترسيم رواية مؤدلجة للأحداث، أصبحت شرعية السلطة و شرعية بعض الأحزاب قائمة عليها، مما جعل أي تصحيح للتاريخ يعدّ تهديدا للنظام العام، و اليوم و بعد أن أحدث الملك محمد السادس معهدا خاصا بإعادة قراءة التاريخ و كتابته، يبدو أن هناك شبه اعتراف رسمي بوجود مشكل ما في تاريخ المغرب، غير أنه لا أحد يعرف الحدود التي يضعها النظام لهذه العملية التصحيحية، و ما إذا كان التصحيح الذي سينجز كافيا لإعادة الدفء إلى الشعور الوطني الذي قتلته الإيديولوجيات المستوردة.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلمو بريطانيا.. هل يؤثرون على الانتخابات العامة في البلاد؟


.. رئيس وزراء فرنسا: أقصى اليمين على أبواب السلطة ولم يحدث في د




.. مطالبات بايدن بالتراجع ليست الأولى.. 3 رؤساء سابقين اختاروا


.. أوربان يثير قلق الغرب.. الاتحاد الأوروبي في -عُهدة صديق روسي




.. لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.. فرنسا لسيناريو غير مسب