الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عيد بأية حال عدت يا عيد ؟

بلال العقايلة

2008 / 12 / 7
حقوق الانسان



طالعتنا مؤخراً دائرة الاحصاءات العامة بنتائج دراسة مؤلمة مفادها أن نصف مليون مواطن أردني يعتاشون على أقل من نصف دينار في اليوم، وهذا هو نصيب الفرد الواحد منهم.
توقفت طويلاً عند هذا الرقم، لازمتني الكآبة، وتملكني الحزن، تساءلت كثيراً وقلت في نفسي يا الله إذا كان هذا الرقم لمن دخلهم دون الخمسين قرشا، فما هو عدد من يناهز دخلهم الدينار الواحد..حتما سيصل الى ملايين البشر.
وقلت إذاً فما قيمة هذه المبالغ في زمن شب فيه الغلاء ، وعز فيه رغيف الفقراء . حينها تذكرت حلول العيد وتساءلت كيف السبيل الأفراح في وطن يزداد بؤساً إذا ما أقبل العيد، وما هي المعاني الانسانية التي يبقيها لهم العيد وهم من باتوا ضحايا في عيد الضحايا..؟
حديث العيد هذا يقودنا الى الحديث عن جملة متناقضات يلمسها المواطنون في الشأن العام.. فأبراج تناطح السحاب وجحافل بشرية تصارع فوق التراب من أجل البقاء، تجار جشعون أطلق لهم العنان لامتصاص دماء البشر، وأطفال ينبشون حاويات القمامة يبحثون عن فرحة مفقودة من بين ثنايا غربتهم الكونية. نواب وأعيان ووزراء يحظون بنصيب الأسد من الزيادات المالية في رواتهم وآلاف مؤلفة من الشعب لا رواتب لهم أصلاً.
مشردون في شوارعنا ضاقت بهم أمانتنا ،وأقصد أمانة عمان التى شطحت بعيداً عن واقعنا الحزين.
رجال ونساء قسا عليهم الزمن بعد أن بلغوا من الكبر عتيا، يهيمون على وجوههم بحثا عما يقيهم حر الصيف ،وبرد الشتاء،بعضهم تجده يعتصم سلماً منذ سنوات بجوار مكاتب الامانة عن رغدان القديم.
نساء حسناوات ينتظرن على أبواب المساجد يتوسلن عباداً محسنين ، وجوههن تخبرك بماض من العيش الرغيد، هن منا معشر الغيارى ولكن لايعرفهن منا أحد.
ملايين الغلابى، يتنازلون كرها عن فرحةالعيد، قرىً ومخيمات وبلدات تثير الشفقة والحسرات، غيرتها الأيام وقسوتها بؤساً إذا ما حل عليها العيد.. أوصال تقطعت أرحام هجرت، فلا ملابس ولا حلوى ولا ألعاب ولا حليب، هذا ما عبر عنه أحدهم مخاطباً طفله الصغير.
لا تطلب لبناً أولعباً ما عندي شيء ما عندي
فحليبك أصبح مرهوناً في أيدي صندوق النقد
ملايين البؤساء أصبحوا في قاموس الانتهازيين مجرد أرقم تحركها كمشة دنانير، هؤلاء الفقراء هم الذخر والسند في وقت الحاجة، يمتلكون جهوزية عالية، فإذا ما أذن مؤذن الانتخابات، ما عليك إلا أن تحضر لهم ما يكفي من حافلات، فهم مستعدون للذهاب معك الى حيث تريد.. هؤلاء ليسوا بحاجة لمن ينظم طوابيرهم على أبواب صناديق الاقتراع، فهم ناخبون محترفون، مع أنهم مسحوقون، لقد فهموا أدوارهم، وحفظوا درسهم في اختيار مرشحيهم بعناية واقتدار.
انهم أصحاب قناعات، لا يخشون على رزقهم، مؤمنون بقوله تعالى.. " وفي السماء رزقكم وما توعدون" ، يرضون بالقليل القليل .. يملكون جلداً في طول الانتظار .. صادقون لا يختلقون الأعذار، يختارون بكل ديمقراطية نزيهة، من يسهر الليالي على راحتهم طوال أربع سنوات. هم قوم محظوظون، لأنهم أجادوا الاختيار .. لمن ينظم لهم التشريعات ويصدح دفاعاً عنهم بهذه اللاءات: لا للجوع ولا للغلاء ولا للاضطهاد!
أعزائي القراء مهلاً مهلاً .. فهذه مجرد أمنيات مدفونة في نفوس الكثيرين في وطني ..
كأن شعبي مع الأحزان موعده في كل عيد وما تبلى المواعيد
ترى الليالي سوداً في حوادثها وللمصائب عند النوم تسهيد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بانتظار تأشيرة للشرق الأوسط.. لاجئون سودانيون عالقون في إثيو


.. الأمم المتحدة تندد بـ -ترهيب ومضايقة- السلطات للمحامين في تو




.. -جبل- من النفايات وسط خيام النازحين في مدينة خان يونس


.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان




.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي