الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوتفليقة: الرئيس المدني الذي حجَم العسكر

محمد سيد رصاص

2008 / 12 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


تحدَد التاريخ الجزائري،منذ يوم استقلال5تموز1962،بالعلاقة بين المؤسسة العسكرية والجهاز المدني السياسي بفرعيه السلطوي والمعارض،ويمكن تأريخ حقب هذا التاريخ إما بواقعة الصراع بين الجهازين(بن بيلاَ وبومدين حتى انقلاب1965)أوعبر تفرد العسكر بالسلطة سواء من خلال فرد(بومدين حتى وفاته عام1978)أوالمؤسسة العسكرية(1979-1992)أومن خلال دفع الجيش لواجهات مدنية أوعسكرية يحكم الجنرالات من وراءها(1992-1999).
في انتخابات نيسان1999الرئاسية،التي فاز فيها عبد العزيز بوتفليقة،كانت أغلب التحليلات السياسية،المحلية والعربية والدولية،تقول بأنه واجهة للعسكر،كمافعل الأخيرون مع محمد بوضياف وعلي كافي والأمين زروال بعد انقلاب 1992،الذي قطع الجيش من خلاله عملية فوز الإسلاميين بالإنتخابات البرلمانية،ماأشَر لبداية حرب أهلية أسقطت مايقدر بمئة ألف قتيل خلال عشر سنوات.
لايمكن هنا عدم تسجيل تأييد الجيش للمرشح بوتفليقة في انتخابات1999،وتشكيله لمظلة له ساهمت في دفع مؤسسات قوية التأثير(=حزب جبهة التحرير،منظمات المجاهدين،نقابات العمال...إلخ)إلى تأييده ودعمه،إلاأن الأمر كان مختلفاً عن سيناريو كانون ثاني1992-نيسان1999،حيث كان واضحاً بأن طرفي الصراع الرئيسيين في تلك الحرب الأهلية-أي الجيش والإسلاميين- قد فقدا مصداقيتهما الإجتماعية،ولم يعد هناك من دعم دولي لهما،فيما كان قبل ذلك علنياً الإنقسام الفرنسي-الأميركي حيال انقلاب1992حتى حسمت واشنطن أمرها بعيداً عن الإسلاميين المعادين تقليدياً للنفوذ الفرنسي في عام1995.
هذا الفراغ في القوة،أوتهتك قوى الأطراف الفاعلة أوالمتصارعة خلال عقد التسعينيات،هو الذي أتاح للرئيس بوتفليقة أن يكون في"وضعية بونابرتية"،التي يمتلك فيها شخص سياسي فرد قوة تفوق مجموع القوى السياسية في المجتمع،بعد أن تصل تلك القوى إلى حالة انسداد في الفعالية والتأثير،أوتصل لحالة اهتلاك في القوة،أولتعادل وتوازن فيما بينها،كماحصل لنابليون بونابرت في عام1799أولإبن أخية لويس بونابرت في عام1851،ماأتاح لهما تفرد في السلطة عبر قوة سياسية،أعطتها غالبية القوى الإجتماعية والسياسية طابعاً انقاذياً،ولوأخذت شكل قوة سياسية متجسدة في فرد واحد.
في هذا الإطار،ساهم الدعم الأميركي للرئيس بوتفليقة،والإزدهار الإقتصادي الذي نتج عن فورة أسعار النفط بالسنوات الأربع الماضية،وتفكك قوة المسلحين الإسلاميين،مع عدم قدرة(جبهة الإنقاذ الإسلامية)على استعادة قوتها السابقة مضافاً لهذا عدم قدرة المنظمات الإسلامية المدنية الأخرى على خلافة قوة(الإنقاذ)مثل حركة الشيخ عبدالله جاب الله – في افلات الرئيس الجزائري من شباك المؤسسة العسكرية،لتصبح المؤسسة الرئاسية هي الحاكمة لأول مرة في التاريخ الجزائري للثكنات- ولوكانت كذلك في زمن بومدين الذي كان يحكم كجنرال لم يتخلى طوال حكمه عن منصب رئيس الأركان- وهو مابانت أبعاده في السنوات الأخيرة عبر التغييرات الجذرية التي أجراها الرئيس بوتفليقة في المراكز العسكرية الرئيسية،ثم في سيطرته على حزب جبهة التحرير الذي كانت قيادته مرتهنة للجنرالات منذ النصف الثاني من التسعينيات بعد إقالة السيد عبد الحميد المهري من زعامته.
لهذا،لوحظ أن العنف المسلح الذي مارسه الإسلاميون في خلال عامي2007-2008 ،بعد أن أصبحت واجهتهم المسلحة هي(تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي)إثر انضمام(الجماعة السلفية للدعوة والقتال)إلى(القاعدة)في أيلول2006،لم يكن ذو تأثير قوي في المحيطين الإجتماعي والسياسي الجزائريين،بخلاف ماكانت عليه عمليات(جيش الإنقاذ)و(الجماعة الإسلامية المسلحة)في التسعينيات،ماعبَر عن حالة حصول لتجفيف واسع لينابيع العنف في المجتمع والوسط السياسي،وهو شيء لايمكن أن يتم إلابوسائل سياسية(وليس استئصالية عنيفة)يبدو أن خيطها يمتد إلى مشهد جزائري جديد لم يعد حاضنة لعنف الإسلاميين،كماكان عقد التسعينيات.
بدون ماسبق لايمكن تفسير الترحيب الإجتماعي- السياسي الجزائري الواسع بماحصل مؤخراً من تعديل دستوري أجراه البرلمان يسمح للرئيس بوتفليقة بمدد غير محددة بدورتين رئاسيتين،وعدم وجود معارضة مرموقة القوة لهذا الإجراء،الذي كان واضحاً أنه مفصَل على قياس عبد العزيز بوتفليقة.
السؤال الآن:هل تعطي الجزائر بداية لحقبة سياسية عربية جديدة تؤشر على بدء انقلاب التوازن بين(المدني)و(العسكري)لصالح الأول،بعد أن كان الوضع معاكساً بين المحيط والخليج منذ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دروس الدور الأول للانتخابات التشريعية : ماكرون خسر الرهان


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات اقتحام قوات الاحتلال في مخيم ن




.. اضطراب التأخر عن المواعيد.. مرض يعاني منه من يتأخرون دوما


.. أخبار الصباح | هل -التعايش- بين الرئيس والحكومة سابقة في فرن




.. إعلام إسرائيلي: إعلان نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أي