الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العودة الفلسطينية الى الذات والا

فاطمه قاسم

2008 / 12 / 10
القضية الفلسطينية


كل الحيثيات المقدسة والكبرى التي يمثلها عيد الأضحى لدى مليار ونصف المليار مسلم بدولهم المعتدلة في غالبيتها القصوى، والمتشددة كلامياً في أقليتها الدنيا، لم تقنع حكومة إسرائيل بإرسال السيولة النقدية اللازمة إلى بنوك غزة لصرف رواتب الموظفين التابعين للسلطة الوطنية – حوالي ثمانين ألفاً – وبدون هذه الرواتب فإن الحياة الاقتصادية والمعيشية في قطاع غزة تجف شرايينها حتى الموت، وأكثر من ذلك، فإن الحيثيات المقدسة والكبرى بعيد الأضحى، لم تفلح في جعل الحكومة الإسرائيلية تفتح معابرها ولو بشكل جزئي لدخول البضائع إلى القطاع، ولا حتى السماح بدخول سفن الإغاثة، وبعضها كالسفينة القطرية والتي راعت بروح برغماتية عالية كل المعايير، فهي ليست سفينة كبيرة بل زورق صغير يحمل طناً واحداً من أدوية ضرورية جداً، وهذا الزورق والذي أطلق عليه اسم الكرامة سبق له أن حمل متضامنين إلى ميناء غزة، وهذا أيضاً ذكاء قطري يفصح عن الرغبة الحقيقية في وصول المساعدات وليس افتعال مشاكل مع الناطور الإسرائيلي، ثم أن هذا الزورق القطري دخل من البوابة المتفق عليها وهي جزيرة قبرص، حيث إجراءات التفتيش تتم من خلال معايير معروفة، وحيث قطر لم ترسل هذا الزورق مصحوباً بضجيج إعلامي صاخب، ولم تطلق رزمة من المفرقعات الشعارية ،كما يحدث عادة ،ورغم ذلك فان إسرائيل كانت لها بالمرصاد ،وكما تفعل عادة أضاعت الفرص الطيبة .أمام أعين سلطات الميناء،
والاهم من ذلك كله أن الزورق الذي كان من المفروض أن ينطلق من يافا ،وعلى ظهره عدد من نواب الكنيست العرب ،وهنا يبرز سؤال ،لماذا صادرت الحكومة الإسرائيلية كمية المساعدات ،واحتجزت عددا من منظمي مسيرة الزورق ،ومنعت الزورق من الحركة ،فهل يعقل أن يحمل الزورق من ميناء يافا ، أمام أعين سلطات الميناء ،وكابتن الزورق وطاقمه الاسرائليين واليهود ،أن يكون الزورق محملا بالصواريخ أو المتفجرات مثلا ؟
الموضوع إذا اخطر من توقعاتنا العادية والمألوفة ،وهذا ما أردت أن الفت إليه الأنظار بقوة ،وقد نوهت بومضات في مقالات مختلفة ، الموضوع هو أن إسرائيل التي أرادت هذا الانقسام الفلسطيني ،وخططت له منذ زمن طويل ,وأيضا كان مخططه موجودا في نتائج الدراسات والأبحاث والمؤتمرات ،والذي بدا تنفيذه في خريف 2005 بانسحابها الأحادي ،وما تبعه من تطورات وتفاعلات كان نتيجتها الانقسام وموازي الانقسام الحصار تريد بذلك دفع هذا الواقع الرديء خطوة أخرى نحو المزيد من التدمير ،وباتجاه إيصال المشكلة إلى الذروة،حتى يكون الانفصال ،انفصال بقوة الحصار ،وانفصال بقوة التهديد العسكري ،الذي يهدد به باراك مرة ،وليفني مرة أخرى،انفصال بهجوم المستوطنين الغير عادي والمثير للتساؤل وخاصة ما يحدث بالخليل ونابلس،والمخطط الهيكلي الذي ينفذ بالقدس ،الذي يغتصب الأرض الشرقية ومبانيها ،والساحات المتبقية فيها ،وذلك لضمان وجود مقدسيين بنسبة قليلة ،وان يكون وجودا هامشيا أيضا ،يستفاد منه لسياحة المسلمين بمعنى انه ضروري لديكور المدينة ولكنه لا يؤثر في مصيرها .
في مواجهة هذه البنوراما الإسرائيلية التي تريد انفصال غزة بقوة الحصار وربما بقوة عملية حاسمة خاطفة ،وكذلك بإعطاء الضوء أو غض النضر عن المزيد من هجمات المستوطنين ،وكذلك المخطط الهيكلي الذي ينفذ ضد القدس ،
في مواجهة ذلك، هناك بطولة فلسطينية عظيمة، لننظر إلى أهل الخليل الذين تنادوا لمواجهة هجوم قطعان المستوطنين، وكانوا أبطالا حقيقيين يستحقون كل التحية والاعتزاز.
كذلك أبناء القدس ،مثل الأخ المناضل حاتم عبد القادر وزملائه وكذلك الدكتور رفيق الحسيني ،ولننظر إلى رجالات القدس ونساء القدس ومؤسسات القدس ،إنهم يخوضون معركة الحياة أو الموت،إذا
من أين يأتي الخلل في وضعنا الفلسطيني ،؟
ومن أين تأتي الضربة القاتلة ؟
وكيف تحطم الإرادة الشجاعة ؟
انه الانقسام،هذا الانقسام الذي يفقد مبرر حدوثه وشرعيته ،والفاقد لأي منطق ،ولكل مصلحة وطنية ،بل هو انقسام مدان بكل أشكال الإدانة ،فلو اطلنا النظر في انقسامنا البغيض لوجدنا انه يعطي غطاءا مثاليا لكل من يرغب في إلحاق الأذى بالقضية الفلسطينية ،ولكل من يريد التهرب من تأدية واجبا اتجاه هذه القضية من العرب والمسلمين والمجتمع الدولي ،هذا الانقسام أصبح يكرر نفسه كل يوم بشكل جديد ،يعلن عن نقسه بأشكال تدميريه ،وهو يعطي الآخرين الذين يتاجرون في قضيتنا نوطا كبيرا حيث انه يروج لشعارات مخادعة تهدف إلى تغطية الخطاب السياسي لذلك الطرف أو ذاك ،هذا الانقسام الذي جعل الناس تعاني عناءا كبيرا مما يجعل الوعي الجماهيري يتراجع حتى عن فهم الحقائق البسيطة والواضحة ،كضوء الشمس المحيطة بنا ،تتجه باتجاه ترسيخ الانفصال ،ونحن نصرخ بشعارات الوحدة ،أقدامنا تكاد تلامس رمال الصحراء الذاهبين إليها بينما نستمر بالحديث عن نجاحات نحققها ،وهذه ليست إلى عملية تكيف مع الواقع الأسوأ،وتقبل له ،وغالبا ما نصنع عداوات سياسية جديدة بدون أي نوع من التأني ،نبدع بالهروب من المسئولية ،والمزيد من تدمير الذات ،
فهل نحن بحاجة فعلا لمن ينقذنا من أنفسنا،
وهل هناك من يفعل ذلك تضامنا وإيمانا بعدالة قضيتنا فقط ؟
أم أن الكل يفرد خارطته التي رسمها مسبقا ،ويدفع بنا تدريجيا لنكون حيث يريدنا أن نكون ،
ما هو الحل ؟
فالندوات والدراسات والأبحاث كلها تفشل في اختبار كيف نبدأ ،وها نحن لا نبدأ من جديد ،بل نندفع أكثر باتجاه اللاعودة بالرغم من اكتشافنا يوميا بان الرهانات التي لا تبدأ بنا ،ولا تعتمد على صحوة إرادتنا الوطنية ، لاتجدي نفعا ،بل لا تتعدى أن تكون مثل المسكنات التي يسمح بإعطائها للمرضى المستعصي شفائهم ،
فلننظر أين نحن الآن بعد فرضية حوار التاسع من نوفمبر الماضي ؟
لقد ابتعدت المسافات بيننا، والفشل يدفعنا لفشل جديد، نكاد نشيه تلك السفن التي تنجذب إلى جبال المغناطيس كما في الأساطير التي تروى في حكايات سندباد ورحلاته الخرافية حتى تصطدم وتتكسر،
أين نحن الآن وما سقفنا :
نريد كيس طحين وعلبة حليب
نريد بعض الكهرباء ،وبعض السولار
نريد علبة دواء
تصوروا بعد ستين سنة من النكبة ،وبعد نصف قرن من الثورة ،نعود إلى نقطة الصفر ،نقطة البداية ، مطالبنا ماء للعطش ،ورغيف خبز للجوعى ،هل ترون معي هول ما فعلناه بأنفسنا ،وهل سلمنا بان يظل الفلسطينيون مجرد عرض مختلف في احتفالات الآخرين ،وأنا ألان استصرخكم وأتوسل إليكم وأحذركم ،بأنه لابد من العودة إلى ذاتكم الوطنية ،أرجوكم أن تعودوا ،وان تثبتوا خطواتكم على الطريق ،
أرجوكم أن تعودوا وإلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو يقدمان التعازي -للشعب الإيراني-


.. كيف ستنعكسُ جهودُ الجنائية الدولية على الحرب في غزة؟ وما تأث




.. حماس: قرار مدعي -الجنائية- مساواة بين الضحية والجلاد


.. 50 يوما طوارئ تنتظر إيران.. هل تتأثر علاقات إيران الخارجية ب




.. مقتل طبيب أمريكي في معتقلات الأسد