الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
سياق الوحدة التركيبية في النص الشعري
علاء هاشم مناف
2008 / 12 / 15الادب والفن
دراسة نقدية في شرفة المنزل الفقير لسعدي يوسف
في هذه المجموعة الشعرية ينتقل سعدي يوسف الى مسار اكثر موائمة في الكشف عن العلاقة الاسطورية للزمكان بأشتعال دقيق لجدلية الرؤية وبلهب أسطوري ساخن يمزج فيه الفعل الفني ببنائية رؤيوية تتطابق مع فرز المحاكاة العليا ومعالجة تتمثل بالبراءة لعصر من الانبعاث الروحي ، وفي مماثلة بالبراءة لخواص المكان يضع سعدي يوسف منعطفاً سحرياً لبطله الذي ينتمي الى عالم البراءة المخلوق من مظهر دانتي والذي ينتمي في الوقت نفسه الى شرفة القمر وقصة الاحتفاظ بجدار النار الذي حرك هذه الثنائية مقهىً على (شط العرب) ...
قد كنت ذّوبت المرارة في فمي مُتَمطِّقاً بالشاي ...
كان النهرُ ابيضَ
ثَمَّ أشرعةٌ ، ولمحُ من نوارسَ لا تُطيقُ البحَر
رامبو قال ...)
كان النهُر أبيضَ
والنخيلُ هو الذي نلقاهُ في اللوحاتِ حسبُ ،
أتحسبُ الدنيا مضَّيعة ً ؟
أن مواسم الازمنة التي روتها مفاهيم كانت قد تشكلت في حضور المرتكز التاريخي قنوات تامة ومفتوحة ، حيث الاكتمال في انقسامية بالتقاء الماضي والحاضر والتطابق التجريبي في عقل التاريخ واستخدام العصب الروحي من مرتكزه الوسطي وكان للضعف الحتمي حالته التكوينية التي أججها الشبق النفعي الجنوني والصورة الاسطورية للرمز والحلم وبقي البطل الاسطوري يعرض التشخيص الارسطي داخل متون السرد الشعري ، والفكرة هي التشخيص الدقيق للمحاكاة الثنائية للمكان والفعل التركيبي بأستعارته البصرية وصيرورته الفردية ، بقي الحدث التعبيري في هذه الحكاية لانه وثيق الصلة بالرؤية ، والتعبير النظري كان متصلاً بسعة بصرية أضفاها سعدي يوسف على التواصلية للحدث بمشاركة "الزمكان" المتركز في تفاصيل الحدث .
الليل ببغداد يجيئ سريعاً. أسرع من صاروخ قيامتنا ، أسرع حتى من صاعقة الرؤيا
ولعل البطل يعرف الانبثاق داخل هذه الانقسامية للمنظور ، فهو يرجع في نظره للرؤية السائدة بوصفها أكتمالا لما ساد من تواصل تكويني في الماضي وشروعاً لتأريخ يأخذ شكل التاريخ العائق للتجريبية التاريخية ، فالفعلة هي تقطيع الاوصال وتشتيت الافكار في شروع لم ياخذ فيه تاريخ ضل وجهته بقطع الحدث المرجو دفعنا الى حدود المنفى وحمل البطل خطواته القصوى في خطورة المنفى بازمنة اسهم فيها في تبيان موقفه السردي المتعامد والمتعاقب داخل اصوات كانت قد شكلت نمطاً متناوبا لذلك المعنى من الرؤية .
لماذا ترخين ضفائرك الابنوسَ على زندي؟
ولماذا يتمشى زندك هذا العاجُ على شفتي َّ ؟
لماذا ترتعشين ؟
قولي : سنسافر ... قولي ان الناس يعيشون على القارات القمرية كالناس .
قولي :ان لديهم أروقة وحدائق ... وسوف تهدهدني كلماتك حتى الموت .
حين يتعاقب الحس الصوتي سيكولوجياً يبدأ التناوب داخل بصيرة عقلية وبحس بلاغي متفحص من قبل تشكيل المعنى ، ثم يعود بنا الى السياق الذهني في الصياغات الابداعية ، والبطل الاسطوري حدد التركيب الثلاثي للابداع في الجرس والصياغات الفكرية القبلية والجانب التخييلي والتصويري وفق استعمالات تتصل بحركة التاريخ وحركة الاشياء وبانفتاحات منظورة تلتقي بالماضي وتعرج على الحاضر بفاعلية جمعية تنبثق وفق منظورات مختلفة ومنقسمة لانها تكتمل بواقعية ومشروع مستقبلي لحركة التاريخ الاجتماعي ، هنا يلأتي الخيط الرابط في المنحى المتعدد التصورات ، ولد الزمكان في خاصرة الاشكال الفلسفي ومساره كان انماطاً في التعبير وفي الاشياء في مقهى" سيدوري "
في مقهىً سيدوري على البحر :
السفائن القت المرساة فجراً ، وهي تنتظر المسار ليلتقي البحارة الحكماء تحت سقيفة المقهى . وسيدوري تهيئ منذ أزمانٍ ، موائدها ، وتمشط شعرها ، وتحاور المرآة ...
سيدوري سمة بنائية ونزعة تكوينية سيكولوجية في مشروع العصر الاجرائي ، والشاعر كونه بنسق من النواة الاكثر صرامة ونزوعاً للعلو ، انها مقهى الفعل التعييني ورابطته التي مثلت التقاء الوعي بعلامات التجسيد اللساني الساخن للبحارة ، انها تفسير نهائي لطبيعة اللقاء في ازمان مختلفة وحوارات توليفية في اللفظ وعشق سماوي يعيد مفهوم التقدير والتأمل في امتزاج انعكاسي مكون بالوعي وبأدراك للبنية الاجرائية تنعكس باللفظ لتلقي بأبخرة السفن وبتوافقية تركيبية كانت قد تمثلت بالمفارقة والمحافظة على مستوياتها المنكشفة للخطابات عند البحارة حيث تعمل هذه الخطابات على التجاوز والتفرد بالخصوصية البنائية ، لان هذا التكوين من المكان يتعدى التكريس للبنية في اطار الحدث باتجاه السيطرة للارتقاء بحركة المعنى بطريقة تدلل على الخاصية التعريفية (لمقهى سيدوري ) المتماسك في اشيائه وبنائه اللغوي ومستواه الجمالي الذي يمتلك الوشيجة التحديثية على مستوى الوحدات التكوينية للحدث ، ويأتي التشكيل للماهيات بالوصف لقصب السقيفة الذي كان مظفورا مثلما تظفر لغة الشعر وحتى الامساك بالخاصية الثنائية في خمور الجرار لان سيدوري بقيت تهيئ موائدها وتعدها لتتطابق مع هذا الاكسير من الترميز للعالم الاخر او العالم التأملي الذي لا يكتشف الا بالقدرة والصيرورة الواعية التي كونها هذا التطابق الروحي في هذه الثنائية في الجمال الساكن في ساقية البحارة الحكماء في الازمنة المتناهية في فضائها التجريبي ، وبقيت سيدوري هي (الزمكان) والغموض والفناء لتلك التوقفات وبقيت سيدوري تقاوم الانزلاقات نحو نزعة يوتوبية تصور الحاضر باحساساته ، فاراد الشاعر ان يقرب هذا المشروع اليوتوبي (في سيدوري) وهو المشروع الحلمي في انسانيته .
سوف تكون ربّتهُ
وساقية ً تجالس ُ آهلهُ البحّارةَ الحكماءَ
سوف تقول سيدوري نبؤتها
وتعلن صوتها
أعلى من الصفصافة الاولى
وأعلى من سلالم ذلك الافق البعيد..
وسوف يجلس حولها البحارةُ الحكماء ُ
في اسمالهم
وعلى جدائلهم بروق البحر ، والملحُ ...
ان انكشاف الرؤية عند سعد يوسف يتمثل بالامتزاج المدرك بالرؤية الجمالية واليقظة الحامية في دور البلوغ داخل تجريبية جوهرية تسمو الى مستوى التمثيل في خلق نغمة خاصة تجمع عمليةالتشابه والمشابهه في قصدية مكشوفة للمكان تحكمها استعارات للصورة الشعرية يستخدمها الشاعر لذلك الوصف الذي يثيره الانتباه وفي اجتذاب للتشابه الذي يقبل هذا الغرس حين يظهر عمق الانتماء لهذه الارض لانها رائحة الوجود وعبر الشيء في هذا العالم ، وان الوصول الى هذا التمثيل وفق الحس الوجودي باندحار النظام السياسي واستبداله بالحس الانساني بعد ان تقهقر الاله ومات ولكن الشاعر لم يمت . من هنا اصبح التمرد الذي لازم الشاعر بصمت التفوق الحسي والحاجه الى دين انساني جديد باعادة تشكيل التاريخ من جديد وباختلافية وجودية تناقض منطق الحياة التقليدي
انها : (العقبة )
هي ايْلةٌ التاريخ
وهي الآن إ يلات التي جاءت بها الكبوات واللهجات ُ
وهي ، بنطقنا ، وغمام استقتالنا :
العقبة
تشُفّ كذرّةِ البلّور أحيان اضطراب النبض
ارض مقاتل لصحابةٍ ومجاهدين
وواحة مسكينة للسدْر
دربا نحو مؤتة والشام
وسعدي القى مراسيه في بؤر التحول التاريخي لكي يظفر بالفروض وتشكيلات الاكتمال المتمثلة بالوعي الامكاني للتاريخ ، الا ان سعدي يوسف واصل هذا التمثيل الثنائي بالانفتاح على الاستقلال التاريخي وتوقعاته وجعل هذا الانفتاح حركة كشف لصنع الارادات وتمثلها بالحس الاستدلالي الذي يعني الفعل في حركة التاريخ بمعنى تنشيط الحالة الفعلية للتاريخ بقصدية وصيرورة تؤكد حقيقة الوعي الجدلي التاريخي وفق تقريرية واقعية تتمثل بالموضوعلت القائمة على التجريبية الحسية وبانماط واعراف بنائية تشكل مضمون هذه الواقعية كذلك تفيد التشديد الذي تمثل بالاعراف التصويرية لمرتكز المحاكاة التي افردها المعنى القيمي وترابطاته النظرية التي رجحت التمثيل بالتخريجات المنظورة والمهارات المنجزة سياسيا وتاريخيا .
فالذي يعنينا من هذه المماثلة هي اشكالية الصورة وتخريجاتها في اطار حافز المعنى السياسي الذي يشدد عليه الشاعر:
سوف يئنُّ لورنسُ المهشّمُ عند احداها .
ليس في القلعةِ احدٌ / ليس ثمتَ حارس آثار /البحر وحده / والصيادون
تركوا زوارقهم الى المقهى /
الشمس تغرب في ايلات / والقلعة العثمانية تسهر مرتدية اسمالها
الفاخرة / لاقذائف من مدافع قديمة /
التأريخ والبحر / سوف تكون المنارة انيقة في كامرات السواح الذين لايأتون / الهلالُ الجديدُ
والشاعر يتأكد من الفاعلية التاريخية ، ذلك بالانفعال بالتاريخ بوجودية تفصح عن ذلك العناء السيكولوجي وحصر شروط الفعل المنجز بنظرة حسية محسومة سلفا داخل الاعم المقصود وفق منهجية منظمة لحركة التاريخ الذي يسير بالعكس داخل جبرية تأويلية تتقولب بشكل عقيم وفق نزعة توكيدية تتشكل بالفرز والتخطي للحس الثنائي عند سعدي يوسف ، هذا الاحتدام التواصلي عند الشاعر يشكل منعطفا خطيرا في الوعي التاريخي من ناحية الالزام المركزي لمنهجية العقل وخلاصاته (السيميولوجيه) داخل اشكالية دلالة المعنى وتردداته باستعادة فعل التاويل بفكرة المقولات الثنائية السارية المفعول (بالفعل التاريخي ) وبزمكانية تنشد المعنى في مدى الاحاله التي تاتي وفق سياقات تحدد جدلية تلك الاستجابات التاريخيه .
الضباط العثمانيون كان لهم هنا مفصل البحر والصحراء .
والمدافع الاولى التي تدفع عن طريق مكة الطويل ، ما قد يقذفُ البحرُاذاً لنهبط الى القاع ... به البحرُ
المشهد واضحٌ. واضحُ كالسينما الوثائقية ، وجارح،
وحزام الرصاص
لنحمل ، مثل جملين غذاء رئتينا
ولنقذف في الامواه العميقة
حيث الزرقةُ ساحل .
وفي كل هذا المنحى ينطلق سعدي يوسف من الاسس الاجتماعيه السيكولوجيه ، فالموضوع عنده هو الدرس بملخص سيكولوجي وحكمه تنتقل من مرحلة التلقي الى مرحلة التقويم الجمالي للقضيه المحوريه الخاصة بصدى هذا الشعور الذي افرده الشاعر لخلاصاته السيكولوجية المؤثرة في هذه القضية المحورية التي تقوم على منطق التقسيم النصفي للتفاحة بالقياسات السيكولوجية ليختفي بجبال الخليج هذا المفهوم التصويري الاستاتيكي يتم بوسيلة فهم للحظة سيكولوجية تقدم الكثير من صيغ ومفاهيم لا شعورية تكمن خلف حدود المعنى ، ويستطيع الشاعر ان يلمس قوة الفعل السيكولوجي داخل الفعل الشعري بخطوات متقدمة لفهم المعترك الجمالي للحدث ومحاولاته المتقدمة في البحث عن اسس الاحكام الجمالية وهي محاولات تضع في الحسبان الموازنه بين الربط المحكم لحركة اختفاء نصف التفاحة هادئا في الجبال وبين الكشف عن القوانين الجمالية وإحالة هذه الاشكالية الى اعتمادات الطبيعة في الكشف عن هذا الاختفاء لنصف التفاحة في الجبال وتركه ، هذا الربط لعمود النور ثم الانتقال الى شعور اخر بأن البحر لاموج فيه وان الاتجاه ارتكن عند الشاعر سعدي يوسف الى السماء التي احاطت بالحدث وباللوّن وبنصف التفاحة الذي غاب ، ثم ينتقل الشاعر الى حدث اخر هو ان ارتباط كل هذه القصدية بوصفها ارتباطاً محوريا بخّياطة الحي التي بقيت تطوي على ساعديّ ً السماء قمصانها الارجوان ، هذا الفعل الحكائي قام على الربط المحوري الذي يقتضي التخمين لمعنى النص في نوع من الاستقلاليه الدلالية وفقً صياغة للكتابة بتوافق المعنى اللفظي لخواص النص وفق اطار المعنى العقلي او قصدية المعنى وهو يحمل الصوت الحاضر في الصورة الشعرية وقد اصابه الخرس عبر تشكيل نصف التفاحة الذي اختفى ، هنا تاتي العلاقة في اطار التناسب مع الصوت الخفي في النص مع الفهم الدقيق لخاصية المعنى الذي ياخذ بعده التاويلي وهو يزداد قوة داخل هذه الاشكالية المحورية القائمة على التاويل الذي خلقه الانفصال التام داخل المعنى المشّفر للنص الشعري باستذكار الصورة الشعرية التي تكونت بتعالق المعنى التاويلي للفظ على ضوء قصدية النص المتشكلة اصلا وفق مفهوم سيكولوجي للتاويل .
منظر
نِصف تفاحة يختفي هادئاً في الجبال
تاركاً في الخليج عموداً من النور
لاموج في البحر
لكن كل السماءِ المحيطة بي
تنشر الآن قمصانِها الأرجوان
نصفُ تفاحتي غاب
لكنني مثل خيّاطة الحيّ
مازلتُ اطوي على ساعديًّ السماء
وقمصانَها الارجوان
ويستدل سعدي يوسف (بالزمكان ) وهو معيار يفضي الى توقيت الخطاب الشعري ليسع للصياغة في تشكيل( الواقع والمعنى ) فهو يتناول الجدل الموضوعي للزمكان وقوة الاسناد في وصف المكان باستغناء عن مقولات عديدة لم تبدأ بالاسناد ، هناك وحدة جدلية في اللغة والتاريخ والتذكر داخل الوحدات المتميزة في الوصف للمكان ليستغني الشاعر عن الهامشية الخطابية في الشعر . هناك ملمح اسنادي ثري يشكله سعدي يوسف من المكان ثم الاخبار عنه بالتاويل والاشارة والحسرة والفعل الارتباطي داخل هذاالاستقطاب الاسنادي الكلي لانه يحتوي القضية كلها لانها الواقعة التي اختفت داخل هذه المفصلية من المتاهة ، هذه البنائية من التواشج غابت بتلك الهامشية للواقعة المكانية ، فالمكان لم يعد وجهاً للتحقق المرئي بل أصبح هماً يوضح طبيعة هذه الإشكالية في الفهم لان المكان أصبح الآصرة الدقيقة للخطاب عند سعدي يوسف ، وبما ان الخطاب أصبح الآصرة بسبب هذه الواقعة ، من هنا بقي المعنى الخبري لم يعد الاّ وصفة سابقة تضع المكان في ازمنة متعددة للهوية واصبح الاسناد الخطابي زائل بسبب التفاعل اللفظي الهجين للخطاب لأنه ابتعد عن حقيقة الواقعة المكانية وكبح المعنى وتجاوز القصدية بسبب انسلاخ الفعل المضموني للعقل وتطوره المكاني المرتبط بزمان مخصي لانه مثل المعنى الهجين وهذه نتيجة جدلية للواقعة المكانية المشتتة .
دهب / شرم الشيخ / نويبع / الغردقة / الدّرة / عيذاب /
الأسماءُ تتخاطف مثل اسماك البحر الاحمر/ تتخاطف حتى تبلغ هرره ومُكلاّ حضرموت / تتخاطف حتى تتمادى ... الى صحار ومضيق هرمز /
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بلاد التاميل / تتخاطفُ حتى تتركنا مدوَّخين / اسماء وكواسج ودلافين / وحوّرياتٌ بحارةٍ ثملينَ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالخطر والعواصف سيأتي حجيُج مصر / ومن هناستحملُ الجمالُ /
اُلمَرفّلةُ كسوةَ الكعبةِ
التي كانت تنسج باناةِ غير مصّريةِ في متاهة القاهرةِ المِّعزِّيّة
نحن مليئون بالسُّم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويعود سعدي يوسف الى مفهوم المعنى في النص والواقع الذي يفرز هذا المعنى بانعكاسية اقترانية تحدد وظيفة التصور هذه من خلال حس دلالي يميز اشكالية البنية الخطابية في اللحظه اوالومضه العابره التي واصلها الشاعر بالتعبير الكلي لهذه الواقعة الكلامية لان المعنى قد انطبق بالوصف الفعلي للحدث .
الفنار القديم
مطفاُ
لم يَعُدْ في صخور المواضع بحّارةُ
وحده الموجُ
يلمس كالقطّ كُرسيَّ مقهى .
دخانُ من الضفه الثانيهْ
والسفينة تقلْعُ .
من زورقٍِ يتخطّى الفنار القديمَ
شباكُ تدلّتْ
فكان التحليل الذي عبر عن فعل الومضه في الرؤية فهي تنطوي على اشكالية زمكانيه تتعلق ببنائية التصور والمجاورة للحدث الذهني الذي ألفه الشاعر بهذا الاتصال المصحوب بقوة المرور العفوي الذي يمتد من الناحيه الذهنيه بزمن أفقي تعنيه الرغبة في التحول من العمود الى الافق وبتقنية لغوية متساميه وتشخيص دقيق لجانبه الاختباري والاختياري والتدرج الاتصالي المتطابق مع المقدرة في التجديد الذهني لصياغة الحدث والومضه وفق تماسك متين لتلك الشبكة العلائقية في تشكيل لحظة الفكر كعمل اولي قبل الشروع في امتلاك قوة الفعل السيميولوجي من حيث حدوده الحسية وتفاصيلة الدلالية الراسخة في التجربة والعلو المتوافقين بالمعنى بعيدا عن السقوط في شباك الانجاز الشعري الفارغ ، فبقي الاتصال الذهني يتعلق بعوالم الدلاله ولحظة الارتكاز في التدرج الزمني لبناء نص يقوم على التكوينات السيكولوجيه في ومضة تكوينيه معرفية يمتنها الامتداد البصري والذهني ، وقد جعل سعدي يوسف الهيمنه في هذه النصوص للحس الذي توازن بالحدث الشعري والمرور السهل الى الوجود وفق مؤشرات تزامنيه تقوم بتحقيق مستوى اعلى في التذكر والحفظ والانتخاب الدقيق للمجس الخطابي ومستوياته التمثيلية وحدودة البنائية عبر تنسيق زمني وفعلي مترابط باستبطان وقوة في التعبير وانساق مشروطة بعمليات الاتصال الذهني في الواقع التاريخي الذي كونته تلك اللحظه التي يتحدث عنها الشاعر
سنوقرُ سمعُنا عمّا يقولُ البحرُ
سوف نشيعُ عن شمس الغروب ِ
وملعب الامواج ...
سوف نكون اتباعاً لهذا او لهذا
نكتفي من كل قافلة ٍ
بخبّرةِ ملّةٍ
وبتمرتينِ..
وسوف ننسى كيف نرسمُ بالنجوم فُجاءَة الصحراءِِ
والطرق التي لاتنتهي...
مايتعلق بالتصور الملفوظ واشكالاته الفكرية عند سعدي يوسف فهو يعد مقدمة اتصاليةلاختيار هذا التدرج وفق تطابقات فكرية تلخص المقدرة والتجديد والفهم والالتحام والتماسك في تلك التوسطات لاعداد شبكة علائقية تقوم مقام ذلك النسق المتصاعد في اللحظة المتعالية ، فالذي نقوله بخصوص هذا التماسك الحدسي وماهيته الحاضرة وتدرجاته الزمنية في اختيار الحدث والحديث الشعري .
قُلْ لماذا يُعذَّّبكَ الشوقُ لامرأةِ ؟
انتَ في منتهاكَ...
الحديقة مخضرةٌ
والرفوف التي تتاملُ ملآى بما سوف تمضي بعيداً بهِ
والسماءُ انجلت ْ بغتة ً
والقميصُ الذي ترتدي الآن... َسْبطٌ نظيفُ
وبعد دقائق عشر ستأتيك َ سيارة ٌ
لتغادر نحو المطار...
اذاً
قُل ْ : لماذا يعذبكَ الشوقُ لامرأة ٍ؟
هذا التأسيس المتأمل بانكشاف مستوى المقدرة الحسية للحظة او الومضة الذهنية لانها نسيج وانتخاب للذاكرة في حدود البنية والتحقق الخطابي ، فالبحث عن علاقة هذه الومضة بالتركيبة الفكرية وبالسياق المعرفي لانه انموذج تكويني لحضور المصدر الحسي بصيغته (الزمكانية ) المرتبطة بهيمنة هذا النسق التعبيري وترابطاته بالحديقة والشوق لامرأة وبين هذا الحس القلق والمطابقة التي تسبق هذا الاستبطان وشروعه الذي يتكون بالقوة التعبيرية وبتزامنية هذا الشوق ، وسعدي يوسف كان قد كون حساً اشتراطياً في القصيدة رغم وجود الخطاب المتفحص والاستنباط المرتبط بالجدلية النسقية وشروط الامكان الذي ينصب داخل حركة الحس وسعدي حدد (الزمكان الاختياري) والصيرورة الكونية التي تكون ذلك الاختيار والموائمة من خلال التنظيم السري للغة ، ثم يأتي الاتصال عند الشاعر حسب درجات التأسيس الكوني للحدس وبمنظومة لسانية تستدعي اللغة المتعالية كونها لغة لسان تلازم التموضع الحاضر في مجس الضمائر في تشكيل التجربة الحسية الدقيقة .
يشربُ النَبتُ في شرفة البيتِ شاياً من الياسمين
الصباحُ تدلى بسُلّمِهِ وتسلقَ اوراقَهُ
وهو الآن يضْفرُ لي تاجهُ في الجبين ِ
الطريق الذي لا يؤدي ِّ ، يُلَوِّحُ لي إذْ يلُوحُ
لن تَمُرَّ هنا الحافلات
إتئَّدْ
وأشرب الشايَ في شُرفةِ البيتِ
ولتتعلّمْ ، ولو مرَّةً ،كيف تستقبل الطيرَ
بهذا الطراز من الكثافة تعمل الزمنية عند الشاعر في تشكيل حصة الافراط في الحس باتصال العلو بالاخص المقترب من الحس اللغوي وتكويناته العصابية التي تلابست في الحس الكوني ، والملاحظ ان سعدي يوسف في هذه الومضات حقق فعل التأمل بشروط العموم الثقافي وتجربة اللغة الجدلية المحسوسة وفق صياغات المعاني ، في العلو الانطلوجي المكثف من خلال الشبكة الاسنادية للغة كان قد تفرد بها سعدي يوسف عبر استهداف للمعنى وبقنوات الذات الجمعية والروح التي تجاوزت الاستفهام التواصلي وركزت على نواة الاكتشاف ومن ثم التجاوز لكل الاستفهامات المتعلقة بالاشكال اللاحقيقي .
ويعلن سعدي يوسف (حسه اللّوغوسي ) كمقدمة عقلية متركبة بالاتصال للمطابقة وفق اشكالية تجريبية للمعنى من وجهة النظر المرتبطة بتحرير الفعل العقلي من التصلب ، واعادته الى قواعده الحقيقية ، وضمان منطق الممارسة( للوغوس) داخل اساسيات الاتصال لفعل الحقيقة بواسطة المنظومة السيميولوجية.
دائماً في هذا الخريف الذي لا يشبهني
في هذا الخريف الذي يشبهني
في هذا الخريف الذي ........
أسألُ عن ورقةٍ واحدةٍ . ورقةٍ واحدةٍ ، حسبُ .
لكن ماذا نفعلُ بالاغاني ؟
ورقُ الحائطِ مثقلٌ بالاناشيد
أناشيد الموتى
واناشيد ُ من يموتون....
مثقلٌ ايضاً ببياض خفيَّ
يتوضح هذا الاتصال الكوني بالاشياء واللغة ، وينحصر بالتوجس والحس والتفهم للفظة واتصالها الزمني ، وبكثافة جمالية تأخذ بالحسبان الانعكاس الاتصالي في المعنى البصري ، والتجريب المحسوس والمرتبط بالحوار .
وقد حاول سعدي يوسف الاجابة عن النزعة الاتصالية باللغة الماورائية ، والتسبيح بمقتضى التكوين للصورة الشعرية ازاء ما يحدث من تحول في الاستبدال بطريقة اجرائية ، وهذا مبدأ أتخذه الشاعر شعوريا لتأكيد المعنى اللفظي وفق حدوده التعريفية داخل كينونة هذا (المنلوغ ) واقتضائه واتصاله بالماهية الشيئية وتعميم هذا التموضع داخل مقطوعة هذا السياق ، واختلافاته في التشخيص المتبادل لعلاقة اللغة بالمعنى التأسيسي دلاليا ، وحصر المعنى في المعنى الاستعاري (الرمزي التاريخي) ، وبنفس طريقة الدلالة الموحية لانسجة هذا الافتراض للغة . ولكن بقي الشاعر يتحدث عن الاجابة ، والاعتقاد، وربط اللفظ بالمعنى .
فتاةٌ هنديةٌ
ربما كانتْ زعيمة قبيلةٍ في البيرو
قبل ثلاثة آلآف عام
دخلت غرفتي ، لثلاث لحظات فقط
لكنها لم تخرج
في اللحظة التي تتميز فيها الدلالة السيميولوجية :يقيم الشاعر برهاناً متقارباً ومتعدد المعاني ، ومختلف بالخصوصية الفردية بوصفه خطاباً خفياً متقارب المعاني في جدل الواقعة وفي حدودها التعريفية التي تثير التمثيل اللفظي في المحاكاة العينية . وسعدي يوسف مهد لهذا الخطاب الطويل (للارتياب)، واستطاع ان يضع له بنية تعبر البعد الزمني لتدخل في المعرفة الحسية وتختفي وفي المنظومة اللغوية للخطاب ، فاصبحت الاسبقية (انطلوجية ) لنتائج واقعة لا محالة داخل كل هذه الافتراضات الموضعية المرسومة زمنيا .
اننا الان في حركة التتابع للنصوص (التزامنية) لشفرة النظام الوجودي الذي اصبح متركبا من فعل الخطاب (وتفرد المفصل اللغوي داخل زمنية الشفرة اللوغوسية ) التي تفردت( بالاحتفاظ في الدلالة والمعنى ).
ثم بين الغصونِ ، سماءُ طباشيرُ
هل أكتبُ اليومَ فيها أغاني السواد؟
المروجُ التي تكنزُ الخضرةَ أتّسعتْ :
هل تكونُ السماءُ ، أذاً ، في التراب الخفيض؟
لأحداقُِنا أن تحارَ قليلا ً
وأن تسأل الآن عمّا بدا ثابتاً .....
يبدو ان (استيحاش ) الشاعر حول هذا الاشتراك الحسي في صحوة مفارقة أثقلت فيه التدرج التكويني في الافصاح عن الية للصورة ، وقد تشعب هذا الايقاع (ليستغرق) في التقنيات التناوبية في (تدخين القنَّب) و (أتنقّعَ بالشفتين) وهي صيغ تعبيرية تلخص النظرة الى الوقائع- بواقعية – تمتلك عالما خاصا بإضفاء الحس الشعوري من الناحية التجريبية ، وقيمة التمثيل الواقعي الذي يمتاز به الشاعر في وعي هذا التماسك في اللحظة ، وتقديم متون الوعي الحسي بخلاصات يقظة ، وانموذج مدرك لمعيارية القص الحسي ، والتحول الى التمثيل الاستبطاني ، كذلك التغريبية في الحدث السيكولوجي لانه تمثيل يتخذ من الهاجس الحسي (مخرجا للنص الشعري ).
تعالي
كي أمتنعَ الليلةَ عن تدخين القنّب
....والتبغ الهولندي
تعالي
كي استمع الليلة للموسيقى
من فخذيك المائستين
تعالي
كي اسمعَ رعشة أعماق ِ الدّلتا
ضيقةًَ
... حول غُصَينٍ
الآن تعالي
كي اضجعَ، حتى الصحو ، العينين
تعالي
.... يا ضامرة النهدين
ان الرجع التمثيلي عند الشاعر ياتي في القص والمماثلة في الموضوع التصويري وهو يخالف قول الحافز الفارغ ، والشاعر يرغب في تشكيل واقعية حسية وبتصريح يقوم على مأخذ الحافز السيكولوجي بأنكشاف العمق لمنظور الموسيقى المتمثلة بالحكائية البنائية وهي المدخل لكينونه الاصوات التي تندرج داخل نغمة متألقة تتضمن الحس التقسيمي للحدث والايقاع بضربة تعالج خلاصات البنية الموسيقية للشعر ، ويعالج سعدي يوسف في هذه الانساق التعريفية للحس أهم افعال الاداة الذهنية التي تكيفت لمفهوم الادارك والذات التي تعرف حقيقة وعي اختصار اللفظة والحكاية حيث يتم رسمها عقلياً وبحس اكثر دقة في السببية التعبيرية للارادة، هناك استعارات بصرية تربط وحدة مركزية وحدة الحدث وتبدو الموسيقى في ذهن سعدي يوسف اكثر حيزاً في تصوير مكامن (الاذن والعين) لانهما يجريان مجرى واحد في جرس تشخيص ولفظ كان قد ارتبط بالمشهد الشعري وصلته تأتي بالتعاقب وبألتقاطات تتناوب في المعنى والمنطق والمحاججة . صحيح ان الاختيار بالنسبة للشاعر هو ما يتعلق ببلاغة المعنى المرصوف رصفاً دقيقاً لكن الرغبة التي احدثها سعدي يوسف في جوهر هذا الحس الزغرفي يفوق ايقاع البنية اللفظية من ناحية الاقناع التداولي المعروف ،فتتشكل عند الشاعر الرؤية والسكون بجمال الحركة الاقناعية في التحول ودور الافعال التعبيرية (سيميولوجياً) يقرر الشاعر نهائية البناء اللفظي بوصفه منطق تنظيمي لخصائص متميزة في الوزن والطباق وهي تقع ضمن تفاصيل بلاغية وأنتاجية في التحكم والتنسيق والمبادرة والتأسيس والتدرج والتمثيل الذي يعد مركبّاً واحساسا لمزيج من الرؤية يقع في ايقاع تكاملي في (القهوة التي تبرد في الشرفة ) وهي نتاج بنائي من النصوص يقع داخل شعرية واختيار للصور فهو يعد موضوعاً متطورا في ثنائية الملاحم النصية من التأليف في الملاحم الحسية .
الفانوس المتدلِّي بين النبتِ المتِسلِّق لا يرسل نوراً
لكن عيوناً كانت تمنحهُ نور الشرفةِ ...
كرسّيان وطاولةُ (الكل بلاستيك)
وصينية قهوةْ .
لم تعبِ الشمس تماماً
والسُّرخسُ ما زال على الدوحة اخضرَ
سنجابٌ يقفزُ من أعلى ليغيب تماماً في الخضرةِ
آخر بيتٍ تبلغهُ عيناي سيوقدُ مصباحَ حديقتهِ بعد قليلٍ
والقهوة َ تبرد في الشرفةِ
ان مفهوم العوالم الامكانية عند سعدي يوسف تستند الى اطلاق يضرب في حكاية التعاقب النصي وانما تلخصه التوقعات من حكاية يتصل بحركة اختلافية توضح المنطق الدلالي وفق عوالم التاريخ الحسي المتركبة باختيارات تنعكس في الحكاية التي تتقدم فرضيات تصويرة للحدث الحسي ، و(قلعة هاملت) هي طريقة مدركة للحس في الحكاية وتصوراً يتطور بمصدرية قصدية تعالجها المداليل الملموسة بالعبور فهي معالجة لفضاءات ممكنة ومجردة ومتميزة بالجمال وهي بنية تتعلق بالمدى القائم على التألفات والايقاعات المتوافقة مع التبيانات الدلالية والتوقعات الحسية المليئة برائحة التشظي الخضراء . ويبلغ النص في تصوراته الانطلوجية بان يتوجه الشاعر الى الماوراء في استخدام الامكان التحليلي ورصد تلك الانتقالات الذهنية باستخدام السياقات والعوالم التي تصور البنية التاويلية للحس الجمالي بصادره الملتبسة في غاية من التناهي التصويري الذي يشكل افتراض في الخيارات كاختلاف فائق في الوصف ، وسعدي يوسف حاول نسج هذا المعنى البنائي في (الدم ، واللحظة ، والقوقعة ) باعتبارها استبيانات تنتقل من تصور ذهني الى منطق دلالي حسي يتركب بالجملة الشعرية على مستوى الجرس في استعارة للعوالم المتناهية في اشكالها التعبيرية وخيارات التصور باختلافية غاية في الوصف .( واشباحُ البحارة في سفن غرقتْ في وتعبره احذية السواح )
الخندق ذو الماء الاخضر تعْبرُهُ اغصانٌ وعصافيرُ
وتعبره احذية السّواح
واشباحُ البَحارة ِ في سفن غرقت ْ..
أناأعبُرهُ ايضاً ،
لكني اتحسّسُ الواحَ الجسّر
احسُ بها ليّنةَ
ومباغتة ً
ماءًفي لون الخشبِ...
القلعةُ تسكنُ في القلعةِ
كالدّم في الدّم ،
انت ، اللحظةَ ،لن تتقري ّ ألواحاً او حَجَراً
لن تدخل من باب التاريخ
ولن تأنس باللوحات المعروضة في البهو
ولن تسمعَ وشوشة البحر
الآن ستدخل في نفسكَ
كالحلزون اللائذ بالقوقعة ...
هنا ياتي التوافق الذي يشير اليه سعدي يوسف في المعنى البنائي الذي ينطوي عليه هذا التصور في اعلى درجات الحسية الحدسية وباختلاف امكاني يفضي الى تقابلية في شبكة الاختيار والاستخدام الامثل (للسيميولوجيا النصية ) وهي تقوم بالتشديد على الحلقة الاختلافية من منطق غاية في البناء الحسي الحكائي وهو يتمثل بنائيا من التفعيلات الدلالية التي تختزن التصور السيميولوجي النصي وفق اجراء يحدد المفارقة بين البنى الاسلوبية واللفظ وقواعد التحليل والتاويل اللفظي الذي يرتكن الى اللزوم في المجانسة الحكائية للقص الشعري سرديا وبعاقبية نتطوي على اعادة للخاصيات الضرورية وبأيحاء يشتغل على المقولات المنهجية . ان العوالم التي يمضي بها سعدي يوسف تبدأ بمركزية أبنية العلامات ثم تتحول الى بنى حسية تكوينية تعبر عن طور حياتي يتطابق مع صورة التصورالزمني وعلاقة الفرض المتعلق بالبناء الاجرائي ( في ذلك النهار الممطر) وهو مستوى زمني تكويني يعبر عن جذرية تعاقبية لتاريخ منظور للذات ،ويتمفصل الزمن عند سعدي يوسف في لفظتين طريتين هما (النهار والمطر ) وهما الغاية الحاضرة في الزمن التكويني وصورة (الكوجيتو) الذهني واجراءاته الواعية من خلال المفارقة في التشكيل اللغوي وتمفصلات العلامات والتضامن الثنائي للحدث ودلالته التكوينية في انعكاسية نظرية في (انا مضنىً بملائكة ينتظرون . الاشجار هي الاشجار ولكني ابحث عن ظل)فالذي يتأسس على هذه الثنائية تفاصيل المجرى الخطابي الشعري وكما يلي:
كانتْ في الشُّرفةِ . والشمس ُ أقامتْ في ركنِ حديقتها
بيتاً تلاوينَ العشبِ ، وللورق اليابسِ . لم تكن المرأةُ تنتظر
أو تنتظرُ . المرأةُ كانتْ غائبةً . أنا وحدي كنتُ أُلملمُ
صورتها ، والاعضاءَ ، وذكرى القبلةِ في زاوية المقهى
يوماً ما ....
ويتشكل الخطاب الشعري باتصال ينتمي الى النزعات الجوهرية داخل انشطة ذاتية حتى يصبح (مونولوغياً ) تحت رحيق الجاذبية والعودة للاستجابات التأويلية ، وهنا يتكشف التكوين الزمني برفقة تستند الى السعة الكونية وبأطار حركي يتصل بشروط التنظير الاداتي للخطاب وتمثيلا جدليا بالحسي وبمقتضى التمثيل الجوهري للصورة الشعرية وهي تصور هذه العوالم الامكانية في البناء السياقي لمكونات هذا السرد الشعري .
ما أنبتَ هذا الأخضر في الازرق ؟ موسيقى
شمسٌ من جزرٍ ذات براكينَ . المرأةُ توشكٌ ان تتحرك ،
أن تبدو ، ان تتشكل ها أنا ذا ألمحُ خصلةَ شعري سبطٍ ... مكتنزاً من شفةٍ سفلى .
ويتأكد هذا التخوم المتخيل من العوالم الحكائية ذات الخاصيات في الحدود الحكائية ، وسعدي يوسف مثل المعنى التأويلي وقوة الاقتران في وظيفة التحديد (من الشفة السفلى) هذا التصور المكتنز بالمضامين الذي ربط المعنى بالشفرة الحكائية ثم بالصورة الشعرية بقدرة معمارية في صياغة القص السيكولوجي والعثور على المعنى هناك زمنية في عملية الاتصال وكثافة لحركة المبادلات والتي تمثلت بالانعكاس التجريبي للمعنى الذي يوجد الجدل الجوهري لخلاصات المعاني المحسوسة .
موسيقى. والشُّرفةُ تغدو شرفةَ بيتٍ : طاولةٌ صغرى .
كُرسيان . زُجاجةَ خمرٍ . قدحان وحّباتٍ من
مشمش اسبانياً . في زاوية الشرفةِ نبتة صبار .
تلتفتُ المرأةُ . ها نحنُ اثنان . سنسكنُ في الشرفةِ .
سوفَ تجيء الشمس الى كأسينا . سوفَ نرى اللحظةَ .
موسيقى ...
أن المدخل الحكائي للنص الشعري يعطينا جاهزية لتمثيل العلائق من منظور التجربة الوجودية في النشأة التكوينية للصورة المفعمة بالحس حيال ما يحدث من الهام لعوالم تبادلية تختصر الاشياء وفق منطق جمالي يرتبط بمغزى علائقي لتكوين معطي لغوي يمسك بالوظيفة التي تفظي الى اطار ثنائي في الرؤية ، وسعدي يوسف أفصح عن وقائع هذه العوالم بأستخدامه لغة سيكولوجية تعريفية وقائعية تتعلق بهذه الابنية الثقافية ومدى خاصيتها في أكتشاف تلك التراكيب التي تعين العكوس الموجبة بأقتضاء التمثيل البنائي للنص ليعود المتن الحكائي الشعري مستقلا استقلالا تاما عن المقدرات الواقعية لانها تنظوي تحت لواء النظرية الحسية للكون الدلالي الموضوعي. وعلى هذا الاساس يستنبط سعدي يوسف موضوعات الاقناع بأرتكاز في الشروط الوظيفية وبأقتران عقائدي انجازي يفعّل موضوع الحدث المكتشف بالتحليل النصي (في شرفة المنزل الفقير) ينطلق سعدي يوسف من مرجعية مسكونه بحالة الربط الموصوف للجملة ضمن تحليل بنائي يشد موضوع التعريف بامكانية موضوعية للابلاغ عن الواقعة بتوافق يندرج في اطار الفروض والضرورة والصيرورة المستنبطة من التناول للصياغة بارتباط للموضع الذي يعالج المبحث (فالطلاء والسقف ) مفهومان موضوعيان للمكان الذي يعني مايعنيه الاداء الذهني لموضوعة التواصل وطبيعة التقدير لتلك الحالة من المحتوى وربطها باتلاف من المقولات الدلالية التي تقدم صنف من العلاقة والترابط وفق انطلاقات جزئية معبرة عن مفصل دقيق من النواة والذي تأكد بكلمة (المنزل الفقير) وسعدي يوسف يتقدم خطوة الى امام مع خطوتان الى الوراء لقراءة الاسهام المضموني الذي تحققه القضية المركبة والتي باتت تقع ضمن الصور الضمنية ، وتكمن الخطوة الثانية في هذا الحدث هو التحديد الدقيق للعلاقة الجزئية التي استُخدمت كخطوة اولى في النص وبدلالة التحديد المفهومي للكشف الذي صاحبه التواصل في التصوير واللحاق بالقضية التي تربط الموضوعات الجزئية لتتسابق المضامين التي ارتبطت بهذه الموضوعات وقدمت الاشياء وفق مستوى التدرج من الناحية البنائية لانها الترتيب الاختلافي في عرض منظومة الترابط وهي تتحقق موضوعيا بجانبها الاخباري عن الشيء .
سوف ينفضُ عن ثوبه ماتساقط
ينفضُ عن راسه ماتساقط ...
أو ربما امتدت اليدُ حتى الحذاءِ،
ولكن اغنية الصبح
اغنية العمر
وتبقى هذة العوالم هي وجهة بنائية لمرجعيات ثقافية تتعقد عرفيا بالسعي الذي يربط اللفظ بالمعنى وفق حدوث لهذه الازمات المستوطنة داخل التفاصيل الجمعية وبنفس المقدار من التكلفة يقع في منظومة اللغة التي تصور الابنية المشروطة بتبادلية المقارنة والتحويل والتجانس الضروري لهذا المنزل وشرفته .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مخرجة الفيلم الفلسطيني -شكرا لأنك تحلم معنا- بحلق المسافة صف
.. كامل الباشا: أحضر لـ فيلم جديد عن الأسرى الفلسطينيين
.. مش هتصدق كمية الأفلام اللي عملتها لبلبة.. مش كلام على النت ص
.. مكنتش عايزة أمثل الفيلم ده.. اعرف من لبلبة
.. صُناع الفيلم الفلسطيني «شكرًا لأنك تحلم معانا» يكشفون كواليس