الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأكثرية الخرساء من يمثلها!؟

حسين عجيب

2004 / 3 / 8
ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2004 يوم المرأة العالمي


إدراك الحاضر:
ل نيتشة عبارة جوهرية(لا يوجد واقع بل تفسيرات) يتقدم فرويد خطوة بإتجاه المعرفة والفهم (يبقى الواقعي مفقودا إلى الأبد) ويشرح ذلك بمحدودية الحواس وأجهزة الإدراك, يتابع هيدغر بضرورة تحليل الحاضر للوصول إلى معرفة مقبولة أو معقولة . واليوم في 20004 حدثت تطورات كبرى في وسائل الإتصال والإيصال والإيضاح, واستحدثت سبل جديدة للوصول إلى المعارف, لكن سوء الفهم لم ينقص إن لم يكن في ازدياد. هذا النقص الخطير في إمكانية المعرفة يدفع البعض إلى الإنكفاء الذاتي والإستسلام للإنطباعات الشخصية,ويدفع آخرين إلى المزيد من الأسئلة والبحث, لست من الصنفين, أعرف أنني أعيش مع الوهم, وأحاول التخفف من ذلك والوصول إلى بعض المعارف التي تعينني في حياتي, وهذا الرأي أو بالأصح التصورات, ليست أكثر من مساهمة متواضعة في الجدال الدائر حول ما جرى ويجري في العراق, وفي منطقة الشرق الأوسط عموما. قيمتها في الدقة والوضوح وعيبها في التسرع والإدعاء.
موقع الفرد في مجتمع ودوره في الشأن العام يوجد حول أحد المحاور:
1_ يتكلم ويستمع(أو يتلقى)
2_ لا يتكلم ويستمع
3_ يتكلم ولا يستمع
4_ لا يتكلم ولا يستمع
تكمن المشكلة كما أعتقد في الترتيب, فالفرد يبدأ من الموقع الرابع والأخير,لا يستمع ولا يتكلم, وقلة نادرة من يحالفهم الحظ بتجاوز العقبات الشخصية والإجتماعية, ويصلون إلى الموقع الطبيعي: يستمع ويتكلم, هذا واقع الحال في بلادنا.
درجة تطور المجتمع تتحدد بالشرط الطبيعي, الفرد يتلقى المعلومة والأحداث مكشوفة أمامه وهذه هي الشفافية كما أفهمها, كذلك صوته ورؤيته يصلان عبر المؤسسات العصرية التي يتكون منها المجتمع الحديث وتلك هي الديمقراطية كما أفهمها.شرعية السلطات الأخلاقية والدينية والثقافية والسياسية تتحقق فقط في وجود دولة الديمقراطية ومجتمع الشفافية, حيث الحق الإنساني الطبيعي يشمل جميع الأفراد.
عودة إلى الواقع: نحتاج لمعرفة العراق أولا, قبل الإحتلال الأمريكي وبعده,مؤسسات التعليم والصحة والإعلام والقضاءوالقوانين النافذة, نحتاج كذلك لمعرفة مستوى المعيشة, معدل البطالة, مستوى الخدمات الأساسية, وقبل هذا وذاك كيف كان العراق خلف ستار البعث وكيف هو اليوم في ظل الإحتلال. لعدم توفر المعلومات اللازمة لتكوين تصور دقيق سأكتفي بتقديم رأي قياسا بالوضع السوري, هواجتهاد قابل للتعديل وهو موقف حتى يتبين العكس.
اسطورة الشعب: العظيم والتافه هما الشيئ نفسه, تعبيرات عاطفية مصدرها المتكلم. العظيم لا يحتاج لشئ والتافه لا يستحق شيئا. كلنا (في البلاد العربية)نعرف المسؤول والرقيب والمرتشي والكاذب والمريض بشكل مباشر, وربما بعضنا يعرف أبطالا. بالنسبة لي لا وجود لأبطال, توجد خيارات إنسانية مناسبة وتعجبني لكنها نادرة, وتوجد خيارات أخرى أرفضها, أما الفرد الخاطئ أو المصيب فهو إنسان, والصفة الإنسانية هوية قبلية ليس لأحد نزعها. سمعت وقرأت كغيري في السنوات الثلاث الماضية تسمية العراقيين بالشعب العظيم تارة وبالخائن كذلك, والتسميات أطلقها أفراد يعتبرون مفكرين ومحللين استراتيجيين, وما زالوا يفرضون كنماذج وقدوة من خلال وسائل الإعلام المختلفة. أوضح ماركس قبل وجود السيارة والطائرة وحقوق الإنسان أن كلمة شعب بديل لغوي لطبقات متصارعة ونعرف اليوم أن كلمة طبقة بدورها بديل لغوي لقطاعات اجتماعية ومواقع فردية متعددة ومختلفة, وتحتاج إلى كشف واعتراف قبل إطلاق الأحكام, والتي لن تضيف شيئا للمعرفة أو الأخلاق.
المرأة مستقبل العالم: من المؤسف والمخزي أن يكون حال المرأة العربية والمسلمة في اللغة والحياة في الهامش الغائب,وأن يستمر ذلك الوضع الكارثي. نحن نقول الآخر والمختلف والمرأة , عند الحديث عن المواقع الفردية المطموسة وغير المعترف بها. ما زالت المرأة إحدى ملحقات الرجل الرسمي, مع أشباهها في منطقة السواد أو الأغلبية الصامتة, التي تتجاوز في سوريا 80 بالمئة,أتمنى أن أكون مخطئا وأن يكون العراق أفضل حالا.
قطاع صغير يتحكم بالحياة ويستهتر بها: نصف المجتمع نساء , وأكثر من نصف النصف الثاني قاصرين, ونسبة لا يستهان بها من حوالي الربع المتبقي رجال معوقون بالأمية أو المرض أوالشبهات, ومن تبقى من القادرين على الكلام أو التلقي, هم السلطة والمعارضة وحتى أفراد الهامش الثقافي بمعظمهم من هذا الجزء.من يتحدث باسم من,ومن لديه القدرة على السماع فعلا!؟ الأسئلة كبيرة ومركبة عن كيفية تمكين النساء والأطفال والرجال المختلفين من التعبير عن أنفسهم, وعن حقوقهم واحتياجاتهم ,هل نستمر في الكلام عن المرأة بدعوى أننا نطالب بحقوقها!؟ أعتقد أننا تأخرنا كثيرا, وابتعدنا في الثرثرة, وآن لنا أن نصغي للمرأة وللصوت الآخر ونحسن الإصغاء.في بلاد تحول مواطنوها إلى حطام بشري, من يحتاج للمواعظ والمزايدات الدينية أو الأخلاقية!؟لا توجد أخلاق تحت الحاجة, ومن فقد الثقة بنفسه لا يمكنه الثقة بأحد. الأكثرية تتعرض للإعتداء اليومي, مع نقص خطير في الحاجات الأساسية , وتلك أسباب الجفاف العاطفي والضمور الوجداني, فينفلت الذعر ويقتل عالمي الداخل والخارج على السواء _وهل أوضح من الصورة الموحشة والمتوحشة لصدام حسين في الأسر؟
رأي مثقف هامشي: بعد حروب أهلكت الملايين تحت مسميات الوطن والمصلحة العليا والحق, جاءت سنوات الحصار الطويل لتضع الأكثرية الساحقة من العراقيين بين نارين وفكين, الحصار ثم الاحتلال من جهة وبين سطوة الأجهزة وورثتها من جماعات القتل العشوائي,ولتضع العالم بأسره في مأزق أخلاقي عسير, وما زالت فصول المأساة مستمرة.نختلف في تسمية ما يحدث في العراق, تدور مختلف الآراء حول الوضع العراقي الآن بين قطبين: عدوان , تحرير . نظام الحكم السابق وأعوانه ومن يتفقون معه بالمواقف الأيديولوجية يسمون ما حدث عدوان يستلزم المقاومة , على النقيض من مجلس الحكم الإنتقالي وبالتوافق مع الإحتلال حيث يتم تسمية ما حدث تحريرا يستلزم الإستقرار والبناء. لكلا التسميتين مبررات منطقية وقانونية و لكنها تدور في الفضاء الأيديولوجي, المتعالي عن حقائق الواقع, وفي جوهرها الفرد العراقي. استراتيجيتان تتصارعان على الساحة العراقية, وعلى كاهل العراقيين كل تبعاتها ونتائجها , ولا يغير من واقع الأمر تسمياتهما,وإن كانت تضمر رغبة في كسب الوسط أو الأغلبية الصامتة,النصوص بمختلف مستوياتها و تواريخها تأتي في المرتبة الثانية من حيث إضفاء الشرعية لأحدى التسميتين عدوان أو تحرير. من لهم الحق في تسمية ما حدث, وعليهم القيام بالدور الفاعل هم العراقيون حصرا. بدلا من المتاجرة بآلامهم أو التغني ببطولاتهم, علينا أن نستمع للعراقيين,المساعدة على إنشاء مؤسسات عصرية تمثل المرأة وتتكلم باسمها, مؤسسات حماية الطفل, كذلك المريض والمختلف والفقير, بعدما تتوفر للعراقييين إمكانية التعبير عن الرأي بحرية وأمان, يقررون تسمية ما حدث, ويسلكون السبيل المناسب, علينا أن نستمع لنعرف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة