الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤسسات العالم ... أنقذوا الشعلة قبل أن تذبل

مريم الصايغ

2008 / 12 / 13
حقوق الانسان


ماذا لو صحونا ذات صباح لنجد الشمس ذليلة خافتة الضوء ذابلة مريضة ...!!!
ثم أشعلنا الأنوار المخترعة الزائفة فوجدناها أكثر مرضا وذبولا …
وعندما حان المساء ساد الأرض والسماء ظلام دامس...
فأختفي القمر وهربت النجوم الفضية بعد أن قهرها الظلام وتسلط عليها ... فسادت الظلمة كل الحياة ...
و اختفت معالم الكوكب والحضارة التي تغنينا بها وقنابلهم الذرية التي طوروها !!!
السيناريو القاتم الذي بدأت برسم خيوطه الآن ليس مجرد تخيل لكنه حقيقة تحدث بالتدريج كل يوم ولا نشعر بها ...!!!
الكون يحتضر بالتدريج وهذا الاحتضار له سيناريوهات متعددة ستشهدها الأرض .
تحدث عنها العلماء كثيرا لكن لا يعلمها غير الله وستحدث عندما يريد الله .
لكن هناك سيناريو آخر يحدث أيضا كل يوم حيث تذبل ملايين المشاعل المتوهجة...
أنه السيناريو البغيض الذي يقهر يوميا مشاعل تضيء الطريق ويحرمهم من حقوق الإبداع والتعبير والحياة ...!!!

* أحسن... صديقي رئيس جمعية … شعلة متوهجة يقهر المستحيل كل يوم يدفع من قوت يومه و حياته و مستقبله ...
يسافر المؤتمرات الدولية ليضع مدينته الصغيرة علي خريطة العالم ... يجول هنا وهناك ليعلن عن وطنه الجزائر...
وعن معاناة شباب يرغب في تغيير أوضاع مؤلمة تتعرض لها البلاد ... وأجهزة وطنه تشاهد إنجازاته صامته !!! .
أو لعلها تنتظر أن ينفذ التوهج داخله وتخور قواه ويستنفذ قوت يومه ليتحول مثل غيرة و يصبح شعلة ذابلة ...!!!
لكنه رغم قسوة الظروف شعلة متوهجة و تزيده التحديات اشتعالا.

* رياض زميلي صحفي من اليمن - السعيد - !!! يرفض الخنوع ومهادنة السلطة والتزييف والخداع
يرفض أن يجلس بمقعد من يهتفون أو مقعد الاحتياط بل يصول ويجول من أجل الحرية والمساواة والعدالة
ويتحمل التهديد والوعيد والحرمان من المكانة ... شعلة لا خوف عليها من الخفوت لكن يا ويلي من كثرة الضغوط .

* عبد الحق و زملاء من المغرب ... شعلة تشتهي أن تنشر النور ... يكتبون وينشرون كتباتهم مجانا
لحث الشعب علي القراءة ليتعلم ويعرف حقوقه لكن لا مجيب !!!
ولسخرية القدر وطنهم لم يمنحهم ورقة مختومة تثبت هويتهم ككتاب فحرموا من حق الاعتراف والوجود !!!
لهذا منهم من يرفضون استخراج جواز سفر يحمل وظيفة أخري غير وظيفة كاتب و يقمعون أنفسهم داخل المغرب يحاربون بالكلمة كل ظالميهم.
لكن أخشي عليهم أن تزيد مرارة نفوسهم وتزيد كراهيتهم للظالمين فيصبحون كدون كيشوت ويحاربون طواحين الهواء
وتضيع جهود المشاعل في الهواء أو يتملك اليأس على قلوبهم فيتحولوا لمخربون .

* ديالا مطربة سورية ذات صوت رائع وأخلاق حميدة ...ذبلت و أحتمت ببيتها وفضلت أن تتضور جوعا بكرامتها…
علي أن تمارس البغاء العلني بقنوات البورنو كليب... رفضت كل العروض وذبلت الشعلة بإرادتها الحرة!!!
لكنني لم أشعر يوما أنها ذبلت كما تخيل الجميع بل هي ظاهريا توارت من وجهة نظر محاربيها ...
لكنها لم تقهر كما قال أرنست همنجواي : تستطيع أن تحطم الرجل لا أن تقهره . !!!

* سناء فتاة كانت موهوبة شعلة سعت يوما للتوهج حلمت أن تصبح ممثلة و جمالها وحظها العسر قاداها لمجال الإعلانات !!!
ويوما بعد آخر كانت تنحدر من بؤرة فساد إلي أخري إلي أن ذبلت الشعلة وأطفئت وهنا لم يقهرها عدوها بل قهرتها شهوات ومطامع ذاتها .

* هشام كان طالبا مبدعا بكلية الإعلام ثم حصل علي ماجستير وعمل بصحيفة قومية لعدة أعوام ولم يكن يتقاضى مقابل نقدي من الصحيفة أملا في التعيين !!!
ليحصل علي اعتراف نقابة الصحفيين والمجتمع به ولكن الصحيفة لم تقم بتعينه .
بل تحالفت الصحيفة ونقابة الصحفيين أمام مجلس الدولة وكذبا انتمائه للصحافة رغم ثبوت ذلك بشهاداته العلمية و كتاباته المنشورة ...!!!
لكن عندما بدأت شعلته في الذبول !!! جاءت له الفرصة ليهاجر وهناك أصبح لامعا وصاحب قلم حاد يهاجم به وطنه ويعبر من خلاله عن مرارة الحقد .
وخسر هشام ذاته ولو ظن يوما أنه ربحها .

* عمرو مجموعة من المواهب في غياب الموارد المالية ...
فهو مخرج وكاتب سيناريو حاصل علي دبلوم متخصص في الإخراج من أكاديمية إعلامية - كان يظن أنها ستعترف به وبشهادته الدولية !!!
- شاب طموح موهوب شعلة متوهجة بالأفكار لكنه لا يجيد فن المداهنة والسهرات الحمراء للصباح موهبته ودراسته
لا تكفي كمؤهلات له ليصبح عضوا بنقابة السينمائيين ولا يكفيانه ليصبح تلميذا يتدرب عند أحد عباقرة المخرجين الذين لا يملكون شهاداته أو أفكاره أو رؤيته الفنية ...
هذه الشعلة تذبل كل يوم ...!!!- أخاف عليك عمرو من حزنك الشديد - . !!!

* الأمثلة التي ذكرتها ليست وحدها بل هناك غيرها الملايين في كل الأوطان والمجالات...
* هناك الطبيب الذي قتلوا داخلة كل المشاعر السامية عندما وجد زميله أبن رجل الأعمال الخامس علي الدفعة معيدا وهو الأول علي الدفعة عاطل لا يجد عمل !!!
وليس هذا فقط بل لا يختار أبن الأكابر من بين فتيات الكون سوى خطيبة زميله المجروح ليتزوجها !!!
فيسود الظلام قلب هذا الطبيب ويمسه داء السعار ...فيسعى فقط لجمع المال
وينسي كل معاني الرحمة ويتاجر في الأعضاء ويخالف أخلاق المهنة ويعيث في الأرض فسادا .

* وهناك الفتاة التي لا تملك في الحياة غير أنها ابنة ممثلة مشهورة فتقيم لها الحفلات وتجعلها مذيعة لامعة برتبة أراجوز مشهور!!!
وأخري لا تملك غير جسد تعرضه في مزاد العراة فتجد من يؤسس لها القنوات والجرائد لتبث سمومها في الفضاء - ويا بخت من كان له ظهر يستند على مناوراته - .

* وهناك المذيعة المخضرمة التي وجدت من جيل العظماء من ساندها وساعدوها ...
لكن عندما جلست علي كرسي الرئاسة احتلت كل القنوات وكل البرامج وغارت من كل الناجحات وقضت عليهن وكانت أولى قراراتها الحكم بفنائي – هههههههه لو لم يدم الكرسي لغيرك ما كان وصل لكي سيدتي المغيبة عن بالي - …

* وهناك عميل الأمن الذي تؤسس له جريدة أو حزب أو يستخدم لعمل فتنه طائفية أو كمرشد يرصد جماعة فكرية أو دينية …
فيعتقد انه ملك أرواح العباد ويستطيع أن يفعل بهم ما يشاء … لكن يوما يأتي له عقاب السماء وتنقلب عليه المكائد - ربنا كبير يا عم الحج - .!!!
وعجبي عليكِ يا كوكبنا الغالي على فين هنروح تاني ؟؟؟ !!!

* ولهفي على موظف أمين يرفض الرشوة ويرفض عصيان الله وتكون نهايته تهمة مخلة بالشرف ... !!!
أو موظف يكشف عن عصابة لتهريب أثار بلادة ويبلغ عن أسماء تجار الآثار والمخدرات والسلاح !!!
وهم من ذوى الأمر والسلطان فيتستر الشرطي الكبير على الفضيحة ويطرده وفي طريق عودته يذهب ضحية حادث مجهول الفاعل في وضح النهار .... !!!

آه أعزائي الأمثلة كثيرة ومحزنة ... لهذا أعذروني فأنا أصبحت إنسانه لا تدهش نعم فقدت الاندهاش لا تدهشني الأخبار أو الحوادث ...
فعندما يسود الإحباط والجوع وعدم التقدير والحرمان من أبسط الحقوق ...حق التعبير …حق الوجود ...
وعندما تتحول المؤسسات الحقوقية لمؤسسات نهب وسلب ووجاهة اجتماعية وشعارات وحفلات بيزنس ...ماذا سيتبقى ؟...
وماذا؟؟ ستتعلم الأجيال الجديدة ...و كيف ستحمل الشعلة ؟؟؟
ومن سيقود مسيرة التغيير والشعلة مدخنة ... تحتاج لمن يحميها ويساعدها علي الاشتعال من جديد . !!!

لكن أعزائي أعتذر لكم عن كل الإحباط الذي تسبب مقالي فيه وأريد أن أنقل لكم أخبارا سارة ...

فأنا يراسلني ويتعامل مع مؤسستي مؤسسة تنمية الإبداع العربي الكثير من الشباب ... والمؤسسات الشبابية حول العالم …
من طائفة المشاعل المتوهجة الذين يعملون مع المقهورين والمشردين والمهجرين وأسر الأسرى و المقاتلين …
يعملون معهم بالحب وبدمائهم وبقدراتهم المادية المحدودة بل يعطونهم قوت يومهم و مستقبلهم الشخصي ...!!!
يراسلونني يطمئنونني أنهم ينفخون في الفتيلة المدخنة حتى لا تطفأ .

لهذا صلوا معي أن تشعر الأنظمة المختلفة حول العالم بجهود المشاعل المتوهجة فيساعدونهم .
وتتحرك مجتمعات الوجاهة والصفوة المتاجرة بالشعارات والمنغمسة في البزنس والصفقات وتمد يد العون لكل محتاج ... !!!
صلوا معي وأنيروا شموع الأمل داخلنا لكي تتذكر مؤسسات العالم ذاك المخلوق البائس الذي يسمي الإنسان وينال حقوقه ويزال الظلم عنه ...
حتى لا تطفأ الفتيلة المدخنة في زمن الضعف الذي يقابله الطغيان .
الآن أرفعوا صوتكم معي عاليا لنقول بكل قوة ...
يا أنظمة العالم أنقذوا الشعلة المتوهجة قبل أن تذبل فهي في خفوت واختفاء . كليوباترا عاشقة الوطن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شعله متوهجه
مهدي حافظ ( 2008 / 12 / 12 - 22:03 )
مقال عظيم يعبر عن انسانة تتقي الله في كلامها وفي امانة القلم الذي تحمله وفقكي الرحمان ورعاكي وجعلكي قلم يحث على الفضيله الله يفتح عليكي يا بنتي


2 - l
besy ( 2008 / 12 / 12 - 23:06 )
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=156210


3 - عجيب
أمين أحمد ثابت ( 2008 / 12 / 13 - 07:10 )
مقال متميز من مقالاتك دكتورة مريم الصايغ يعبر عني فهو انتي بلا تجمل او خداع او محاباة الوجوه ولا سعي لاغراض دنيوية زائلة
لكن اسمحي لي دكتورة اليس من العجيب ان يقرأ 4 مثقفين من قراء وكتاب الحوار المتمدن ويتفقون على هذا التقيم الم يجد احد منهم كلمة اثرت فيه الم يجد نفسه بين حروف مقالك من لا يجد نفسه هنا ويجد كلماتك موجعه هم الاخساء الذين يتحكمون بمصائرنا ويسرقون قوتنا وهم اليوم يسرقون منا مشاعلنا المتوهجة الاخوة المسؤلين في الحوار المتمدن امنعوا التصويت فالكتاب الشرفاء غير قابلين للتصويت

اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية