الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوكمة هي طوق النجاة للمؤسسات المالية العربية في ظل الأزمة العالمية

عبد الجبار منديل

2008 / 12 / 14
العولمة وتطورات العالم المعاصر


الأزمة المالية هي مثال سيئ اخر على ما يمكن ان يحدث في ظل الإقتصاد الحر المنفلت. وفي الحقيقة فإنه منذ ان ارسى رائد الإقتصاد الحديث ( ادم سمث )الخطوط العامة للإقتصاد الرأسمالي من خلال كتابه ( ثروة الأمم ) في القرن السابع عشر والأزمات تترى ولا ةكاد تنقطع عن الإقتصاد الغربي . كان ادم سمث يؤكد وفقا لمبدأ ( دعه يعمل دعه يمر ) بأن الإقتصاد يصلح نفسه بنفسه. وان تحقيق المشروع الخاص للنجاح انما هو نجاح لكل الإقتصاد القومي والعلاج الوحيد الذي يمكن ان تعالج فيه الأزمات الدورية للأقتصاد هو ان ندعه يعالج نفسه ذاتيا دون التدخل بألياته الخاصة . ولكن هذا المبدأ لم يجد تطبيقا عمليا .
في ازمة ( 1929 – 1930 ) الكبرى ضربت الأزمة كل الإقتصاد العالمي لمدة اربع سنوات كاملات وأطاحت بصروح المؤسسات الصناعية والمالية الجبارة ووصل الإقتصاد العالمي الى الحضيض بعد انهيار الاف الشركات والمصارف وتزايد اعداد الجيوش الجرارة من العاطلين عن العمل وتقليص السيولة الى مايقرب من الصفر . عند ذاك قاد المفكر الإقتصادي الكبير ( كينز ) حملة لإنعاش الإقتصاد عن طريق امساك الدولة بزمام المبادرة وتحريك الإقتصادات الخاملة وةشغيل العاطلين عن العمل وةوجيه الشركات وفقا لخطة مركزية تقودها الحكومات . وهكذا بدأت الإقتصادات الوطنية تنتعش تدريجيا .
لقد كان ذلك فاتحة لتدخل الدولة في العالم الرأسمالي في شؤون الإقتصاد ووضع ضوابط ومحددات للحركة الإقتصادية بل وقيام الدولة نفسها بالإستيلاء على بعض المشاريع الإستراتيجية وتأميمها . وكان ( كارل ماركس ) قبل ذلك في القرن التاسع عشر قد حاول التصدي لمعالجة مشكلة الأزمات الدورية في الإقتصاد الرأسمالي من خلال مؤلفاته الكثيرة وخاصة من خلال كتابه المشهور ( رأس المال ) ولكن ماركس قال انه لا يمكن معاجة الأزمات الإقتصادية في النظام الرأسمالي الا بالقضاء على النظام نفسه .
استمر تدخل الدولة في العالم الرأسمالي بشؤون الإقتصاد بشكل او بأخر طيلة عقود القرن العشرين . منذ الثلاثينيات وحتى الثمانينيات .
في ظل حكومة( تاتشر) في انكلترا وفي ظل حكومة الرئيس الأمريكي( ريغان) بدأ الهجوم المضاد على دور الدولة في الإقتصاد الوطني . وبسبب من النجاح النسبي الذي حققته خطط التحرر الإقتصادي واطلاق كل القوى الكامنة للإقتصاد فقد بادرت الكثير من الدول النامية بما فيها دول عربية مثل العراق ومصر والتي كانت تمتلك قطاعا عاما واسعا يضم مشاريع وشركات ناجحة ( وفقا للمعاير الإقتصادية المعتمدة في العالم ) الى الهجوم على القطاع العام وتفتيته والشروع بعمليات خصصة واسعة النطاق تمت فيها تصفية المشاريع العامة وبيع ممتلكات الدولة بأبخس الأثمان . وقد استفادت من ذلك المافيا الإقتصادية في الدول العربية حيث ازدادت اعداد القطط السمان وحيتان المال والأعمال اضعافا مضاعفة على حساب اموال الدولة .
في التسعينات من القرن الماضي زاد توغل رأس المال واصبحت المؤسسات المالية العالمية تعمد الى مختلف اساليب المضاربات واستغلال الفرص لتحقيق الأرباح باسرع وقت وبأقل الخسائر ولو على حساب الإقتصادات الوطنية ولاسيما في ظل العولمة وتزايد تداخل مكونات الإقتصاد العالمي ومؤسساته . ودخل ما يسمى ب ( رأس المال المغامر ) وهو راس مال سريع الحركة بين القارات والدول يستخدم نفس اساليب حرب العصابات وفقا لمبدأ ( اضرب واهرب ) فهو ينقض حيث الفرصة المواتية ويفر هاربا حين يشم رائحة الخطر ما يجعل منه الغاما موقوتة تؤجج اخطار الفقاعات المالية وتعرض الإقتصادات الوطنية للخطر . ولعل ابرز مثال على ذلك ما قام به الملياردير الأمريكي ( ساكس ) في نهاية التسعينات حين سحب اكثر من مليار دولار في يوم واحد من المؤسسات المالية في جنوب شرق اسيا مما كانت بداية لأزمة طاحنة عصفت بإقتصادات ما كانت تدعى ب ( النمور الأسيوية ) ووصل بعضها الى حافة الإفلاس .
الأزمة المالية العالمية الحالية على الرغم من انها التهمت الجزء الأعظم من الثروات المكدسة في الصناديق السيادية العربية التي جمعها من فوائض مبيعات الثروات النفطية طيلة العقود الأربعة الأخيرة والمستثمرة في اميريكا الا انها لم تضرب اقتصاديات الدول العربية بعد بشكل جدي برغم من ان المؤسسات المالية لهذه الدول خسرت في شهر واحد فقط 250 مليار دولار .
يتعين على الدول العربية من اجل انقاذ البقية الباقية من ثرواتها وتجنيب اقتصاداتها كوارث محققة في حالة استمرار الأمور على ما هي عليه .. نقول ينبغي عليها تعزيز اجراءات حوكمة المؤسسات بما يضمن استقرار النظام المالي في المنطقة والحفاظ على سلامته في مواجهة الأزمة المالية العالمية بمعنى وضع انظمة فاعلة لحقوق الدائنين واعادة الهيكلة وتوسيع نطاق السلطات التنظيمية والرقابية للمصارف المركزية لتشمل المصارف الإستثمارية وشركات الوساطة المالية غير المصرفية ومراجعة التنظيمات التي تحكم عمل وكالات التصنيف الإتماني واصلاح اطر ادارة الأخطار ومنع تسييل المحافظ الإستثمارية .
ان تعزيز دور الحوكمة يكون عبر تطبيق الأطر المؤسسية وتطويرها وتحسين معايير الإفصاح والشفافية وفرض سيادة القانون لأن اهمالها يجعل المجازفة كبيرة بالنسبة لأسواق الأسهم والإتمان .
ان اقتصادات العالم العربي ليست معزولة عما يجري في العالم حيث انها تتأثر بما يحصل ويمكن للوضع الحالي ان يؤدي الى انعكاسات سلبية على وضع السيولة في المصارف وارتفاع الفوائد ولاسيما في ظل تراجع اسعار النفط الى اقل من النصف وانحدارها المتسارع خلال الأسابيع القليلة الماضية .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملثمون يوقفون المحامية سونيا الدهماني من داخل دار المحامين ف


.. نبض أوروبا: هل حدثت القطيعة بين بروكسل ومالي بعد وقف مهمة ال




.. الأردن يُغلق قناة تابعة للإخوان المسلمين • فرانس 24


.. المبادرة الفرنسية و تحفظ لبناني |#غرفة_الأخبار




.. طلاب جامعة هارفارد يحيون الذكرى الثانية لاغتيال شرين على يد