الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذلك المرض اللعين... وحلم المستقبل

جورح غالي

2008 / 12 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


اسمحوا لي قرائي الأعزاء أن أشارككم معي تجربة خاصة بي، فقد استيقظت منذ عدة أيام على آلام رهيبة في معدتي واعتقدت أنها "مغص" عادي كالذي يصيبني دائماً، فأخذت بعض الأدوية التي اعتدت أن آخذها أيضا في هذه الأحوال -كعادتنا في مصر- فلا نذهب للطبيب إلا في الحالات المستعصية، ولكن هذه المرة استمر هذا "المغص" مدة طويلة –حوالي أسبوع- مما اضطرني للذهاب لدكتور أمراض باطنة لأني لم أستطيع تناول الطعام في هذا الأسبوع، فطلب مني الدكتور بعض التحاليل وأيضاً أشعة تليفزيونية وكتب لي أدوية حتى أرجع إليه لاستكمال التشخيص.
وعندما ذهبت له بما طلبه إذ به ينظر لي نظرة غريبة كلها شفقة وعطف، وطلب مني أن أذهب لطبيب آخر متخصص في الأورام ولكنه طمأنني أن هذا الورم الذي وجده في معدتي ربما يكون حميد ولكن الطبيب الآخر هو الذي يستطيع أن يقرر هذا التشخيص، ولم تكن هذه الصدمة بالطبع بالسهلة عليَّ فأنا شاب في الثلاثينات متزوج ولي ابنين أحدهما رضيع.
حتى لا أطيل عليكم فبعد ذهابي للدكتور الثاني الذي نصحني بالذهاب إليه الدكتور الأول، وبعد الفحوصات وأخذ عينة من الورم بالمنظار تأكد إصابتي بذلك المرض اللعين "سرطان بالمعدة"، ومن خدمتي بمركز الرجاء للأمراض المستعصية ومنها السرطان تأكدت أن الباقي من عمري قليل جداً قد لا يتعدى عدة شهور قليلة، حيث أني لم أعرف أحد أصيب بسرطان في "البطن" عموماً وشفي منه أو حتى عاش أكثر من سنة.
فقررت في نفسي أن لا أدفع أي مبالغ للعلاج من هذا المرض وأن لا أُعرّض نفسي لأي عمليات جراحية للشفاء منه، وأن أوفر كل قرش للعلاج لأبنائي وزوجتي المصدومة التي كانت تنظر لي ولا تعرف ماذا تقول، وجلست أفكر.. ما الذي تركته لزوجتي وأولادي بعدي.. ولم أجد أنني تركت شيء ذو أهمية... وهنا... أيقظتني زوجتي الحبيبة حيث ميعاد عملي ولم أسمع "المنبه" حيث كنت نائماً في سُبات عميق جداً لأني كنت أجهدت نفسي في العمل اليوم السابق، ولم أنام جيداً في الأيام السابقة، فاحتضنتها حضناً دافئاً وقبّلتها وأولادي وقررت
أن لا أذهب للعمل في هذا اليوم.
وبعدما تناولت إفطاري مع الحبيبة زوجتي قمت بإعداد الشاي بالنعناع –الذي أحبه- لكلينا ولم أقص عليها حلمي، ولكن جلست أفكر فيه وحدي وأنا أشرب معها الشاي... فحياة الإنسان قد تنتهي في لحظة، في أي عمر، صيفه أو شتاءه، ربيعه أو خريفه، ولا يملك الإنسان أن يحدد متى تنتهي حياته... فماذا تركت لذويك؟؟؟
واسمحوا لي هنا أن انتقل معكم نقلة غريبة بعض الشيء، فهذا هو الذي جال بخاطري.. فالذي يتركه الإنسان لذويه ليس فقط أموال أو أملاك أو حتى سيرة حسنة، ولكن يمكن أن نترك لهم أكثر من هذا بكثير.
فالمشاركة في تطوير الدولة التي نعيش بها –في حالتي مصر- هو أفضل ما يمكن أن نتركه، حيث أصبحت مصر هذه الأيام مطمع لحركات كثيرة إسلامية وغيرها، وإن لم نشارك في اختيار قادتنا ونوابنا في مصر قد تغرق ونستيقظ في أحد الأيام نجدها تحت الحكم الديني وهو الذي لا أعتقد أننا كمعتدلين يمكن أن نتحمله... فأرجوكم أن تشاركوا في صنع مصر الحديثة، ولن يتم ذلك بدون مشاركة كل المعتدلين في مصر في كل الانتخابات، وأيضاً لن يتسنى لكم ذلك إلا باستخراج بطاقاتكم الانتخابية، والتي بدأ منذ فترة وينتهي في أواخر شهر يناير.
أرجو من كل معتدلي مصر استخراج بطاقاتهم الانتخابية حتى نستطيع أن نترك لذوينا مصر جميلة كما نتمناها، وأرجو أن لا تقولوا "يعني هي جت على صوتي"، "ما هي بتتزور بيطلعوها زي ما همّا عايزين".. فقد كان يحدث هذا في الماضي ولكن الآن هناك منظمات من العالم كله تراقب الانتخابات، ولا تنتظروا أن تتغير مصر بدونكم.
كونوا إيجابيين...
أتركوا مصر جميلة لمن بعدكم..
ولكم الله يا معتدلي مصر...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تمنيات بالشفاء العاجل
محمد خلف الرشدان الأردن ( 2008 / 12 / 13 - 23:59 )
الأخ العزيز السيد جورج غالي المحترم تحية طيبة وبعد :أتمنى من الله تعالى أن يشفيكم مما ألم بكم ، عليكم بالصبر ولا حيلة لنا إلا به واجه الموقف بشجاعة ولا تيأس من العلاج ، فلكل شيئ سببا لعل وعسى أن يكون الفرج قريباً ، ولقد حزنت عليكم كثيراً ، والأمر الى الله تعالى وسلامي للعائلة وقبل الصغار بالنيابة عني


2 - مجرد حلم
جورج غالي ( 2008 / 12 / 14 - 13:18 )
أولا أريد شكر الأستاذ محمد خلف الرشدان على الشعور الطيب..
ولكن أريد أن أذكر أنه مجرد حلم وليس حقيقة..
وهنا... أيقظتني زوجتي الحبيبة حيث ميعاد عملي ولم أسمع -المنبه- حيث كنت نائماً في سُبات عميق جداً لأني كنت أجهدت نفسي في العمل اليوم السابق، ولم أنام جيداً في الأيام السابقة، فاحتضنتها حضناً دافئاً وقبّلتها وأولادي وقررت أن لا أذهب للعمل في هذا اليوم.
-------------
واصارحكم القول ان حتى هذا الحلم هو من خيالاتي .. فأنا لا أتذكر ما أحلم به، ولكن أردت أن اشعر القراء بمدى أهمية ترك شيء جيد فعلا بعدنا...
وحتى ذكري لهذا المرض اللعين في عنوان المقال لم أقصد به السرطان ولكن مرض ألعن منه هو السلبية والتواكل..
شكرا للادارة والقراء مرة أخرى.. وانا بصحة جيدة والحمد لله
جورج غالي

اخر الافلام

.. الضفة الغربية: قتلى فلسطينيين في عميلة للجيش الإسرائيلي بقرب


.. غزة: استئناف المحادثات في مصر للتوصل إلى الهدنة بين إسرائيل




.. -فوضى صحية-.. ناشط كويتي يوثق سوء الأحوال داخل مستشفى شهداء


.. صعوبات تواجه قطاع البناء والتشييد في تل أبيب بعد وقف تركيا ا




.. قوات الاحتلال تنسحب من بلدة بطولكرم بعد اغتيال مقاومين