الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخراب

محمد بقوح

2008 / 12 / 17
الادب والفن


لعل الدروب ، التي لا تقود روادها الوافدين ، إلى معانقة موج البحر ، قسرا تطاردهم لا محالة رصاصاتها الظمأى ، حتى آخر زاوية مهملة ، في زنزانة الحرفِ ، حيث يعتقل الحلم ، و بمكعبات ثلج هذا السؤال ينمو الضجر الجميل .
حبلى أنتِ .. يا زينة الخطاب و الصورة ، و بوهج شهواتك القزحية ، الآتية من صيف الأمس ، بك تبحر الذات مدفوعة بالأيدي الجسورة .. عالقة هذه الأنثى ، من أطراف خيط عنكبوت أعرفه ، و يتجاهل وقع صرخات البحر المختزنة خلف ستار الرماد . و بين تجاعيد وجهي الترابي تزهر اليوم حروقٌ ، غذتها تناقضات السؤال الصعب في حقل تحميه خيانة الموج لأهله ، هو الآن يزحف نحوي و أشتهيه . و بما تبقى من أغصان النار ، في خنادق الروح أمتد مخترقاً خرافات هذا البناء المطاطي المشوه لتاريخي الطويل ، الذي أنجبك في ليلة عاصفة ، وعليه تشهد فحولة هذي الجبال الشاهقة .
أنتِ واهمة يا سيدة بلا اسم ، حين تصرين على الحفر العمودي ، تحت أقدام صخوري ، لإسقاط بحري .. و ركوب عنادك الجميل ضد عناصر خبزي و شيء من هويتي ، التي دنسها التقليد ، سيقود هذه السفينة العاشقة لتحرير السواعد قبل الأفواه ، المنسوجة أعضاؤها من رجال ، صنعوا التاريخ من أزمنة جميلة ، تكدح تحت سقف القر ، إلى مغارة في جوف وحش يتربص بضحاياه غافلين .

هو الوجه الآخر لتكوينات أرواحك القاتمة ، و المنتشرة في كل أمكنة حديثك الذي ألبسته الشمس ، جنان هذا الشوق الأزرق ، سواء في لحظات عراء النجوم ، أو وقت اختمار سوطك الجارف ، ضد عصياني المدمر الآن ، لكل أشكال الخرافة المؤسسة خطئا على نعش الأسلاف ، أبدأ معك يا صغيرتي الغارقة ، في بحر عجزك الخائف لعبة أخرى ، لم تقرئي قواعدها الهاربة ، في تاريخك القصير ، و المحشو بأكياس قديمة ، من أنفاس دمي المقدس .

...لماذا أنتِ ، يا فاقدة الاسم و الفعل ، مصرة على قتل عرائس الحرف في بساتين كلمات خريطة الضجر ، التي صنعتها تجاعيد كل أقلام الوطن ؟
لماذا تبتسمين في وجهي ، و أحيانا ، في السر الجميل ، تهمسين في أذني ، أنك العاشقة الوحيدة في الكون ، لسفينة هذا الجسد المنفي ، وراء أدغال نخل عادت ، قبل لحظات ، من رحلة عرس في زنزانة الصمت ..؟

قد أكون حالما بمجاهل كون جميل ، يكتب قصيدة الحفر الجليل ، عبر هذي الأخاديد القادمة من بيوتك الكريمة ، و لكن .. لا يمكن أن أنتمي إلى حلم ، يدخن الوقتَ ، في جرار قبيلة مجرورة ، و في مقهى قابع على حافة السقوط ، كلون الرماد ، يتناسل مزهوا بلونه العاتي .
لعل هذا التفاعل المغسول الوجه ، بصراع صخور البحر هو قبلتي ، و إليه أصير ...

أقرأ.. في رواية كتبها الذئب، الذي هو أنتِ ، عندما كان ، يقول الراوي ، في فترة نقاهة بإحدى عواصم الكتابة : ( أكتوي بلهيب الوحشة ، حين لا أجدني أسبح ليلا في فلكي ، و بين علامات الاحترام و التبجيل المفرط ، من لدن أعزائي الخرفان الودودين .. و في ذات صباح نادر في حياتي ، ربما لن يتكرر في الأيام المتبقية من مكتوب قدري ، بينما كنت أتناول وجبة فطوري الممزوج بأكواب البيرة الممتازة في حديقة قصري ، رفقة بعض ضيوفي ، الذين قدموا من أوطان متعددة من عالم الغاب و الإنس ، و إذا بعاصفة مطرية تربك الحضور ، و يفاجئ الجميع بحشرات و ديدان كثيفة ، تتساقط مع الماء كسلاسل طويلة نازلة من السماء ، في عراء مدينة ، أحكمها بفن سياسة الألواح ، و لم يتردد حرسي من التقرب إلى عين المكان ، لاكتشاف جديد هذا الزمان .. فجرى الخدم يمنة و يسرة ، خائفين من غضبة حلزون أو لسعة دود .. من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من صحون الأكل و كؤوس المشروب ، لكنني ، أنا المشدود من لساني حتى قدمي ، إلى صوت أبي الكذاب ..، لم أتحرك من فوق عرشي الأخضر .. لأنني قرأت ، و قال راو آخر ، يؤمن بما أقرأ ، في إحدى الوصايا الغالية عندي ، و التي تركها لي جدي : الذئب الأكبر ، مخطوطا في القلب ، و ما زلت أذكرها و أحفظ أدق تفاصيلها ، تلك التي تقول في وصيتها التاسعة بالضبط ما يلي :
" عندما تفاجأ بانقلاب الرعية عليك، يا بني .. لا تتحرك من مقامك العالي ، مهما حصل ، و في أحسن الأحوال ، يمكنك أن تنزل ، بسرعة البرق ، من فوق عرشك الفاتن ، و تخفي تكوينات جسدك الطاهر تحته ، و ترتل لطف آيات الله الكرسي ، حتى تحميك الأقدار من عصيان الرعية .. ، إن لغدرهم ، يا بني ، شوك مسموم ، إذا أصابك ، حفظك الله و رعاك ، لن تنجو من الموت المحقق" . و الله أعلم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه


.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز




.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال


.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا




.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?