الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحرش بالفتيات سرطان اجتماعي وظاهرة خطيرة

إبتهال بليبل

2008 / 12 / 15
العلاقات الجنسية والاسرية


سلوك منحرف ينتج من شباب يشعرون بالإحباط.. وردود فعل غاضبة وخوف من قبل الأسرة على بناتهن
لم تكتمل فرحة أبنتي ونحن نتجول في منتزه الزوراء ، فمنذ سنوات لم نقم بالتنزه نتيجة تدني الوضع الأمني ولكن بعد تحسنه ، قررنا الخروج للتنزه في ثالث أيام عيد الأضحى المبارك ، وبينما نحن هناك ، امتلكتني الدهشة وشعرت بالاهانة فقررت الخروج من المنتزه بأسرع ما يمكن ، كانت مهزلة وتواطؤ جماعي يبين مدى الانحدار الأخلاقي بين الشباب ، هل وصل الحد بهم إلى التحرش بالفتيات في الأماكن العامة ؟؟
حيث ، فوجئت بمجاميع من الشباب أعمارهم لا تتعدى العشرين وكل مجموعة متكونة من ثلاثين شاب على الأقل ، يحملون الدفوف ويرقصون بشكل عشوائي وهمجي محاولين الهجوم على الفتيات الموجودات ، بطريقة مخيفة جدا ..
هذا ما أكده لنا علي عدنان / كاسب والذي أكمل حديثه قائلاً :" تنتشر هذه الظاهرة بشكل ملحوظ عند محاولتك السير في المتنزه ، أنها حالة خطيرة ومرعبة ، وجريمة هتك حيث يحاول الشباب التحرش بالفتيات بالألفاظ الجارحة أو الإشارات أو التطاول باليد كلمس جسد الفتاة وغيرها من التصرفات المنحرفة ".
الواقع يؤكد أن التصرفات بدأت تمثل ظاهرة حالياً ، حيث يقوم مجموعة من الشباب الفاقد للوعي الاجتماعي بالتحرش بفتيات كن يسرن في الأماكن العامة و المنتزهات ، الأمر الذي يثير ردود فعل غاضبة وخوف من قبل الأسرة على بناتهن ، وحتى نحدد أسباب هذه الظاهرة الآخذة في الازدياد ، حاولنا استطلاع بعض الآراء من قبل المواطنين والمختصين ..
امتنع من اصطحاب عائلتي للتنزه
سائق التاكسي جاسم حسن عوده / تحدث عن هذه الظاهرة قائلاً " كيف لي أن أنسى ذلك اليوم الذي هجم فيه مجموعة من الشباب على تلك المرأة وابنتيها وبينما هم يتنزهون في حدائق الزوراء ، ومن شدة الموقف بدأت المرآة بالصراخ ولم يحاول المارين أن يتدخلوا ، وبسبب هذا الموقف امتنع من اصطحاب عائلتي للتنزه .
كأننا في غابة
أما فريال حسين أم لأربع بنات تقول " تحسن الوضع الأمني وأصبحنا ننتظر أيام العيد بفارغ الصبر كي نخرج للتنزه والتخفيف عن الأجواء التي كنا نتعايش معها ، لكننا أصبنا بخيبة أمل كبيرة ، عندما تعرضنا لمثل هذه التصرفات ، فهي لا توحي لنا ألا بالخوف من هؤلاء الشباب وكأننا وسط غابة ويحاولون التحرش بابنتي بصورة وحشية لولا تدخل بعض الرجال لتخليصها من هذا الموقف .
السرطان الاجتماعي
تقول أبتسام محمد/ ناشطة في جمعية لحقوق المرأة " أن ظاهرة التحرش غفل عنها المجتمع العراقي بالرغم من كونها دخيلة عليه ، حيث إنها لم تكن موجودة بهذه الصورة الوحشية ، يخيل إلي عندما أشاهد تصرفات هؤلاء الشباب بأننا نقف على جريمة كبيرة ربما نتائجها ستكون وخيمة على المجتمع ، هو سلوك أجرامي ، ونحن نسمع عن الكثير من الدول كيف تنبهت لمثل هذه الظاهرة ووضعت قوانين لردع مرتكبيها ، وجب علينا عدم التكتم أو السكوت عن هذا السرطان الاجتماعي الذي بدأ بالظهور في مجتمعنا ..
عدم احترام المرأة
وتؤكد أبتسام أن عدم احترام المرأة صار جزءاً من الثقافة العامة ، فنحن نتكلم عنها باستمرار ولكننا لا نعطيها الاحترام الكافي في الواقع ، والأكثرية ينظرون إليها على أنها محط استهزاء ويستخف الذكر بها ، وهذا طبعا موجود في ألكثير ما يعرض على شاشاتنا العربية من مسلسلات ومسرحيات في الوقت الحاضر ...
الباحثة الاجتماعية
لكن الباحثة الاجتماعية سوسن صاحب وصفت هذا السلوك بأنه محاولة للهروب الجماعي الذي يسلكه شباب اليوم نتيجة لواقع متأزم ومضطرب يعيشه ، هو سلوك منحرف ينتج من شباب يشعرون بالإحباط والمستقبل الضائع ، وبما أنهم شباب فأنهم يمتلكون طاقة وهذه الطاقة لم توجه في المسار الصحيح لذلك نجدهم يفجرونها بتصرفات عشوائية .
فنجد هذه التصرفات تزداد وتتفاقم في الأعياد والعطل الرسمية لما فيها من متسع للوقت والفراغ لهم ، فيتجمعون بطريقة تجعلهم يحاولون الانتقام من المجتمع الذي لم يوفر لهم كل طرق الاستقرار من عمل وزواج وسكن وغيرها ....
الإرهاب له دور في الانهيار الأخلاقي
وتتابع حديثها بالقول " حتماً أن هذه الظاهرة بعض أسباب نشوءها هي ما طرحته لنا تلك الحقبة التي عشناها بين الإرهاب والخطف وغيرها ، ونحن نعلم جميعا أن الأسرة العراقية منها من فقدت الأب أو الأم وهذا بحد ذاته يعتبر أساس كبير لنشوء مثل هذه الظواهر ، لان فقدان أحد الأبوين يعني تخلخل في موازين الأسرة وبالتالي فقدان الاستقرار والراحة والطمأنينة.
كما إن لها ارتباط بالانهيار الأخلاقي ، أن هؤلاء الشباب قد تأثروا بالثقافة الغربية التي يعتبرونها أيضا في أحوال كثيرة مثل هذا السلوك شاذاً ...
أكثر الفضائيات تخاطب الغرائز
وتستكمل الباحثة الاجتماعية حديثها بالقول أنها الفضائيات التي تعرض كل ما يخاطب الغرائز والذي يتناقض مع قيم وعادات مجتمعنا .
وتشير إلى إن لكل مجتمع ثقافته ذات النكهة المميزة عن غيره ، وكلما كان المجتمع عريقا في ثقافته وجذوره ، ازدادت هذه النكهة تمايزاً ووضوحاً ، فيشعر المرء عندما يكون في أحد هذه المجتمعات بأنه في مكان مختلف وعلى العكس من ذلك ، فعندما لا يتمتع المجتمع بشخصية ثقافية متميزة ، فنجده يمارس أنواعاً شتى من التصرفات والعادات ، وبما أن ثقافتنا الشرقية تميل إلى الالتزام وهو فطري فينا يجعلنا نميل بصورة طبيعية إلى رفض الإباحية وأي تصرف مشين أو الأنماط السلوكية الغريبة ، وبالرغم من أننا نصاب بين فترة وأخرى إلى أنماط تدعو إلى التقدم وهي بهذه الأفكار العشوائية تهدف إلى أفراغنا من ثقافتنا أو هويتنا وكون الالتزام هو أحد أهم سماتها ..
إعداد خطط للاستفادة من طاقات الشباب
أن القانون لن يخلص المجتمع من هذه الظواهر حتى لو وضع أغلظ القوانين والعقوبات ، أن الحل في التخلص من هذه الظاهرة هو توفير فرص عمل للشباب العاطل وأيضا إعداد خطط للاستفادة من طاقات هؤلاء الشباب من خلال الأنشطة الرياضية والثقافية وغيرها .
القيم الأخلاقية الإسلامية
أما علي ماهر ألنعيمي / أستاذ بالثقافة الإسلامية يقول " لو أننا نربي أبناءنا على الثقافة الإسلامية والقيم التي جاء بها الدين الإسلامي لما حصل ما حصل لنا الآن .
التعليم لدينا يؤكد على القيم فقط وبالتالي يشب الشاب ولا يوجد ما يمنعه من التحرش بالمرآة ، وإذا أردنا أن نتخلص من هذه الظواهر وجب علينا أن نحصن شبابنا بالتربية الدينية والتعليم وندعمهم بالقيم الأخلاقية الإسلامية ، يجب أن تتوجه الأسرة ووسائل الإعلام إلى تثبيت هذه المبادئ في نفس الطفل منذ الصغر..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق على المقال
neil ( 2008 / 12 / 15 - 01:43 )
الاستاذة أبتهال - بعد التحية - المقال جميل وواقعى والحل لا يكون بالحل الامنى ولكن بتوعية خطباء المساجد الذين يدعون المصلين بألتزام المرأة للمنزل وعدم خروجها - لك تحياتى

اخر الافلام

.. بجهود فردية فنانة تقيم معرضها الثاني متحدية كافة المعوقات


.. الكاتبة المغربية الأمازيغية خديجة إيكن




.. الدكتور المصرية ومديرة دار العين للنشر بمصر فاطمة البودي


.. الشاعرة حياة بوترفاس




.. الصحفية يسرى بن حطاب