الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حالات

محمد علي ثابت

2008 / 12 / 17
الادب والفن


1
جميلة
----

كانت حلماً لكل شباب الحي وكانت أخفت ابتسامة رضى منها كفيلة بإبهاجي أنا بالذات لأيام متعاقبة. لكنها لما كبرت وطال انتظارها تزوجت من تاجر عجوز يملك حانوتين مزدحمين دوماً بالمشترين في حي مجاور. وقد رأيتها بالأمس القريب في شارعنا متأبطة صغيرها المشاكس الدميم وقد كست تصاريف الدهر وجهها البديع - في السابق - بطبقة سوداء من الأحزان أظنها تحول كلياً بينه وبين التبسم


2
خائنة
---

تواعدنا، وحل موعد اللقاء. انتظرتها طويلاً في المكان المختار، ولكنها لم تأت إليّ أبداً. هي، بالتأكيد، لم تنس الميعاد، بل تجاهلته. فقد لمحتها، من وراء نافذة المقهى الزجاجية، تهاتف أحدهم بإلحاح من كابينة هاتف عام. ولما مر هو عليها والتقطها من على الرصيف وزرعها - مؤقتاً - على المقعد المجاور له، لم أحزن كثيراً. فقد أشبع غريزة الانتقام عندي ما نالاه من استهجان وسباب حين مزق إطار سيارته الكرة التي كان فتية يلعبون بها في يوم الإجازة


3
دوامة
---

صحوتُ في ذلك اليوم شاعراً بأن جبلاً من الأحزان قد سقط فوقي بينما كنت نائماً. كان كابوساً مريعاً: بحر هائل مظلم، أمواجه حلزونية عاتية، سفنه العابرة لا تأبه لنداءات من يوشكون على الغرق فيه،، وأنا عالق وسط ذلك كله منذ لحظة خلودي إلى النوم إلى لحظة الرنين المزعج لأداة الإيقاظ اليومي.. لكن شيئاً من ذلك السواد كله لم ينعكس على بقية يومي، بل وبوسعي القول إنه - ذلك اليوم - كان واحداً من أكثر أيامي سلاسة وتقليدية


4
انتظار
----

وقفتُ وسط الجموع، وسعيتُ قدر طاقتي لمجاراتهم فيما كانوا يتحدثون فيه من هراء. ولما صرتُ على بعد رجلين اثنين من النافذة الحديدية الصغيرة المأمولة، سألني أحدهم: لماذا أنت هنا؟ أليس من المفترض أن تكون هناك؟؟ - وأشار بيده إلى جمع آخر بعيد. وانصعتُ لمشيئته الضمنية، وبدأتُ الاستعداد لمجاراة الجمع الجديد في حديث تافه آخر. على أني لم أعرف أبداً أيهما كانت النافذة المفترضة حقاً بالنسبة لي، أو لماذا لابد أن توجد لكل منا نافذة مفترضة


5
زيف
---

غمستْ إصبعها في كأس عصير الليمون الصناعي وقالت إن ذلك سيزيد حلاوته أو على الأقل سيضبطها، ثم أقحمتْ الإصبع في فمي لتتيح لي لعقها مع قطرات العصير العالقة بها. وقد خُيل إليّ أن نسبة المواد الحافظة في العصير أعلى بكثير من المعدلات المسموح بها، أما سخونة الإصبع فكانت كاذبة وبوضوح


6
أساليب
----

أنرتُ بنفسي مصباح الغرفة الوحيد وجلستُ أتأمله. وعندما بدأتْ عيناي تؤلمانني أغمضتهما قليلاً ثم عاودت التأمل من جديد. وابتهجتُ حين فتح المحقق باب الغرفة بغتة وأتاح لي بذلك قسطاً من الراحة من جلسة التأمل القسري السخيفة تلك. وسألني: هل تذكرت شيئاً الآن؟ .. أجبته: لم أتذكر ولن أتذكر.. ثم عاودتُ التأمل من جديد، اختيارياً هذه المرة


7
دروس مستفادة
---------

دلف الرجل إلى ركن التاريخ بمكتبة مدرسته القديمة، وكان ابنه منتظراً بلا مبالاة إلى جواره. ثم استدار فلم يجد وراءه سوى انعكاس جزئي له في مرآة منسية، وحاصره السؤال المركب: كيف صرتُ وحيداً، وصرتُ هكذا؟ - ثم قال للناظرة العجوز، التي كانت مُدرسة العلوم وقت كان طالباً في نفس المكان، -: عفواً، لن يلتحق ابني بمدرستكم هذه.. - وحين بدت على وجه العجوز علامات الدهشة والتساؤل، قال: عفواً، أنا والده وعليّ أن أمارس بخصوصه الحكمة بأثر رجعي


8
لا وعي
-----

احتلمتْ به مرتين على الأقل في نفس الليلة، وبعد أن قامت من نومها واغتسلتْ جيداً اتصلت به وقالت له، معنفة،: ألن تكف عن تلك الزيارات المتكررة لي في الليالي غير المناسبة بالمرة؟ - وجاءها صوته عبر الأثير: ومالي أنا بجهازك النفسي وشطحاته؟


9
تراث
---

ثقبتُ صندوق مقتنيات جدتي العتيق وأدخلتُ - بعد عناء - كفي فيه وحصلتُ، أخيراً، على الشيء الذي طالما أثار صوت "شخللته" فضولي وطموحي. وكم كانت صدمتي قاسية حين لما أحصل، بعد كل ما بذلت من جهد ومناورة، سوى على خريطة لشجرة العائلة ومفتاح صدئ لباب مجهول


10
سوء فهم
-----

هددتني بعقاب قاس إن لم أكف عن اختلاس ما وصفَته بالنظرات النهمة إلى ما ينكشف من فتنتها بفعل الريح الشمالية المفاجئة.. مسكينة هي، لا تعرف أنني لا أختلس النظرات إلا إلى لوني المفضل على قميصها الداخلي. لكن،، حقاً يملك ذلك "القبطان" العجوز سلطة إلقائي - بإيعاز منها - من المعديَّة المتهالكة إلى ماء القناة الضحلة القذر؟؟


11
أرق
---

لم أذق طعم النوم الحقيقي لعدة ليال منذ سمعتُ خبراً مقلقاً ما. وفي إحدى ليالي الأرق السخيف طرق جاري بابي ودعاني للعب الدومينو معه. وانهزمتُ في اللعبة، كالعادة، بحجة أن أوراقي كانت دائماً ذات أرقام كبيرة.. عجباً، مع ان الخبر الذي تسبب في إصابتي بالأرق المقيم كان متعلقاً بأرقام من نوع آخر أصبحتْ أصغر مما كنت أود. على أي حال، شكراً لك أيها الجار، وشكراً للأرق المشترك بيننا


12
هاجس
----

هاتف يناديني بين الحين والآخر: اللحظة التالية ستكون الأخيرة.. اللحظة التالية ستكون الأخيرة.. - ما أكْذَبَك من هاتف، في أجلك القريب وأجلي


13
شمعة
----

شمعة عيد ميلاد ملونة صغيرة، لم أظن أبداً أنها قد تصبح ذات نفع من أي نوع لي في يوم من الأيام. ولكنها في إحدى الليالي الحالكة الظلمة كانت وسيلتي المتاحة الوحيدة لإنارة طريقي في زياراتي المتكررة إلى المشرب والشُرفة.. أظن أنه يتوجب عليّ الآن إرسال بطاقة معايدة جديدة إلى صاحب الشمعة، إلى أن يكبر ويبتاع له أهله هاتفاً محمولاً








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي