الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الاسس المادية للثورة التحديثية في المغرب .

بلكميمي محمد

2008 / 12 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


« ماهي الاسباب التي جعلت من المغرب ، وهو البلد الزراعي حسب المعايير الاقتصادية – الاجتماعية ، يصبح عاجزا حتى عن انتاج ما يكفي لتغذية مواطنيه ؟ .
لماذا ظل المغرب ، رغم امكانياته البشرية وثرواته المعدنية ومحيطاته الشاسعة ، عاجزا عن ان يكون بلدا صناعيا ؟
لماذا لم يجد المغرب المثقل بالديون الخارجية من مخرج لازمته المالية سوى التنازل عن السيادة الوطنية لصندوق النقد الدولي الذي اصبح المتحكم في رسم السياسة الاقتصادية للبلاد ؟ .
هل مرد هذا التخلف المجتمعي الشامل الى عجز بنيوي في نفوس وعقول واجسام المغاربة ، بما هم ذوات مشلولة الفكر والفعل والارادة ؟ .»
في البحث الاول ، يقول الفقيد عبد السلام المؤذن ،لا بل ان عنصر الابداع والمقاومة حاضر لدى الشعب المغربي ، وبالتالي ليس ذاتا مشلولة بل الازمة وتكمن وترتبط بشروط اخرى ، وسنعالج هذا في البحث الاول عندما تكتمل عناصره ، لتكون البداية من الجزء الثاني والثالث الذين بين ايدينا الان .

2

ان البلدان التي كانت في ذلك الوقت قد بلغت مستوى معينا من التطور المادي – المجتمعي ، هي وحدها التي استطاعت القيام بالثورة التحديثية ، فلقد نجحت المانيا وايطاليا واليابان واخفقت مصر والصين والهند . اما روسيا التي ظلت متذبذبة في عصر الثورات التحديثية الجديدة على يد البلاشفة ( ان الاصلاحات الاقتصادية التي ادخلها النظام القيصري سنة 1861 على البادية الروسية ، كانت ترمي من وراء الغاء القنانة وتحرير الفلاحين ، الى امكانية انتاج فائض زراعي يمكن تحقيقه في الاسواق الراسمالية الاوربية ، الا ان قوانين الاصلاح كانت تفرض على الفلاحين الابقاء على انتاج الكفاف ، ولم تكن تسمح بانتاج الفائض المعد للتسويق الا للملاكين العقاريين الكبار ، الامر الذي حد من نتائج ذلك الاصلاح – انظر التحالف العمالي الفلاحي في الاتحاد السوفياتي 1921- 1928 مشكل القمح للكاتبة السوفياتية زغريد كروسكويف ، بالفرنسية . اما حينما اضطر النظام القيصري تحت ضغط ثورة 1905 ، الى القيام باصلاح زراعي جديد اكثر تقدما ، وهو الاصلاح الذي يحمل اسم الوزير" ستوليبين" الذي كان النظام يستهدف من ورائه ، حسب راي لينين ، خلق نظام عقاري مماثل لنظام طبقة اليونكر في المانيا ، فانه قد فشل هو ايضا ، هذا الفشل دفع تروتسكي الى القول : " لو تم حل المسالة الزراعية ، من طرف البورجوازية ، لو كانت هذه الاخيرة قادرة على حلها لما استطاع البلاشفة ابدا الصول الى السلطة ( تاريخ الثورة الروسية – بالفرنسية ) .
فحينما تكون القاعدة المادية – المجتمعية متوفرة عندئذ يكفي ان تكون النخبة السياسية القائدة تتمتع بوعي تاريخي وارادة سياسية ، حتى تتمكن من انجاح الثورة التحديثية . هذا ماحصل مثلا في اليابان ( البلد الشرقي القريب منا ) ، وهو ما لم يحصل في مصر محمد علي ( رغم ان هذا الاخير كان يتمتع بكل خصال القائد التاريخي ورغم جهوده التحديثية الجبارة وهو على راس الدولة المصرية ) .
ان القاعدة المادية – المجتمعية المعنية ، هي النظام الاجتماعي الذي تسمح طبيعته الاقتصادية البنيوية ، باستقبال وتمثل عناصر التحديث وغرسها في الجسم المجتمعي ، ومن ثمة اطلاق الصيرورة التحديثية الشاملة .
وهذا النظام كانت تمثله في القرن التاسع عشر ، ايام الاحتكاك بالعالم الراسمالي الغربي ، البلدان ذات الانظمة الاقطاعية .
فاذا كان المغرب قد عجز عن تطويق اثار هزيمة حرب تطوان ومقاومة الفتح التجاري الاوربي ، فحسب ، ذلك يعود الى انه لم يكن يتوفر حينئذ على نظام اجتماعي له سمات النظام الاقطاعي . ان نظامه الاجتماعي كان عشية حرب تطوان ، لايزال في طور تشكل الارستقراطية القبلية التي " فاجاها" الغزو الراسمالي قبل ان تنضج امامها الشروط الموضوعية والذاتية للانتقال الى مرحلة ارقى من التطور ، أي تحول الارستقراطية القبلية الى طبقة اقطاعية ( يشير الناصري – المصدر السابق - في وصفه للجيش الاسباني خلال حرب تطوان ، بان هذا الاخير كان يتميز بالانضباط والتنظيم والقيادة الموحدة ، وكان لايتقدم في احتلال المزيد من الاراضي الا اذا احكم سيطرته على ما سبقها ، وان تقدمه يتم وفق نظام الصفوف المتراصة التي لاتسمح للجندي الاسباني
بالانسحاب من المعركة والا عرض نفسه لخطر الموت من طرف رفاقه . وكان مجهزا بالاسلحة المدفعية الثقيلة المجرورة بالخيول ، كما كان لاينقصه أي شيء من المواد الغذائية ، بينما كان الجيش المغربي عكس ذلك تماما .
ان الاعتقاد بان الهزيمة في حرب تطوان كانت مجرد هزيمة عسكرية تقنية صرفة ، سيدفع ببعض السلاطين المغاربة الى الاهتمام بادخال بعض عناصر التحديث على الجيش بمعزل عن تحديث المجتمع ككل .
هذا مافعله محمد بن عبدالرحمان الذي كان سلطانا في فترة الحرب ، وما سيفعله الحسن الاول بشكل اكبر ، لكن بدون جدوى ).

في الجزء القادم تشكل الارستقراطية القبلية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : شهادة طبيب • فرانس 24 / FRANCE 24


.. -يوروفيجن- في قلب التجاذبات حول غزة • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الذكاء الاصطناعي يفتح جولة جديدة في الحرب التجارية بين بكين


.. إسرائيل نفذت عمليات عسكرية في كل قطاع غزة من الشمال وصولا إل




.. عرض عسكري في موسكو بمناسبة الذكرى الـ79 للانتصار على ألمانيا