الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحزاب الشيعية بين التخبط واللعبة السياسية

مالوم ابو رغيف

2004 / 3 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ما الذي يدفع الاحزاب الاسلامية الشيعية الى الوقوف بالضد من التطلعات الكوردية في ظمان حقوقهم الانسانية المشروعة .؟

هل هي تعاليم دينية ام مصالح سياسية .؟ ام يا ترى يكمن الموقف كله في نية مبطنة لتأسيس جمهورية اسلامية من طراز خاص ؟

لا احد في العالم لا يعرف ما حل بالشعب الكوردي من مجازر واضطهاد وتفرقة عنصرية وتجني ظالم . ولا احد يتجاهل القرابين التي قدمها الشعب الكوردي على محراب الحرية والانعتاق من اجل غد يكونون فيه متساوين في الحق والحقوق مع الاخرين . من ينكر هذا انما ينكر ان الشمس تشرق من الشرق وتغرب من الغرب ومن يجحد هذا فهو جاحد ليس للانسانية بل لتعاليم الله التي تنص على ان يكون العدل اساس الحكم . فليس في الدين ما يمنع ان تتمتع الشعوب بحقها وتأسيس كياناتها المستقلة المعترف بها ،وليس في الشريعة الاسلامية نص يحرض على الاستعباد او يدعو له ،وليس في تعاليم الائئمة او الاولياء ما يعطي الحق لحزب او رجل الدين التحكم بمصائر الشعوب واحلامها وكل المواقف التي كان فيها حزب او رجال دين ضد الاجناس والاعراق الاخرى ،بائت بالفشل ولم تعد تذكر الا في صحف التاريخ السوداء وكان النصر دائما وابدا للشعوب . انه منطق الانسان الذي لا يستطيع ان يعيش الا بالحرية ،ولا يرضى الا ان يكون مساويا للاخر ،ولا يوافق على اي انتقاص او شعور بالتصغير او التقليل من شانه .

اما المصلحة السياسية التي تجدها الاحزاب الاسلامية الشيعية في مكان ما ،ربما خارج العراق ، او ربما في داخله ،فهذه المصلحة في عصرنا هذا لا يمكن ان تُظمن الا بالتوافق او ما يسمى compromise وليس بلي الاذرع او استثمار الظروف , المصلحة السياسية تتطلب دراسة الواقع لا القفز عليه ،وتتطلب الاحتفاظ بالاصدقاء لا التفريط بهم خاصة اؤلئك الاصدقاء الذين عاشوا نفس المعاناة وتجرعوا المرارة وفقدوا الاحبة والاعزاء . السياسة هي دراسة المعادلة والحفاظ على على توازنها وليس في محاولة الاخلال بها ولا سيما وان المعادلة السياسية العراقية لها اكثر من طرف ومحملة بالارقام المركبة و مختلف الاحتملات

الاحزاب الاسلامية الشيعية تعرف هذا كلها ولكنها تحاول فرض السيطرة والتحكم لاشعار الاخر انها المتنفذه والمقررة ،لها الكلمة ولها الذراع . هي المقرر بقدرتها على زج ملايين البشر في مظاهرات دينية معبئة بشعارات سياسة تعكس تقلب المزاج الديني وعدم ثباته .وهي كذلك المبرر لكل المواقف الخاطئة التي تتخذ تحت يافطة الحفاظ على الوحدة العراقية التي لا يمكن ان تكون الا بالاعتراف بحقوق جميع مكوناتها وظمانها في اسس قانونية تتيح لها الاعتراض اذا ما أُخل بشروط المعادلة .ولا يمكن لمفاهيم عامة هلامية لم تطبق في يوم ما ولم يكن لها من مردود سوى صدى اناشيد الوحدة الاسلامية والوطنية بينما دماء الانسان تسفك في الطرقات ،ان تكون ظامنا وحارسا لهذه الحقوق .

لكن على ما يبدو ان الاحزاب الشيعية التي كانت تعترف بالماضي القريب بحق الشعوب بتقريرمصيرها على اسس فدرالية ديمقراطية انسانية لا يلعب فيها الدين شكل الموجه العام لخطوات السياسة ،بدأت تتنصل شيئا فشيئا من التزاماتها وتعهداتها ،و تتنكر للمبادئ العامة التي رسمتها مع بقية قوى المعارضة العراقية قبل الاطاحة بالنظام البعثي الهمجي . لقد انساقت هذه الاحزاب مع تيار الموجة اليعربية والاسلامية الطائفية التي هي عدوة ليس للكورد فقط بل لكل ماهو انساني حضاري لطبيعتها الفكرية الرجعية ولمرجعيتها التاريخية السلفية .

ورغم ان الاحزاب الاسلامية الشيعية تقول برفض النموذج الايراني المبني على فكرة الولي الفقيه ، لكنها في الواقع تحاول ارساء نموذج يختلف مع النموذج الايراني من حيث الشكل ويتفق معه من حيث الجوهر وذلك باقحام السيد السستاني في دهاليز السياسة ومتاهاتها مما يتناقض وتوجه السيد الجليل المبدأي الذي ينص على رفض اقحام الدين بالسياسة

وعندما ننظر الى تطورات العملية السياسة في العراق وتقلب المواقف والاراء لا نملك الا ونعطي الكورد الحق في الاصرار على المطالبة بالظمانات القانونية التي لا تقبل الجدل ولا التحوير او التبديل .

كما يوضح رفض الاحزاب الشيعية المتنفذه توقيع الوثيقة في اللحضات الاخيرة ، تخبطها السياسي وعدم قدرتها علىاستيعاب سياسة التكتلات التي تمثل احد المرتكزات الاسايسة في اللعبة السياسية بشكلها التعددي وكذلك عدم التعويل عليها في المسار العام للعملية السياسية وعدم الاتكال عليها تنفيذ ما اتفقت عليه او ما ايدته في وقت من الاوقات .

ولحد الان لم تقم هذه الاحزاب باي مكسب او انجاز حتى لجماهيرها التي عانت طويلا من الاضطهاد والبطش ، بل جائت قراراتها على عكس ما توقعته الناس فمن محاولة تمرير قانون اضطهاد المرأة المرقم 137 الى الاصرار على ان تكون نسبة تمثيل المرأة في مجلس الحكم 25% فقط الى عدم قدرتها على التصدي للارهابيين حتى في المدن المقدسة التي تقع تحت حمايتها .

ولم تقم هذه الاحزاب بحماية الناس من المليشيات الدينية التي تقتل الناس او تحكم عليهم بالجلد لمجرد الاشتباه في شرب الخمر او بيع اقراص DVD .

لقد اخطأت الاحزاب الاسلامية الشيعية خطأ جسيما في عدم تنسيقها مع حلفاء الامس الاحزاب الكوردية وبات من الصعب التخلص من مناخ عدم الثقة في علاقاتها مع الاحزاب الاخرى . كما ان مراهنتها على الشارع الشيعي سيكون خطأ سياسي كبيرا ، صحيح ان الناس تحترم عقائدها ولن تفرط بها ابدا ، ولكن احترام العقائد والتقاليد شيئ والحياة السياسية والمصالح شيئ اخر . وسوف لن تقف الناس ابدا مع من يحاول السيطرة عليها من خلال الدين او العقيدة . التطور الحضاري والثقافي والاجتماعي قادم الى العراق لا محالة عندها ستخسر هذه الاحزاب سنية ام شيعية ، ستخسر شارعها وقاعدتها الجماهيرية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيادة كبيرة في إقبال الناخبين بالجولة الثانية من الانتخابات


.. جوردان بارديلا ينتقد -تحالف العار- الذي حرم الفرنسيين من -حك




.. الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية الفرنسية: تابعوا النت


.. إسرائيل منقسمة.. ونتنياهو: لن أنهيَ الحرب! | #التاسعة




.. ممثل سعودي يتحدث عن ظروف تصوير مسلسل رشاش | #الصباح_مع_مها