الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نكتب ما شاهدناه أم نشاهد ما نكتبه ؟

سميرة الوردي

2008 / 12 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


بدءاًً كل عام والحوار المتمدن في رقي وتألق ، هذا الموقع الذي أتاح لكثير من المحرومين من إيصال صوتهم ، والذي نأى عن أن يتعصب لأي فكرة حتى لو كان يُؤمن بها بل أتاح للجميع التعبير وبأسلوب هادف بناء عن آرائهم ووجهات نظرهم . فكان نافذة للتعريف بالكثير من كتابنا الذين غُيبت أصواتهم زمنا طويلا .
بالأمس أظهرت لنا شاشات التلفاز مشهدا عاصفا لأحد مراسلي قناة فضائية يرمي بحذائه بوجه قادة أشهر بلدين الآن ، في مؤتمر صحفي أعقب توقيع الإتفاقية الأمنية التي لاقت الكثير من الآراء العاصفة معها وضدها . إن وسائل الإحتجاج كثيرة تبدأ من طرح الأفكار وصولا الى المظاهرات بشتى أشكالها .
السؤال الذي أطرحه هنا :
، هل استنفذ المراسل الصحفي للقناة الفضائية وسائله العلمية والأخلاقية عبر ذكائه وفطنته وعلمه في التعبير عما يختلجه من آراء وشكوك كي يستعمل حذاءه ؟
هذا التصرف ذكرني بمدارسنا التي تسرب منها أعداد غفيرة من الفتيان والفتيات بسبب الحروب وما تلاه من جوع وحرمان ولسنوات طوال حتى أصبح الدفتر والقلم والحذاء النظيف حلما تحلم به الكثير من الأمهات لأطفالهن ، حتى وإن كن من ضمن السلك التدريسي نفسه .
السؤال الثاني الذي يطرح نفسه :
في كل بلدان العالم تعقد اتفاقيات سرية وعلنية هل جرأ صحفي يحترم مهنة الصحافة على أن يسلك هذا السلوك ؟
السؤال الآخر الذي أُريد أن أسأله:
لو كان صدام الذي جر البلاد والمنطقة لما نحن فيه الآن
هل كان الصحفي سيجرأ على رمي حذائه ؟
لست في صدد الدفاع عن أحد لأني على يقين إن الدخول في السياسة كالعوم في المحيط دون استعداد ، ولكن ما استفزني للكتابة هو السلوك المشين النابع عن بيئة غير صالحة في البيت والشارع والمدرسة ، هذه البيئه التي أنتجت أمهر الأطفال في الورش الصناعية وأسوأ الأطفال في الشوارع المظلمة .
لقد ورثت وزارة التربية وقسم كبير من الأهالي تركة ثقيلة لا يشعر بها الا من عاشها تحت سطوة النظام السابق . هذه التركة تحتاج الى جهود جبارة مخلصة وبسنوات كفاح مقبلة كي تتخلص من آثارها السلبية على الصعيد العائلي والإجتماعي والوطني ، هذه التركة التي يجب تنظيفها من كل الأمراض والأوبئة النفسية والإجتماعية التي علقت بها خلال مايزيد عن أربعين عام ، لم تكن مدارسنا في أواسط الأربعينيات وحتى أواسط الثمانينيات بالمدارس الممتازة ، ولكنها كانت مدارس رصينة خرّجت أحسن الكوادر العلمية والأدبية التي نشهد قسم منهم في حياتنا اليوم .
ما إن حلت الحروب التي خاضها النظام السابق حتى حلت اللعنة على كل المفاصل التربوية فاستهدفت كل البنية التربوية ، فأصبح للمناهج الدور الأول في تلميع صورة القائد الضرورة ونشر أفكاره الهلامية ، رافقه الحصار الذي أيبس منابع الفكر فأصبح التفكير بلقمة العيش أهم من العقل والعلم حتى لنجد الكثير من الطلاب وعدد لا يستهان به من الكادر التدريسي يلجأ الى الغش والتزوير والرشوة والتدريس الخصوصي والخ .
لقد ضيع النظام السابق الكثير من القيم الأخلاقية التي كانت من ثوابت الشخصية العراقية .
في دول العالم المتحضر يهتمون بالأطفال والشباب اهتماما بالغا ويوفرون لهم أجمل بقعة في مدنهم ليقيموا عليها رياض الأطفال والمدارس وما يتعلق بها من مكتبات وحدائق . فهل سنراه يوما في عراقنا الحبيب .
إن ما نحتاجه اليوم نظام تعليمي يدرك السلبيات ويعالجها ، ما نحتاجه نظام تربوي يأخذ بيد الفرد العراقي منذ أول يوم دخوله رياض الأطفال ، ما نحتاج اليه مناهج علمية تحطم الصنم وكل ما تلاه من أصنام في لعبة السياسة الحالية ، ما نحتاجه هو بث روح الإعتزاز بالنفس والآخر ، وليس أخيرا ما نحتاجه المواطنة وحب الوطن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إسرائيل حول تهديد بايدن بوقف إمدادات الأسلح


.. مقتل 4 أشخاص في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان • فرانس 24




.. ألعاب باريس 2024: استقبال رسمي وشعبي -مهيب- للشعلة الأولمبية


.. الشرطة الأمريكية تفض اعتصاما مؤيدا لفلسطين بجامعة جورج واشنط




.. أنصار الله: استهدفنا 3 سفن في خليج عدن والمحيط الهندي وحققنا